المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد ابو الصقيل
على حافة عطش استسلم مقران لنزق الخرافة،راح يقلب وجعه المزمن،لم يجد بدا من مراجعة عذاباته،منذ نزول هذه الرضيعة في بيته ارتبك طعم الزمن فوق شفاهه،ملوحة ضحلة تبطن أرق الجوارح..في ليلة مبتلة بعرق السديم تسلل كظل إلى غرفة دزاير ظفر بها نائمة شبه عارية تلتحف ضوء مصباح،بجانبها كتامة تناغي فراشات الضوء،اقترب نحوها تقوده فكرة شائكة، أقتلعها من مهدها شتلة نهر شهي،خرج مسرعا يكابد لسعات الحذر،بين يديه بدت كتامة هادئة كمخدر،أشاح مقران بوجهه عنها بعدما أحس بخدر في أصابعه، انحدر جهة الربوة القابعة شمالا تطوقها بضع صنوبرات متفرقة،استمر يزرع خطواته في درب موحل يؤدي به إلى أخر تل مرتفع يطل على جرف هاري،يوشك أن تزل قدمه في الضباب المخملي،استقر في بقعة هي اقرب للجرف منها للتل،تفقد ملامح كتامة مرة أخيرة،أذهله تناهي الضوء في التفاصيل، انشطر داخله بين رغبة عشبة الجبل القابعة في دمه وبين صفاء اكتسبه فجأة من المطر،أي وجه تحمله هذه الصغيرة يجعل الليل لذيذا كأغنية..؟
المطر يقرؤ لغته القديمة على الملامح،مرر أصابعه تغويه أبجدية البياض ،أمسكت إبهامه وضعته في فمها الصغير كجرح فتي،فتح فمه قليلا كمن لامس روحا في الظلال،مسامه تغرق في نشوة مبهمة لا عهد لجسده بها،تمنى لو امتلك حاسة أخرى تستوعب حيرته الشهية نازعته نفسه مرة أخرى أن يوغل في الجرف،حدثته أن يلقي بها في الهاوية حتى يخلو له وجه دزاير وتعود إلى أحضانه لاجئة لم تعرف يوما فراق الوطن.توشك قدمه أن تزل في الضباب، ظلت تمزقاته ترفل به في الهاوية،وفي غمرته تلك ارتسم على وجه الرضيعة ضحكة لها رائحة المباغتة،تراجع خطوتين إلى الخلف رن جرس خفي،استيقظ مقران من لوثة الاشتهاء التفت من حوله خشية أن يترصده شبح ما،رجع يجر جثة نصف حية ونزيف خاطر سيعمر في ذاكرته سنين طويلة،انتهج طريقا آخر لرجوعه لا يحمل ذاكرة متعبة،وصل للبيت يلهث تتلبسه تقلبات الحذر المضني،طَرقهُ منكسرا وقد ترك خلفه ظل جثة.لم يدرك انه سيخسر الكثير بعد ليلة ممطرة حفرت عميقا في جسده،تكاليف شهوة ستطرز حياته بالتعب والمشقة دخل غرفة دزاير لم يجدها نائمة،غمرته الحيرة،التفت يمينا ثم شمالا ليجدها شبه عارية منكوشة الشعر يكاد الفزع يأكل تقاسيم وجهها،فاغرة فمها،تلهث ككلب نصف بري،فقد إحدى قوائمه.علم مقران أنها كانت تبحث عن صغيرتها تتبع غريزة الأنثى الجارحة ونزق قاتل شرس،طالما سمع عن الكائنات الغرائبية التي تسكن الغابة لكنه لم يعتقد أن زوجته إحداها،بينه وبين نفسه اقسم أنه سيعاقبها عقابا بشعا،مثلما عذبته أشهر عديدة دون
شهوة..
يتبع....