تَمَدَّدَ فِي مِقْعَدٍ مُخْمَلِيٍّ بِصَحْنِ الحَدِيقَةِ ذَاتَ قَصِيدَةْ
يَفُضُّ بَكَارَةَ يَومٍ جَدِيدٍ بِفِنْجَانِ قَهْوَةْ
وَيَسْتَرْجِعُ الذِّكْرَيَاتِ الجَمِيلَةَ مِنْ لَيْلِ أَمْسِ
بُطُولاتِ جِنْسِ
وَنَشْوَةَ كَأْسِ
وَرَقْصَةَ أُنْسِ
وَمَيْسِرَ شَهْوَةْ
تَبَسَّمَ فَخْرًا وَأَبْدَى زُنُودَهْ
وَمَدَّ عُيُونَ التَّجَلِّي الوَئِيدَةْ
يُقَلِّبُ فِي صَفَحَاتِ الجَرِيدَةْ
سُقُوطُ مِئَاتٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ بِقَصْفٍ عَنِيفٍ عَلَى رِيفِ درْعَا
وَإِطْلاقُ نَارٍ كَثِيفٍ عَلَى الأَبْرِيَاءِ بِرِيفِ دِمَشْقَ
وَحَرْقُ مَنَازِلَ فِي البُوكَمَالِ
وَبَشَّارُ يُلْقِي خِطَابًا مُهِمًّا عَنِ الأَزْمَةِ الرَّاهِنَةْ
وَكُوفِي عَنَانُ يُطَبِّقُ خِطَّتَهُ لِلسَّلامِ
دِمَاءٌ تَسِيلُ عَلَى خَدِّ دِجْلَةْ
وَكَشْفُ مُحَاوَلَةٍ لِاغْتِيَالِ وَزِيرِ الدِّفَاعِ
فِلِسْطِينُ تَطْلُبُ إِعْلانَ دَوْلَةْ
وَغَزَّةُ تُقْصَفُ بِالطَّائِرَاتِ
وَبَارَاكُ يَرْفَعُ سَقْفَ التَّحَدِّي
وَيُعْلِنُ عَنْ دَعْمِهِ لِليَهُودِ بِلا أَيِّ حَدِّ
نُمُوُّ اقْتِصَادِ البِلادِ الغَنِيَّةِ وَالصِّينُ تُتْقِنُ صُنْعَ السِّلاحِ
وَإِيرَانُ تُنْتِجُ مَاءً ثَقِيلا وَتَصْنَعُ صَارُوخَ قَادِرْ
وَمِصْرُ تُؤَكِّدُ غَلْقَ المَعَابِرْ
سُمُوُّ أَمِيرِ دُبَيَّ اشْتَرَى فَرَسًا بِثَمَانِينَ مِلْيُونَ دِرْهَمْ
وَبَعْضُ المَنَاطِقِ تَشْكُو المَجَاعَةْ

تَثَاءَبَ كَالقِطِّ حِينَ اخْتِيَالٍ
تَرَاخَى قَلِيلا وَعَادَ يُقَلِّبُ عَمَّا يُرِيدُهْ

خَسَارَةُ مِصْرَ أَمَامَ سِرَلْيُونَ فِي التَّصْفِيَاتِ
وِسَامُ التَّمَيُّزِ يُمْنَحُ فَخْرًا لِنَجْوَى فُؤَادْ
وَشَعْبَانُ عَبْدُ الرَّحِيمِ يُحَدِّثُ عَنْ رَأْيِهِ فِي السِّيَاسَةْ
وَهَيفَاءُ وَهْبِي سَفِيرَتُنَا لِلنَّوَايَا الحَمِيدَةْ
وَفِي صَفْحَةِ الفَنِّ رُكْنُ قَصِيٌّ حَوَى بَعْضَ نَصِّ الحُرُوفِ البَلِيدَةْ
وَكَانَتْ وَحِيدَةْ
فَزَادَ اخْتِيَالا بِتِلْكَ القَصِيدَةْ
وَقَرَّرَ أَنْ يَسْتَرِيحَ قَلِيلا
وَلَكِنْ يَرَى صُورَتَينِ لِهَيفَاءَ وَهْبِي
تُحَدِّقُ فِيهِ بِعَينِ دَلالٍ وَقُرْبِ
فَيَحْلُمُ فِيهَا بِلَهْفَةِ قَلْبِ
وَيَنْزِلُ مِنْ بُرْجِهِ العَاجِيِّ حِينَ احْتِدَامٍ
وَيُمْسِكُ بِالقَلَمِ المُخْمَلِيِّ المُذَهَّبْ
وَيَكْتُبْ:
**********

تَبَرَّأْتُ مِنْكُمْ
تَبَرَّأْتُ مِنْ هَرْطَقَاتِ العَجَائِزْ
وَلَطْمِ الجَنَائِزْ
وَمَا لا يَجُوزُ وَمَا هُوَ جَائِزْ
تَبَرَّأْتُ مِنْ سَفْسَفَاتِ الفَضِيلَةْ
وَمَزَّقْتُ عَنِّي ثِيَابَ القَبِيلَةْ
تَحَرَّرْتُ مِنْكُمْ وَمِنْ نَهْجِكُمْ فِي اغْتِيَالِ الخَيَالِ
وَمِنْ سَيفِكُمْ فِي مَعَانِي النِّضَالِ
وَمِنْ قَيْدِكُمْ فِي ارْتِشَافِ الجَمَالِ
وَآمَنْتُ بِالعِشْقِ يَمْلأُ كَأْسِي بِخَمْرِ الحَقَائِقْ
بِحُرِّيَتِي بَينَ زَهْرِ الحَدَائِقْ
بِلا أَيِّ عَائِقْ
بِعشْتَارَ تَحْمِلُ فِي رَاحَتَيهَا الزَّنَابِقْ
بِفِينُوسَ حِينَ تَشِي لِلخُلُودِ بَأَسْرَارِ عَاشِقْ
أَلَيْسَ أَتَانَا رَبِيعُ الشُّعُوبِ؟
وَبُشْرَى القُلُوبِ؟
بِحِلْمِ التَّحَرُّرِ مِلْحَ التَّحَرِّي
فَرَاشَةُ أُحْجِيَةٍ فِي طُقُوسِ التَّعَرِّي
وَتَبْكِي الحَمَائِمُ فَوْقَ غُصُونِ التَّشَكِّي
وَنَحْنُ كَذَلِكَ نَبْكِي
وَمَا زَالَتِ القُدْسُ أُنْثَى تُعَاقِرُ كُفَّارَ مُوسَى
وَتَجْرِي الدُّمُوعَ عَلَى كُلِّ صَدْرِ
وَثَورُ الحِصَارِ يُرَاوِدُ غَزَّةَ عَنْ نَفْسِهَا
وَالصَّوَارِيخُ تُغْرِي
وَلَيثُ الحَظِيرَةِ يَدْرِي
وَشَامُ العُرُوبَةِ تَزْنِي بِأَسْيَافِ شَيخِ القَبِيلَةْ
وَتَمْضُغُ قَاتَ الأَكُفِّ الدَّخِيلَةْ
وَجَيشٌ ظَلامِيْ
وَجَيْشٌ نِظَامِيْ
وَمَا مِنْ وَسِيلَةْ

مَلَلْتُ الدِّمَاءَ مَلَلْتُ الكَيَاسَةْ
وَمِنْ نَهْرِ حَقِّي وَعُهْرِ السِّيَاسَةْ
وَمِنْ كُلِّ قَهْرٍ بِقَيدِ القَدَاسَةْ
أُرِيدُ حَيَاةَ الهَوَى وَالغَزَلْ
أُرِيدُ الأَمَلْ
فَأَيُّ نُبَاحٍ يَرُوعُ القَطِيعَ
وَكُلُّ ثُغَاءٍ يُحِبُّ النَّجِيعَ
يُرِيدُ الإِنَاءَ وَيَخْشَى النِّدَاءَ وَيَأْبَى العَمَلْ
دَعُونِي فَإِنِّي كَفَرْتُ بِكُلِّ وَصِيَّةْ
فَعِيشُوا عَلَى ذِكْرَيَاتِ الجِرَاحِ الشَّجِيَّةْ
وَبِالأُمْنِيَاتِ اعْجِنُوا الوَهْمَ لِلبُسَطَاءِ رَغِيفَ القَضِيَّةْ
هَتَافًا وَلا شَبَقًا فِي الرَّصَاصَةِ لِلبُنْدُقِيَّةْ
فَنَهْدُ القَضِيَّةِ بَاتَ شَهِيًّا كَرُمَّانَتَينِ عَلَى صَحْنِ مَرْمَرْ
وَأَمْسَى الزَّعِيمُ النِّضَالِيُّ قَيْصَرْ
وَفِي مُجْرَيَاتِ السِيَاسَةِ عَبْقَرْ
وَرَمْزًا ... وَأَكْثَرْ
سَتَمْضِي الصُّقُورُ وَنَبْقَى هُنَا فِي التُّخُومِ الأَبِيَّةْ
عَصَافِيرَ سِلْمٍ تُزَقْزِقُ بِاسْمِ الهُوِيَّةْ
وَتَحْيَا القَضِيَّةْ

فَيَا مَنْ تَعِيشُونَ عَيْشَ الهَبَاءْ
وَتَدْعُونَ مَنْ لا يُجِيبُ الدُّعَاءْ
وَهَذَا التَّخَلُّفُ فِيكُمْ دَلِيلٌ عَلَيكُمْ
فَلا الحُبُّ يُزْهِرُ فِي طِينِ جَهْلٍ
وَلا مِنْجَلُ الصَّمْت ِيَحْصِدُ عُشْبَ الكَلامِ
دَعُونِي وَشَأْنِي
أَنَا السِّنْدِبَادُ أُسَافِرُ فِي الأَزْمِنَةْ
وَفِي شَهْوَةِ الرِّيحِ لِلمُسْتَحِيلِ
أُعَمِّدُ حَرْفِي بِمَاءِ القَصِيدَةْ
لِتَطْهُرَ مِنْ رِجْسِ تِلْكَ المَعَانِي التَّلِيدَةْ
وَأَحْصِدُ عُنْقُودَ مَجْدِي جَنِيًّا
وَأَغْفُو عَلَى أُغْنِيَاتِ السَّلامِ
وَطَاوُوسِ أُنْثَى يُدَاعِبُ صَدْرِي بِأَشْهَى القُبَلْ
**********

يَعُودُ لِيَنْظُرَ فِي الصُّورَتَينِ
وَيَفْتِلُ فِي شَارِبَيْهِ بِتِيهٍ
وَيَرْشُفُ فِنْجَانَ قَهْوَتِهِ بِانْتِشَاءٍ
يُلَمْلِمُ أَوْرَاقَ تِلْكَ القَصِيدَةْ
وَيُغْوِي لُفَافَةَ تَبْغٍ جَدِيدَةْ
وَيَطْوِي الجَرِيدَةْ