أحدث المشاركات
صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 65

الموضوع: المبادئ والمواقف

  1. #11
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2011
    الدولة : سورية
    العمر : 60
    المشاركات : 6,280
    المواضيع : 88
    الردود : 6280
    المعدل اليومي : 1.39

    افتراضي

    كمل الجمال بكامله المطرب وحكمته وسبكه وعذوبته وجزالته وتصويره
    لا بيت يمكنه أن يزاود على الآخر ولا كلمة إلا في موضع يشعرك أنك وجدتها .. تلك هي
    رائعٌ أنت فذ .. ورقم صعب في قواميس الشعر ولكأنك شاعر من قبل أن تولد
    دمت أستاذي وأخي الحبيب المبدع والشاعر الأديب الكبير
    يكفيني أنني نهلت من معينك الذي لا ينضب كل هذا الألق
    محبتي وكثير إعجابي وتقديري

  2. #12
    الصورة الرمزية محمد شايع العسكر قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    المشاركات : 19
    المواضيع : 0
    الردود : 19
    المعدل اليومي : 0.00
    من مواضيعي

      افتراضي

      الدعوة إلى دقائق الصمت قد لا تجدي هنا، لكن لابد:
      فإذا وقفت أمام حسنك صااااامتا
      فالصمت في حرم الجمال جمال

    • #13
      الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
      تاريخ التسجيل : Jul 2010
      الدولة : الشام
      المشاركات : 19,096
      المواضيع : 123
      الردود : 19096
      المعدل اليومي : 3.81

      افتراضي

      يَا مَنْ تُبَادِرُ بِالثُّبُورِ وَتَشْتَكِي=قَلْبًا عَلَى وَهْمِ اتِّهَامِكِ يُصْلَبُ
      لَكِ مِنْ عَنِيدِ هَوَى اخْتِبَالِكِ بَرْثَنٌ=يَفْرِي النُّهَى وَمِنِ اخِتِيَالِكِ مِخْلَبُ
      أَبْلَيتِ فِي هَرَجِ الظُّنُونِ رَزَانَتِي=فَكَأَنَّنِي لِقَمِيصِ خَوْضِكِ مِشْجَبُ
      جُبِلَتْ عَلَى العِوَجِ النِّسَاءُ وَقَلَّمَا=فُقْنَ الرِّجَالَ وَأَنْتِ أَكْرَمُ أَنْجَبُ
      فَدَعِي الجَهَالَةَ لا يَحُكُّ خَيَالَهُ=مُتَوَجِّسًا إِلا العَلِيلُ الأَجْرَبُ

      حزن شفيف غلب على القصيدة ، وخذلان بالحبيب جارح يجعل المشاعر افعوانا يعض ويؤذي بدل أن يسعد
      وفخر وألم وانتقال من الخاص إلى العام ومن اللوم والذم للإكرام والمديح ومن الأمل بالحبيبة والألم من جهلها

      في شعرك يا أمير الشعر سحر خصك الله به
      فأكرمنا دائما بهذا الجمال نستمتع ونتعلم

      جزاك الله خيرا

      بوركت


    • #14
      شاعرة
      تاريخ التسجيل : May 2012
      المشاركات : 4,790
      المواضيع : 82
      الردود : 4790
      المعدل اليومي : 1.10

      افتراضي


      الحمدلله الذي خلق فهدى وأنار القلوبَ بالعلْم ِوالتقوَى , الحمدُلله عددَ ماغرَّد بلبلٌ وصدَحْ وماسبَّح قلبٌ فشُرِح وماتفجَّر نَبعٌ وماطَلَّ نجمٌ وسَبَحْ ,وماجَلْجَلَ حقٌّ وتَزلْزلَ باطِلٌ وانْطَرَحْ , وماأتى صبحٌ وسرَحْ وماأورَقَ غُصنٌ ونَفَحْ ,الحمدلله عدد من صلَّى وصامَ وزار بيتَهُ الحرام ، عدد من تابَ ونَبذَ الخطيئةَ فاستَقَام َ,الحمدلله ذو الجلالِ والإكرامِ , نحَمدُه حمدًا جليلاً ونشكرُهُ شكرًا كثيرًا والصلاةُ والسلامُ على صاحبِ الوجه المنير
      والقلبِ الكبيرِ والخيرِ الوفيرِ محمد ابن عبدالله عليه أفضلُ الصلاة وأتمِّ التسليم وعلى صحابته الغُرِّ الميامين المهتدين الطيبين إلى يومِ البعثِ والحسابِ .
      وبعد ..
      يقول الله تعالى : ( والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )
      استثنى الله عزوجل فئة صالحة من الشعراء يقتفون أثر الرسل والأنبياء , يحملون هم الدعوة إلى الله فيناضلون ويجاهدون بأقلامهم في سبيل الله ويلقون كلمة الحق فلايخشون في الله لومة لائم لديهم فلاشعارهم وخواطرهم وكتاباتهم رسالة سامية وفكرا منيرا وتوعية للأمة فيذكرونها إن نست وينصحونها إن غفلت وضلت عن الطريق السويِّ .
      ومن هؤلاء الدكتور سمير العمري نحسبه والله حسيبه ولانزكي على الله أحدا , فإنَّ له أحرفًا من نورٍ يتهادى نبضها فتختال قصائده بثقة وتكتسي أجمل حلَّة بهية فينبعث منها سحر روحاني وتدفق إيمانيّ, إنه ذالك الشخص الذي يخطو بخطواته نحو الشمس , نحو الضياء , لايعرفُ القهقرى , كالنحل الدؤوب لايكل ولايمل ويهدينا الرحيق الساحر .
      "لايعرف الشمس عند الغروب = ويعرفها حين يأتي السَّحر
      ويصهر ذا النور حتى يذوب = ويُلقي بها في عيون الزهر"

      كأنَّه في ثغر الدنيا ابتسامةٌ وضَّاءةٌ , فؤاده قلعةٌ من الحنين , قد نُحتت في جدرانه رسومات اليقين وغرَّدت حوله عصافير المحبة والشجون ,قلمه لايعرف الزهوف , إن كتب فغيمٌ هاطل , وإنْ ناقش فرش بساط التفاهم والتفاؤل, وإنْ غضب فصل بين الحق والباطل , إنَّهُ وعاءُ الحكمةِ , وبحرٌ أُودِعَ دُررًا , إنه كالبدر منير وحرفه أعذب من شعر جرير , كلامه من الذهب وفي بوحه سرُّ جمال الذكرى وصمود الحاضر وعرس المستقبل ,إنه من يغزل خيوط الأمل حول ضفاف القلب فيطيب قلب المحزون ويُشرق صدر اليائس إنه محيي الهمم داعم الموهب إنه صاحب الصوت النديّ والنداء الحر في سبيل الحق والخير والوطن .

      قصائده هي عدةُ مراكب فتارة كغواصة تغوص بنا إلى أعماق البحر فنستخرج الدرَّ والمحار وتارة كصاروخ أو مركبة فضائية فنحلق في السماء ونتخذ من الكواكب مقاعدا ونراقص النجوم في أروع أمسية لايكررها التاريخ , وأخرى نجد أنفسنا نهيم مع قصائده في الفيافي والقفار وأخرى ندخل معه إلى أدغال غابة كثيفة ونخوض فيها مغامرات لاتُنسى , فكأنَّ كل تلك القصائد اسطورة خورافية ينبهر بها الصغير والكبير .
      ياإخوتي , أرايتم إن ولجتم قصرا ضخما مجهولا لتبحثوا فيه عن كنز فهل يكفي يومٌ أو يومان ؟! بالطبع كلا وإن وجدتموا شيئا من أسرار القصر وخفاياه خلال عدة أيام فقد تكتشفون عجائبا وغرائبا بعد مرور شهر أو شهرين هي تلك قصائد معلمنا سمير كقصر منيف يحوي الكثير والكثير من الكنوز وأولها كنز الفكر والحكمة والقناعة والرضا وهي من أكبر أسباب السعادة , فلنرى بعضا من هذا الفكر الذي تجلى هنا .



      مَا انْفَكَّ يَحْزُبُكَ الهَوَى وَيُعَذِّبُ=فَإِلامَ تَرْبَأُ بِالفُؤَادِ وَتَرْأَبُ
      تُغْضِي عَلَى الأَلَمِ الأَصَمِّ وَتَجْتَبِي=أَمَلاً عَلَى حَسَكِ الجَوَى يَتَقَلَّبُ
      الصَّدْرُ مِنْ نَزَقٍ يَذُوبُ مِنَ الأَسَى=وَالفِكْرُ مِنْ قَلَقٍ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ
      قَدْ شَفَّنِي الحُزْنُ النَّبِيلُ بِجَأْشِهِ=فَمَعَارِجُ الرُّوحِ الشَّفِيفَةِ غَيْهَبُ
      أحيانًا يكون الحزن والألم سببا لتغذية الفكر فنرى البديع من خمائل الشعر وثماره الناضجة كما رأيناه هنا
      فما سبب الحزن الذي تحزب أي صعب واشتدَّ على قلب الشاعر ؟
      إنه الهوى وهو أحد مسميات الحب ومراحله الأولى ويعني ميل القلب وسرعة تقلبه لأجل المحبة كما يسرع الهواء التغير من شدة لطافته وصفائه فكذا الهوى والحب كنسيم عليل يُنعشنا فنخفق له
      وهنا الهوى الذي عذب الشاعر كأنه ملأ فؤاده فأصبح كالرابية المرتفعة مهما فعل به الهوى من صدوع وشقوق إلا أن ذاك الحب الذي بداخله يلحم الجرح ويصلح كل شق حدث فيه
      وهناك ماهو أدهى من الهوى إنه الجوى وهو الهوى الباطني والحب المتمكن الذي يقتل صاحبه , فحينما يدني الجفن على الألم ويخبئه ليختار الأمل فإذ بالأمل يتقلب من حرارة الجوى ويشتوي أو يتقلب هنا قد تكون بمعنى أن الأمل يتلوى من شدة الألم فجعل الجوى حسكا وهي ثمرة خشنة تتعلق بأصواف الغنم وربما تكون شبيهة بالشوك , وهذا مايوحي به لفظ الحسك في حسنا وكأنه شوك ينشب في جلدنا وهنا الصورة أشد إيلاما من عذاب الهوى .
      وإضافة إلى ذلك كله فهنا الأسى أيا كان من حب أو غيره لعب دوره في تفاقم الم الشاعر ومعه التفكير الدائم مما يجعله مضطربا قلقا وكانه يذرع حجرته ذهابا وإيابا
      هذه كلها عوامل ساعدت على أن يكون حزنه شفيفا نبيلا تجري أدمعنا معها وتتساقط بغزارة واجتاح الظلام روحه وهنا قال معارج الروح وهذه أناقة وذوق رائع في اختيار الألفاظ فكأن الظلام لم يجتاح روحه فجأة وشمله كله مرة واحدة إنما صعد تدريجيا وارتقى درجة درجة من سلم هذه الروح ليخيم عليه الظلام ويشتد السواد وحقيقة هذا يجعل وزن الحزن ثقيلا ومقدار الألم الذي اشعر به هنا كمن يمسك حديدة محمية ويسلخ بها جلد إنسان حي , وهذا الغيهب والعذاب الذي يفطر القلب وتشعر به قلوبنا معه كله بسبب تراكم الأحزان والآلام التي عانها وربما تحفظ بها وكتمها فترة طويلة فأوغلت وأحدثت شرخا كبيرا في أعماقه وحتى وإن أصلحها قد تتجلى الصدوع بعد حين .
      وقد نعلق على آخر أمر في هذه الفقرة وهو تسمية الشاعر لحزنه بالحزن النبيل فما يعني نبالة الحزن ؟
      وقد اقول كمجرد رأي أن الحزن النبيل لن يكون إلا في شخص صاحب خلق نبيل في الأساس فحينما يعتريه الحزن يرتفع بأخلاقه الراقية فيعفو ويصفح ويكظم الغيظ ويبتسم ويمد يد العون وغيرها من الشيم والميزات فيتألق بحزنه النبيل وقد تكون منه جاذبية غامضة ملفتة للنظر .

      مَاذَا أُرِيدُ بِأُفْعُوَانِ مَشَاعِرٍ=إِنْ كُنْتُ مِنْ لَدَغَاتِهِ أَتَحَسَّبُ
      وَعَلامَ أَتَّخِذُ الذَّرِيعَةَ جُنَّةً=إِنْ كُنْتُ أُعْضَلُ بِالذِي أَتَجَنَّبُ
      أَمَّنْ يَرَى صَمْتَ ابْتِهَالِيَ قَسْوَةً=وَيَرَى الوَفَاءَ إِلَى الخِيَانَةِ يُنْسَبُ
      أَمَّنْ إِذَا سَفَحَ الوِئَامَ بَكَى النَّوَى=فَكَأَنَّهُ المَكْلُومُ وَهْوَ المُذْنِبُ
      يَا مَنْ تُبَادِرُ بِالثُّبُورِ وَتَشْتَكِي=قَلْبًا عَلَى وَهْمِ اتِّهَامِكِ يُصْلَبُ
      لَكِ مِنْ عَنِيدِ هَوَى اخْتِبَالِكِ بَرْثَنٌ=يَفْرِي النُّهَى وَمِنِ اخِتِيَالِكِ مِخْلَبُ
      أَبْلَيتِ فِي هَرَجِ الظُّنُونِ رَزَانَتِي=فَكَأَنَّنِي لِقَمِيصِ خَوْضِكِ مِشْجَبُ
      جُبِلَتْ عَلَى العِوَجِ النِّسَاءُ وَقَلَّمَا=فُقْنَ الرِّجَالَ وَأَنْتِ أَكْرَمُ أَنْجَبُ
      فَدَعِي الجَهَالَةَ لا يَحُكُّ خَيَالَهُ=مُتَوَجِّسًا إِلا العَلِيلُ الأَجْرَبُ
      وهنا مازال الألم ومع لومٌ وعتاب , هنا صورا جميلة ومنها أنه جعل مشاعره كأفعى تلدغه بغتة وماسبب لدغة المشاعر له ؟
      وهذا يعطينا جوابا بديهيا فلابد من حوادث ومواقف جراء خيانة أو غيرها مع اقارب أو أحباب أو أصحاب كنَّ لهم مشاعر ود وإخلاص وخبأها لهم فكانت أن لدغته تلك المشاعر ذات يوم
      وصورة أخرى رائعة وجميلة وهي ( أمن إذا سفح الوئام بكى النوى = فكأنه المكلوم وهو المذنب )
      وهذه حقيقة تحدث كثيرا في الواقع فهناك من يتسبب في قتل الوئام فإذا ابتعد عنه من كانوا يعزونه بكى بعادهم وبات مكلوما يندب حظه وينعي وقد يشكو بأنهم تسببوا في قطيعته بينما هو المذنب الحقيقي
      ولربما المثل الدارج قد ينطبق على شئ من ذلك وهو مايقولونه ( ضربني وبكى سبقني واشتكى )
      ثم ينتقل الشاعر إلى عتاب خاص للمحبوبة ومن الصور القوية هنا ( لك من عنيد هوى اختبالك برثن = يفري النهى ومن اختيالك مخلب ) تصوير مهيب ولم اقرأ مثله من قبل فكأن هواها العنيد المفتون به له برثن وهو نفسه المخلب إظفر السباع الحادة , فمخلب هواها شق عقله أو فتته ( فالنهى ) هو العقل
      وصورة أخرى جميلة في هذا العتاب ( فكأنني لقميص خوضك مشجب )
      فهنا يتضح لنا أنها تجعل حبيبها كشماعة تعلق عليه الظنون السيئة وتخوض فيما لاداعي له ومايسبب إلا زعزعة الجبل الثابت بينهما أوقد يقطع حبل المودة الثمين
      ومع هذا العتاب والألم إلا انه منصف وعادل باعترافه أنها قد فاقت الرجال بخلالها التي ميزتها عن بقية النساء بينما عرف في الغالب على النساء العوج والنقص في العقل أو التسرع في اتخاذ الأحكام والقرارت تبعا للعاطفة ونادرا منهن من تتميز فيوزن عقلها بعقل ألف رجل , ثم يعود لنصحها وهذا من كمال المحبة وحفظ المودة وجمال العفو التي يتسم بها الشاعر فلا سنصحك إلا من يحبك فهاهو ينصحها
      بترك الجهل وماينتج عنه من مساوئ فكثرة الظن والتوجس لايجلب إلا القلق والنكد وغالبا من يكون ذلك من الناس فتفكيره ليس بنظيف


      وَلَقَدْ تِخِذْتُ مِنَ السَّمَاحَةِ خِلَّةً=أَعْفُو بِهَا عَمَّنْ يَعِقُّ وَيَعْضبُ
      لَكِنْ مَتَى خَدَشَ الكَرَامَةَ قَاهِرٌ=فَالمَوتُ أَرْحَمُ وَالمَنِيَّةُ أَرْحَبُ
      إِنِّي لَأُؤْمِنُ بِالحَيَاةِ وَطَبْعِها=وَطَبَائِعُ الأَشْيَاءِ لا تُسْتَغْرَبُ
      المَرْءُ فِيهَا تُرجُمَانُ زَمَانِهِ=وَالدَّهْرُ يُخْصِبُ بِالسُّرُوْرِ وَيُجْدِبُ
      فَيَغِيْضُ حِيْنًا بِالمَعِيْنِ مُكَدَّرًا=وَيَفِيْضُ حِيْنًا بِالزُّلالِ وَيَسْكُبُ
      وهنا تتجلى لنا أخلاق الشاعر من سماحة نفسه وكرمها وتفهمه للحياة وطبائعها وطبائع البشر أيضا فيتماشى مع الأوضاع , ويخبرنا بأن المرء يمثل فكر جيله وقضاياهم وأحداث زمانه فحينما تنقضي القرون ويأتي أجيالا أُخر يدرسون عن جيل سبقهم يفهمون نفسية الكاتب أو اي حياة شخص من ذلك الجيل الماضي بالقضايا والأحداث التي وقعت في ذاك العصر القديم .
      ومن الصور الرائعة هنا الرقيقة التي لاتخلو من ذلك الحزن ( والدهر يخصب بالسرور ويجدب )
      رااائع التصوير هنا فكأن السرور ماء وكأن الدهر أرض يرويها وبطبيعة الحال وتقلب الأحوال يكون الجدب والقحط هو حال الدهر في أعوام أخرى أي خاليا من السرور كئيبا مثقلا بالغموم والهموم
      والبيت الأخير هنا يصور لنا حال ايام الحياة الدنيا التي يعتريها الكدر فنشعر بنقصها وبهوتها وأحيانا يعم الخير الآتي لنا ويزيد .

      كَأْسٌ تَدُورُ عَلَى النُّفُوسِ كَمَا الرَّحَى=تَسْقِي الوَرَى مِمَّا يَمَرُّ وَيَعْذُبُ
      وَلَكَمْ دَعَتْنِي لِلشَّرَابِ عَلَى القَذَى=فَنَهَيْتُ نَفْسِيَ وَالخَلائِقُ تَشْرَبُ
      عَفَّتْ وَغُصَّ الآخَرُونَ بِنَخْبِهَا=سَكْرَى وَفِي ثَغْرِ السَّفَاهَةِ مِذْرَبُ
      لا يَعْرِفُونَ مِنَ الكَرَامَةِ وَالنَّدَى=إِلا كَمَا عَرِفَ القَنَاعَةَ أَشْعَبُ
      وَأَنَا الذِي أُقْرِي الطُّمُوحَ إِلَى العُلا=نَفْسًا تَتُوقُ وَمُهْجَةً تَتَوَثَّبُ
      لا أَشْتَكِي بَأْسَ الزَّمَانِ وبُؤْسَهُ= أَوْ أُنْكِرُ الأَيَّامَ فَيمَا تَكْتُبُ
      إِنْ كَانَ مِنْ قَدَرٍ عَلَيَّ مُسَطَّرٍ = مَا كُنْتُ يَوْمًا بِالذِي يَتَهَرَّبُ
      أَوْ كُنْتُ يَوْمًا بِالقَنُوطِ مِنَ الوَرَى=وَبِأَنْ يُزَفَّ الحَقُّ حِينَ يُخَضَّبُ
      الحياة الدنيا هي بالفعل كأس تدور كالرحى على كل إنسان فيسقى من حلوها ومرها
      ولعلني هنا أتذكر قول أحد الشعراء ولاأعلم ماسمه :
      ومن يذق الدنيا فإني طعمتها = وسيق إلينا عذبها وعذابها
      فماهي إلا ضيعة مستحيلة = عليها كلاب همهن اجتذابها
      فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها = وإن تجتذبها نازعتك كلابها
      ومن هذه الأبيات يتضح الكثير من هذه النفس التقية النقية الأبية التي تتورع وتصون النفس وتحفظها عن كل مايعيبها وتجاهد في إصلاحها , نفس قنوعة تسعلى إلى سلم المجد فترتقيه , نفس لاساخطة ولا جازعة بل مؤمنة وراضيه بما يكتبه الله ويقدره لها وهنا تبرز حكمة الشاعر ويقينه وإيمانه العميق لأن المؤمن العارف بربه كما عرفه الأنبياء والصحابة يعلم أن مامن مصيبة تصيبه إلا هي حكمة من الله وخير له قد لاتتجلى له في حينها فعلم الشكوى والاعتراض وهو يبتسم ينتظر الخير من ربه ويصبر على مايبتليه به محبة له واحتسابا للأجر وهذه تزيد من نبل المرء وإميانه وارتفاعه بشميه
      بل قد اقرأ هنا ارتقاء ورقي في الشخصية واختلاف فكر الشاعر عن غيره وترفعه عن كثير من الأمور السطحية وإعراضه عن الترهات والسفاهات التي يغرق في وحلها عوام الناس فيُغصون بنوائبها ودواهيها وذلك لعلو نفسه وعزيمته المتوقدة ,وهنا قد تنشا عقدة الاختلاف في كثير مما يميز الشاعر عن البقية والله أعلم.
      ( لايعرفون من الكرامة والندى إلا كما عرف القناعة أشعب )
      والله ضربة قوية بطريقة مهذبة راقية , كيف لهؤلاء الراكضين وراء الدنيا الشاربين من خمرها المستكعين في نواحيها الذين عبدو الدرهم والدينار وشحت أنفسهم وذُلوا لغيرهم بل قد يسجدون للآخرين ترجيا من أجل مصالح ومناصب لاترفع من قدر الإنسان ولاتنقص إلا في نظر الرعاع , هؤلاء كيف بالله يعرفون معنى الكرامة والعزة والشهامة والكرم ؟
      وهم تماما مثل أبو العلاء المشهور بأشعب الطماع وله من النوادر المضحكة عن طمعه ودهائه وحيله , فإن عرف أشعب معنى القناعة والرضا بما قسم الله له حينها هم يسعرفون المعاني المذكورة أعلاه .

      وهنا في قوله ( وبأن يُزفُّ الحق حين يخضب ) جدا راائعة راائعة والله
      فكلنا يعلم أن العروس ليلة زفافها كالوردة المتفتحة تزداد جاذبية وجمالا وحينما تُزف تظهر على الجميع ويديها مخضبتين بنقوش الحناء
      كذلك الحق حينما يظهر ويعلو على الباطل الذي قد يكون سببا في تخضيب الحق بالدماء
      حينها يُزف الحق فيبدو كالعروس يتطلع لمرآها الناس فيبين الحق ويعرفه الجميع .

      لا مُسْتَحِيلَ يَقُضُّ مَضْجَعَ هِمَّةٍ=مَا جَالَتِ الرُّؤْيَا وَجَلَّ المَأْرَبُ
      وَالحُرُّ يَأنَفُ مِنْ حَيَاةِ مَذَلَّةٍ=وَيَضجُّ مِنْ ظُلْمِ الأَنَامِ وَيَغْضَبُ
      يَا لِلمَوَاطِنِ كَمْ تُعَذِّبُنَا بِهَا=فِي الحَادِثَاتِ وَكَمْ بِنَا تَتَعَذَّبُ
      بَعَثَتْ لَهُ فَوضَى الجِرَاحِ وَخَمَّنَتْ=أَنَّ الرِّعَاعَ هُمُ الرَّبِيعُ المُعْشِبُ
      وَاسْتَبْدَلَتْ حُمُرَ البِلادِ بِثَوْرِهَا=حَتَّى افْتَرَى مَوتٌ وَأُفْسِدَ مَذْهَبُ
      هَلْ نَشْتَكِي ظُلْمَ الزَّعَامَةِ للوَرَى؟=لَلصَّمْتُ عَنْ تِلْكَ الْمَظَالِمِ أَعْجَبُ
      أَمْ نَشْتَكِي سُمَّ العَقَارِبِ في الضُحُى؟= فِي اللَيْلِ مِنْ سُمِّ الأَقَارِبِ نُعْطَبُ
      دِنْ بِالحَقِيقَةِ لا تُخَاتِلْ بِالهَوَى=وَاجْعَلْ ضَمِيْرَكَ لِلخَلاقِ يُهذِّبُ
      فِيمَ التَّقَلُّبُ فِي النِّفَاقِ تَجَمُّلاً=وَالصِّدْقُ أَنْجَى لِلقُلُوبِ وَأَطْيَبُ
      كَيفَ السَّبِيلُ إِلَى ثَقَافَةِ أُمَّةٍ=لا الأُمُّ تَفْقَهُ مَا تَقُولُ وَلا الأَبُ
      وَبِأَيِّ مَجْدٍ نَحْتَفِي وَكَرَامَةٍ؟= إِنْ كَانَ فِي الخُلُقِ القَوِيمِ تَذَبْذُبُ
      وَبِأَيِّ قَصْدٍ نَرْتَقِي بَينَ الوَرَى=إِنْ يَخْنَعِ البَازِي وَيَزْهُ الأَرْنَبُ
      القَومُ لا يَبْنُونَ صَرْحَ حَضَارَةٍ=إِنْ كَانَ ذَا يَلْغُو وَذَلِكَ يَلْعَبُ
      وَالجُهْدُ لا يُرْسِي دَعَائِمَ دَوْلَةٍ=يُهْجَى بِهَا لَيثٌ وَيُمْدَحُ ثَعْلَبُ
      أَلْبَسْتُ مِصْرَ التَّاجَ دُرَّةً أُمَّةٍ=وَادَّارَكَتْ مَجْدِي دِمَشْقُ وَإِدْلِبُ
      وَأَهِيمُ بِالأُرْدُنِّ دَارَ أَصَالَةٍ=وَأَحِنُّ فَخْرًا لِلعِرَاقِ وأَنْصَبُ
      وَأَتُوقُ لِليَمَنِ الأَبِيِّ وَشَعْبِهِ=وَأُسَرُّ بِالسُّودَانِ وَهْوَ مُطَنَّبُ
      والأَهْلُ فِي أَرْجَاءِ تُونِسَ سَاعِدٌ=وَعُمَانِ مَعْ دُوَلِ الخَلِيجِ المِنْكَبُ
      وَتَجِلُّ فِي عَينِي الجَزَائِرُ قُرَّةً=وَيَجُولُ فِي صَدْرِي المُحِبِّ المَغْرِبُ
      وَجَرَتْ فِلِسْطِينُ الحَبِيبَةُ فِي دَمِي=وَبِمُهْجَتِي البَلَدُ الحَرَامُ وَيَثْرِبُ
      هنا ينتقل الشاعر لأحداث وأحوال عامة للأمة
      فقبلها يبين لنا أن لاشئ مستحيلا على الإنسان الذي لديه همة عالية دام أنه تأنى ودرس اهدافه جيدا ويعرف مايريد بالضبط ليس هناك مايمنعه عن مقاصده السامية التي تجلت له وسعى لتحقيقها
      وهذا البيت يدفع الجميع لأن يراجعوا أنفسهم ويرون ماذا أنجزوا وماذا قدموا لمجتمعهم وأمتهم ولو بالقليل فسمة المؤمن أن يسعى للخير دوما وتنشط همته وخير مانسعى إليه رضا الله والرغبة في الجنة
      كما أن الإنسان الحر يسعى دوما للعزة والمجد حتى وإن أجبروه على خفض راسه وحاولوا إذلاله فهو قوي بقوة إيمانه ويعزه الله بالحق , وطبيعي أن الإنسان يصاب بالغبن والقهر والغضب من الظلم , السوم من أشد أنواع الأذى وقد حرم الله الظلم على نفسه فما بال بني آدم لايعون حرمته ؟
      قد غلبهم الشيطان وأعمى بصائرهم وجعلهم يرتكبون كل كبيرة ويفعلون كل رذيلة , وبهذا يحدث الفساد والوباء والفوضى العارمة فتتعذب بنا الأوطان ونتعذب بها وكل منا يجني على الآخر وتشتعل شرارة الشحناء من حسد وحقد وضغينة ناهيك عن لدغات الاقارب والغرباء والأعداء وكأن المسلمين لم يتعظوا لما يصيهم وفي كل مرةةتتجدد الجراح نفسها وتتكرر, في زماننا هذا قد استبدل الناس الذي هو أدنى بالذي هو خير وهو كما اشر إليه شاعرنا الكريم ( وَاسْتَبْدَلَتْ حُمُرَ البِلادِ بِثَوْرِهَا=حَتَّى افْتَرَى مَوتٌ وَأُفْسِدَ مَذْهَبُ )
      اصبح النفاق والخداع صفة في الغالبية ليصلوا بها إلى مرادهم ومقاصدهم الدنيئة واتخذوا اللؤم والكذب لهم طبيعة وليس هناك اجمل من الصدق الذي يكون فيه النجاة كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم
      والصفات السابقة تفسد القلوب والعقول , فاسعى ايها الإنسان نحو الحقيقة لمعرفتها واقترب منها وتحلى بالأخلاق الكريمة والتعامل الحسن مع سائر الناس البر والفاجر ودع عنك اتباع اهوائك وخداعها لك فإنك إن اتبعت هواك ستقع في هاوية إلا أن تتداركك عناية الله ورحمته .
      وبعد كل هذه الحالات التي تتحدث عن واقعنا المرير , كيف لنا بعد نريد المجد والاحتفاء بالكرامة وفي أخلاقنا تذبذب وتنافر فلم نثبت على درب الاستقامة , وبأي مقصد حسن نريد الارتقاء به إن كان العزيز فينا
      يخفض رأسه ويخنع والذليل يشمخ بأنفه كبرياءً ويستعبد ..!
      كيف سنبني مجدنا ونطور ونتحضر ونحن لم نجتمع على رأي واحد ولم نقف في صف واحد وكل منهم يقول نفسي نفسي ذاك يلعب وهذا يهرب وآخر يقول أنا وطواط سأمشي في سبيلي وابحث عن لقمتي وفقط
      كيف لنا أن نحصل على كل هذه العزة وإن بذلنا شيئا من جهدنا والليث فينا القوي الذي يصدح بالحق يُشتم ويُهجى ويُغيب في السجون والثعلب الماكر الساذج المنافق يًمدح ويُجامل ثم تعرفون حقيقته النتنة إن فات الأوان .
      وبعدها ينتقل شاعرنا الأصلي إلى مدح بعض البلدان التي ربما زارها أو لها مكانة في نفسه فالمسلم يعتبر كل أرض مسلمه هي أرضه فيبدي محبتها لهم مشاركة لأخوانه .

      فَأَنَا ابْنُ خَيْرِ الرَّهْطِ وَابْنُ عَقِيدَةٍ=مَنْ بَرَّ عَدْنَانٌ وَأَنْجَبَ يَعْرُبُ
      مَا زِلْتَ أَحْلُمُ بِالمَحَبِّة فِي الوَرَى=لا غَدْرَ فِي صَدْرٍ وَلا غَدَ يُرْهَبُ
      حَدَّقْتُ أَبْحَثُ فِي الوُجُوهِ لَعَلَّ فِي=بَعْضِ الوُجُوهِ وَفَاءَ مَنْ لا يَكْذِبُ
      حَتَّى إِذَا كَادَ القُنُوطُ وَأَغْمَضَتْ=عَيْنُ الرَّجَاءِ أَسَى أَضَاءَ الكَوْكَبُ
      بِكَرِيمَةٍ مِنْ آلِ طُهْرٍ عَرْشُهَا=الشِّعْرَى وَشَمْسُ شُمُوخِهَا لا تُحْجَبُ
      نَهَضَتْ إِلَى الأَرَبِ العَظِيمِ وَرُوحُهَا=تَنْأَى بِأَجْنِحَةِ الوَفَاءِ وَتَقْرُبُ
      أَهْدَى الجَمَالُ إِلَى الجَلالِ حُرُوفَهَا=شَهْدًا بِإِبْرِيقِ الدَّمَاثَةِ يُجْلَبُ
      تَسْمُو لَهَا قُلَلُ النَّقَاءِ وَتَرْتَدِي=حُلَلَ البَّهَاءَ وَبِالمَكَارِمِ تَغْلبُ
      مِنْ بِئْرِ مَاءِ الصِّيدِ تَنْضَحُ شَأْوَهَا=وَعَنِ اقْتِفَاءِ المَجْدِ لا تَتَغَيَّبُ
      لَوْلا انْطَوَتْ لُغَةُ الثَّنَاءِ كَلالَةً=لاصْطَفَّ مِنْ غُرَرِ المَدَائِحِ مَوكِبُ
      وهنا عاد الشاعر يفتخر بعقيدته وجليل الصفات وحق لنا جميعا أن نفخر به ونفتخر بأنفسنا معه ونحمد المولى على نعمة الإسلام
      الشاعر قد وقف في منعطفات كثيرة وجرب وغامر وعاشر الوانا من الناس وخاض تجارب عدة أكسبته وعيا وحكمة وأكثر انفتاحا وتفهما فزاد دماثة وعلما ووعيا وإدراكا وربما تلقى أصنافا من الأذى ومن منا لم يذق المر ويعاني ..!
      قد راى النفاق والكذب والمجاملات والختل والخيانة غالبة على الناس حتى الطيب منهم قد تجد منه لدغة وسما خفيفا يضرك مما جعل القنوط يصيبه كاد يصيبه وعبر عنها بدلالة رائعة وهي إغماضة العين التي تنم عن شئ من اليأس والحسرة أن خلا الناس من الصفات النقية الصادقة النادرة الوجود في هذا الزمان وهو كان يرجو أن يلقى هذا النوع النادر فظن أن رجاءه خان وغغماضة العين أظنها لم تكتمل هنا
      بسبب مالاح له من سناء الوفاء وبارقة خير ووجد شخصا كان يرجو فيه هذه الخلال النادرة المميزة .
      وهنا نقول جميعنا ( لايأس مع الحياة ) فمهما غلب الياس والقنوط فسنقف يوما على أحد محطات الزمان لنرى أولئك الأنقياء الطيبين الصادقين يختبئون خلف زهرة او ورقة شجرة وكل إنسان لن يقع إلا على شاكلته .
      وبعدها انتقل الشاعر لمدح من وجد فيها الوفاء بأبيات حسان كاللؤلؤ المكنون والياقوت المصون وآخر بيت في المدح هنا كانت الصورة فيه راائعة جدت ( لاصطف من غرر المدائح موكب ) هنا استعارة حيث جعل المدائح يطف كالإنسان في موطب أمير قادم , مااروعها من صورة ياأمير الشعر .


      الشِّعْرُ؟ يَا لِلشِّعْرِ! كَمْ رُزِئَتْ بِهِ=نَفْسِي وَكَمْ لَدَغَ المَشَاعِرَ عَقْرَبُ
      مَاذَا جَنَيتُ مِنَ الأَذَى؟ أَلأَنَّنِي=جَمَعَ اللآلِئَ مِنْ بِحَارٍ تَصْعُبُ؟
      فَأَجَادَ نَظْمَ رَقِيْقِهَا وجَلِيلِهَا=عِقْدًا يُدِيرُ لَهُ الرُّوُوسَ ويَخْلُبُ
      نَضَجَتْ مَوَاسِمُ أَحْرُفِي وَتَفَتَّقَتْ=أَكْمَامُهَ عَمَّا يَلِينُ وَيَصْلُبُ
      أَسْمُو مِنَ الإِنْسَانِ، بَحْرُ قَصَائِدِي=يَسْخُو، وَنَهْرُ مَقَاصِدِي لا يَنْضُبُ
      أَبْنَاءُ أَفْكَارِي غَرَائِسُ جَنَّةٍ=وَبَنَاتُ أَشْعَارِي السَّحَابُ الصَّيِّبُ
      أَنَا مَا بَذَلْتُ مِنَ الكُنُوزِ لأَشْتَرِي=مَدْحَ الأَنَامِ وَمَا ابْتَذَلْتُ فَأَطْلُبُ
      فَعَلامَ يَلْحَنُ فِي مَقَامِ مُقَدَّمٍ=غِرٌّ يَكِيدُ لَهُ وَأَحْمَقُ يَصْخَبُ
      لا تَخْسِفُ الشَّمْسُ السَّنِيَّةُ فِي المَدَى=إِنْ عَابَ مَجْدُوبٌ وَصَرْصَرَ جُنْدُبُ
      إِنِّي المُحَدِّقُ فِي الخُلُودِ فَلا أَرَى=إِلا العَظِيمَ إِلَى العَظَائِمِ يُنْدَبُ
      أَنَا بِالنَّدَى خُضْتُ العُبَابَ إِلَى الهُدَى= فَاهْتَاجَ بِي قَوْمِي وَخَانَ الْمَرْكَبُ
      فَأَقَلْتُ مِنْ هَمِّي تَوَجُّسَ هِمَّتِي=بِعَزِيْمَةٍ تُدْمِي الصُّخُورَ وتُتْعِبُ
      أَخْلَصْتُ لِلحَقِّ المُبِينِ مُسَدِّدًا=لَمْ يُغْرِنِي مَالٌ يُعَدُّ وَمَنْصِبُ
      الكَفُّ غَيْثٌ وَالوِدَادُ سَحَابَةٌ=وَالقَلْبُ لَيْثٌ وَالفُؤَادُ تَحَبُّبُ
      لا أَعْتَدِي إِنْ عَقَّنِي مُتَجانِفٌ=أَوْ أَجْتَدِي إِنْ فَرَّ مِنِّي المَطْلَبُ
      هَذَا أَنَا ، نَسَجَ الزَّمَـانُ عَبَاءَتِي = مَنْ كُلِّ لَوْنٍ تَسْـتَسِيْغُ وَتَرْغَبُ
      عِنْدِي الْمَبَادِئُ لا أُسَاوِمُ مَهْرَهَا= أَمَّا المَوَاقَفُ قَدْ تُـوَدُّ وتُخْطَبُ
      يُقال ( كلما ارتفع الإنسان تكاثفتا حوله الغيوم والمحن ) ودوما أهل العلم والأخلاق وكثير ممن حباهم الله من فضله من أنواع النعم يلقون المكيدة والحسد والإساءة والإيذاءممن حولهم
      والله تعالى يقول ( أم تحسدون الناس على ماآتاهم الله من فضله ) وهذه منذ القدم لم يسلم منها الأنبياء والرسل حتى نسلم منها نحن بقية البشر
      ولنا في السلف قدوة حسنة , والصفات المذكورة في الأبيات هنا تدل على نبل الأخلاق واجملها التي رفعت من قدر الشاعر
      ولعلي أعلق على هذا البيت الجميل الذي ينبغي علينا جميعا أن نطبقه (مَا بَذَلْتُ مِنَ الكُنُوزِ لأَشْتَرِي=مَدْحَ الأَنَامِ وَمَا ابْتَذَلْتُ فَأَطْلُبُ ) لتكن أقصى غايتنا هي رضا الله لافرحا بمدح الناس ولا تأثرا بقدحهم وذمهم
      فمن يبتغي وجه الله ويعمل للخير ويعطي دون طلب مقابل خير ممن يسعى خلف المديح ويجري وراء مناصب الدنيا ليرتفع ويشتهر وإني لأرى الدنيا تعرض عن هذا الثاني وتقبل نحو الأول , فتأملوا ..!
      وهنا مما أعجبني ايضا ولاأريد أن افوته (الكف غَيْثٌ وَالوِدَادُ سَحَابَةٌ=وَالقَلْبُ لَيْثٌ وَالفُؤَادُ تَحَبُّبُ ) الكف غيث وهذا دلالة على الجود الحاتمي والكرم الذي يتميز به
      والوداد سحابة وهنا تدل على غزارة وداده إن هو أحب أخلص , والقلب ليث في الشدائد قوي يواجه الأزمات برباطة جأش وشجاعة وعناد والفؤاد تحبُّبُ لم استطع تحديد المعنى والفهم الجيد لكلمة تحبب إلا إن كان يقصدها من الحب ..
      ولكن هنا أحببتُ أن أوضح الفرق بين القلب والفؤاد :
      قرأت لبعض اهل العلم ان الفؤاد هو عمل القلب بمعن
      ان البصر عمل العين والسمع عمل الاذن والمشى عمل القدم والكلام عمل اللسان وايضا الفؤاد هو عمل القلب
      وفى الآية (إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا ) فالسؤال للناس عن السمع بالاذن والبصر للعين
      والفؤاد للقلب اما لو كان سياق الآية ان الاذن والعين لقال والقلب
      وقيل الفؤاد غشاء القلب
      وقيل القلب بمعنى العقل والفؤاد الاحساس والشعور
      إذن هنا لم يكن اختياره عشوائيا فكان الفؤاد هو للإحساس بالحب والشعور به والقلب كأنه الغلاف له أو الوعاء الذي يحتويه وقلوب الناس مختلفة فمنهم ضعيفة ومنهم شديدة ومنهم مابين ضعف وقوة قد تكون متذبذبة .



      وآخر بيت في القصيد هي الخلاصة والمقصد وهي العروسة التي من أجلها أقبلت تلك الأبيات الأولى
      ( عندي المبادئ لاأساوم مهرها = أما المواقف قد تُودُّ وتُخطب )
      وماأجمله من بيت يخلد قيمة إنسانية رائعة الأثر والذكر , فالمبادئ تكون ثابتة دوما لاتتغير لابتغير الزمان والمكان هي قيم إنسانية واساسيات يؤمن بها المرء وعليها تقوم أخلاقه وتبدو محاسنه واروع شيمه
      أما المواقف فبطبيعة الحال على حسب الحال الذي نمر به نرى مالأنسب ونقرر ماذا نفعل بكل موقف من لين أو شدة وغيره ..

      في الختام :
      لأول مرة أقرر بأن أخطو خطوة حقيقة نحو النجاح بقراءة لأحد قصائد شاعر كبير قد لاتفكر مبتدا مثلي بالتجرأ لفعلها لكن التعلم لن يأتي إلا بالتطبيق والمحاولة
      فلعل عثراتي تكون كثيرة هنا ولعل قصور فهمي في نواحي عدة يتضح ولكني اجتهدتُ وبحثت عن المعاني وبالله استعنتُ وهو الموفق
      فما كان من صواب فبفضل من الله وماكان من خطأ أو نسيان فمني والشيطان
      والمعذرة على الإطالة

      اختك وابنتكم / براءة الجودي

    • #15
      الصورة الرمزية ماجد الغامدي شاعر
      تاريخ التسجيل : Dec 2003
      الدولة : بين الصدر والعجز !
      العمر : 51
      المشاركات : 3,774
      المواضيع : 182
      الردود : 3774
      المعدل اليومي : 0.51

      افتراضي

      شاعر المبادئ ورجل المواقف فما عهدناك إلاّ قيّما على المبادئ ثابتاً على مواقف الشرف وما كنت إلا نبعاً لا يرتوي وُرّاده مهما استزادوا من سلسبيل البوح بين ألمٍ أصم وحزنٍ نبيل ..

      تُـغْـضِــي عَــلَــى الأَلَــــمِ الأَصَـــــمِّ وَتَـجْـتَـبِــي
      أَمَـــلاً عَــلَــى حَــسَــكِ الــجَــوَى يَـتَـقَـلَّـبُ
      الـصَّـدْرُ مِــنْ نَــزَقٍ يَــذُوبُ مِــنَ الأَسَــى
      وَالـفِــكْــرُ مِـــــنْ قَــلَـــقٍ يَـــجِـــيءُ وَيَـــذْهَـــبُ
      قَـــــــدْ شَــفَّــنِـــي الـــحُــــزْنُ الـنَّــبِــيــلُ بِــجَــأْشِـــهِ
      فَــمَــعَـــارِجُ الـــــــرُّوحِ الـشَّـفِـيــفَــةِ غَــيْـــهَـــبُ


      و هنا بين مرارة الحزن وهيبة الموقف وجلال الشعور و توثّب الهِمّة تبقى المواقف شامخة الأصالة و تتسق المبادئ مع طبيعة الشاعر النبيلة من شعور بالإلتزام والمسئولية وتكريس المثال

      وَأَنَــا الــذِي أُقْـــرِي الـطُّـمُـوحَ إِلَـــى الـعُــلا
      نَـــفْـــسًـــا تَـــــتُـــــوقُ وَمُـــهْـــجَــــةً تَـــتَـــوَثَّــــبُ
      لا أَشْــتَــكِـــي بَـــــــأْسَ الــــزَّمَــــانِ وبُــــؤْسَــــهُ
      أَوْ أُنْـــــكِـــــرُ الأَيَّــــــــــامَ فَـــيــــمَــــا تَـــكْــــتُــــبُ
      إِنْ كَــــــانَ مِــــــنْ قَــــــدَرٍ عَـــلَـــيَّ مُــسَــطَّــرٍ
      مَــــــا كُـــنْـــتُ يَـــوْمًـــا بِـــالــــذِي يَــتَــهَـــرَّبُ


      لا فُض فوك يا سيد الشعر و سلطان البيان وأمير الإبداع

      مع وافر التحية والإعجاب والإجلال
      كلما أبصـرَ حُسنـاً ساكنـاً=هزَّهُ الوجدُ فألقى حَجَـرَه !

    • #16
      الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
      تاريخ التسجيل : Aug 2011
      الدولة : تركيا
      المشاركات : 2,723
      المواضيع : 133
      الردود : 2723
      المعدل اليومي : 0.59

      افتراضي

      وَالـحُــرُّ يَـأنَــفُ مِـــنْ حَـيَــاةِ مَـذَلَّــةٍ
      وَيَضـجُّ مِـنْ ظُلْـمِ الأَنَــامِ وَيَغْـضَـبُ
      يَـــا لِلـمَـوَاطِـنِ كَــــمْ تُـعَـذِّبُـنَـا بِــهَــا
      فِــي الحَـادِثَـاتِ وَكَـــمْ بِـنَــا تَـتَـعَـذَّبُ

      لله درك , كم من المهج أوجعت بهذين البيتين
      دمت للعربية وأهلها , متوجاً على عرش القوافي والقصيد
      تحيتي وتقديري ومحبتي

    • #17
      الصورة الرمزية محمود فرحان حمادي شاعر
      تاريخ التسجيل : Mar 2009
      الدولة : العراق
      العمر : 62
      المشاركات : 7,102
      المواضيع : 105
      الردود : 7102
      المعدل اليومي : 1.29

      افتراضي

      نيقد أنت لامع
      في زمن طال ليله
      وغابت عن الأبصار شمسه
      فلله درُّك كم تطرب لحرفك الذائقة
      ووقاك ربي كل سوء
      لتظل ذخرًا للأدب الرصين
      بوركت وسلمت

    • #18
      الصورة الرمزية سامية الحربي أديبة
      غصن الحربي

      تاريخ التسجيل : Sep 2011
      المشاركات : 1,578
      المواضيع : 60
      الردود : 1578
      المعدل اليومي : 0.34

      افتراضي

      َلَكَمْ دَعَتْنِي لِلشَّرَابِ عَلَى القَـذَى
      فَنَهَيْتُ نَفْسِيَ وَالخَلائِـقُ تَشْـرَبُ
      عَفَّتْ وَغُـصَّ الآخَـرُونَ بِنَخْبِهَـا
      سَكْرَى وَفِي ثَغْرِ السَّفَاهَـةِ مِـذْرَبُ

      أفلح من زكاها فنهاها عن هوى يسوقها للردى و يحصد أصحاب النهى ..
      وَاسْتَبْدَلَتْ حُمُـرَ البِـلادِ بِثَوْرِهَـا
      حَتَّى افْتَرَى مَوتٌ وَأُفْسِـدَ مَذْهَـبُ
      هَلْ نَشْتَكِي ظُلْمَ الزَّعَامَةِ للـوَرَى؟
      لَلصَّمْتُ عَنْ تِلْكَ الْمَظَالِمِ أَعْجَـبُ
      أَمْ نَشْتَكِي سُمَّ العَقَارِبِ في الضُحُى؟
      فِي اللَيْلِ مِنْ سُمِّ الأَقَارِبِ نُعْطَـبُ
      لمن نشكي و فينا الخصم والحكم؟ وماذا بعد استبدال الدين والأمن و لبس أسمال خضبت بدمائنا و أصبح الكل لنا رأس؟
      بورك قصدك شاعرنا القدير الدكتور سمير العمري شجرة وارفة تؤتي أكلها بإذن الله كل حين .خالص تقديري.

    • #19
      أديبة
      تاريخ التسجيل : Jan 2006
      المشاركات : 6,061
      المواضيع : 182
      الردود : 6061
      المعدل اليومي : 0.91

      افتراضي

      لَكِنْ مَتَى خَـدَشَ الكَرَامَـةَ قَاهِـرٌ
      فَالمَـوتُ أَرْحَـمُ وَالمَنِيَّـةُ أَرْحَـبُ
      إِنِّـي لَأُؤْمِـنُ بِالحَيَـاةِ وَطَبْعِـهـا
      وَطَبَائِـعُ الأَشْيَـاءِ لا تُسْتَـغْـرَبُ


      السلام عليكم
      ما أحلى كلامك ,وأبلغ بيانك أخي د.سمير
      أي نبع فوار هذة القصيدة ؟
      أية مياه عذبة وزلال ونقاء هي ؟
      جميلة جدا ,,رائعة
      كل ما جاء فيها من كلمات ,وأبيات وعبارات,,بغاية الروعة
      وقراءة واحدة وعشرين قراءة لا تكفي
      دمت بكل هذا الجمال ,وهذة الروعة الفائقة الجودة
      ماسة

    • #20
      الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
      مدير عام الملتقى
      رئيس رابطة الواحة الثقافية

      تاريخ التسجيل : Nov 2002
      الدولة : هنا بينكم
      العمر : 59
      المشاركات : 41,182
      المواضيع : 1126
      الردود : 41182
      المعدل اليومي : 5.27

      افتراضي

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيحة الرفاعي مشاهدة المشاركة
      ما أكرم سهراتي في الواحة علي إذا أحظى بفرصة الفوز بالقطاف الأول من شهد هذا الحرف الأميري الرائع
      مطولة عمريّة تعددت فيها الأغراض وتنوعت مساقط الحروف فكانت قلادة حبها النجوم على جيد الشعر تضيء ليله

      مرور ترحيب واحتفاء
      والقصيدة للتثبيت استحقاقا وإكبارا

      دمت أمير الشعر بألق

      بارك الله بك وأكرمك بما تفضلت به من مدح وثناء ، وأشكرك على التثبيت ثبتنا الله وإياك الله على الحق!

      دام دفعك!

      ودمت بخير وعافية!

      وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


      تحياتي
      نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة

    المواضيع المتشابهه

    1. قراءة في قصيدة المبادئ والمواقف للدكتور سمير العمري
      بواسطة براءة الجودي في المنتدى قِسْمُ النَّقْدِ والتَّرجَمةِ
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 08-07-2018, 07:35 PM
    2. قراءة في قصيدة المبادئ والمواقف للدكتور سمير العمري
      بواسطة براءة الجودي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 28-11-2013, 09:12 PM
    3. المبادئ والمواقف
      بواسطة د. سمير العمري في المنتدى دِيوَانُ الشِّعْرِ
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-11-2012, 01:13 AM
    4. قليل هم الذين يحملون المبادئ
      بواسطة ابن الحرمين في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 05-11-2005, 01:12 PM