قَدَمَاهُ تذوبان في الأرض تعبا و نفسه الراضية شامخة في السماء، لم تمدّ يديها المحرومتين الفقيرتين الوحيدتين له و لا لغيره البتّة، دقّ باب بيتِها بأصابع مَوجُوعَة...حروفٌ مُنهَكَة تستلقي على لِسانه العطشان...ثَمَرة عملِه لم يَطُل بها المقام سِوى دقائق في جيب لم يذق حنان الدنانير المرهف، أكرمَهَا بورقة نقدية هي أولُ و آخر ما يَملِك في هذا الشهر، رائحة عَرقه الرُجوليّ تصرخ منها مُعطرة المكان، سَأَلَتهُ بنبرةٍ راضية بعد رفضِهَا لِكَرمِه و اصرَارِهِ المُلحّ " هل أشتري بها ثوبا يَطرد البرد الرابض في عظام أبنائي منذ وفاة والدهم، أم طعام يُعدم جحافِل الجوع المُستبسلة على بُطونهم الصغيرة منذ أيام...؟؟؟".