الكاتب الإعلامي الأستاذ علي جواد الأمين في بوح شفيف
حاوره الكاتب: حسين أحمد سليم

إنطلاقا من واجب نشر الحالات الإبداعيّة لكلّ خلاّق والتّعريف به ونتاجه الإبداعيّ, وتوكيدا وتجسيدا وتوثيقا لحالات التّفاعل الفكري والأدبي والفني, وتشكيلا لرؤى الإنسجام والتّكامل بين المبدع والإبداع والمتذوّق... حملنا مسؤوليّتنا الأدبيّة التّكليفيّة التي وسمنا أنفسنا بها, وحزمنا أمرنا لتفعيل حركة فعل التّواصل الهادف, مع روّاد الأوجه الحضاريّة في المجتمع اللبناني أوّلا, ومن ثمّ المجتمع المحيط بنا عربيّا وإقليميّا ودوليّا, لإلقاء الأضواء المدروسة على كلّ حالة إبداعيّة, والتّعريف بها وتوثيقها ونشرها وتعميمها, لتكون نبراسا تقتدي به أجيالنا, ترسيخا لقيامة صرح المجتمع الأرقى والأفضل...
لذا توجّهنا من حضرةالأستاذ الكاتب الصّحفي علي جواد الأمين بمجموعة أسئلتنا, فأتت أجوبته تُعرّف به...

o 1- كيف نتعرّف إليك؟ سيرة ذاتيّة شاملة ومختصرة؟

إبدأ بإسمي علي جواد الأمين إبن عائلة متواضعة، مواليد قم إيران 1991. والدي السيد جواد الأمين العاملي، جدّي العلامة السيّد محمّد جواد الأمين، القدوة الأقرب نسلاً، والنافذة الأشفّ سلالةً.. أعود إلى شقراء إحدى قرى قضاء بنت جبيل رغم أنني لا أشعر بالإنتساب إليها كثيراً كوني لم ألد أو أعش طفولتي فيها، وأصل والدي من العراق حيث عاش وولد، في مدينة الحلّة الفيحاء - النجف الأشرف.
أحبّ الكتابة والصحافة والبحث.. تأنسني مجالسة العلماء، أحب الإبداع الفكري والإستنتاج والتجديد، أرى نفسي متمتهاً بحرية التفكير اللاإرادي بفضل محيطي العائلي الذي أعانني على الإنطلاق في مسرح الحرية الفكرية والإنعتاق من حدود الفكر المنغلق الهامد... أحب الحياة العائلية والمجتمعية الحميميّة..
في سيرتي الذاتيّة ترى ما قد تراه عند أي فرد طبيعي مندفع أحيانا، ومستأنف أحياناً أخرى.. درست في إيران في مدرسة الإمام المهدي (ع)، ثمّ إنقلت مع عائلتي إلى لبنان بعد تحرير الـ2000، فلم أعش حرباً عاشها معظم جيلي، جيل التسعينات. ثم أكملت دراستي متنقلاً بين عدّة مدارس في الجنوب - قضاء صور، حيث عشت مع عائلتي في بلدة عين بعال التي كان والدي إمامها (كما متعارف على تسمية رجل الدين المقيم في البلدة). ثم إنتهت دراستي الأكاديميّة بنجاح في الشهادة الرسمية بفرع الإقتصاد والإجتماع.
بعد ذلك دخلت جامعة بيروت العربية كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة ـ فرع الحقوق. وفي خلال السنة الأولى في الجامعة كانت بداية نهوض شبابي حيث أسّست أنا وبعض أصدقائي وأولاد عمّي الذين أقدرهم جدّاً مجلّةً تحكي ما يختلج قلوبنا من أفكار ومواقف التي تراكمت منذ وعينا على وطنٍ مسحوق، وشعبٍ مظلوم، ولأنّ الشّباب لايفهمهم أو يسمعهم إلاّ الشّباب، كانت المجلّة صدىً للشّباب وكان صداها إسمٌ لها: "صدى الشّباب". وهي مجلّة شهرية منوّعة، من وإلى الشّباب.
¬نحن في مجلتنا لا نتوخى الربح، لم ولن تتلقى الدعم السياسي من أحد. حتّى ولو إضُّر الأمر إلى توضيب الأوراق والأقلام والرحيل من هذا العالم. وعرض علينا بلا طلب دعما غير لائق بأفق حريتنا، ولكنه كان إمتحان إجتزناه بالرفض.
عملت في هذه المجلّة منذ تأسيسها رئيساً للتحرير، ولا أزال. ومع تجدّد الفرص، عملت مديراً لتحرير جريدة "الجريدة" الإلكترونية لخمسة أشهر، وإستقلت عن السياسة "المبرمجة"، وقرّرت أن أكتب فقط لمن مثلي، لمن لا يزال في جوفه أمل في لبناننا.. للشّباب غير المغلّفون بغلاف الحزبية والتعصبيّة، فلم أدخل حزباً سياسياً ولم أنتسب لأي جمعية من أي نوع.
o
2- كيف يمكن تعريف ووصف المجتمع الذي نشأت فيه؟
أبدأ بعائلتي وهي المحيط الأول والأوسع الذي نشأت فيه، هو مجتمع ديني منفتح، فأكثر ما كنت أختلط بهم علماء دين وطلبة علم وإعلاميين وأبنائهم.. حيث أنبتت هذه العائلة الكثير من العلماء والإعلاميين قديماً وحديثاً، وكنت منسجماً مع محيطي، والحق أنّك لا تجد في العالم لذّةً أصدق، أو مسرّة أقوى من أن تخالط من تنسجم معهم.
.. إنّ من أكثر ما أُحمد الله عليه هو أنني نشأت في عائلة كريمة علّمتني منذ كنت في نعيم الجهالة والصبا بأن لا أكون وعاءً فارغ.. العائلة كانت ولا تزال منذ قدومها من العراق تلعب دوراً كبيراً في مجالات وحقول شتّى ومتنوّعة، هي عائلة دينيّة إجتماعيّة سياسيّة مجدّدة، وتتميّز بالوحدة والإلتفاف على بعضها البعض، رغم أنّها لم تأخذ منحى الإنغلاق أو التعصب على نفسها، بل كانت مجتمعيّة وقويّة ومقبولة من الجميع.
o
3- كيف قضيت طفولتك وما بعد وصولا حتّى اليوم؟
o قضيت طفولتي حتّى العاشرة من عمري في عاصمة إيران الدينيّة قم، حيث ولدت. والحياة هناك تختلف كثيراً عن الحياة هنا، لكن كما تعلم هناك الكثير من طلاّب العلوم الدينيّة الذين درسوا في لبنان، أكملوا دراستهم في قم، مما جعل الغربة منسيّة بوجود العديد من أهلنا وأصدقائنا من لبنان، كما أنّ المدرسة التي كنت فيها، كانت كما ذكرت هي من أحد فروع مدارس الإمام المهدي (ع)، فهي مدرسة عربية، شكّلت لي ساحةً لإنشاء علاقات وأصدقاء لبنانيون معظمهم من الجيران العرب.
وبعد أن عدت مع عائلتي إلى لبنان، وجدت في أقاربي ومحيطي أصدقاء أكثر، ولكن منذ حللتُ هذا البلد في العاشرة من عمري، زممت أنفي غير راضٍ بأن أعيش في لبنان، وشعرت بأنّ ما يلحق أهله إهانةُ لا يُستقرّ لي معها حياة ولا تطيب لي بعدها إقامة، فالمجتمع بين قم وجبل عامل يختلف إختلافاً كبيراَ رغم أنّ عناصره من تربةٍ واحدة. وبقيت على حالي حتّى اليوم، آمل أن أشيب على وطنٍ يستحقّ نشيده.. "كلنا للوطن".
o
4 - كيف ولجت عالم الكتابة؟ وما الدّوافع والمؤثّرات؟
الكتابة، هي هواية الكاتب قبل أن تكون مهنةً له. ولا أدّعي أنّني كاتب مرموق، بل إنّني هاويٍ للكتابة ولا أزال في طور النشوء والتّعلم لأصنع من هوايتي حبراً لأفكاري.. والدّوافع للكتابة كانت منذ البداية هي الحب لها، والأوراق كانت بالنسبة لي نوافذ لأخطّ عليها رسوماتي وآمالي التي كنت أشاركها مع معظم شباب لبنان الطامحون له بالإستقرار والمجد. وكانت المجلّة هي أولى أوراقي ثمّ بعد ذلك كتبت في "الجريدة"، وكتبت في بعض الصحف المحليّة إلى جانب "صدى الشباب".
o
5- متى كانت بداية تجربتك مع الكتابة؟ وماذا يعني لك هذا التّاريخ؟
بداية تجربتي مع الكتابة المنشورة كانت في التاسعة عشر من عمري، منذ سنتين تقريباً، والتجربة الأولى كانت تعني لي الكثير، هو شعورٌ جديد، تشعر كما لو أخرجت ثقلاً من باطنك، وكأنّني حقّقت أولى أحلامي وكانت بالطّبع كتابةً ينقصها الخبرة والتجربة، فهي أشبه بكلام السجين عن المروج والقطعان.. ولكنّني كنت فرحاً حتّى أنّني قرأت المقال أكثر مما قرأه الناس.
o
6- هل يجد الكاتب ذاته من خلال الكتابة؟ ويُحقّق تطلّعاته؟
أجد ذاتي من خلال الكتابة كلّما بعدت عن السياسة، ولكنني أكتب في السياسة كثيراً، لأنّ الكتابة لم أتّخذها لأبحث عن ذاتي، بل كانت بحثاً عن آمال مشتركة، بحثاً عن حلول لمشاكل المجتمع وخاصةً الشباب، وللأسف، السياسة دائماً هي الطريق الأقرب إلى إيجاد الحلول في البلدان التائهة كلبنان.
o
7- هل يتعامل الكاتب مع شكل معين للكتابة الأدبية؟
لا تشدّني كتابة الخاطرة بقدر ما تستهويني كتابة المقالات الإجتماعية والقصص القصيرة وإبداء الرأي، لأنّ الخاطرة ليس لها مجال أو موضوع محدّد ولا تحتمل النقاش والبحث، رغم أنّها تتلائم وعصر السرعة الذي يعيشه القرّاء الآن حتّى في قرآتهم، إلاّ أنّني أهوى أن أتعامل مع الكتابة الصحفيّة، لأنّ الكاتب يستند فيها على مصادر المعلومات والبينات، وكما يمكنه أن يضفي رأيه الشخصي ليمزج في مقاله كلّ مستلزمات النقاش، وأحب أن يكون المكتوب مادّةً قصيرة غير مطوّلة وأن تكون قريبة من قضايا المجتمع وإهتماماته.
o
8- هل الشكل الكتابي يقيد الكاتب؟ أم يُميّزه؟
بطبيعة الحال يميّز الشكل الكتابي الكاتب، ولكن مثلاً يروق لي شكلين مختلفين من الكتابة، قد يكون إعتماد شكل واحدٍ منها مقيّداً لي في كثير من الأحيان، فمثلاً ترى أنّ الكتابة الصحفيّة والقصص القصيرة متقاربان فقط من حيث إعتمادهما على اللغة والفصاحة، ولكن كلاهما يقيّدان ويميّزان في آن، فلا يمكن الوصف في الكتابة الصحفية كما في القصّة التي هي أساساً تعتمد على الوصف، وأيضاً في كتابة الخاطرة يُقيّد الكاتب بالتصوير لا الوصف الدقيق كما في القصص، ويتميّزٌ بالتوازن ورشاقة الإيحاء.لذا، يميّز الشّكل الكتابي الكاتب، ولكن يقيّده في كثير من الأحيان والحالات.
o
9- ما دور الواقع والخيال والبعد المرتجى في كتاباتك؟
يلعب الواقع والبعد المرتجى دوراً أساسياً في النوع الذي يستهويني من الكتابة، وهي الكتابة الصحفيّة وكتابة الرّأي كما ذكرت سابقاً، لأنّه لمجرّد إختيار موضوع المقال في هذا الشكل من الكتابة، ينبغي أنّ يكون لدى الكاتب قدر كاف من المعلومات، لأنّه يعالج قضيّة معيّنة، فلا بدّ من شرح الواقع أوّلاً وتقديم أسباب المشكلة كماً والحلول كيفاً، وأن يكون العرض جزءً لا يتجزّأ من الكتابة الصحفيّة وهذا العرض يحتاج إلى الأخبار (المعلومات) التي يجب أن تدعم بالشواهد (الوقائع) بالإضافة إلى التسلسل المنطقي للأفكار والدقة والموضوعيّة.
o
10- هل يتأثر الكاتب بقضايا البيئة التي يعيش فيها؟
من ناحية ما، بالطبع للبيئة تأثير بالغ على أفكار الكاتب، فأي كاتب يستوحي أفكاره من الواحة التي يعيش فيها، ولكنّ في كثير من الأحيان مثلاً أحاول الإنعتاق من هذا المحيط، لتكون كتاباتي أكثر شمولاً، وكلّما إبتعدت أصبحت أتّجه نحو التحليل أكثر، علماً أنّ وسائل التواصل والإتّصال اليوم تخدم الإعلام كثيراً في تعميم القضايا المشتركة بين الشعوب، فأصبح للكاتب أو المراقب أن يرى بعد الأمور، ومعرفة الأسباب الخارجة عن إرادة الشعوب، لذا بات تأثير قضايا البيئة التي نعيش فيها أقلّ وقعاً مما سبق، حيث كان الكاتب شبه ملزماً بالبحث عن المعطيات التي باتت اليوم متناول اليد عبر اللإنترنت والقنوات الفضائية إذا ما أراد تحرير قلمه عن ما يحيط به.. ولكن في أحيان أخرى، يقصد الكاتب قضايا البيئة التي يعيش فيها حسّاً منه بمسؤولية الدّفاع عن قضايا المجتمع الذي يعيش فيه وبالتالي قضاياه. فهو إمّا أن ينطلق من قضايا عامّة ليرمز من خلال المبادئ المشتركة إلى قضيّته الأساس التي غالباً ما تنطلق من منطلق ديني أو سياسي.. أو أن ينطلق من القضيّة التي يشترك فيها مع محيطه ليرمز من خلالها إلى قضايا ومبادئ عامّة، ولكن أرى أنّ المؤثّر الأقوى هي قضايا البيئة التي يعيش فيها.

11- كيف يمكن معالجة القضايا من خلال كتابات الكاتب؟
على الرغم من قلة تأثر القراء بالكتابة والصحافة اليوم، إلاّ أنّها تبقى الركيزة الأساسيّة لتسليط الضوء على أفكار تخدم القضايا العامة، فالكتابة تحدد وتعرّف القضايا بفعالية كبيرة، وهي تولّد مجموعة كبيرة من الحلول المفترضة هنا وهناك كما تقييّم هذه الحلول وتغربلها إلى حين الوصول إلى الفكرة الصحيحة أو الأصح، والكتابة عن القضايا تتضمّن عامّة كيفيّة تنفيذ الحلول بشكل مناسب.. وهناك الكثير من الطرق التي يتّبعها الكاتب للوصول إلى حل مرضي من شأنها أن تسمح بالتّنبأ بعوائق والوقاية منها، وهي بطبيعة الحال تبحث تلقائياً عن القضايا الأكثر إلحاحاً، وهكذا يمكن معالجة القضايا عبر التّأثير الإيجابي في القرّاء والرأي العام.

12- ماذا يتحقق للكاتب من خطواته الكتابية المختلفة؟
في المبدأ، التأثير من خلال الكتابة هي على ذات الكاتب ومشاعره قبل أن يقع التّأثير على القارئ خاصّةً في الكتابات الأدبيّة، ولكن التعبير في الكتابة ونسج الأفكار بتسلسل هي حاجة للكاتب والغير، فالكاتب يحتاج إلى الكتابة ليفرغ ما يختزنه في داخله من مشاعر كما في الخاطرة والقصص التي تحتاج إلى خيال، وهنا يتحقّق الشعور بالرّضى لديه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هو إظهار ما يختزنه من أفكار ومعلومات كما في كتابة الرأي والصحافة والتقارير التي تحتاج إلى تحقيق.. والتي هي حاجة عامّة وبالتالي يتحقق منها للكاتب القوة في المجتمع.
o
13- لمن يتوجه الكاتب بكتاباته؟ أم هي ذات طابع معيّن؟
كوني شابٌ من جيل التسعينات، لا أؤمن كثيراً بمن شبوّا وشابوا على صراعات لا تنتهي وإن لم يكن لهم يد فيها، لأنّ طول الأمل بلبنان يحتاج إلى عناصر شابّة لم يلطّخها دخان الفاشية السياسيّة الزاحفة بهم من الحرب الأهليّة حتّى اليوم. والتي سحقت عقولهم من معاني المواطنية والإتحاد.. لذا، أكتب لأمثالي، للشباب الذين لم يعيشوا صراعات وحروب، ولم يتّخذوا الإتّهامات والتخوين لبعضعم البعض خبزاً يومياً.. لشباب الشمال والجبل وبيروت والجنوب.. محاولةً لشبك أيدينا ببعض، وتوحيد كلمتنا على الأقل في أمور تتعلّق بمعيشتنا وإقتصادنا ومستقبلنا وحرّياتنا.. فكتاباتي بالمجمل ذات طابع شبابي ثوري.
o
14- ما هو الدّور الذي تلعبه الكتابة بين الجنسين؟ وهل تصنع بينهما علاقة مميّزة؟
قطعاً الكتابة بين الجنسين تغطي بعض الفجوات في الكتابة الصحفية أو الإعلامية بشكل عام، ومن مبدأ التساوي بين الجنسين في الحريات العامة، لابد من توازن ما بينهم في الكتابة، فيجب تحقيق المساواة في بعدها الشمولي من خلال ضمان نفس الحظوظ للرجال والنساء في الوصول إلى المنابر والسلطات ولكن في حدود! أقول في حدود من منطلق أنّ الصفات التي يتمتّع بها الرجل الإعلامي هي أجدر من الصفات التي تتمتّع بها المرأة، ولا أريد أن يعد ما أقوله تمييز بين الرجل والمرأة، وإنمّا هو تفرقة بين الأدوار، من ناحية إلى من تتوجّه المرأة وإلى من يتوجّه الرّجل في كتابة أو نشاطه الإعلامي.. ولكن أنا من الأشخاص الذين يدعون إلى تطوير مهارات المرأة في الكتابة والصحافة والتفاوض، لأنّ الكتابة مرآة الفكر، ولا فرق بين العقول من الجنسين. هناك خلل في التعامل مع المرأة الصحافية ليس في لبنان، بل في دول الخليج العربي، وهذا الخلل يكمن في بعض الدساتير التي تحرّم إنخراط المرأة في العمل الصحفي أو الكتابي، وهذا واقع مشين ومتخلّف وجاف. فما معنى أن نقول بالتساوي بين الجنسين في التّعلّم مثلاً، وأن نُنكر ذلك في التعليم على سبيل المثال، كذلك أيضا في الكتابة والقراءة.
o
15- ماذ يُستشفُّ من خلال كتاباتك؟ وعلى ما تنطوي حروفها وكلاماتها؟
أرجو أن يستدّل من خلال كتاباتي أنّ لبنان لا ينقصه أي من الآمال الحقيقيّة، وأن الشباب ليسوا فقط رافضون لواقع بلدهم، بل هم يعملون أو سيعملون جميعهم على تطوير هذا البلد، وإزالة كلّ البلاءات المصطنعة التي يحيكوها المسؤولين المعاندين على تسيير لبنان في منظومات المحاور الخارجية، والمصرييّن على إبادة الطبقة الوسطى تبعاً للسياسة التي تصنعها الدّول جميعاً، وهي إمّا تحويل هذه الطبقة إلى أغنياء نسبياً أو إلى فقراء.. ليتركوا الساحة لهم، لأنّ هذه الطبقة هي الطبقة التي تعمل وتراقب، فنحن الشباب سنكون الطّبقة الوسطى الغنيّة والفقيرة..
o
16- إلى ماذا يرمي الكاتب من خلال كتاباته؟ وما دعوته التّكليفيّة؟
أحاول أنا وغيري من الكتاب الشباب، أن نقتبس خيوطاً من أفكار كلّ الشباب، شباب لبنان، لننسج منها فكراً شبابياً قيّماً لا يدبر له المتحاورون من الشاشات التي تحيك لباس القدر عندما تبرز من ضنت ألسنتهم عن المنابر بالهجوم على بعضهم البعض، وهم كما هم، لا يزالون فرجة للشعب المشاهد المتحسّر. لم يغيروا من واقع حالنا شيئاً سوى أنّه يزداد شحناناً وسوءاً يوماً بعد يوم، وأعتبر أنّ كل من يستطيع أن يكتب لهذا الغرض، لتوحيد الشباب.. لأصحاب هذا البلد المستقبليون، هو تكليف عليهم، لنكون "قوّة" مقابل "قِوى".
o
17- أيّ فنٍّ كتابيٍّ هو الأفعل بين الفنون الأدبيّة؟
الفنّ الأفعل في رأي هو النثر الأدبي الذي يممتاز بجمال خاص، والذي يدخل فيه الوصف والتشبيه والإستعارة والكناية وغيرها..، وهذا الفنّ نادرٌ قوي، وقد أنزل الله تعالى علينا القرآن بهذا الفن لأنّه الأكثر تصويباً للمعنى والأيسر قراءةً وفهما، فالنثر الأدبي تبلغ أهميّته من خلال التّأمل والظرافة التي عادةً تكون موجودة فيه، فهو أشبه بالحياكة الفاخرة، والسرد فيه كالرّسم يمكنك أن ترى جماله من غير أن تدقق فيه كما ترى لوحةً فنيّة متناسقة الألوان.
o
18- كيف يُحدِّد الكاتب نسائج موضوعه؟
قد لا يكون للكاتب خيار تحديد نسائج موضوعه دائماً، فالمشاعر والواقع والمحيط الذي يعيشهم الكاتب هو ما يقود في كثير من الأحيان قلم الكاتب لأنّ هذه المشاعر والحالة هي التي تصنع الأفكار، فينسج الكاتب برأس قلمه هذه الأفكار والمشاعر، وكلٌّ بقدر ما لديه من حبر..
o
19- هل الكتابة هي نتاج ثورة عند الكاتب؟ وهل الكتابة تصنع ثورة؟
الكتابة إن لم نقل أنها تصنع ثورة، فهي تنمّي الثّورة والعكس.. الثورة لها عدّة أشكال وهي ثورة داخلية فكريّة يمكن للكاتب إذا أراد أن يبرح ما في وجدانه للملاء، لينفخ في النفوس الموقدة ليشعلها على أمرٍ ما يرى فيه سبباً للنهوض، وهنا يكون لديه قضيّة إيمانيّة، قد تكون سياسيّة، إجتماعية فكرية.. ثورية، وهنا لا يمكن له أن يطال قضيّة تتشعّب فيها الآراء وتتفرّق الأهواء، بل لا بدّ أن تكون قضيّة جامعة ومعتدلة.
o
20- هل التّحريض يصنع الكاتب؟
نعم التحريض يصنع الكاتب في كثير من الأحيان، خاصّةً إذا كاتباً سياسياً مرموقاً، فالتّطاول على جمهور كبير يبرز الكاتب بين جمهورين متعارضين، فجمهورٌ مملوء بالكراهية يحتاج إلى تحريض.. إلى نافذة تخرج المكظوم، وجمهورٌ آخر يراقب المضاد كي يحتمي منه.. وبهذه الطريقة يصبح كلاّ الفريقين متابعين للكاتب البارز هذا، وهنا أرى أنّ للبروز بهذا الأسلوب، أسلوب التحريض، لا يحتاج الأمر إلى فكر وفن، بل إلى إحتراف وإنحراف بضرب الأهداف، وهو بالطّبع من ألعن الكتابات.
o
21- ما هو دور الحبّ في إبداعات الكاتب؟
الحب هو دوار يستقل المشاعر، دوارٌ يُسكن الرغبات ويُفني النزعات، فهو شعورٌ يلهف الحس لشدّ ما يكابد المحب، فيعتصر من جوفه حبراً خالصاً لقلمه، ويكون سببا لإبداعه، حيث يبقى التعبير منفسٌ وحيد وهواء، وفي حالة الحب، أكون أشبه بالطبيعة التي إذا لم تمر بفصولٍ أربعة، تفقد جمالها، والتعبير قد لا يكون كتابةً دائماً.. ولكنّ الكتابة إبداعٌ يسكن من روعة الحب أكثر بكثير من الكلام أو غيره..
o
22- بين البعد المرتجى وحقائق الواقع, من يُلهم الكاتب؟
الأمل هو الملهم الأوّل في كتاباتي، لأنّ الواقع محزن، والأخبار مؤلمة، والأفكار مشينة، يبقى الأمل وحده الغذاء الوحيد للعيش والتصالح مع أيّ طرف آخر، فالأمل والنسيان، لولاهما لخلدت النزاعات ولإستقرّينا على المنازعات.. لذا يبقى البعد المرتجى هو الملهم في كل مكتوبٍ حميد..
o
23- أين يتم نشر إبداعتك الكتابيّة إعلاميا؟
أنشر في مجلّة صدى الشباب شهرياً، وكنت أنشر في موقع"جريدة" الإلكترونية يومياً، إلا أنني إعتزلت السياسة "المبرمجة" كما أشرت سابقاً، وكذلك نشرت عدّة مرّات في موقع شباب السفير، وعدد من المواقع الإلكترونية كـ: بانوراما الشرق الأوسط، وحروف، وكما نشرت لي سابقا بعض الأراء في موقع قناة الجزيرة.
o
24- عناوين وماهية إصدارتك؟ ونموذج نصّي من إبداعتك الكتابيّة؟
هذه بعض العناوين:
- ملف «شهود الزّور» والشّهادة المجروحة
تصحيح الأجور و تحصيص الأدوار -
- العرب يشترون الموت من صاحبه
حقيقة "الحقيقة... لأجل لبنان" -
- مواقع المتحاربين ودور التّنظيمات
- وظيفة حلفاء أميركا في الإنطلاق من سوريا
أيّها الثّائر السّوري.. -
- الملفّات السّاخنة تستمر هادئه
- النّسبيّة وإشراك المغتربين
- الثّورة العالميّة على سوريا
- الحرب العالميّة الطّائفية المحتملة
- الأكثريّة : يجب أن تحسم المواقف!
- زيادة الأجور «تتبخّر» على لهيب الأسعار
تمويل المحكمة: على قاعدة "الفتنة أشدّ من القتل" -
الأجور على سلّمٍ مكسور! -
«المتحزّب»: إلتزام وإستزلام ثمّ «نفاق» -
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
نموذج نصي (1)
الجيوش العربيّة: بين إسناد الثّورات والحرب المحتملة - -

إنّ هناك اختلاف بين المحللين عن دور الجيوش العربية في حماية الثورات العربية ففي بعض الدول لعب الجيش دوراً كبيراً وهاماً في ترجيع كفة الديمقراطية وحمى الثورة، وفي بعض الدول الأخرى أحبط الجيش الثورة وقمع الشعب بالحديد والنار وبأسلوب همجي تقشعر له الأبدان. يطرح سلوك الجيوش العربية في ظل الربيع العربي الكثير من الاسئلة، فالجيش في كل من تونس ومصر حسم الموقف لصالح قوى التغيير. في هذا، يمكن اعتبار الجيش في مصر وفي تونس جزءاً من قوى الثورة، لكن الجيش في كلا البلدين جزء من النظام القديم في الوقت نفسه. في كلا البلدين انقلب الجيش على النظام القديم في لحظة تاريخية وساهم في انقاذ كل من تونس ومصر من مجزرة وكارثة وطنية. أما الجيوش في كل من اليمن وليبيا وسورية، فلها أدوار مختلفة حيث تحوَّل الامر الى مواجهة عسكرية، حيث قام الجيش وقواته بمواجهة المتظاهرين مما دفع إلى إبطال هذه الثورات، فالثّورة تتميّز عن الإنقلاب بأنّها تنطلق من الشّعب..
بوقوع نكبة عام 1948 غادر الشعب الفلسطيني أرضه ووطنه، تاركاً وراءه كل ما يملك من حطام دنياه، على أمل العودة إلى دياره خلال أيام أو شهور معدودة على أبعد تقدير كما وعدته الجيوش العربية الأفذاذ، إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن فالجيوش العربية التي دخلت فلسطين لتحريرها من القوات الصهيونية، بدأت تتراجع وتنسحب تحت ستار الخطة العسكرية تارة، وبناء على اتفاقات الإذلال ـ الهدنة ـ مع العدو تارة أخرى ولتبرير هذا الموقف عمدت الأنظمة العربية آنذاك إلى طعن أبناء فلسطين في مصداقية وطنيتهم، واتهامهم بالخيانة والعمالة وبيع أراضيهم للأعداء الصهاينة. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا تتسلّح الجيوش العربيّة في ظلّ تلك "الهدنة" أو الخيانة؟! الجواب هو أنّ الجيوش العربيّة في ظل الخوف من الآخرين من أبناء الوطن، أكانوا أغلبيات او أقليات ستفقد هذه الجيوش حتماً الروح الوطنية. من هنا، يتحول الجيش الى قوة تحمي نظاماً وفئة أو قبيلة أو طائفة وليس بالضرورة الوطن والأرض والمستقبل. فالخائفة تتحول مع الوقت الى حالة من الكراهية لفئات رئيسية في المجتمع، مما يخلق نظرة مشوهة لدورها في الحماية الوطنية..

لقد غير الربيع العربي وضع الشعوب، لكنه أيضاً غير موضع الجيوش في المعادلة العربية. الربيع أبرز دوراً جديداً لقوى جماهيرية لم تكن فاعلة حتى الأمس القريب. الربيع العربي يعكس تفجر السياسة على المستوى الشعبي بينما يدفع بلا توقف بجيل جديد يطالب بدور وحقوق وعلاقات جديدة بين الحاكم والمحكوم وبين العسكريين والسياسيين. ونمر في مخاض كبير يتجاوز لعبة الشطرنج التي تحكم علاقة السياسيين بالجيوش.

إننا نشهد الآن تغيراً كبيراً يساهم في تأسيس قواعد جديدة للعبة!! الجيوش العربيّة مدعومة من الخارج، وخاصّةً الجيوش الخليجيّة، فعلى سبيل المثال، يمتلك الجيش السّعودي أسلحة لا بأس بها من طائرات مقاتلة ودبّابات ومدرّعات ومدفعيّات بحريّة وصواريخ قصيرة أو بعيدة المدى، وأميركا نجحت في سياسة التّبعيّة إليها الإلزاميّة وغير الإلزاميّة، حيث أنّ هذا السّلاح يحتاج إلى صيانة وقطع غيار بشكل دوري ومستمر وقطع الغيار تصنع في أمريكا و بريطانيا.

هذه الإمدادات من قطع الغيار لو توقفت فسيكون سلاح هذه الدّول بأكمله مجرد خردة من حديد على مدرج. وفي النّهاية، بات واضحاً أنّ تسليح الجيوش العربيّة الخليجيّة من قبل الغرب، له وظيفة في الحرب المحتملة بين إيران والسّعوديّة الأمر الّذي يحفّز أميركا إلى دعم الجيوش الخليجيّة وخاصّةً الجيش السّعودي، فبعد أن أدركت أمريكا، وخاصة بعد حربها في العراق أن الحرب المفتوحة بجيشها النظامي للمرة الثالثة بعد فيتنام، وكوبا، والعراق، هي حرب خاسرة، قررت هذه المرة أن تخوض الحرب ضد إيران بغير جيشها، وخاصة أن السعودية تعتبر من أفضل الأهداف الأمريكية للقيام بهذه المهمة، فمن ناحية أن الميزانية السعودية شبه متهالكة رغم المليارات السنوية التي تدخل على السعودية من عائدات الحج، والنفط، وغيرها من الموارد، بالإضافة لكون السعودية حليف بدأ يقوى في المنطقة. وبعد العام 2000 بدأت الولايات المتحدة في إعادة توجيه، ودعم وتسليح السعودية – من المال السعودي طبعاً- لتكسب سوقاً لأسلحتها من ناحية، ومن ناحية ثانية تؤمن دعماً لوجستياً يكون على شكل صنع الوحش الشيعي كما من قبل صنعت الوحش الشيوعي في المنطقة وحشدت جموع الشعوب ومنذ العالم 2000 الآن وقّعت السعودية عدداً من الصفقات بأرقام خيالية مع الولايات المتحدة.

يبدو في ظل ما ذكر سابقاً، أن خيارات تجنب حرب شبه كونية تبدأ من الشرق الأوسط - أصبحت شبه اكيدة - صار مستحيلاً، فإما أن ينتصر حلف الرأسمالية الأمريكية، ويفضي لتدمير قوة دول المنطقة، فيسهل إقامة الشرق الأوسط الجديد، أو أن تسير الحرب بإتجاه إنتصار إيران وحلفها، وكلا الخيارين يُفضى للقضاء على آخر.. فهل تنجح أميركا بإشعال المنطقة بفتيل الطّائفية والمذهبيّة ؟
علي جواد الأمين - جريدة
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
نموذج نصي (2):
- "مشكلة لبنان ليست "الطّائفيّة -
تشهد السّاحة اللبنانيّة بعض الحلول المفترضة، وقد تفرض على هذه السّاحة قناعات، وتبقى كل هذه الحلول والقناعات مهدّدة بتطوّرات المستقبل، لأنّ المشكلة اللبنانيّة مهما أعطيت من حبوب مسكّنةٍ ومقوّيات لن تصل إلى مستوى المناعة في مواجهة تحدّيات المنطقة ومشاريع المنطقة، وأنّ الذين يشتركون في وضع الحلول لا أعتقد بأنّهم يطرحون حلول نّهائيّة، وإنّما هي حلول من ضمن حلول، ومحكومة بضرورة المرحلة، وهي تقدّم إلى الشّعب بصيغة إنقاذ وسلام..
فالحلول هذه ما دامت لا تتناول أصول المشكلة، ولا ترتكز على أسس جديدة للنّظام، تبقى هامشيّة، وعلى الذين يصنعون الحلول أن لا يضلّلوا الناس، لأنّه منذ تّاريخ طويل تقدم إلى النّاس حلول جزئيّة، مصاغةٍ بصيغة إنهاء المشكلة لكنّها تبقى بعيدةً عن التّحقيق التّام. إنّ نقطة الإرتكاز في المشكلة هي موقع لبنان بالنسبة إلى أميركا وإسرائيل، وإقتراب لبنان من هذا الموقع، ومرتكز الحل هو بتأسيس منهجيّة إبتعاد لبنان بكل تفاصيله عن الموقع الإسرائيلي والأميركي وأن أي حلول لا تتجاوز هذه النّقطة، يبدو أنّها ذات قيمة أقل. وقد تشهد الساحة تطورات هادئه جرّاء الحلول ذات القيمة الأقل، لكنّها لن تصمد ما دامت متضمّنة الإقتراب من الموقع الإسرائيلي والأميركي، وبوضوح أكثر، فإنّ إسرائيل لن تسمح بتسوية الوضع اللبناني إذا كانت تتنافى مع موقعها في المنطقة، فإمّا أن تكون التّسوية مقبولة إسرائيلياً وأمّا أن تكون مرفوضة، فإذا كانت التّسويات المفروضة الآن بعيدة عن متناول يد إسرائيل، فستنجح، وليس لديّ أي درجة من الشّك في أنّ هناك «فريق لبناني كامل» في متناول يد إسرائيل.

إنّ إسرائيل تملك أوراقاً كثيرة في الدّاخل، فإذاً علينا، حتّى نضع تسوية نهائيّة للبنان أن نفكّر في سبل إبعاد إسرائيل من داخلنا. وهذا لا يتم إلاّ بإستمرار المواجهة معها، فبدلا من نخوض الكثير من المعارك السياسيّة الدّاخليّة، أو بدلا من أن تشهد السّاحة أي توتّر داخلي، علينا أن ننظم السّاحة، من أجل الإستمرار في مواجهة إسرائيل، وهذا هو المقياس الحقيقي، "الوقوف في الموقع المعادي لمشاريع أميركا وإسرائيل في المنطقة". وهل من الصّحيح أنّ لبنان لا يستطيع الإنتقال من وضعه الطّائفي إلى موضع لا طائفي من دون مرحلة إنتقاليّة أو تدرّج؟ إنّ المشكلة في لبنان ليست طائفيّة حتّى يكون الحل إلغاء الطّائفيّة، والمشكلة ليست في نظام متدين يقابله نظام علماني، فالمشكلة إذاً، ليست في مسيحيّة الرّئيس أو إسلاميّة الرّئيسين الأخريين، لأنّ الحاكم السياسي لا يمارس المسيحيّة في السّلطة أو النّظام بل يمارس المسيحيّة في الكنيسة.. ولكن المعضلة هي فيما يمثّل هذا الحاكم أو الزّعيم، كتمثيل البعض للحالة الأمريكيّة والإسرائيليّة أو الفرنسيّة أو الإيرانيّة... فكل موقع من مواقع النّظام يمثّل حالة من حالات التّسلط والحكم الّذي يمثل حالة من حالات الإستعمار، فالحل ليس بإستبدال مسيحي بمسلم، أو بتوزيع المواقع والوظائف بين المسيحيين والمسلمين، إنّما المشكلة في ماهيّة النّظام السياسي، لا الدّستوري.. فلو كان كل لبنان ذا لون طائفي واحد، ومنهجيّة البعض من ذاك "الكل" تدور في الفلك الإسرائيلي والأمريكي، أو أساس هذا النّظام يدور في فلك المستعمر.. فهو مرفوض، وتجربة "شاه إيران" واضحة أمام الجميع. وختاماً، يبدو أن الحلول السّياسيّة المطروحة، التي تقبل أفكارها هنا وترفض هناك، أو ترفض هنا وتقبل هناك، كلّها أفكار لا تبحث في أساس المشكلة والنّظام، وعلى الرّغم من أنّها منسجمة تماما مع ما يريده الجميع. والحل الجذري هو أنه على لبنان أن يعلن عن مواقفه الدّولية بشكل واضح ورسمي تجاه الخارج وخاصّة أميركا وأوروبا، والعمل بهذه المواقف. وهذا يقع بطبيعة الحال على عاتق الأكثريّة ورئيس الجمهوريّة ووزير الخارجيّة، وأمّا المعارضة والأقلّيات، فلتمارس دورها في النّقد ومراقبة أعمال الحكومة والعمل إلى الوصول إلى السّلطة من خلال إقامة المشاريع الإصلاحيّة كما تفعل أي معارضة في دول الخارج. فإلى متى سيبقى لبنان عالقاً بين محورين متصارعين ؟
علي جواد الأمين - صدى الشباب
-----------------------------------------------------------------------------------------------
o كلمة ختاميّة:

أحب أن أعلّق على ما يجري اليوم من إساءة للرّسول (ص) لأقول أنّه أسيء للمسيحيين كما أسيء للمسلمين، حيث كثيراً ما يسيئون للسيد المسيح (ع) في الأفلام الأجنبيّة وحتّى بالرسوم الكاريكيتيرية في الصحافة الأمريكيّة أيضاً كما أسيء للرسول(ص)، وحُرق الإنجيل من قبل متطرّفين في الجزائر والسودان كما حرق القرآن في أميركا والدنمارك.. لذا، أقترح أن يعلن عقلاء المسلمين والمسيحيين من رجال دين عن مؤتمر إسلامي - مسيحي كبير ينظم لهذا السبب يشارك فيه مثقفون من الديانتين يعبّروا فيه عن مواقفهم التاليه (كإقتراح) ترسيخاً للوحدة المسيحية - الإسلامية، لأنّ الهدف الأساس وراء هذه الإساءات هو ضرب هذه الوحدة والوفاق.
الموقف من الإرهابيين وتبرءة المسلمين منهم.
الموقف من ردود الفعل المشينة على الإساءة للرسول الأكرم في بعض الدول العربية وتبرءة الإسلام منها.
الموقف من الإساءة للمسيح (ع) وللرسول (ص) بالأفلام والرسوم الكاريكاتيرية، وهي كثيرةٌ.
الموقف من المواقع التي تنشر هذه الإهانات للرّسول (ص) والمسيح (ع) وحجبها في حال عدم التّجاوب بإزالتها، والمطالبة بمنع عرض الأفلام التي تحط من كرامة أي من الأديان.
الموقف من ظاهرة حرق القرآن الكريم في أميركا والدنمارك.. وحرق الإنجيل في الجزائر والسودان..
وبناءً على ما تقدّم، تحضّر مجموعة مطالب تحد من هذه المظاهر.

وأشكركم أخيراً شكراً جزيلاً لكم على هذا اللقاء، وأتمنّي كلّ الخير بمجهودكم الفكري والفني ودمتم بألف خير..