أحدث المشاركات
صفحة 8 من 8 الأولىالأولى 12345678
النتائج 71 إلى 78 من 78

الموضوع: ربـــــة الحــــــــزن

  1. #71
    الصورة الرمزية عدنان الشبول شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    المشاركات : 5,981
    المواضيع : 225
    الردود : 5981
    المعدل اليومي : 1.51

    افتراضي

    بعض القصائد أمر عليها مرارا دون تعليق ، ثم أعود لها فلا أدري بماذا أعلّق غير أنّي أتعلّم منها


    دمتم مبدعين أيها المعلم الجميل

  2. #72
    الصورة الرمزية أحمد رامي مسؤول عام المدرسة الأدبية
    عضو اللجنة الإدارية
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Apr 2011
    الدولة : بين أفنان الشعر
    المشاركات : 6,190
    المواضيع : 45
    الردود : 6190
    المعدل اليومي : 1.30

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بندر العمري مشاهدة المشاركة
    ما شاء الله ..

    لو يتم شرح هذه القصيدة بالتفصيل كي تعم الفائدة للجميع ..

    أخي بندر أهلا بك أخا كريما و حياك الله

    بالنسبة لشرح القصيدة يمكنك طلب ذلك في قسم النقد التطبيقي و الدراسة النقدية .

    تحياتي و امتناني لمرورك .
    ذو العقل يشقى في النعيم بعقله .... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

  3. #73
    الصورة الرمزية أحمد رامي مسؤول عام المدرسة الأدبية
    عضو اللجنة الإدارية
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Apr 2011
    الدولة : بين أفنان الشعر
    المشاركات : 6,190
    المواضيع : 45
    الردود : 6190
    المعدل اليومي : 1.30

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان الشبول مشاهدة المشاركة
    بعض القصائد أمر عليها مرارا دون تعليق ، ثم أعود لها فلا أدري بماذا أعلّق غير أنّي أتعلّم منها


    دمتم مبدعين أيها المعلم الجميل
    أخي الحبيب عدنان

    أكرمك الله كما أكرمتني بهذه الكلمات العطرات , رفعت بها معنوياتي إلى القمة .


    لك من أخيك المحبة و الشكر الجزيل .

  4. #74
    الصورة الرمزية فاتن دراوشة مشرفة عامة
    شاعرة

    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : palestine
    المشاركات : 8,906
    المواضيع : 92
    الردود : 8906
    المعدل اليومي : 1.66

    افتراضي

    قصيدة من عيون الشّعر تفيض بالألم والوجع من روحٍ تذوب أسًى على ما يحلّ بشعب لم يقترف من ذنب غيرَ أن طالب بالعيش الكريم في ظلّ حكم عادل ينتخبه ويختاره بنفسه.

    يا ليلـةً بِـتُّ فيهــا أصـحـبُ النجــــمَ
    وأعصرُ الليــلَ راحـا مازجـتْ همّــا

    يبدأ الشّاعر قصيدته بمطلع قويّ عميق يصوّر حالته النّفسيّة ومشاعره في لحظة الكتابة، فهو يكتب قصيدته في اللّيل ويخاطب ليلته شاكيا لها همّه.
    ويخبرها أنّه بات فيها يصحبُ نجوم السّماء ويعصر عنب اللّيلِ الأسود خمرا يمتزج بالهمّ.
    وهنا نرى عمق الأسى والحزن حيث تنتشي الرّوح بخمر القتام التي يعتصرها الشّاعر من عناقيد ليله الشّديدة السّواد، والتي يخلطها بهمومه فيغدو طعمها مرّا علقما.
    كما أنّ اصطحابه للنّجم في السّماء دليل على شعوره بالوحدة والخيبة.
    لقد كان لأسلوب النّداء هنا دور كبير في لفت انتباه القارئ خاصّة وأنّ المنادى هي اللّيلة التي يأنسنها ويتحدّث إليها كما لو كانت رفيقا له.
    وكانت الاستعارة التي رسمت لنا اللّيل عنقودا يعتصر منه الشّاعر خمره صورة عميقة معبّرة جعلت المخيّلة تتفاعل مع الشّاعر وتعايش حزنه وألمه.
    كما أتى المطلع مرصّعا حيث انتهى صدر البيت وعجزه بنفس القافية وهي ميزة تجمّل البيت وتزيده بهاءً.


    هــمٌّ يـراودني عـن كــلِّ مـبـهـجـــةٍ
    يدُسُّ فيها – على علاتها – سُــمّا


    وهنا نراه يسهب في وصف ذلك الهمّ الذي مزج به خمر ليله فذلك الهمّ يراوده عن كلّ مبهجة من مباهج الحياة ويدسّ السمّ في تلك المباهج رغم أنّها بها من العلّات والعيوب ما يكفيها.
    فمباهج الحياة لم تعد جميلة في عينيه تلك التي كحّلها الحزن والأسى فلم تعد ترى في محاسن الحياة ومسرّاتها ما يثيرها وما يطفئ ظمأ الرّوح.
    ولنتمعّن عمق هذه الاستعارة التي يقف بها الهمّ أمامه ليراوده عن تلك المباهج العليلة ومن ثمّ كيف يقوم ذلك الهمّ بدسّ السمّ في كأس تلك المباهج.
    هي صورة حيّة نابضة تعمّق مدلول الأسى الذي يعيشه الشّاعر والقتام الذي يكسو روحه وقلبه وعينيه، ممّا يعيشه من ظروف صعبة في واقعه.


    يستخلص الزّفرةَ الحرّى ويرســلُها
    خِـدْنـاً لآهٍ تَـراهــا طُبِّقَــتْ شَـــحْما


    ويكمل وصف همّه الذي يستخلص الزّفرة الحرّى ويصفّيها ليقوم بإرسالها صديقا وخلًّا لآه مكتنزة سمينة
    وهنا أيضا صورة عميقة تعصف بالمخيّلة وتحفّزها حيث ترسم ذلك المشهد الذي به تلتحم الزّفرة بالآه لتستشعر كمّ الأسى والحزن والغمّ الذي يكابده الشّاعر في ليلته تلك.


    خرجتُ من جسَدي والكـونُ يغمرُني
    في رحلةٍ صُرِمتْ أسـبابها صَـرْما


    والخروج من الجسد هنا إشارة إلى الرحلة التأمّليّة الروحيّة التي رافق بها الشّاعر النّجم والتي ذكرها في مطلع قصيدته، فهو كأنّما خرج بروحه من جسده وسار مع النّجم في سمائه، وفي سيره ذاك كان الكون يغمره كما لو كان يمشي في لجة تغمره مياهها وتحيطه من كلّ جانب، وكان يسير في فضاء الكون في رحلة تخبّط بها حيث كانت المداخل والطّرق قد تقطّعت وصدّت في وجهه. وهذا إن دلّ فهو يدلّ على حالة التشتّت الذهنيّ التي يعيشها الشّاعر والتي تبعثر كيانه وفكره من هَول الواقعة التي ألمّت به.

    أستمهلُ الفكرَ في التَّطوافِ أســـألُه
    ســؤالَ مســتغربٍ قـد همَّ و اهتـمَّ :


    وهنا نرى الشّاعر بجزأيه، جزؤه القابع على الأرض يتابع جزأه المحلّق في الفضاء وهو الفكر يستوقفه ويسأله وهو في حالة من الاستغراب وقد بدا عليه الاهتمام بالموضوع.
    وكان سؤاله:


    هلْ ربةُ الحُــزْنِ حلّتْ في مــلامحِنـا
    وخـلّفَـتْ إثــرَهـا أفـواهَنــا هُتْــــما
    أم أنهــا التَقَمَــتْ أثــداءَ مُــرضعِنــا
    خَمسا فصارتْ لنا مِن بعدِها رِحْمـا

    هل أقامت إلهة الحزن في مَلامحنا لتترك خلفها أفواهنا مكسّرة الأسنان، أم أنّها رضعت من مرضعتنا خمس مرّات فغدت بيننا وبينها صلة رحم وأخوّة؟
    وهذا إن دلّ فهو يدلّ على حجم حالة البؤس والأسى التي يعيشها الشّاعر ومن حوله، في ظلّ الأحداث التي يعيشها هو وشعبه.
    فلقد باتت الوجوه يائسة محطّمة من القهر وغدا الحزن رفيقها الدّائم الذي لا يفارقها رمشة عين.



    ما أغفلَـتْ ســاعةً حـقَّ الطّوافِ بنـا
    و قـدْ أعـدّتْ لنا من حُبِّها سَــــهما

    ويكمل حديثه عن ربّة الحزن تلك التي ما عادت تفارقهم فلم تغفل عن الطّواف بينهم ولو لساعة واحدة، وقد رمتهم بسهام حبّها لتربطهم بها، فغدا الأهل وكأنّهم في حالة عشق ورغبة دائمة في التّواصل معها.

    و ازَّيَّلـتْ حـالُنــا بؤســــــا لِما أكَلَتْ
    على موائِـــدِها بَلْـهَ الأسـى لُــؤْمـا

    وقد تفرّقت حالنا وتشّتت بفعل البؤس بسبب ما أكلته حالنا على موائد ربّة الحزن من أسى ومن لؤم ويالعمق الصّورة في هذا البيت وأبعادها، فربّة الحزن تمدّ الموائد له وللأهل ليتناولوا على موائدها تلك الحزن والأسى واللّؤم ولذلك نرى شتات حالهم وتبعثر وجدانهم وفكرهم بفعل ذلك البؤس الذي أتخمت به قلوبهم وعقولهم.


    أطــالَ فكــري بــلا جــدوى تأمُّلَـــهُ
    في ما سـألتُ وحارتْ نفسُــهُ فهمـا


    وهنا يخبرنا شاعرنا أنّ فكره أطال تأمّله بلا جدوى وأنّه لم يحظَ بإجابة على أسئلته التي طرحها، وأنه ازداد حيرة واستعصى عليه تحليل ما يجري وما يحدث.



    وراحَ يشحذُ في الأســـــواق أجوبةً
    لكنْ جَنَى الصَّـدَّ في تجوالِهِ عُـدْمـا


    وحين لم يجد إجابات أسئلته بين النّجوم اتّجه إلى السّوق حيث الواقع يقبع هناك بكلّ تفاصيله وحذافيره، وهناك بدأ يتسوّل الإجابة على أسئلته التي طرحها، لكنّ أحدا لم يكرم عليه بإجابة واحدة فجنى وحصد الصدّ والعدم في تجواله بدلا من أن يشفي صدره بإجابة تهدّئه وتطمئنه.
    وهنا نجد وقع الصّدمة وما يتبعه من تدرّج في الاستجابة لها، ففي البداية يرفضها العقل تماما ويستعصي عليه تقبّلها لذلك جنح عقل الشّاعر وفكره للهرب إلى النّجوم لأنّها بعيدة عن واقعه، لكن بعد أن تخذله تلك النّجوم نجده يعود تدريجيّا إلى واقعه وينطلق إلى السّوق حيث الواقع والحقائق العارية، ولكن ها هي أيضا تخذله وتردّه دون أن تعطيه إجابة شافية لتلك التّساؤلات التي تضطرم في قلبه وعقله وروحه.

    يا لهــفَ نفسي على حــالٍ تَمَـــلَّـكنا
    نَلقى الســـعادةَ في أســمالِـهِ وَهْما


    وهنا نراه بعد أن يئسَ من الحصول على تفسير وإجابة من الغير يبدأ بتحليل ما جرى بنفسه، ونراه يشتكي من سوء الحال الذي استبدّ به وبكلّ أفراد شعبه، فهذا الحال الغريب من البؤس والشّقاء لا يجدون به السّعادة إلّا كسراب ووهم يطاردونه ولكن هيهات يستطيعون الإمساك به.
    وهو يشبّه ذاك الحال بشخص يرتدي الثّياب المهترئة ويخفي في هذه الثّياب السّعادة والتي حين ينّقبون عنها ويعثرون عليها لا يجدونها غير وهم وكذبة.


    نجـري إلى جهـةِ الآمـالِ نُســـرجُها
    مُـيَـمِّمــينَ ســـرابـا هــاربـا دَوْمـا


    وهم يجرون نحوَ الآمال لكي يسرجونها ويمتطونها لتوصلهم بدورها إلى السّعادة ذلك السّراب الذي يهرب منهم دَوما ولا يستطيعون اللّحاق به.
    وما أروعها وأعمقها من صورة تعمّق معنى اليأس والإحباط الذي يعيشه شاعرنا وأهل بلاده، فقد وصل بهم اليأس إلى درجات كبيرة باتت بها السّعادة بالنّسبة لهم مجرّد وهم لا يمكن تحقيقه في ظلّ ما يذوقونه من عذاب وألم وبؤس وشقاء في خضمّ الأحداث التي تدور على أرضهم.

    أصبغــةٌ أم تُــراهــا كبـــوةٌ عثــرتْ
    فيهــا ركـائبُنــا والسَّــــعـدُ مِـن ثَـمَّ


    فهل هذا اليأس المستشري هو صبغة بنا تميّزنا أم هي مجرّد كبوة وزلّة عثر بها ركبُنا ومن ثمّ عثر بها السّعد أيضا.
    وهو هنا يحاول أن يجد مبرّرا لحالة اليأس التي يعيشها هو والشّعب، ويحاول أن يبرّر أسبابها، فهل هي حالة متجذّرة لديهم كانت في الأصل واستمرّت، أم هي نتيجة عثرة لهم وللسّعد وسوف يتخطّونها فيما بعد ويستعيدوا حبّهم للحياة؟


    سُـــقيــا لعهــدٍ تغشـّــاهُ الهنـا أمَــدا
    حيــثُ البــراءةُ لا هــمّا و لا غــمّا


    وهو هنا يتذكّر عهدًا مرّ كان الهناء يتغشّاه حيث كانت البراءة تطغى على القلوب والنّفوس ولم يكن الهمّ والغمّ يعرفان طريقهما إلى تلك النّفوس البريئة الطّاهرة.
    وهو يقصد بذلك أيّام كان الأهل يحبّون بعضهم بعضا، ويعيشون معا بسلام ومحبّة وتفاهم دون أن يعكّر صفوهم الطّغاة، ودون أن تعمل الفتن مخالبها بينهم.


    بادرتُــهُ ولـداً عـافَسْـــــتُـهُ جَــذَعــا
    أُرخي العنـانَ لنفـسٍ لم تـذُقْ لجْمـا


    وهو هنا يحدّثنا عن علاقته بذلك العهد الذي انقضى والذي لم تعرف به النّفوس غير الوداعة والبراءة والمحبّة فقد سابَقَهُ وهو ولدا صغيرا، وداعبّهُ يافعا وكان في علاقته مع ذلك العهد يرخي العنان لنفسه التي لم تذق اللّجم والكبت يومها.
    كان يعيش حياة طبيعيّة تهنأ بها نفسه وتسرّ روحه دون قيد أو هموم أو آلام تضيّق عليه عيشه وتكبت مشاعره وتثقل كاهله.


    نفسٍ تعــاقـرُ صهبـاءَ الـرُّؤى زمَنـا
    ولم تجِـدْ في تعاطِيهـا الـرُّؤى إثْمـا

    وفي ذاك الزّمن الذي مضى كانت نفسه تسكر بخمر الرّؤى حيث كانت الرّؤى تملأ الأرواح والقلوب والعقول حدّ الانتشاء بها وبروعة الحياة وبجمالها بوجود تلك الرّؤى والآمال، ولم تكن نفوسهم تجد في تعاطيها لخمر الرّؤى تلك إثما تستحقّ العقاب عليه بل أمرا مشروعا جائزا من حقّها ارتكابه.
    ولنتمعّن في هذه الصّورة وما تحمله من المشاهد حين يمثّل لنا الشّاعر رؤى وأمنيات البشر بخمر يدمنون شربها وتعاطيها وما تثيره هذه الصّور والمشاهد في مخيّلة المتلقّي من أثر. فتجعله يعيش تفاصيل الأمور مع الشّاعر ويشعر معه ذات المشاعر.


    لكنّـــها فُطِمـــــتْ قَسْـــــــرا فآلمَهـا
    طعـمُ الفِطـامِ وكانتْ تجهــلُ الفطْـمَ

    لكنّ نفسي ونفوس أهل شعبي فطمت عن تلك الرّؤى وعن خمرها قسرا، فآلمها ذلك الفطام والامتناع عن تعاطي خمر الرّؤى والآمال خاصّة وأنها حديثة عهد بذلك الفطام.
    وهنا يمكننا تخيّل ذلك التغيّر المهول الذي طرأ على ذلك الشّعب فهو يشبه الرّضيع الذي يكابد الفطام، حيث كان يهنأ طيلة فترة رضاعته بحنان الأمّ وفجأة يضطرّ أن يفارق ثديها دون رحمة به ودون مراعاة لمشاعره.


    هي الحــــياةُ إذا مـا أقبلَـتْ مُدِحـتْ
    وإن هي اْسْـــتدبرَتْنـا أُشــبِعتْ ذمّـا


    وهنا يأتي بحكمة هي ثمرة ما يحلّ به وبأهله وجواب لسؤاله الذي سأله حول الحزن الذي لا يفارق وجوههم وقلوبهم وأرواحهم، فهذه هي سنّة الحياة حين تقبل مانحة أهلها كلّ ما يطيب لهم يمتدحها البشر ويثنون عليها، وحين تدير لهم ظهرها وتولّي حارمةً إيّاهم من نعمها وملذّاتها يشبعونها ذمّا وسبّا.


    يـا أيّهــا الفـــكرُ وكِّـلْني على أمـلي
    كيمــا أفَـتِّتُ منـه العظــمَ و اللّحْمــا


    وهو هنا يعود للتحدّث مع فكره الذي باشره بالسّؤال في بداية القصيدة وبما أنّه استنتج الإجابة يعود إليه ويطلب منه أن يجعله وصيّا على أمله، والهدف من تلك الوصاية أن يفتّت عظم ولحم هذا الأمل أي أن يميته ويجعله يتلاشى نهائيّا.
    وهذا إن دلّ فهو يدلّ على تقبّله لواقع اليأس الذي بات حقيقة في نظره، فهو لن يعود للهروب إلى النّجوم بل سيجابه واقعه الكئيب بصبر وجلادة، لأنّه لن يستفيدَ شيئا بذمّه للحياة ولن يغيّر حاله ذلك، لذلك سيغدو الأمل همّا وحملا عليه لأنّه لن يجد لتحقيقه سبيلا، وعندها سيكون موت الأمل هو الحلّ الوحيد لترتاح نفسه وتقنع بواقعها.


    مـا همَّـني بعـدَها لـو قِيـلَ مُضْطرِبٌ
    جَـــهْـمٌ أكــبَّ على أظفــارِهِ قضْمـا

    وهنا يختتم شاعرنا بتساؤل مؤثّر في النّفس، فهو يتسائل ما همّني بعد ما توصّلت إليه من حالة اليأس وتفهّم واقعي العقيم المرير وبعد أن قتلت آمالي بيدي، أن يقال عنّي أنّني إنسان مضطرب، ومجرّد إنسان ضعيف أكبّ على أظافر يده يقضمها لقلّة حيلته وعجزه عن القيام بما يسعفه وبما يدرأ عنه ما آل إليه من يأس.


    قصيدة مؤثّرة عشنا تفاصيل وجع الإنسان السوريّ من خلالها في تخبّطه في متاهات اليأس في خضمّ ما يقاسيه من آلام في الحرب الأهليّة التي تدور على أرضه والتي تفتك بشبابه وأطفاله وشيوخه وكهوله ولا يملك لإيقاف شلّال الدّماء أسبابا، وتعمّقنا بحالهم من خلال الصّور الشّعريّة المؤثّرة التي استفزّت مخيّلتنا للإقلاع في بحارها.

    دام إبداع حرفك أستاذنا، ودامت سطورك تصهل بالحقائق والواقع.

    مودّتي

  5. #75
    الصورة الرمزية أحمد عبدالله هاشم شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    الدولة : Yemen
    المشاركات : 474
    المواضيع : 23
    الردود : 474
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    حرفك جميل كأنت صديقي ، راقت لي بناءً ومضمونا
    دمت بألق شاعرنا الأنيق
    احترامي وتقديري والود
    ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم وكان الله سميعا عليما ) صدق الله العظيم.. النساء^__^١٤٨

  6. #76
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,110
    المواضيع : 317
    الردود : 21110
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    هـلْ ربــةُ الـحُـزْنِ حـلّـتْ فــي ملامحِـنـا
    وخـــلّـــفَــــتْ إثـــــرَهـــــا أفـــواهَـــنــــا هُـــتْـــمــــا

    أم أنـــهــــا الـتَــقَــمَــتْ أثـــــــداءَ مُـرضــعِــنــا
    خَمسـا فصـارتْ لنـا مِـن بعدِهـا رِحْمـا

    معان عميقة وعفوية وصدق وصياغة فنية باهرة
    لهذا النغم الحزين رقصت قلوبنا المذبوحة بالأسى
    بورك القلم والمداد
    ودمت رائعا محلقا في سماء الجمال. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #77

  8. #78
    الصورة الرمزية أحمد رامي مسؤول عام المدرسة الأدبية
    عضو اللجنة الإدارية
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Apr 2011
    الدولة : بين أفنان الشعر
    المشاركات : 6,190
    المواضيع : 45
    الردود : 6190
    المعدل اليومي : 1.30

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاتن دراوشة مشاهدة المشاركة
    قصيدة من عيون الشّعر تفيض بالألم والوجع من روحٍ تذوب أسًى على ما يحلّ بشعب لم يقترف من ذنب غيرَ أن طالب بالعيش الكريم في ظلّ حكم عادل ينتخبه ويختاره بنفسه.

    يا ليلـةً بِـتُّ فيهــا أصـحـبُ النجــــمَ
    وأعصرُ الليــلَ راحـا مازجـتْ همّــا

    يبدأ الشّاعر قصيدته بمطلع قويّ عميق يصوّر حالته النّفسيّة ومشاعره في لحظة الكتابة، فهو يكتب قصيدته في اللّيل ويخاطب ليلته شاكيا لها همّه.
    ويخبرها أنّه بات فيها يصحبُ نجوم السّماء ويعصر عنب اللّيلِ الأسود خمرا يمتزج بالهمّ.
    وهنا نرى عمق الأسى والحزن حيث تنتشي الرّوح بخمر القتام التي يعتصرها الشّاعر من عناقيد ليله الشّديدة السّواد، والتي يخلطها بهمومه فيغدو طعمها مرّا علقما.
    كما أنّ اصطحابه للنّجم في السّماء دليل على شعوره بالوحدة والخيبة.
    لقد كان لأسلوب النّداء هنا دور كبير في لفت انتباه القارئ خاصّة وأنّ المنادى هي اللّيلة التي يأنسنها ويتحدّث إليها كما لو كانت رفيقا له.
    وكانت الاستعارة التي رسمت لنا اللّيل عنقودا يعتصر منه الشّاعر خمره صورة عميقة معبّرة جعلت المخيّلة تتفاعل مع الشّاعر وتعايش حزنه وألمه.
    كما أتى المطلع مرصّعا حيث انتهى صدر البيت وعجزه بنفس القافية وهي ميزة تجمّل البيت وتزيده بهاءً.


    هــمٌّ يـراودني عـن كــلِّ مـبـهـجـــةٍ
    يدُسُّ فيها – على علاتها – سُــمّا


    وهنا نراه يسهب في وصف ذلك الهمّ الذي مزج به خمر ليله فذلك الهمّ يراوده عن كلّ مبهجة من مباهج الحياة ويدسّ السمّ في تلك المباهج رغم أنّها بها من العلّات والعيوب ما يكفيها.
    فمباهج الحياة لم تعد جميلة في عينيه تلك التي كحّلها الحزن والأسى فلم تعد ترى في محاسن الحياة ومسرّاتها ما يثيرها وما يطفئ ظمأ الرّوح.
    ولنتمعّن عمق هذه الاستعارة التي يقف بها الهمّ أمامه ليراوده عن تلك المباهج العليلة ومن ثمّ كيف يقوم ذلك الهمّ بدسّ السمّ في كأس تلك المباهج.
    هي صورة حيّة نابضة تعمّق مدلول الأسى الذي يعيشه الشّاعر والقتام الذي يكسو روحه وقلبه وعينيه، ممّا يعيشه من ظروف صعبة في واقعه.


    يستخلص الزّفرةَ الحرّى ويرســلُها
    خِـدْنـاً لآهٍ تَـراهــا طُبِّقَــتْ شَـــحْما


    ويكمل وصف همّه الذي يستخلص الزّفرة الحرّى ويصفّيها ليقوم بإرسالها صديقا وخلًّا لآه مكتنزة سمينة
    وهنا أيضا صورة عميقة تعصف بالمخيّلة وتحفّزها حيث ترسم ذلك المشهد الذي به تلتحم الزّفرة بالآه لتستشعر كمّ الأسى والحزن والغمّ الذي يكابده الشّاعر في ليلته تلك.


    خرجتُ من جسَدي والكـونُ يغمرُني
    في رحلةٍ صُرِمتْ أسـبابها صَـرْما


    والخروج من الجسد هنا إشارة إلى الرحلة التأمّليّة الروحيّة التي رافق بها الشّاعر النّجم والتي ذكرها في مطلع قصيدته، فهو كأنّما خرج بروحه من جسده وسار مع النّجم في سمائه، وفي سيره ذاك كان الكون يغمره كما لو كان يمشي في لجة تغمره مياهها وتحيطه من كلّ جانب، وكان يسير في فضاء الكون في رحلة تخبّط بها حيث كانت المداخل والطّرق قد تقطّعت وصدّت في وجهه. وهذا إن دلّ فهو يدلّ على حالة التشتّت الذهنيّ التي يعيشها الشّاعر والتي تبعثر كيانه وفكره من هَول الواقعة التي ألمّت به.

    أستمهلُ الفكرَ في التَّطوافِ أســـألُه
    ســؤالَ مســتغربٍ قـد همَّ و اهتـمَّ :


    وهنا نرى الشّاعر بجزأيه، جزؤه القابع على الأرض يتابع جزأه المحلّق في الفضاء وهو الفكر يستوقفه ويسأله وهو في حالة من الاستغراب وقد بدا عليه الاهتمام بالموضوع.
    وكان سؤاله:


    هلْ ربةُ الحُــزْنِ حلّتْ في مــلامحِنـا
    وخـلّفَـتْ إثــرَهـا أفـواهَنــا هُتْــــما
    أم أنهــا التَقَمَــتْ أثــداءَ مُــرضعِنــا
    خَمسا فصارتْ لنا مِن بعدِها رِحْمـا

    هل أقامت إلهة الحزن في مَلامحنا لتترك خلفها أفواهنا مكسّرة الأسنان، أم أنّها رضعت من مرضعتنا خمس مرّات فغدت بيننا وبينها صلة رحم وأخوّة؟
    وهذا إن دلّ فهو يدلّ على حجم حالة البؤس والأسى التي يعيشها الشّاعر ومن حوله، في ظلّ الأحداث التي يعيشها هو وشعبه.
    فلقد باتت الوجوه يائسة محطّمة من القهر وغدا الحزن رفيقها الدّائم الذي لا يفارقها رمشة عين.



    ما أغفلَـتْ ســاعةً حـقَّ الطّوافِ بنـا
    و قـدْ أعـدّتْ لنا من حُبِّها سَــــهما

    ويكمل حديثه عن ربّة الحزن تلك التي ما عادت تفارقهم فلم تغفل عن الطّواف بينهم ولو لساعة واحدة، وقد رمتهم بسهام حبّها لتربطهم بها، فغدا الأهل وكأنّهم في حالة عشق ورغبة دائمة في التّواصل معها.

    و ازَّيَّلـتْ حـالُنــا بؤســــــا لِما أكَلَتْ
    على موائِـــدِها بَلْـهَ الأسـى لُــؤْمـا

    وقد تفرّقت حالنا وتشّتت بفعل البؤس بسبب ما أكلته حالنا على موائد ربّة الحزن من أسى ومن لؤم ويالعمق الصّورة في هذا البيت وأبعادها، فربّة الحزن تمدّ الموائد له وللأهل ليتناولوا على موائدها تلك الحزن والأسى واللّؤم ولذلك نرى شتات حالهم وتبعثر وجدانهم وفكرهم بفعل ذلك البؤس الذي أتخمت به قلوبهم وعقولهم.


    أطــالَ فكــري بــلا جــدوى تأمُّلَـــهُ
    في ما سـألتُ وحارتْ نفسُــهُ فهمـا


    وهنا يخبرنا شاعرنا أنّ فكره أطال تأمّله بلا جدوى وأنّه لم يحظَ بإجابة على أسئلته التي طرحها، وأنه ازداد حيرة واستعصى عليه تحليل ما يجري وما يحدث.



    وراحَ يشحذُ في الأســـــواق أجوبةً
    لكنْ جَنَى الصَّـدَّ في تجوالِهِ عُـدْمـا


    وحين لم يجد إجابات أسئلته بين النّجوم اتّجه إلى السّوق حيث الواقع يقبع هناك بكلّ تفاصيله وحذافيره، وهناك بدأ يتسوّل الإجابة على أسئلته التي طرحها، لكنّ أحدا لم يكرم عليه بإجابة واحدة فجنى وحصد الصدّ والعدم في تجواله بدلا من أن يشفي صدره بإجابة تهدّئه وتطمئنه.
    وهنا نجد وقع الصّدمة وما يتبعه من تدرّج في الاستجابة لها، ففي البداية يرفضها العقل تماما ويستعصي عليه تقبّلها لذلك جنح عقل الشّاعر وفكره للهرب إلى النّجوم لأنّها بعيدة عن واقعه، لكن بعد أن تخذله تلك النّجوم نجده يعود تدريجيّا إلى واقعه وينطلق إلى السّوق حيث الواقع والحقائق العارية، ولكن ها هي أيضا تخذله وتردّه دون أن تعطيه إجابة شافية لتلك التّساؤلات التي تضطرم في قلبه وعقله وروحه.

    يا لهــفَ نفسي على حــالٍ تَمَـــلَّـكنا
    نَلقى الســـعادةَ في أســمالِـهِ وَهْما


    وهنا نراه بعد أن يئسَ من الحصول على تفسير وإجابة من الغير يبدأ بتحليل ما جرى بنفسه، ونراه يشتكي من سوء الحال الذي استبدّ به وبكلّ أفراد شعبه، فهذا الحال الغريب من البؤس والشّقاء لا يجدون به السّعادة إلّا كسراب ووهم يطاردونه ولكن هيهات يستطيعون الإمساك به.
    وهو يشبّه ذاك الحال بشخص يرتدي الثّياب المهترئة ويخفي في هذه الثّياب السّعادة والتي حين ينّقبون عنها ويعثرون عليها لا يجدونها غير وهم وكذبة.


    نجـري إلى جهـةِ الآمـالِ نُســـرجُها
    مُـيَـمِّمــينَ ســـرابـا هــاربـا دَوْمـا


    وهم يجرون نحوَ الآمال لكي يسرجونها ويمتطونها لتوصلهم بدورها إلى السّعادة ذلك السّراب الذي يهرب منهم دَوما ولا يستطيعون اللّحاق به.
    وما أروعها وأعمقها من صورة تعمّق معنى اليأس والإحباط الذي يعيشه شاعرنا وأهل بلاده، فقد وصل بهم اليأس إلى درجات كبيرة باتت بها السّعادة بالنّسبة لهم مجرّد وهم لا يمكن تحقيقه في ظلّ ما يذوقونه من عذاب وألم وبؤس وشقاء في خضمّ الأحداث التي تدور على أرضهم.

    أصبغــةٌ أم تُــراهــا كبـــوةٌ عثــرتْ
    فيهــا ركـائبُنــا والسَّــــعـدُ مِـن ثَـمَّ


    فهل هذا اليأس المستشري هو صبغة بنا تميّزنا أم هي مجرّد كبوة وزلّة عثر بها ركبُنا ومن ثمّ عثر بها السّعد أيضا.
    وهو هنا يحاول أن يجد مبرّرا لحالة اليأس التي يعيشها هو والشّعب، ويحاول أن يبرّر أسبابها، فهل هي حالة متجذّرة لديهم كانت في الأصل واستمرّت، أم هي نتيجة عثرة لهم وللسّعد وسوف يتخطّونها فيما بعد ويستعيدوا حبّهم للحياة؟


    سُـــقيــا لعهــدٍ تغشـّــاهُ الهنـا أمَــدا
    حيــثُ البــراءةُ لا هــمّا و لا غــمّا


    وهو هنا يتذكّر عهدًا مرّ كان الهناء يتغشّاه حيث كانت البراءة تطغى على القلوب والنّفوس ولم يكن الهمّ والغمّ يعرفان طريقهما إلى تلك النّفوس البريئة الطّاهرة.
    وهو يقصد بذلك أيّام كان الأهل يحبّون بعضهم بعضا، ويعيشون معا بسلام ومحبّة وتفاهم دون أن يعكّر صفوهم الطّغاة، ودون أن تعمل الفتن مخالبها بينهم.


    بادرتُــهُ ولـداً عـافَسْـــــتُـهُ جَــذَعــا
    أُرخي العنـانَ لنفـسٍ لم تـذُقْ لجْمـا


    وهو هنا يحدّثنا عن علاقته بذلك العهد الذي انقضى والذي لم تعرف به النّفوس غير الوداعة والبراءة والمحبّة فقد سابَقَهُ وهو ولدا صغيرا، وداعبّهُ يافعا وكان في علاقته مع ذلك العهد يرخي العنان لنفسه التي لم تذق اللّجم والكبت يومها.
    كان يعيش حياة طبيعيّة تهنأ بها نفسه وتسرّ روحه دون قيد أو هموم أو آلام تضيّق عليه عيشه وتكبت مشاعره وتثقل كاهله.


    نفسٍ تعــاقـرُ صهبـاءَ الـرُّؤى زمَنـا
    ولم تجِـدْ في تعاطِيهـا الـرُّؤى إثْمـا

    وفي ذاك الزّمن الذي مضى كانت نفسه تسكر بخمر الرّؤى حيث كانت الرّؤى تملأ الأرواح والقلوب والعقول حدّ الانتشاء بها وبروعة الحياة وبجمالها بوجود تلك الرّؤى والآمال، ولم تكن نفوسهم تجد في تعاطيها لخمر الرّؤى تلك إثما تستحقّ العقاب عليه بل أمرا مشروعا جائزا من حقّها ارتكابه.
    ولنتمعّن في هذه الصّورة وما تحمله من المشاهد حين يمثّل لنا الشّاعر رؤى وأمنيات البشر بخمر يدمنون شربها وتعاطيها وما تثيره هذه الصّور والمشاهد في مخيّلة المتلقّي من أثر. فتجعله يعيش تفاصيل الأمور مع الشّاعر ويشعر معه ذات المشاعر.


    لكنّـــها فُطِمـــــتْ قَسْـــــــرا فآلمَهـا
    طعـمُ الفِطـامِ وكانتْ تجهــلُ الفطْـمَ

    لكنّ نفسي ونفوس أهل شعبي فطمت عن تلك الرّؤى وعن خمرها قسرا، فآلمها ذلك الفطام والامتناع عن تعاطي خمر الرّؤى والآمال خاصّة وأنها حديثة عهد بذلك الفطام.
    وهنا يمكننا تخيّل ذلك التغيّر المهول الذي طرأ على ذلك الشّعب فهو يشبه الرّضيع الذي يكابد الفطام، حيث كان يهنأ طيلة فترة رضاعته بحنان الأمّ وفجأة يضطرّ أن يفارق ثديها دون رحمة به ودون مراعاة لمشاعره.


    هي الحــــياةُ إذا مـا أقبلَـتْ مُدِحـتْ
    وإن هي اْسْـــتدبرَتْنـا أُشــبِعتْ ذمّـا


    وهنا يأتي بحكمة هي ثمرة ما يحلّ به وبأهله وجواب لسؤاله الذي سأله حول الحزن الذي لا يفارق وجوههم وقلوبهم وأرواحهم، فهذه هي سنّة الحياة حين تقبل مانحة أهلها كلّ ما يطيب لهم يمتدحها البشر ويثنون عليها، وحين تدير لهم ظهرها وتولّي حارمةً إيّاهم من نعمها وملذّاتها يشبعونها ذمّا وسبّا.


    يـا أيّهــا الفـــكرُ وكِّـلْني على أمـلي
    كيمــا أفَـتِّتُ منـه العظــمَ و اللّحْمــا


    وهو هنا يعود للتحدّث مع فكره الذي باشره بالسّؤال في بداية القصيدة وبما أنّه استنتج الإجابة يعود إليه ويطلب منه أن يجعله وصيّا على أمله، والهدف من تلك الوصاية أن يفتّت عظم ولحم هذا الأمل أي أن يميته ويجعله يتلاشى نهائيّا.
    وهذا إن دلّ فهو يدلّ على تقبّله لواقع اليأس الذي بات حقيقة في نظره، فهو لن يعود للهروب إلى النّجوم بل سيجابه واقعه الكئيب بصبر وجلادة، لأنّه لن يستفيدَ شيئا بذمّه للحياة ولن يغيّر حاله ذلك، لذلك سيغدو الأمل همّا وحملا عليه لأنّه لن يجد لتحقيقه سبيلا، وعندها سيكون موت الأمل هو الحلّ الوحيد لترتاح نفسه وتقنع بواقعها.


    مـا همَّـني بعـدَها لـو قِيـلَ مُضْطرِبٌ
    جَـــهْـمٌ أكــبَّ على أظفــارِهِ قضْمـا

    وهنا يختتم شاعرنا بتساؤل مؤثّر في النّفس، فهو يتسائل ما همّني بعد ما توصّلت إليه من حالة اليأس وتفهّم واقعي العقيم المرير وبعد أن قتلت آمالي بيدي، أن يقال عنّي أنّني إنسان مضطرب، ومجرّد إنسان ضعيف أكبّ على أظافر يده يقضمها لقلّة حيلته وعجزه عن القيام بما يسعفه وبما يدرأ عنه ما آل إليه من يأس.


    قصيدة مؤثّرة عشنا تفاصيل وجع الإنسان السوريّ من خلالها في تخبّطه في متاهات اليأس في خضمّ ما يقاسيه من آلام في الحرب الأهليّة التي تدور على أرضه والتي تفتك بشبابه وأطفاله وشيوخه وكهوله ولا يملك لإيقاف شلّال الدّماء أسبابا، وتعمّقنا بحالهم من خلال الصّور الشّعريّة المؤثّرة التي استفزّت مخيّلتنا للإقلاع في بحارها.

    دام إبداع حرفك أستاذنا، ودامت سطورك تصهل بالحقائق والواقع.

    مودّتي
    الأستاذة الغالية و الرائعة فاتن دزاوشة !

    يعجز لساني عن الشكر لك على هذا الجهد في تسليط الضوء على زوايا من قصيدتي المتواضعة ( ربة الحزن ) و أقف احتراما لأحاسيسك التي صببتها لتناغِم ما قالته القصيدة , حقيقة قمت بجهد مثمر زاد من قيمة هذه القصيدة ..

    و بما أني لا أستطيع أن أفيك الشكر فقد وكلت شكرك إلى الله ...

    لك محبتي و تقديري و امتناني و سماء ود .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 8 من 8 الأولىالأولى 12345678