الإيدز ... والحاكم العربي

إن أول اكتشاف لمرض الإيدز في العالم كان في الولايات المتحدة في العام 1981م وبالرغم من أن منصب الحاكم العربي وجد قبل هذا التاريخ بكثير إلا أن كلاهما يحملان صفات متشابهة كثيرة حتى أمكننا القول :

إن وصول الفرد العربي إلى منصب حاكم عربي يشبه الإصابة بداء الإيدز , فحتى تصل لهذا المنصب أو تصاب بالإيدز لا بد أن تكون قد مارست فعلاً شاذاً منافي للأخلاق

والحقيقة الأكثر دقة, هي انه ليس لمنصب الحاكم العربي وحده صفات مشتركة مع الإيدز, أيضا أي منصب عالي في الدولة,
لكن لماذا كرسي الحكم تحديدا ؟؟
ولماذا الإيدز تحديدا ؟؟

لان كلاهما يتمتعان بصفات متقاربة من حيث النشأة البديهية وطريقة انتقال الحكم وانتهاء فترة الولاية وربما النبذ والقلع عن الكرسي بالانقلاب, فكيف ذلك !!

بداية عبر تجربة طويلة مع الأنظمة التي نعيش بظلها لاحظنا أن هذه الأنظمة موبوءة, وان الشعوب العربية هي شعوب موبوءة بأنظمتها, والشعب والنظام لا يلتقيان أبدا بحيث يقوم الحاكم العربي بمجرد استلامه للحكم بتشكيل جهاز مخابرات يقوم على تدمير كافة قوى المعارضة له والمدافعة عن الشعب, لذلك فهو يشترك مع الإيدز بأن كلاهما يقومان بنفس المهمة وهي تدمير الجهاز المناعي لدى الجسم أو الشعب.

لا بد للحاكم العربي حتى يصل على منصب حكمه أن يمر بإحدى مرحلتين :
إما القيام بانقلاب على سابقه فيغتاله ويقتله كما البعثيين بعبد الكريم قاسم مثلا فيكون بذلك قد قام بفعل منافي للأخلاق والقيم وهي إسقاط النظام العادي و إحلال نظام ديكتاتوري مستبد مكانه, ويجعل البلاد في حالة فوضى ودمار, تماما كما يفعل الإيدز حين يقتحم جسما ويدمر جهازه المناعي فيجعله في حالة فوضى ودمار وعرضة للأمراض السياسية والفئوية والجسدية.

أو الصعود للحكم عن طريق الوراثة : وهذا الأمر الدارج حاليا في جيل الحكام الشباب في العالم العربي, بحيث صار حتى النظام الجمهوري الذي من المفروض أن يتم انتخاب الرئيس فيه انتخاباً, يتم توريث ابن رئيس الجمهورية لمنصب الحكم بعد والده, وهذا أيضا طريقة من طرق انتقال الإيدز لجسد الإنسان عبر الوراثة من أحد والديه المصابين بالمرض.

الإيدز والحاكم العربي يشتركان بالفعل الأهم من هذا كله وهو أن كلاهما نقمة للشعوب على تخاذلها وبلاء, وكما كانت تقول لي جدتي حين كنت أسالها لماذا يا جدتي تدعين باستمرار على الحكام العرب بأن يخلصنا الله منهم بقولك (اللهم اصرف غضبك ومقتك وحكامك عنا), فكانت تقول لي : إن هؤلاء الحكام هم بلاء من الله ابتلانا بهم لأننا ابتعدنا عنه وصرنا جبناء.
وأظن أن الأمر مشابه تماماً بالنسبة للإيدز فهو أيضا كما يقول أحد علماء الدين أن الله ابتلى الناس بالإيدز لان الناس اتجهت للفاحشة ولم يردعها الدين ولا القيم ولا الأخلاق.
فكلاهما سواء المنصب العربي أو نقص المناعة يأتي من خلال فعل فاحش.

لكن ما ذنب من نقل له دم ملوث بالمرض فنقول عنه أن الله ابتلاه بالمرض ؟
بنفس الوقت نقول : وما ذنب المفكر العربي الذي مات في سجون الحاكم العربي دون ذنب كآلاف المفكرين الذين ماتوا في سجون سوريا والعراق وغيرها من الدول العربية ؟؟
هؤلاء متشابهان أيضا ...

فلا بد أن يرتكب الفرد كل أنواع المعاصي والقيم اللاأخلاقية والجرائم حتى يصل لكرسي الحكم, وبنفس الوقت لا بد للفرد أن يقوم بممارسة الجنس بطريقة غير مشروعة لأكثر من مرة ومع اكثر من عاهرة حتى يصاب جسده بالإيدز فكلاهما يقوم بنفس الفعل الفاحش المتنافي مع القيم والأخلاق.

ومن المفارقات الغريبة أيضا أن الإيدز والحاكم العربي يتشابهان بطريقة النهاية, فلاحاكم العربي لا يستقيل من منصبه ولا تنتهي فترة ولايته إلا بموته,
والإيدز لا يخرج من الجسم إلا بوفاة الجسد الموبوء.

وأخيرا : الحاكم العربي والإيدز كلاهما وباء ليس له علاج .........