الحلقة الأولى
في متاهةِ الصباحِ حيثُ تَدفنُ الطيورُ عشقها
وقربَ ساحلِ الندى وموجةِ الورودْ
هناك في أزقةِ الحنيِن والجوى وعند منزل الوعودْ
يرِّن هاتفي ..,
وتهربُ السطورُ من دفاترِ تركتها تعانقُ الجمودْ
يرنُ خافقي وتنزفُ الدموعُ من جداولِ القيودْ
يمامةٌ تذيبني .., وصوتها الرقيقُ غيمةٌ تَسفُ حُرقةَ الحدودْ
أَصدفة تزورُ عالمي .,
أم الطيورُ هكذا لأرضها تعودْ ..,
يمامةٌ تئن تحتَ شرفتي ..,
ونايها الحزينُ يشتكي لرعشةِ البيوتْ ,
كأنها شوارعي وقريتي
وبوحُ قصتي التي هناكَ أصبحتْ تموتْ
عيونها صمودُ طفلةٍ تشبثتْ بعزها
وصمتُها العجيبُ زهرةٌ ونسمةٌ وتوتْ
وبعدَ برهةٍ تطيُر نحو منزلي
أصُدُّها .., وأغلقُ النوافذَ التي .,
من الحياءِ لم تعدْ تقاومُ الصمودْ
أصُدُّها لأنني عشِقْتُها ..,
فكيف في الهوى يعيشُ منطقُ الجحودْ
أعودُ حين غادرتْ ..,
أزور غابتي وأسألُ السماءَ كيفَ زارها الغروبْ
تقولُ سيدي .,
هي الحياةُ هكذا ,
سعادةٌ وفرحةٌ وبعدها الأسى يؤوبْ .,
صديقيَ الودودُ هل ترى
معالَم النجومِ كيفَ هزَّها الشحوبْ
وهل ترى نسائمي إذا تعانفتْ وجرها الهبوبْ
وهل ترى الغمامَ راحلاً لنخلةٍ يتيمة ٍ
تعيشُ تحتَ سطوةِ الدروبْ
أَجئتَ تُسْكِّرُ الظلامَ سيدي
وتتركُ الأنينَ يحرقُ القلوبْ
الحلقة الثانية
يمامة رأيتها تطير نحو صفحتي
تبعثر الحروف فوق مأتم السطور تارة
وتشرب الغروب عاتكا بعمق رعشتي
تطير هكذا بلا معالم
وترسل الوداع موجة تزور ضفتي
أعود ساعة الظلام منهكا
ومدها الغريب نورس يبيح قصتي
أزور قارب الرحيل مرغما
وأنسج الشراع من خيوط دمعتي
وأترك الكتاب تائها على المدى
يضم صورة لمنزلي وطفلتي
هناك قد بدا الزقاق بائسا
فهذة شموع خيمة تعيد أنتي
رأيت حولها صغيرة تداعب الرمال والثرى
ووجهها الحزين منجل يبيد بسمتي
تمص كسرة من الرغيف والبكا
وترتدي العراء سترة بجوف ظلمتي
وعندها سفكت أحرفي
وعدت تائها إلى الورا
معاتبا يمامتي
الحلقة الثالثة
بعالم هنا رأيت ليلة تبيع بدرها
وتسجن الظلام في غرابة النجوم
رأيت دربنا الذي هناك قد تركته
قد انثنى ملوعا تجزه الهموم
وبلدتي حجابها ممزق
وصفحة الكتاب في دمائها تعوم
دخلت مثخنا بأحرفي
أجر معطفا مجنزرا بدمعتي الرئوم
أعاتب الظلال والحمام تائها
وأحضن الغيوم
دخلت مترعا بآهة الدمار والأسى
أصب نفسي التي شربتها بنكهة الكروم
وأحصد الضياع من كآبة الحطام ليتني
أبحت ها هنا رموز قصتي
ولم أعد لمن رأيتها تكفن القدوم
يمامة تعود نحو شرفتي
كأنها الصباح والمساء والندى الوجوم
فكيف غادرت من المكان هكذا
ولم تودع العموم
********
أخي الشاعر المرهف محمود صندوقة
كم هي رائعة هذه الصدفة التي أخذتني لاقرأ مع اليمامة هذا الحس الشاعري الراقي
توقفت كثيرا هنا واستمتعت بما قرأته
دمت شاعراً مبدعاً