أحدث المشاركات
صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 61

الموضوع: عشر ذي الحجّة

  1. #11
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    وبهذا نخلص إلى أن هناك صيغتين صحيحتين للتكبير، هما:
    ـ الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد.
    ـ الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً.
    س سؤال:
    هل يعني هذا أن صيغ تكبيرات العيد التي تعوّدنا سماعها منذ الصغر قد لحقها شيء من الزيادة...؟؟؟!!!نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #12
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عصام ميره مشاهدة المشاركة

    أتابع وأسجل إعجابي ..
    وأعلم أن لديك المزيد والمزيد ..
    نتمنى أن نتعلم منك حسن التنسيق بهذه الصورة الرائعة ..
    (أخت سيبويه ) ..
    لك كل التحية
    حيّاك الله أيها الكريم
    تُسعدني رؤية حروفك الجميلة
    وأنا من أتعلّم منك رسم الحرف وتلوينه
    دائما تُخجلني متابعتك وتُشعرني بتقصيري نحو مواضيعك الجميلة
    لكن ثق أنني سأجعل لك يوما خاصا أُعنونه باسمك للرد على كل مواضيعك
    وأرجو أن تُذكّرني بذلك إن نسيت -كعادتي- نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    أما أخت سيبوية فقد خفتت أضواؤها في ظل هذه الكوكبة الجميلة هنا
    وأظنني سأعتزل تنبيهات سيبويه نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ...
    أخي الفاضل عصام
    تشرّفت بجميل مرورك
    وتقبّل شكري وتقديري نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  3. #13
    الصورة الرمزية عبد الرحيم بيوم أديب
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 2,249
    المواضيع : 152
    الردود : 2249
    المعدل اليومي : 0.51

    افتراضي

    احببت التنبيه لامرين:
    - الاول: وقت التكبير المنقول عن السلف ليس باطلاق في كل العشر
    - الثاني: أن صيغ التكبير فيها سعة
    قال أبو الحسن في فتاويه:
    " في عيد الفطر يبدأ التكبير عند الغدو إل المصلى , وينتهي بقيام الإمام للصلاة، وهذا ما ثبت من فعل ابن عمر ، وهو أولى من غيره ، وقد قال ابن المنذر في "الأوسط" (4/249-251) : " فأما سائر الأخبار عن الأوائل فدالة على أنهم كانوا يكبرون يوم الفطر إذا غدوا إلى الصلاة " اهـ .
    وهو فعل صحابي ، ولم يصح غيره عن غيره...
    وأما عيد الأضحى : فقد ثبت عن بعض الصحابة - وهو قول أكثر أهل العلم - أن التكبير من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ،... فينتهي بغروب شمس آخر أيام التشريق ، وأيام التشريق ثلاثة بعد النحر...
    ولم ترد هيئة محدودة عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إنما ورد عن بعض الصحابة مثل قول ابن عباس : الله أكبر كبيرًا ، الله أكبر كبيرًا ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر ولله الحمد . أخرجه ابن أبي شيبة برقم (5645، 5654) وسنده صحيح .
    وقول سلمان : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيرًا . وفيه زيادة فيها ثناء على الله - عز وجل - . أخرجه البيهقي في "الكبرى" (3/316) وفي "فضائل الأوقات" ص (424) برقم (227) وسنده صحيح , وانظر كلام الحافظ في "الفتح" (2/462) .
    وقول إبراهيم النخعي : كانوا يكبرون يوم عرفة ، وأحدهم مستقبل القبلة ، في دبر الصلاة : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد . أخرجه ابن أبي شيبة رقم (5649) وسنده صحيح ، وسواء كان ذلك من فعل الصحابة أو فعل التابعين ؛ فإنه يدل على أن الأمر في ذلك واسع ، لكن الوقوف على ما ثبت عن الصحابة أولى ، والله أعلم .
    وقد وسع في ذلك جماعة من الأئمة , انظر كلام أحمد في "سؤالات أبي داود" (1/61) و"سؤالات عبدالله" ص (128) و"سؤالات ابن هاني" (1/93) وانظر "الأم" (1/401) و"الأوسط" لابن المنذر (4/303-305) و"المجموع" للنووي (5/39، 40) و"المغني" (2/256) و"مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام (24/220) وغيرها ، والله أعلم ."

    http://www.sulaymani.net/index.php/2...07-17-18-51-27

  4. #14
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    أخي الكريم عبد الرحيم
    تُسعدني متابعتك الجميلة
    وأشكرك على تعقيبك وردك على تساؤلي
    .....
    الكاتب محمد راشد يقول:
    فالواجب على المسلم أن يبدأ بالتكبير حال دخول عشر ذي الحجة، وينتهي بنهاية أيام التشريق،لقوله (تعالى): ((وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ....)) [الحج: 28].
    والأيام المعلومات: العشر، والمعدودات: أيام التشريق، قاله ابن عباس (رضي الله عنهما)
    قال الإمام البخاري: (وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكـبـر الناس بتكبيرهما)
    وأنت تقول في استدلالك:
    وأما عيد الأضحى : فقد ثبت عن بعض الصحابة - وهو قول أكثر أهل العلم - أن التكبير من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ،... فينتهي بغروب شمس آخر أيام التشريق ، وأيام التشريق ثلاثة بعد النحر...
    هذا يعني أن هناك اتفاق في وقت انتهاء التكبيرات واختلاف في وقت بدايتها
    لكننا في بلادنا العربية والاسلامية لا نسمع أصوات التكبير إلا في العيد وأيام التشريق
    وأما في باقي أيام الحج فلا نسمع إلا أصوات التلبية
    فعلى من يقع اللوم....؟؟؟!!!


  5. #15
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي


    إحـرام قـلـب
    يسري صابر فنجر

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    إن للقلب إحراماً كإحرام الجسد ، وإحرام القلب يشترك فيه الحاج وغيره فيتزيّا كل مسلم بالإخلاص لكل عمل ، كذلك إحرام القلب له محظورات منها:
    الرياء والسمعة والحسد والضغينة ...الخ.
    وهذه نفحات العشر الأول من ذي الحجة قد أهلّت ومواسم طاعات قد أقبلت
    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ "
    فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " .
    والعمل الصالح يشترك فيه الحاج وغيره وشرط قبول العمل يشترك فيهما الحاج وغيره
    "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" (الملك:2)
    قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه" قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه"
    ؟.فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل ، وإذا كان صوابا ، ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا.
    والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة
    وينبغي أن يسأل المسلم نفسه سؤالين قبل الفعل : لمَ أفعل ، وكيف أفعل ،
    فالأول سؤال عن الإخلاص ، والثاني سؤال عن الاتباع ،
    وقد كثر سؤال الحجيج عن مميزات الحملات من أكل وشرب وراحة وقليل من سأل عن: لمَ أحج ؟ وكيف أحج؟
    ومَن طلب الإخلاص رجا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم الخلاص.
    كذلك يشترك الحاج وغيره في معنى التلبية لبيك اللهم لبيك إجابة يارب لك بعد إجابة وطاعة لك بعدها طاعة، ويشتركا أيضاً في التكبير والتحميد والتهليل
    قال تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ"(البقرة: من الآية203)
    وقال سبحانه: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ "(الحج: من الآية28)
    قال ابن عباس رضي الله عنها:
    وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.
    ذكر ابن رجب اللطائف : أنه رأى بعض الصالحين الحجاج في وقت خروجهم فوقف يبكي ويقول : واضعفاه وينشد على أثر ذلك :
    فقلت دعوني واتباعي ركابكم *** أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد
    ثم تنفس وقال : هذه حسرة من انقطع عن الوصول إلى البيت ، فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت !
    يا حسرة مَن انقطع عن العمل الصالح في هذه العشر
    يا حسرة مَن فتحت له الدنيا أسواقها وشهواتها فانغمس وضيّع مواسم العبادة فيها
    الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة فما منها عوض ولا لها قيمة
    المبادرة المبادرة بالعمل،والعجل العجل قبل هجوم الأجل
    قبل أن يندم المفرط على ما فعل
    قبل أن يسأل الرجعة فيعمل صالحا فلا يُجاب إلى ما سأل
    قبل أن يحول الموت بين المؤمّل وبلوغ الأمل
    قبل أن يصير المرء مُرتهنا في حفرته بما قدم من عمل
    ليس للميت في قبره *** فطر ولا أضحى و لا عشر
    ناء عن الأهل على قربه *** كذاك من مسكنه القبر

    اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
    وصلّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    يُتبـــــع



  6. #16
    الصورة الرمزية عبد الرحيم بيوم أديب
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 2,249
    المواضيع : 152
    الردود : 2249
    المعدل اليومي : 0.51

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحلام أحمد مشاهدة المشاركة
    أخي الكريم عبد الرحيم
    تُسعدني متابعتك الجميلة
    وأشكرك على تعقيبك وردك على تساؤلي
    هذا يعني أن هناك اتفاق في وقت انتهاء التكبيرات واختلاف في وقت بدايتها
    لكننا في بلادنا العربية والاسلامية لا نسمع أصوات التكبير إلا في العيد وأيام التشريق
    وأما في باقي أيام الحج فلا نسمع إلا أصوات التلبية
    فعلى من يقع اللوم....؟؟؟!!!

    اردت بتعليقي ان انبه الى ان الذكر الماثور بتلك الصيغ لا يبدأ في العشر كلها بل له بداية جرى عليها الصحابة واثر ابي هريرة وابن عمر مقطوع
    وانما يستحب في العشر الذكر مطلقا كما يستحب باقي العبادات

  7. #17
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحيم صابر مشاهدة المشاركة
    اردت بتعليقي ان انبه الى ان الذكر الماثور بتلك الصيغ لا يبدأ في العشر كلها بل له بداية جرى عليها الصحابة واثر ابي هريرة وابن عمر مقطوع
    وانما يستحب في العشر الذكر مطلقا كما يستحب باقي العبادات
    أشكرك على جميل توضيحك
    وجزاك الله خيرا يا أخي الكريم


  8. #18
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي


    أقبلت تعدو ... فاستعدوا ...
    حسين سعيد الحسنية

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    وبسمتها بين الثنايا تلوح،مبتهجة بذلك السعي وجميلة بتلك الروح،خفقات صدرها تكاد تهز كل أطراف الجسد،ونقاء نفسها نار أطفأت حبات البرد
    اقتربت تقول ..
    أنا قادمة بكل جمال الأرض , وعنفوان الحب , وشوق اللقاء
    اقتربت ...
    محملة بصدق لا غش فيه،وبولاء لا خيانة بعده،وبحنين لا صخب فيه ولا اضطراب
    اقتربت ...
    وهي لا تريد إلا من يحبها , ولا تبتغي إلا من يعمل لأجلها , ولا تطرب إلا لمن يشتري ودها
    اقتربت ...
    وهمسات هواها تنادي عشاق السهر , ونجوم ليلها ترقب كل قادم من سفر , ودموع عينيها بين خوف مقلق وبين داع للحذر .
    اقتربت ....
    متزينة بنجوم أحبت ليلها , وبشعاع شمس أبدع في شكلها , وبطلوع فجر نور وصلها ودلالها .
    اقتربت ...
    كضيف غالى جمع بين طول الغربة ومكانة المنزلة , وكمسافر يبحث عن أمن الوطن بعد تجدد المشكلة , وكفقير وجد مأوى يضمه بعد ذل المسألة .
    اقتربت ....
    فافتحي يا صدورنا أسوار ضلوعك , وارسمي يا أعيننا أنواع بهجتك , واشرعي يا ألسن الإيمان بحمد ربك .
    اقتربت ...
    بتهليل وتكبير , وتسبيح وتمجيد , وتبتل وخضوع , ودعاء ودموع , وعطاء متزايد في الأجور , ومغفرة ورحمة من رب غفور .
    اقتربت ...
    منا أيام شهر فضيل , فيا عباد الله ... ما هي الأيام وقشيب اللفظ لا يسعف , وجميل الفعل تهادي ليخبر ...
    أقبلت عشر ذي الحجة تعدو ... فاستعدوا ...
    أقبلت عشر ذي الحجة ومن أجلها لكم هذه الوقفات :-
    الوقفة الأولى :
    ما أجل نعمة الله علينا , وما أرحمه بنا , سبحانه وتعالى يوم أن جعل لنا مواسم لطاعته , وأوقات نتعرض لنفحاته فيها , يرفع الله لنا بها الدرجات , ويضاعف الحسنات ويكفر عن السيئات " َإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا" إبراهيم 34 .
    والعبد المؤمن يتنقل بين تلك المواسم والأوقات وكله رجاء أن يقبل منه ربه ما قدم يوم أن جد وأجتهد وعلم وعمل وأخلص وأصدق , وهو على يقين أنه متى ما قدم ذلك فله الجنة قال تعالى:"وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" سورة النساء (124) .
    وقال تعالى"وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا" طه(112).
    ويندرج تحت هذه النعمة الربانية تجديد العهد بربه ذلك أن الإنسان تصيبه الغفلة وتؤثر فيه الفتن , ويسلبه الشيطان كل خير , فتأتي هذه المواسم فيئوب ويتوب ويرجع ويعود , بنفس مقبلة , ودمعة هاطلة , وتوبة صادقة , فلك الحمد يا ربنا على ما أنعمت به علينا ولك الحمد أولاً وأخراً ولك الحمد من قبل ومن بعد .
    الوقفة الثانية :
    هذه العشر فرصة عظيمة في هذه الحياة , ومكسب وفير في هذه الدنيا , والمؤمن مطالب بأن يكون نهّازاً للفرص , حريصاً على اغتنامها وكسبها , جاداً في طلب ما تحمله من خير ونعمة , وهذه العشر قد تجلّى خيرها وفضلها في قول الحبيب عليه الصلاة والسلام : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " يعني العشر, قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ , قال : " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " رواه البخاري . وتعود هذه الأفضلية الرفيعة لما فيها من عبادات متنوعة وقرابين للرب مختلفة قال أبن حجر في الفتح : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها وهي الصلاة والصدقة والصيام والحج ولا يتأتى ذلك في غيره " أ . هـ كلام أبن حجر .
    ويتجلّى فضل هذه الأيام أيضاً كونها أفضل أيام الدنيا فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر " .
    فهي دعوة لك أخي المؤمن بأن تستعد في الاستقبال وأن يرى الله منك تجاهها خير الحال , وأعلم بأنها أيام تذهب من عمرك سريعاً , وتأخذ منك كثيراً فالله الله في البدار, وخذ الكتاب بقوة , فإنك وإن عشتها هذا العام , قد لا تكون ممن يعيشها في العام القادم .
    الوقفة الثالثة:
    اجعل من هذه العشر يا عبد الله منعطف خير في حياتك , ونظر إلى ما تقدمه لله الآن وكيف أنت عند نهايتها , ممن المهم جداً أن تكون أقرب إلى الله عند نهايتها منك عند بدايتها , ويلزم أن يظهر على وجهك وعلى عملك وعلى قلبك تأثرك بها , وإلا فما الفائدة إذاً أن تمر عليك هذه العشر الفضليات ولا تصنع منك رجل عابد منيباً خاشعاً لله تعالى . ولا بد أيضاً أن تتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً وذلك بتغيير نمط حياتك السلبي , أو مضاعفة ما كنت تفعله من عبادات صالحة , أو أن تكسر روتين حياتك المعتاد بما يصلح من القول العمل . قال تعالى "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ"الحجر(99) .
    الوقفة الرابعة:
    فما دمنا مقدمين على استقبال هذه العشر المباركات , فإنه الكثير منا يجهل كيفية هذا الاستقبال , وإيضاح لهذا الاشكال فأقول على المؤمن أن يخطط ويعمل على استقبال كل دقيقة في أفضل أيام الدنيا , وعليه أيضاً أن يعد البرامج ويرسم الجداول التي تعينه على ذلك الاستثمار الإيماني الرائع , فالعشر ميدان للأعمال الصالحات بدون استثناء , وهي أي الأعمال الصالحات بحاجة إلى تنسيق مسبق , وتخطيط دقيق تعين العبد المؤمن على أدائها جميعا والظفر بأجرها من قبل رب العالمين .
    الوقفة الخامسة:
    خصائص عشرة ذي الحجة:
    لهذه الأيام العشر خصائص أذكر منها :-
    1- إن الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه الكريم قال تعالى : وَالْفَجْرِ{1} وَلَيَالٍ عَشْرٍ{2} الفجر (1- 2 ) , ولا شك أن قسم الله تعالى بها يبين شرفها وفضلها , وجمهور المفسرين على أنها في الآيات عشر ذي الحجة وقال أبن كثير رحمه الله وهو الصحيح .
    2- أن الله سبحانه وتعالى سماها في كتابه " الأيام المعلومات " وشرع فيها ذكرى على الخصوص قال تعالى \" َويَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ... " الحج(28) وقد ذكر بعض المفسرين أن الأيام المعلومات هي العشر الأولى من ذي الحجة .
    3- أن الأعمال الصالحة فيها أحب إلى الله تعالى فيها من غيرها عن أبن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشرة فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد " رواه أحمد .
    4- أن فيها يوم ( التروية ) وهو اليوم الثامن منها والذي تبدأ فيه أعمال الحج .
    5- إن فيها يوم ( عرفة ) , وهو يوم عظيم ويعد من مفاخر الإسلام , وله فضائل عظيمة , لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها , ويوم العتق من النار , ويوم المباهاة , فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة ...الحديث رواه مسلم .
    6- أن فيه ( ليلة جمع ) وهي ليلة مزدلفة التي يبيت فيها الحاج ليلة العاشر من ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة .
    7- أن فيها فريضة الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام .
    8- أن فيها ( يوم النحر ) وهو اليوم العاشر من ذي الحجة الذي يعد أعظم أيام الدنيا كما روي عن عبد الله أبن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر , ثم القر" رواه أبو داود .
    9- أن الله جعلها ميقاتاً للتقرب إليه سبحانه بذبح القرابين كسوق الهدي الخاص بالحاج , وكالأضاحي التي يشترك فيها الحاج مع غيره من المسلمين .
    10- أنها أفضل من الأيام العشر الأخيرة من رمضان لما أورده شيخ الإسلام أبن تيميه رحمه الله فقد سئل عن ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟؟
    فأجاب " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان , والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة " أ. هـ كلامه رحمه الله .
    الوقفة السادسة:
    هناك من الأعمال المستحب فعلها في هذه العشر , ويجب التنبيه عليها ومنها :-
    1- ضرورة التوبة إلى الله تعالى والرجوع إليه , والإقلاع عن الذنوب والمعاصي , والإقبال على فعل الصالحات .
    2- أداء الصلوات الخمس في أوقاتها فهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً , وعلى المؤمن أن يحافظ عليها جماعة مع المسلمين , وأن يكثر من النوافل في هذه العشر فإنها من أفضل القربات .
    3- الصيام سواء صيام تسع ذي الحجة جميعها أو بعضها وبالأخص يوم عرفة , روى مسلم عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صيام يوم عرفة , أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " وعن حفصة قالت : أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراء , والعشر , وثلاث من كل شهر وركعتين قبل الغداة \" رواه أحمد والنسائي .
    4- العمرة والحج هما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة .
    5- التكبير والتحميد والتهليل والذكر قال تعالى : " َويَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ... " الحج(28) ويجهر به الرجال ،وتسرّ به النساء .
    والتكبير نوعان:
    أ*- المطلق وهو المشروع في كل وقت من ليل أو نهار , ويبدأ من أول شهر ذي الحجة ويستمر إلى آخر أيام التشريق .
    ب*- المقيد وهو الذي يكون عقب الصلوات والمختار أنه عقب كل صلاة أياً كانت ويبدأ من صبح عرفة إلى صلاة عصر أخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة وقد أستحب العلماء كثرة الذكر في العشر لحديث أبن عمر رضي الله عنهما عن أحمد رحمه الله وفيه " فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد " ، وذكر البخاري رحمه الله عن أبن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبرون فيكبروا الناس بتكبيرهم
    الوقفة السابعة:
    وهي رسالة أوجهها لمن أراد فريضة الحج وهو عازم أيضاً هذا العام على تأخيرها مع استطاعته وقدرته البدنية والمالية وأقول له : إلى متى التسويف والتأجيل ؟
    إلى متى وأنت بين اغترارك بالدنيا وبين طول الأمل ؟
    ألا ترى ملك الموت يقتلع أرواح من بجانبك من اهلك وصحبك ؟
    أتضمن العيش إلى عامك القادم وأنت صحيح معافى وذو جدة ؟
    احذر يا أخي أن تؤخر الحج , والله والله في العزم من الآن على أن تكون من حجاج بيت الله الحرام من هذا العام .
    أسأل الله العلي القدير أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه , وأن يهدينا جميعاً سبل الرشاد وأخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

    يُتبـــــــــع


  9. #19
    الصورة الرمزية حسنية تدركيت أديبة
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    الدولة : طانطان
    المشاركات : 3,596
    المواضيع : 313
    الردود : 3596
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي فضل عشر ذي الحجة

    فضل عشر ذي الحجة والعمل الصالح فيها


    الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر

    الخطبة الأولى
    الحمدُ لله الذي فضَّل بعض الأيام على بعض، وخصَّها بأجناس من الطاعة من النفل والفرض.

    أحمده سبحانه على بالغ نعمته، فأسأله تبارك اسمه أن يمن علينا بعفوه وعافيته، ومغفرته ورحمته.

    وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فلا معبود بحق سواه، الذي خلق الجن والإنس لعبادته، وأمر أن لا تعبدوا إلا إياه.

    وأشهدُ أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، وأمينه على وحيه، وسفيره إلى عباده، في تبليغ وبيان هداه ودينه.

    صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الأمة من بعده في استباق الخيرات، والسبق إلى المغفرة والرضوان والجنات.

    أما بعد:
    فاتقوا الله عباد الله كما وصيتم، وأطيعوه سبحانه كما أمرتم، وتوبوا إليه واستغفروه من سائر ما اقترفتم، واغتنموا مواسم الطاعات في استباق الخيرات، واجتناب المنهيات، تسبقوا إلى المغفرة والجنات، ورضوان رب الأرض والسماوات، كما هديتم وبشرتم في محكم الآيات، فإن الفرص لا تدوم، وإن الصوارف عن الخير يبتلى بها كل جهول ظلام، وإن الآجال مخبأة ولا تأتي إلا بغتة، والبقاء للحي القيوم، ألا وإن الله تبارك وتعالى قد امتن عليكم بمواسم خير، وفرص بِر، يغتنمها أولوا الألباب، فيما يطمعون أن يدخلهم الله به الجنة بغير حساب، والله يرزق من يشاء بغير حساب، وما يذكر إلا أولوا الألباب.

    أيها الناس:
    لعلَّ من حكمة تفضيل الله تعالى بعض الأيام على بعض، بمزيد عمل وفضل، أن تتجدد الرغبة في العمل الصالح، وأن يتبين فضل العمل والزمن لمريد المتجر الرابح، وأن يتميز مستبقوا الخيرات، من أهل الغفلة والركون إلى الشهوات، ليتبين فضل الله تعالى على من يشاء، وعدله جل وعلا فيمن يشاء، فإن الله تعالى يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ويؤت الحكمة من يشاء وهو الخلاق العليم.

    عبادَ الله:
    إن أيام عشر ذي الحجة من أيام الله العظيمة، ومواسم الطاعات المباركة، والفرص الكريمة التي يغتنمها أهل الحزم، وأولوا العزم في الإتجار مع الرب الغفور، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30].

    عبادَ الله:
    إن عشر ذي الحجة هي الأيام المعلومات التي شرع الله فيها ذكره في محكم الآيات: ﴿ لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر))، وفي سنن الدارمي بإسناد حسن عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى))، وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: ((أفضل أيام الدنيا أيام العشر)) رواه البزار وأبو يعلى وصححه الألباني.

    أيها المسلمون:
    لو تواطأ محكم التنزيل العظيم، وما صح عن الرسول الكريم، وما ثبت عن الصحابة والتابعين على إثبات فضل عشر ذي الحجة، وما ادخل الله تبارك وتعالى فيها من الخير لهذه الأمة، وأن العمل الصالح فيها أحب وأفضل وأزكى وأعظم أجراً عند الله عز وجل منه في سائر أيام العام، وأن العمل الصالح فيها وإن كان مفضولاً فهو أعظم أجراً وأكرم أثراً من العمل الفاضل في غيرها، وإنما فضلت هذه الأيام على غيرها بتفضيل الله لها، وهو تعالى أحكم في تفضيله، وأعلم حيث يجعل فصله، فإنه تعالى يجتبي ما يشاء، ويؤت الحكمة من يشاء، ويختص بفضله ورحمته من يشاء، ويؤت من لدنه أجراً عظيماً، ولا يسأل عما يفصل، وكان الله واسعاً حكيماً.

    أيها المسلمون:
    ومما يدل على فضلها، وعظم شأنها، وكريم ما ادخر الله تبارك وتعالى لعباده من الكرامة فيها، أن الله تبارك وتعالى أقسم بلياليها، وجمع أمهات الطاعات فيها، من التوحيد والصلاة والصدقة والصوم والحج، وجعلها سبحانه من أيام أشهر الحج، ومن أيام الأشهر الحرم، وفيها يوم عرفة، ويوم النحر، وهما يمان عظيمان من أيام الإسلام، ويوم الأضحى أو النحر هو يوم النسك العام الذي يشترك فيه الحجاج والعمار وأهل الأمصار، بالتقرب إليه سبحانه بالهدي والأضاحي، مغيظين للمنافقين والكفار، فهي أيام عظام يوحد فيها ذو العظمة والجلال، بالأقوال والأفعال والأموال والأحوال، فهنيئاً لمن وفقه الله للتقرب إليها فيها بصالح وأزكى الأعمال.

    معشر المسلمين:
    إن أعظم وأوجب وأحب ما تقرب به المسلم في هذه العشر أداء فرائض الطاعات، فإنه قد ثبت في الحديث القدسي الصحيح أن الله تبارك وتعالى يقول: ((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه))، فالتقرب إلى الله تعالى بفرائض الطاعات، كالصلاة، والزكاة، وقضاء الصوم الواجب من رمضان، أو نذر، وكذلك أداء فريضة الحج لمن استطاع إليه سبيلاً، ومثل ذلك بر الوالدين، والتوبة من كبائر الذنوب المعلومة، مثل: الكذب، والزنا، والربا، وشرب الخمر، ومظالم الخلق، فالتوبة النصوح من هذه الذنوب وأمثالها أوجب وأحق، قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

    معشر المسلمين:
    ومن جليل العمل الصالح في أيام العشر، ذكر الله تعالى، لقوله سبحانه: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، وفي المسند وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام عشر ذي الحجة، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل)) وقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 - 43]، وقال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، فأكثروا ذكر الله تعالى، واجهروا به في مساجدكم، وأسواقكم، ومنتدياتكم، وملتقياتكم، فإن الذكر والجهر به في هذه الأيام، شعيرة وخصلة مبرورة، وسنة مأثورة، باتت في كثير من المجتمعات الأمصار مهجورة، فتعاونوا على تجديدها.

    أيها المسلمون:
    ومن جليل العمل الصالح، وأسباب الفوز بالمتجر الرابح، صيام ما تيسر من هذه العشر، فإن الصوم زينة العمل، وقد اختصه الله تعالى لنفسه، وأدخر ثوابه عنده، ففي الحديث القدسي الصحيح قال تعالى: ((كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشهوته من أجلي))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((عليك بالصوم فإنه لا مثل له)) وفي رواية: ((لا عدل له))، وفي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام يوم عرفة، فقال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والآتية))، وفي سنن أبي داود وغيره عن إحدى أمهات المؤمنين: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يصوم هذه العشر)) صححه الألباني، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من صام يوماً في سبيل الله - أي مبتغياً به وجهه أو مرابطاً في سبيله - باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) متفق عليه.

    أيها المؤمنون:
    وكما تصدق الله تبارك وتعالى عليكم بموسم الخير، وشرع لكم أنواعاً من خصال البر، وعظم لكم المثوبة والأجر، فتصدقوا في هذه العشر، فإن الصدقة تمحو الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء، ويضاعف لكم ما أنفقتم، ويخلف الله لكم، ويبارك فيما أبقيتم، ألا وإن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، وإن الله تبارك وتعالى يربي الصدقة بعدل ثمرة من الكسب الطيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، حتى تكون مثل الجبل العظيم، فصدقوا بالصدقة في هذه الأيام إيمانكم بربكم، واحتسابكم ثواب صدقتكم، وصدقوا بصدقتكم ودكم لمحاويجكم وفقرائكم، وخوفكم من ربكم، يوماً عبوساً قمطريراً، يقيكم الله شر ذلكم اليوم، ويلقيكم نضرة وسروراً، ويجزكم بما صبرتم جنة وحريراً.

    معشر المؤمنين:
    ألا وإن صلة الرحم، والإهداء إلى القريب والجار، والإحسان إلى مستحقه، وغير ذلكم من وجوه الإحسان والإنفاق الذي يبتغى فيه وجه الله تعالى وتتحرى فيه سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - من نفيس الطاعات، وجليل القربات، والفاضل من الأعمال الصالحات، فإن صلة الرحم صلة من الله تعالى بالخير للواصل، ومحبة في الأهل، ومثراة في المال، ومنشأة في الأثر، ألا وإن كل معروف صدقة، وكل نفقة يبتغى بها وجه الله فهي صدقة، ورفعة ودرجة، وأنهما تقي مصارع السوء، وتنال بها المغفرة والجنة، فإن امرأة سقت كلباً فغفر لها، ورجل نحى شوكاً عن طريق المسلمين فأدخل به الجنة، ورجل أحسن إلى جاره فأحسن الله إليه، ورجل كان يداين الناس ويتجاوز عن المعسر، فتجاوز الله عنه.

    معشر المؤمنين:
    ومن لم يحج وهو مستطيع فليبادر هذا العام لأداء حجة الإسلام، لقول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله كتب عليكم الحج فحجوا))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام))، ولما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((بادروا إلى الحج، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له))، وقوله: ((حجوا قبل أن لا تحجوا))، وقول عمر رضي الله عنه: ((لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى أهل هذه الأمصار، فمن وجدوا عنده جدة أي استطاعه ولم يحج فليضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين)).

    أمة الإسلام:
    ومن من الله تبارك وتعالى عليه بأداء فريضة الحج والعمرة، فليستزد في هذه العشر من نافلتهما، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كهيئته يوم ولدته أمه))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة))، ألا وإن الحج والعمرة من أعظم أسباب العتق من النار، والفوز بالجنة دار الأخيار، فابتغوا مثوبة الله وفضله في الحج، واعلموا أن أحب الحج إلى الله العج والثج، أي ما تحقق فيه رفع الصوت بالتلبية ونحر الهدي قراناً أو تمتعاً، تقبل الله منكم.

    أمة الإيمان:
    ومن نفيس العمل الصالح في هذه العشر الأضحية، قال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر:2]، وقال تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج:34]، وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: ((ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين))، وفي المسند وغيره بإسناد حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة عشر سنين يضحي))، وقال: ((ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون))، والذبح يوم النحر من ملة إبراهيم عليه السلام، وسنة محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [الأنعام:90]، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم)).

    الخطبة الثانية
    الحمد لله الحميد المجيد، المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه من كل ذنب واستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.

    أما بعد:
    فيا أيها الناس اتقوا الله ربكم، وتأسوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولكم، واتبعوا سبيل صالح سلفكم تلحقوا بهم في العلم والزكاء والاهتداء، وما وعدوا به من المغفرة والرضا، وجنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها، وذلك جزاء من تزكى.

    عباد الله:
    بحسب حظ العامل من الإخلاص لله تعالى في القصد والنية، وإتباعه للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأداء والكيفية يكمل الأجر، ويحط الوزر، ويرتفع الذكر، ويبارك في الأثر. قال تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة:112]، فإسلام الوجه لله هو ابتغاء وجهه ومرضاته، والإحسان هو إتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أداء العمل وكيفياته، ومما يدخل في ذلكم من السنن في عشر ذي الحجة أمور:
    الأول: أن يجهر المسلمون بالذكر والتكبير المطلق من أول يوم من ذي الحجة إلى نهاية اليوم الثالث عشر منه، قائلين: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، في كل مكان وحال يشرع فيه الذكر، من المساجد والبيوت والطرق والأسواق ومواقع العمل، رفعاً للذكر، وتجديداً للسنة، وتذكيراً للغافل، وتعليماً للجاهل، وتنشيطاً للمتكاسل.

    الثاني: من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وظفره وبشرته شيئاً حتى يذبح أضحيته، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)) رواه مسلم، وفي لفظ: ((فلا يمسن من شعره ولا بشره شيئاً حتى يضحي)).

    الثالث: أن يتذكر المضحي قول الله تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، فيختار من الأضحية أكملها خلقة، وأجملها صورة، وأسلمها من العيوب القادحة، وأغلاها ثمناً، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر باستعظام الأضاحي واستحسانها، واستشراف القرن والأذن -أي للتأكد من سلامتها- ومراعاة السن أن يكون جذعاً من الشأن، أو ثنياً من المعز، وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبش أبيض أقرن، ينظر في سواد، ويأكل في سواد، ويطأ في سواد، ويبرك في سواد، أي فيه سواد في هذه المواضع.




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيhttps://www.youtube.com/watch?v=FLCSphvKzpM

  10. #20
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    متابعون لهذا الهطول المبارك، والحوار الإيجابي الدائر على هامشه
    ونفحة الإيمان الطيبة التي يبعث في أيام مباركة نسأل الله للأمة فيها الخير ولنا العفو والمغفرة

    أهلا بكم في واحة الخير

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رِسالَتي ذِي إِلَيها
    بواسطة عادل العاني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 10-02-2020, 04:54 PM
  2. وقفات مع عشر ذي الحجة....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 27-12-2008, 01:13 PM
  3. فضل أيام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها.
    بواسطة عبدالملك الخديدي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 25-12-2008, 07:45 PM
  4. فضل عشر ذي الحجة
    بواسطة د. ندى إدريس في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-02-2003, 10:15 PM