|
فشا بك داءٌ والإهابُ صحيحُ |
ولكنه قلبٌ يئنُّ وروحُ |
إلامَ لنا في كل حيٍّ جنازةٌ |
وثاكلةٌ فوق الرفاتِ تنوحُ |
يزاحمُ ميْتٌ في الترابِ مَناكباً |
فللهِ نشكو كيف ضاقَ فسيحُ |
هنا الموتُ يعدو والمواليدُ ظُلّعٌ |
ألم تعرفوا من في السباقِ ربيحُ |
ومقبرةٍ تنداحُ كلَّ عشيّةٍ |
كأن لها هذا الأديمَ سطوحُ |
يهودُ براءٌ من دماءِ ابنِ مريم |
وللعُرْبِ في كلِّ العصورِ مسيحُ |
على جثتي المُسْجاةِ شادوا عروشَهم |
تطاولَ صرحٌ والأساسُ ذبيحُ |
ومن دميَ المسفوحِ عبّوا كؤوسَهم |
ولم يكفِ شربَ الهِيمِ تلك سَفوحُ |
تُعللُ جرحاً من قديمٍ ببلسمٍ |
وكم تستجدُّ اليومَ فيك جروحُ |
أطاحت بك الأحداثُ من حالقِ المنى |
ولطمُ الرزايا بالجبالِ يُطيحُ |
هو الخطبُ..حتى الحلْمُ فيه محرّمٌ |
وغيرَ اجتراعِ الدمعِ ليس يبيحُ |
تمادى بنا الليلُ الثقيلُ بمكثٍه |
وخيّبَ لهفَ الناظرينَ صبيحُ |
أيا زمناً لمّا يزلْ متجافياً |
نرومُ التفاتاً منه وهو يشيحُ |
تصدّرَ في متنِ العُلا أدعياؤه |
وفي هامشِ القرطاسِ لاذَ صريحُ |
كأن أُباةَ الضيمِ محضُ خرافةٍ |
فأين أُباةُ الضيمِ حين تصيحُ؟ |
وما الشرفُ الأسنى أيا خيرَ أمةٍ |
وذا شرفٌ تحت الحذاءِ طريحُ؟! |
أنادي حُنيناً والشِّعابُ هوازنٌ |
وأذكرُ بدراً والمَحاقُ كليحُ |
وأنشدُ حِطّيناً فأين صلاحُها |
لقد عصفتْ بالقدسِ بعدَك ريحُ |
وأرقبُ جالوتاً ويعرُبُ كتْبغا |
فيا لتتارٍ واللسانُ فصيحُ |
أشيمُ بديجورِ الوغى سيفَ خالدٍ |
ولا بارقٌ في حمصَ منه يلوحُ |
تطامنَ حقٌّ لاطَ بالقاعِ أهلُه |
وأشرفَ قصرٌ باطلٌ وصروحُ |
فيا ليلُ إن الفجرَ نِيطَ برهبةٍ |
تضبّبنا حيث الضياءُ شحيحُ |
وكيف نشمُّ الصبحَ إن فاحَ زهرُه |
وذا الأيْضُ من نضْحِ الرهابِ يفوحُ |
ويا أمةً أودى بفرسانِها الردى |
فما ثَمّ إلا قُبّةٌ وضريحُ |
تثاقلَ عن بوقِ النفيرِ خلائفٌ |
ولبّوا إذا عودٌ دعا وصبوحُ |
تقشّعَ غيمٌ وانجلى عن حقيقةٍ |
فهل لكمُ بعد الشآمِ وضوحُ |
نزحنا من الغازي على إثرِ نكبةٍ |
ومن كفِّ باغي العُرْبِ جَدَّ نزوحُ |
فلا تحسبِ الأفعى بصهيونَ رأسُها |
ولكنْ هنا في قاسيونَ فحيحُ |
نهاوندُ ما نامت بقمٍّ علوجُها |
ولم يسلُ ثأرَ الهرمزانِ طَموحُ |
همُ اجتمعوا في خندقٍ وتحزّبوا |
فقد سقطت عن ذي البغِيِّ مُسوحُ |
لسانٌ بشِقٍّ أعجميٍّ وآخرٍ |
بلهجتِنا.. بل كالكلابِ نبيحُ |
أولئك لم يألوا عليكم بجهدِهم |
الِحّوا صِحابي فالعدوُّ لَحوحُ |
فإن تجنحوا للسلمِ كفّوا تقيّةً |
وللغدرِ في سُودِ القلوبِ جنوحُ |
علتْ رايةٌ سوداءُ والحُسْنُ رَقْمُها |
وما ثّمَّ إلا باطلٌ وقبيحُ |
فلبّثْ قليلاً فالسنينُ تداولٌ |
وإن مَسَّ قرحٌ قد تبُلُّ قروحُ |
ولا تأسَ إن غارتْ فتوحاتُ مَن مضَوا |
فما زال في عُقرِ الديارِ فُتوحُ. |