هل بدأت حرب المخابرات الامريكية ضد الطابور الخامس الإسرائيلى؟

فى الربع قرن الأخير من القرن العشرين تطور مفهوم الحرية فى المجتمعات الغربية وأخذ بعدا جديدا ألا وهو حرية حق الحصول على المعلومات وصدرت فى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا قوانين تضمن هذا الحق للمواطن الأمريكى والكندى مثل قانون Freedom Information Act وانعكس هذا بالضرورة على الصحافة وأجهزة الإعلام المختلفة والتى أصبحت تتنافس فيما بينها لتقديم أكبر قدر من المعلومات للمواطن، وهذا للأسف الشديدعلى عكس الحال فى بلداننا العربية حيث يعانى المواطن العادى إما من عدم توافر المعلومات وندرتها واذا حدث وتوافرت فهى إما منقوصة أوغير دقيقة أو موجهة أو قد يتم تطويعها لخدمة أهداف معينة ، وكثير من المعلومات العادية تعتبرها حكوماتنا العربية من أسرار الدولة العليا مع ان هذه المعلومات متاحة للإعلام الخارجى وخرجت أساسا من عواصم عربية إذن هى أسرار فقط على المواطن العربى وهذا خطأ جسيم فى حق هذا المواطن بل هو إعتداء صارخ على حريته ، وربما أتعرض لهذا الموضوع بتفصيل وإسهاب فى سلسلة مقالات فى المستقبل حيث أن لدى الكثير مما يمكن أن أقوله فى هذا الموضوع الحيوى بعد خبرات سنوات طويلة ...موضوع :الفجوة والحقيقة الضائعة بين الإعلام العربى والإعلام الغربى وتأثيرات ذلك على مفهوم التواصل بين الحضارات فى مقايل فكرة صراع الحضارات.

المقال التالى نشر قبل الإنتخابات الأمريكية الأخيرة بحوالى شهرين فى عدد من الصحف العربية والمصرية (العربى الناصرى) وقد نما إلى علمى منذ حوالى عشرة أيام أن أحد الأخوة الباحثين الأكاديميين العرب هو الأستاذ هشام محمد الحرك من سوريا الشقيقة قد قام بتقديم المقال إلى إحدى الصحف العربية لإعادة نشره لما يتضمنه من معلومات هامة وقد تفضل السيد رئيس تحرير الصحيفة مشكورا بالإتصال بى وإخطارى مع حفظ كامل حقوقى الأدبية ، وإذا كان الباحث السورى والذى لم أتشرف بمعرفته من قبل وحتى الأن قد وجد في المقال ما يستحق النشر مرة أخرى فقد قررت بدورى إعادة نشره فى هذا الملتقى الراقى عسى أن تفيد قراءته القارئ العربى ببعض المعلومات ، وحتى لو خرج منه القارئ العزيز بمعلومة واحدة جديدة فهو مكسب ليس بالقليل.



• هل بدأت حرب المخابرات الامريكية ضد الطابور الخامس الإسرائيلى؟
• لورانس فرانكلين :جاسوس إسرائيلى أم كبش فداء؟!
• جاسوس إسرائيل المزعوم يجيد التحدث بسبع لغات ليس من بينها العبرية !
• هل ينجح الـ " إف. بى . آى" أخيرا فى القبض على " مستر إكس" ؟!


تحليل سياسى بقلم : مسعد حجازى ـ كندا ـ تورونتو
كاتب وصحفى مصرى ـ كندى

الأخبار التى تسربت مؤخرا الى بعض أجهزة الإعلام الأمريكية عن وجود تحقيقات سرية يجريها مكتب التحقيقات الفيدرالية - أف.بى. أي فى تكتم شديد وطوال العامين الماضيين وكشفت عن وجود جاسوس لإسرائيل يعمل فى وزارة الدفاع الامريكية - البنتاجون - هذه الأخبار تحتاج منا الى قراءة جديدة ومتأنية.. قراءة تغوص تحت سطح الأحداث المتلاحقة والمعقدة التى تجرى فى خضم حملات انتخابات الرئاسة الأمريكية المقرر اجراؤها فى الثانى من نوفمبر القادم والتى ستقرر نتيجتها أيهما أحق بالحصول على عقد ايجار جديد للبيت الأبيض والجلوس فى المكتب البيضاوى طوال السنوات الأربع القادمة : جورج بوش الإبن الرئيس الحالى ومرشح الحزب الجمهورى الحاكم أم السيناتور جون كيرى مرشح الحزب الديموقراطى المنافس ؟
فى الواقع أن الكشف المفاجئ عن تحقيقات مكتب ال اف. بى. أى فى هذا التوقيت بالذات وقبل شهرين وسبعة أيام بالتمام من موعد اجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية وقبل ثلاثة أيام فقط من موعد إنعقاد المؤتمر القومى العام للحزب الجمهورى الحاكم هو أمر يدعو الى الشك والريبة وتوخى الحذر ، ويثير الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام والتعجب!!

التحليل التالى هو محاولة جادة وموضوعية لوضع النقط على الحروف وبعيدا عن نظرية المؤامرة والتفسير التآمرى للأحداث، وربط احداث قد تبدو فى ظاهرها متباعدة ومنفصلة بينما هى فى صميم الموضوع والتحقيقات... محاولة لاستكشاف الأسباب والأهداف الحقيقية الكامنة وراء تحقيق الـ اف. بى. أى. والتسريب المتعمد لأخباره الى بعض وسائل الاعلام وفى هذا التوقيت الحرج بالذات.... اعادة القراءة المتأنية لهذه الأخبار يصبح بالتالى امرا لا مفر منه وحتى لا نقع - كعادتنا - فى العالم العربى والصحافة العربية فريسة لعملية تمويه وخداع مخابراتى Disinformation نكون نحن اخر من يعلم حقيقتها وأول ضحاياها.

المشهد الأول لرواية التجسس الإسرائيلى الأخيرة على الولايات المتحدة بدأ بخبر آنفردت به شبكة ال سى. بى. إس الاخبارية التليفزيونية فى صدر نشرتها الرئيسية فى السادسة والنصف من مساء الجمعة 27 اغسطس الماضى ومؤداه ان مكتب التحقيقات الفيدرالية.. اف. بى. أي يجرى منذ عامين تحقيقات سرية وفى تكتم شديد أسفرت عن الكشف عن وجود جاسوس امريكى لإسرائيل يعمل فى مكتب السياسات بوزارة الدفاع الأمريكية - البنتاجون - ، لم يذكر الخبر اسم الجاسوس او هويته ولكن افاد بان الجاسوس قد قام بتسليم وثيقة امريكية سرية لاثنين من اعضاء منظمة الشئون العامة الامريكية الإسرائيلية المعروفة باسم ايباك - وهى منظمة امريكية تعتبر اكبر جماعة ضغط يهودية تعمل لصالح إسرائيل. واللذين قاما بدورهما بتوصيل الوثيقة لإسرائيل.. واشار التقرير الاخبارى الى ان الوثيقة تتعلق بمناقشات ومداولات داخل احد اجتماعات مجلس الامن القومى ضم كبار المسئولين فى الخارجية الامريكية والبيت الابيض لتحديد الموقف الامريكى تجاه ايران. واضاف ايضا ان ال إف. بى. اي قد تسنى له الحصول على أدلة مادية من تسجيلات صوتية ومرئية يمكن لها ان تدين الجاسوس المزعوم وان عملية القبض عليه وتوجيه الاتهام له سوف تتم خلال ايام قليلة وهو مالم يحدث حتى الآن ورغم مرور اكثر من ستة اسابيع على نشر الخبر.
بعد اذاعة التقرير الاخبارى لشبكة سى.بى. اس بدأت على الفور ردود الافعال تتوالى حيث أصدرت السفارة الإسرائيلية فى واشنطن بيانا رسميا تنفى فيه قيام إسرائيل بالتجسس على الولايات المتحدة بالكامل وأنه لا علم لها بما ورد فى تقرير ال سى. بى. اس، كذلك أصدرت منظمة إيباك بيانا يحمل نفس المعنى وان المنظمة هى منظمة امريكية ولا يمكن لها ان تتجسس على الولايات المتحدة وأكد البيان ان المنظمة تتعاون فى التحقيقات التى يجريها مكتب ال اف. بى. أس. وفى الساعة الثامنة والنصف مساء نفس اليوم أصدر البنتاجون بيانا مقتضبا لم يؤكد أو يكذب مزاعم وجود جاسوس لإسرائيل يعمل بداخله وانما اكتفى البيان بذكر ان وزارة العدل الأمريكية قد أخطرت رسميا وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وأحاطته علما بموضوع التحقيقات. . ، بعد بيان البنتاجون بنحو ثلاث ساعات قامت شبكة إيه. بى. سى الاخبارية التليفزيونية من خلال برنامجها الاخبارى الشهير " نايت لاين " والذى يذاع كل ليلة فى الحادية عشرة والنصف مساء بإلغاء اذاعة الحلقة المعدة سلفا فى نفس اليوم واستبدالها بموضوع اخر يتناول فضيحة التجسس الإسرائيلى على أمريكا وركز البرنامج فى جزء كبير من الحلقة على قضية سفينة التجسس الأمريكية ليبرتي التى ضربتها الطائرات الحربية والزوارق البحرية الإسرائيلية وهى تقف بالقرب من الشواطيء الإسرائيلية اثناء حرب يونيو 1967 والتى اعلنت إسرائيل وقتها أنها ضربت السفينة بطريق الخطأ اعتقادا منها انها سفينة حربية مصرية معادية. ، ومن المعروف ان حادث ضرب سفينة التجسس الأمريكية ليبرتى كان قد أسفرعن مقتل 34 ضابطا وبحارا امريكيا واصابة 171 واستضاف برنامج نايت لاين أحد هؤلاء الضباط الذين اصيبوا فى الحادث والذى أكد كذب المزاعم الإسرائيلية بشأن الحادث وان الإسرائيليين كانوا يعلمون هوية السفينة الحربية حيث أن عملية الضرب لم تتم ليلا وانما فى وضح النهار والشمس ساطعة والعلم الأمريكى مرفوع ويرفرف على ظهر السفينة. . ، تعرض البرنامج التليفزيونى أيضا لفضيحة جوناثان بولارد أشهر وأخطر جاسوس إسرائيلى فى أمريكا والذى قبض عليه فى منتصف الثمانينيات وكان يعمل فى وظيفة محلل برامج كومبيوتر أيضا فى البنتاجون وصدر ضده حكم بالسجن مدى الحياة فى عام 1987. كل هذا يذاع وعلى الهواء فى وقت تحتدم فيه معركة انتخابات الرئاسة الامريكية بين بوش وكيرى.

الواشنطن بوسـت تكشف الهوية

تتلاحق الأحداث والتطورات بسرعة فى تلك الليلة وتصدر الطبعة الاولى لصحيفة الواشنطن بوست لعدد اليوم التالى السبت 28 اغسطس وفى صدر صفحاتها تقرير اخبارى عن تحقيقات مكتب ال اف. بى. أى ، وتكشف الصحيفة لأول مرة عن اسم وهوية الجاسوس المزعوم فى سبق صحفى تناقلته عنها معظم وسائل الاعلام العالمية ومن بينها صحيفة ها آرتس الإسرائيلية. ، وأشارت الوشنطن بوست الى ان الجاسوس موضع تحقيقات الـ إف. بى. اى هو الضابط الأمريكى لورانس فرانكلين أو لارى فرانكلين والذى يعمل فى قسم السياسات التابع للبنتاجون.
والى هنا تجدر الاشارة الى ملاحظة هامة وهى أن المؤسستين الإعلاميتين اللتين كشفتا عن رواية التجسس وهوية الجاسوس هما شبكة سى. بى. اس التليفزيونية وصحيفة الواشنطن بوست وهما المؤسستان المعروفتان بصلاتهما الوثيقة باجهزة المخابرات الأمريكية المتعددة خاصة وكالة الاستخبارات الأمريكية الـ C.I.A ومكتب التحقيقات الفيدرالية F.B.I.ووكالة الأمن القومى N.S.A والأخيرة هذه متخصصة فى أعمال التصنت والتجسس الإلكترونى تقريبا على مستوى العالم من خلال شبكة معقدة من الاقمار الصناعية وأجهزة الكترونية دقيقة جدا تم زرعها فى معظم عواصم العالم الفعالة ومنها بالتأكيد القاهرة ( حادث السفينة أكيلى لارو فى عام 1985 لايزال فى الذاكرة.).
هذه الحقيقة - على الأقل بالنسبة لى - جعلتنى أتعامل بحذر شديد مع المعلومات المعلنة حتى الآن عن رواية التجسس الإسرائيلى بأجملها لأسباب عدة أهمها وأولها انه ليس من عادة مكتب التحقيقات الفيدرالية - اف. بى. أى أن يعلن أو حتى يسرب أنباء عن اعتزامه القبض على جاسوس تجمعت وتوافرت ضده كل الأدلة المادية الضرورية لادانته.. .الاعلان يتم فقط بعد اتمام عملية القبض على الجاسوس متلبسا.. هذا هو ما حدث مع جون إيمز نائب مدير ال سى. أى. ايه منذ سنوات والذى عمل كجاسوس لسنوات طويلة للمخابرات السوفيتية ال كى. جى. بى. وكذلك الحال مع ريتشارد هانسون الرجل الثانى فى مكتب ال اف. بى. أى الذى قبض عليه وحوكم وأدين بنفس التهمة.. أيضا ضابط البنتاجون ووالكر وابنه الضابط ايضا..... الخ. سبب آخر جعلنى أشك فى رواية التجسس الإسرائيلى والهدف الحقيقى منها هو الزج باسم ضابط البنتاجون لورانس فرانكلين فى هذه الفضيحة.

لورانس فرانكلين

قد يكون من المفيد هنا ان نسلط الضوء على شخصية وهوية الجاسوس الإسرائيلى المزعوم فى البنتاجون.

هو دكتور لورانس فرانكلين ، يبلغ من العمر 59 عاما - يعمل ضابطا فى سلاح الطيران الأمريكى برتبة عقيد " احتياط "؛ وعلى عكس الإعتقادالسائد فى العالم العربى والصحافة العربية فهو ليس يهوديا ولا يحمل الجنسية الإسرائيلية وانما هو أمريكى مسيحى كاثوليكى متدين- يؤيد بشدة وحماس سياسات وأفكار تيار المحافظين الجدد داخل الإدارة الامريكية الحالية ، وهو التيار الذى يضع نصب عينيه مصالح إسرائيل الاستراتيجية والحيوية ومشروعاتها التوسيعية ، وكون لارى فرانكلين مسيحى كاثوليكى ومحسوب على تيار المحافظين الجدد هو حقيقة أمر يدعو للدهشة والاستغراب فالمعروف ان معظم قيادات وغلاة المتعصبين من أعضاء هذا التيار داخل الحزب الجمهورى الحاكم هم من المسيحيين البروتستانت المؤيدين بشدة الى حد التعصب للدولة اليهودية والصهيونية العالمية. ومن ناحية أخرى فإن الكولونيل لورانس فرانكلين بالفعل حاصل علىدكتوراه فى دراسات شرق آسيا من جامعة سانت جونز فى مدينة نيويورك وبالاضافة الى الانجليزية فهو يجيد التحدث بست لغات حية هى:الفارسية والعربية والفرنسية والاسبانية والروسية والصينية ولا يعرف اللغة العبرية ، وعلاوة على عمله فى البنتاجون فهو يقوم بتدريس مادةالتاريخ فى جامعة شيفرد فى ولاية فرجينيا الغربية. ويشير موجز السيرة الذاتية والعملية للدكتور لورانس فرانكلين انه فى عام 1997 تم استدعاؤه كضابط احتياط للخدمة والعمل مع مكتب الملحق العسكرى الأمريكى فى تل ابيب ومنذ نحو عامين تم انتدابه للعمل فى مكتب السياسات فى البنتاجون لخبرته الطويلة ودرايته بشئون الشرق الأوسط بصفة عامة والايرانية بصفة خاصة.

قسم السياسات أم المؤامرات؟!!

وقسم السياسات الذى تم انتداب دكتور لورانس فرانكلين للعمل به فى البنتاجون هو قسم يتبع مكتب دوجلاس فايث وكيل وزارة الدفاع والذى يعمل بدوره تحت رئاسة بول وولفوتيز نائب وزير الدفاع الامريكى والرجل الثانى فى البنتاجون بعد دونالد رامسفيلد وزير الدفاع، والمعروف ان كلاهما - وولفوتيز وفايث- من كبار مهندسى عملية الغزو الامريكى للعراق واسقاط نظام الرئيس صدام حسين..، كلاهما من كبار مؤيدى إسرائيل داخل ادارة بوش الابن خاصة دوجلاس فايث المعروف بصلاته الطويلة وارتباطاته الوثيقة منذ سنوات بالتيار المتشدد داخل حزب الليكود الحاكم فى إسرائيل وهو الذى أعد دراسة فى عام 1996 بناء على طلب بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل فى ذلك الوقت عن الخطر العراقى تحت حكم صدام حسين على الدولة اليهودية ووضع عنوان لهذه الدراسة هو Clean Breakأو الانكسار النظيف.. هذه الدراسة التى أعدها دوجلاس فايث بالاشتراك مع ريتشارد بيرل نائب وزير الدفاع فى عهد ادارة الرئيس الامريكى رونالد ريجان وأحد أقطاب وغلاة المحافظين الجدد داخل الحزب الجمهورى كانت فى الواقع بمثابة ورقة العمل السياسية التى إعتمدت عليها جماعة المحافظين الجدد منذ أول يوم دخلت فيه ادارة الرئيس بوش الحالية الى البيت الابيض للتمهيد لغزو العراق واسقاط نظام صدام حسين. وتشاء الأقدار والمصادفات التاريخية أن يلتقى هدف تيار المحافظين الجدد بخدمة أهداف إسرائيل التوسعية وإضعاف العراق وداخل اطار الامبراطورية الامريكية الجديدة مع الرغبة المحمومة للرئيس الجديد (الحالى) جورج بوش الابن بل ورغبة عائلة بوش بأكملها فى التخلص من صدام حسين. هذه الرغبة المحمومة التى جعلت الرئيس الامريكى رقم 43 لا يصغى لصوت العقل والحكمة والشرعية الدولية وسلم عقله وأذنيه الى نائب الرئيس الداهية ريتشارد تشينى زعيم جماعة المحافظين الجدد والمهندس الأكبر لمخطط الغزو الأمريكى للعراق وضرورة اسقاط الرئيس صدام حسين واطلاق سلسلة من الأكاذيب والمزاعم عن علاقة العراق وصدام حسين بتنظيم القاعدة والارهاب الدولى وبالتالى توريط أو ربط العراق وصدام حسين باحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 وعن مزاعم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل من شأنها أن تهدد الولايات المتحدة ذاتها وكلها ادعاءات لم تستطع ادارة الرئيس بوش حتى الآن اقامة دليل واحد ودامغ على صحتها الأمر الذى اوقع الرئيس بوش الابن وتيار المحافظين الجدد فى ورطة سياسية ومأزق استراتيجى بل وكارثة نسفت كل مبررات الغزو الامريكى للعراق واسقاط صدام حسين فلا العراق تحرر حتى الآن من الاحتلال الامريكى البريطانى ولا العراقيون استقبلوا جنود المارينز الغازين بالورود والرياحين كما كان يزعم الصهيونى بول وولفوتيز قبيل الغزو الامريكى للعراق وانهارت كل حسابات وتوقعات الرئيس بوش والمحافظين الجدد فى أن يصبح العراق النموذج الامثل للديمقراطية والحرية فى العالم العربى وعلى باقى الأنظمة الدكتاتورية العربية أن تحتذى به كى تنجو من مصير صدام وتحول العراق بالفعل الى مستنقع اشد وحلا وتعقيدا من المستنقع الفيتنامى.. ناهيك عن التكلفة المادية لهذا الغزو والتى تقدمت حتى الان الـ 200 مليار دولار.. ناهيك عن الخسائر البشرية شبه اليومية لأمريكا فى العراق والتى تفوق بكثير الارقام التى يعلنها البنتاجون ووزير الدفاع " مسيلمة رامسفيلد الكذاب".

فى الواقع أن المشكلة الحقيقية للرئيس بوش وتيار المحافظين الجدد داخل إدارته وحزبه هى أنهم لا يريدون ان يعترفوا بانهم ارتكبوا اية اخطاء سياسية او إستراتيجية رغم مسلسل الهزائم والنكسات وفضائح التعذيب فى سجن أبو غريب وتقرير لجنة تقصى الحقائق التى شكلها الكونجرس الأمريكى حول أحداث الحادى عشر من سبتمبر فى نيويورك وواشنطن والذى القى باللوم- تحت ضغط الادارة الامريكية وتيار المحافظين الجدد- على أجهزة المخابرات الامريكية خاصة ال سى. أى. إيه والـ اف. بى اى.... نعم كان لابد من إيجاد كبش فداء يتحمل اللوم والمسئولية على كل ما وقع من اخطاء وبعيدا عن لوم وإدانة الرئيس الأمريكى الذى لا يهمه سوى أن يفوز بفترة ولاية ثانية تتفاخر بها عائلة بوش والى الأبد.. فأحداث الحادى عشر من سبتمبر المسئول عنها هو التقصير الأمنى من جانب أجهزة المخابرات الأمريكية الـ سى أى إيه والـ إف. بى. أى. وفشل العثور على أسلحة الدمار الشامل العراقية مسئول عنها التقارير غير الدقيقة للـ C.I.A.قبل الحرب وعدم العثور على الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة الارهابى داخل أمريكا المسئول عنها مكتب الـ F.B.I.وجرائم التعذيب فى سجن أبو غريب مسئول عنها أفراد صغار لا يمثلون المجتمع الأمريكى والقيم الأمريكية!! وبعض ضباط المخابرات العسكرية الأمريكية. . . جورج تينيت مدير المخابرات الأمريكية يصبح كبش فداء ويستقيل من منصبه قبل ايام قليلة من صدور التقرير النهائى للجنة تقصى الحقائق المشتركة حول أحداث الحادى عشر من سبتمبر.
ولم يكن مقبولا ان يستمر مسلسل كبش الفداء هذا الى مالا نهاية وزادت فى الشهور والاسابيع الماضية تقارير صحفية وتعليقات مراقبين ومحللين سياسيين فى كل من كندا والولايات المتحدة تعبر كلها عن مشاعر الحنق والغضب والاحباط داخل اوساط العاملين فى جميع اجهزة المخابرات الأمريكية المتعددة ، وفى النهاية يظل السؤال الرئيسى يبحث عن اجابات منطقية وشافية:
- ماهو الهدف الرئيسى أو الأهداف الحقيقية من وراء التسريب المتعمد لرواية جاسوس إسرائيل فى البنتاجون وفى هذا التوقيت الحرج بالذات؟!!

فى اعتقادى أن الاجابة على السؤال السابق تكمن فى أحد احتمالات ثلاث أو ربما فى كلها مجتمعة:

- الاحتمال الأول :ان يكون ال اف. بى. أى قد استخدم الضابط الكولونيل احتياط لارى فرانكلين كـ "كبش فداء" أو وسيلة للوصول الى هدف أكبر منه بكثير ، فليس المقصود هو لارى فرانكلين بعينه وانما الهدف الحقيقى هو مستر إكس!! ومستر إكس هذا لمن لا يعرف هو أكبر وأخطر جاسوس لإسرائيل يعمل فى داخل البنتاجون ويبحث عنه مكتب الـ F.B.I. وأجهزة مخابرات البنتاجون طوال العشرين عاما الماضية او يزيد دون جدوى.. ، فى البداية كان الاعتقاد السائد فى أوساط المخابرات الأمريكية والـ اف. بى. اى انه جاسوس أمريكى جندته المخابرات السوفيتية أثناء سنوات الحرب الباردة بين القوتين العظميين ، وصدرت فى أمريكا كتب وقصص وروايات عن هذا الجاسوس اللغز تحول بعضها الى أفلام سينمائية اشهرها على الاطلاق فيلم لا مجال للخروج أو “No Way Out”بطولة النجم العالمى كيفين كوستنر والممثل القدير جين هاكمان الا انه ثبت فيما بعد خطأ هذا الاعتقاد وان مستر اكس ليس عميلا للـ كى. جى. بى وانما للمخابرات الإسرائيلية الموساد وذلك بعد اعتراف جاسوس إسرائيل فى البنتاجون جوناثان بولارد انه كان يعمل بالتجسس تحت اشراف جاسوس أخر أعلى وأكبر منه فى الوظيفة وأيضا داخل البنتاجون ، ورغم أن الجاسوس بولارد قد صدر ضده فى عام 1987 حكم قضائى بالسجن المؤبد مدى الحياة إلا أنه رفض ولا يزال يرفض الكشف عن هوية الجاسوس الأكبر الذى كان يديره ويوجهه وهذا هو السبب الرئيسى الذى جعل كل الرؤساء الأمريكيين من ريجان وجورج بوش الأب وبيل كلينتون والرئيس بوش الحالى جعلهم جميعا يرفضون وتحت ضغط أجهزة المخابرات الامريكية الافراج عن هذا الجاسوس حتى الآن وذلك لاعتبارات ومحاذير تدخل فى صميم الامن القومى الامريكى هذا بالاضافة الى المعلومات السرية الخطيرة التى سربها هذا الجاسوس لإسرائيل وحكومتها فى ذلك الوقت برئاسة اسحاق شامير. وترجح أجهزة المخابرات الأمريكية أن يكون مستر اكس هذا شخصية سياسية كبيرة وغيرعسكرية وتتحلى بقدرعال من الذكاء والحرص الشديد وفى نفس الوقت فوق مستوى الشبهات!

- الاحتمال الثانى: أما الاحتمال الثانى ان تكون أجهزة المخابرات الأمريكية قد تسنى لها الحصول على معلومات سرية للغاية عن إعتزام ارييل شارون رئيس وزراء إسرائيل وحزب الليكود الحاكم انتهاز فرصة انشغال الادارة الامريكية بجولة الانتخابات على الرئاسة وتورط أمريكا فى حرب العراق وتوجيه ضربة عسكرية وقائية للمفاعل الذرى الايرانى ( تزايد التهديدات الإسرائيلية فى الاسابيع الاخيرة وتصريحات المسئولين فى إسرائيل عن الخطر النووى الايرانى ورد الفعل الاخير من جانب وزير الدفاع الايرانى على شمخانى بالرد الفورى ضد كل أرض إسرائيل فى تصريحاته الأخيرة لقناة الجزيرة الفضائية.) ، والسؤال هنا: هل سارعت أجهزة المخابرات الامريكية باجهاض عملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران بتسريبها رواية لارى فرانكلين جاسوس البنتاجون المزعوم والوثيقة الامريكية السرية المتعلقة بايران؟!!

- الاحتمال الثالث والأخير: ان تكون اجهزة المخابرات الأمريكية فى إطار حربها وصراعها ضد تيار المحافظين الجدد قد قررت أخيرا إعلان الحرب على كل عملاء الدولة اليهودية والطابور الخامس الإسرائيلى فى واشنطن.. لقد نجحت إسرائيل فى تحقيق دراسة الانكسار النظيف على أرض الواقع مستخدمة فى تحقيق هذا الهدف أكبر قوة عظمى فى التاريخ البشرى كله دون ان تطلق هى طلقة واحدة أو تفقد جنديا إسرائيليا واحدا أو تدفع سنتا واحدا.. هل عرفنا الآن مغزى عنوان الإنكسار النظيف؟!!. ان إسرائيل فى علاقتها الحميمة مع الولايات المتحدة هى دائما التى تقبض وأمريكا هى التى تدفع الإ أن الثمن الذى تدفعه أمريكا فى حربها غير العادلة ضد العراق ونيابة عن إسرائيل هو ثمن فادح بكل المقاييس فالدم الذى يراق على أرض العراق هو دم الجندى الأمريكى لا الإسرائيلى ويدفعه المواطن الامريكى العادى ، واذا استمر الدم الأمريكى يسيل نيابة عن إسرائيل فربما - أقول ربما - يؤدى ذلك الى استيقاظ المارد الأمريكى النائم منذ عشرات السنين.
___________________________
مسعد حجازى ـ كندا / تورونتو
Mossad_Hegazy@hotmail.com

الاستاذ القدير مسعد حجازي
تحية طيبة لك
لي تعليق على تحليلك السياسي ابدأه من حيث ما قلته انت :

التحليل التالى هو محاولة جادة وموضوعية لوضع النقط على الحروف وبعيدا عن نظرية المؤامرة والتفسير التآمرى للأحداث،

هذه بالحقيقة هي النظرة الجادة للامور ولعدم الخروج عن صلب الموضوع لكن لتوضيح فكرة صغيرة
نظرية المؤامرة فكرة ظهرت لدى اتباع المذهب السلفي الاسلامي وهي التفسير العقابي للامور وهي نظرية ارتبطت بالخرافة وحتى ان المذهب الاسلامي الاشعري يقول عن المذهب السلفي ( إن السلفيين اخذوا عن اليهود فكرة المهدي حتى يبرروا تخاذلهم امام الحاكم الكافر )
هذه حقيقة أويدها فكانت نظرية المؤامرة وللاسف اخذ بها الكثيرون من الجهلة بالتحليل فيما بعد
ونظرية المؤامرة تولدت نتيجة عدم القدرة على تحليل الصراع بين الدول الكبرى وفهم ماهيته وطبيعته

عودة لموضوعنا : بالنسبة لاسرائيل لا بد من إدراك حقيقة وهي أن اسرائيل مثلها مثل اي دولة بالعالم تشكل ثقل في منطقة الشرق الاوسط
ومنطقة الشرق الاوسط هي منطقة صراع متنازع عليها بين دول اوروبا وبين امريكا التي جائت وكنست بقايا الاوروبين وعملائهم من الشرق الاوسط
لكن بقيت لهم عملاء متجذرين في كل مكان
واسرائيل تمثل حلقة استراتيجية سواء لامريكا او لبريطانيا
فشارون مثلا من خلال اعماله يمكن ملاحظة ذلك جليا ان شارون وحزب الليكود يعمل بالاتجاه الامريكي وهذا ما يرفع كفته في اسرائيل ويفسر اغداق اسرائيل بعشرات المليارات من الدولارات في فترة حكم الليكود بعكس فترة حكم حزب العمل الذي يتزعمه شمعون بيريس الذي يميل للسياسة البريطانية
لذلك لا استغرب وجود عميل اسرائيلي من التيار البريطاني في البيت الابيض حتى
لان هذا الصراع ممتد واسرائيل لن تعدو ان تكون مجرد شبه مستعمرة او مندوب سامي عن بريطانيا او امريكا
لذلك لا استغرب هبوط قوات امريكية قريبا في الاراضي الفلسطينية لضرب بقايا الاستخبارات الاسرائيلية الموالية لبريطانيا اولا ومن ثم مسح بقايا رجال المنظمة الموالين للانجليز لجعل اسرائيل ومن بعدها مناطق الضفة الغربية وغزة مناطق استراتيجية امريكية ومنطقة نفوذ امريكي
وهذا واضح من خلال ما يقوم به شارون من تعنت في سحب قواته والتوقف عن سياسة التدمير ضد الشعب الفلسطيني الضحية لهذا الصراع حتى يبرر نزول القوات الامريكية
اذا فهي حرب ستشنها امريكا على بقايا الاوروبيين سواء لبريطانيا او فرنسا عدوة امريكا الاوروبية الحالية لتصبح المنطقة كاملة (منطقة الشرق الاوسط ) امريكية خالصة

مقال عميق من الاستاذ مسعد حجازي وتعليق عميق ايضا من الاستاذ مهند صلاحات لهما كل التقدير.. فهما يثريان الحوار الفكري الهاديء

الاستاذ القدير مسعد حجازي
تحية طيبة لك
لي تعليق على تحليلك السياسي ابدأه من حيث ما قلته انت :



هذه بالحقيقة هي النظرة الجادة للامور ولعدم الخروج عن صلب الموضوع لكن لتوضيح فكرة صغيرة
نظرية المؤامرة فكرة ظهرت لدى اتباع المذهب السلفي الاسلامي وهي التفسير العقابي للامور وهي نظرية ارتبطت بالخرافة وحتى ان المذهب الاسلامي الاشعري يقول عن المذهب السلفي ( إن السلفيين اخذوا عن اليهود فكرة المهدي حتى يبرروا تخاذلهم امام الحاكم الكافر )
هذه حقيقة أويدها فكانت نظرية المؤامرة وللاسف اخذ بها الكثيرون من الجهلة بالتحليل فيما بعد
ونظرية المؤامرة تولدت نتيجة عدم القدرة على تحليل الصراع بين الدول الكبرى وفهم ماهيته وطبيعته

عودة لموضوعنا : بالنسبة لاسرائيل لا بد من إدراك حقيقة وهي أن اسرائيل مثلها مثل اي دولة بالعالم تشكل ثقل في منطقة الشرق الاوسط
ومنطقة الشرق الاوسط هي منطقة صراع متنازع عليها بين دول اوروبا وبين امريكا التي جائت وكنست بقايا الاوروبين وعملائهم من الشرق الاوسط
لكن بقيت لهم عملاء متجذرين في كل مكان
واسرائيل تمثل حلقة استراتيجية سواء لامريكا او لبريطانيا
فشارون مثلا من خلال اعماله يمكن ملاحظة ذلك جليا ان شارون وحزب الليكود يعمل بالاتجاه الامريكي وهذا ما يرفع كفته في اسرائيل ويفسر اغداق اسرائيل بعشرات المليارات من الدولارات في فترة حكم الليكود بعكس فترة حكم حزب العمل الذي يتزعمه شمعون بيريس الذي يميل للسياسة البريطانية
لذلك لا استغرب وجود عميل اسرائيلي من التيار البريطاني في البيت الابيض حتى
لان هذا الصراع ممتد واسرائيل لن تعدو ان تكون مجرد شبه مستعمرة او مندوب سامي عن بريطانيا او امريكا
لذلك لا استغرب هبوط قوات امريكية قريبا في الاراضي الفلسطينية لضرب بقايا الاستخبارات الاسرائيلية الموالية لبريطانيا اولا ومن ثم مسح بقايا رجال المنظمة الموالين للانجليز لجعل اسرائيل ومن بعدها مناطق الضفة الغربية وغزة مناطق استراتيجية امريكية ومنطقة نفوذ امريكي
وهذا واضح من خلال ما يقوم به شارون من تعنت في سحب قواته والتوقف عن سياسة التدمير ضد الشعب الفلسطيني الضحية لهذا الصراع حتى يبرر نزول القوات الامريكية
اذا فهي حرب ستشنها امريكا على بقايا الاوروبيين سواء لبريطانيا او فرنسا عدوة امريكا الاوروبية الحالية لتصبح المنطقة كاملة (منطقة الشرق الاوسط ) امريكية خالصة

أخى الفاضل الأستاذ مهند صلاحات

أشكرك ياأخى على ردك على ها المقل وعلى مقال أخر وقد قرأت لك مؤخرا بعض ما كتبت فى موقع أخر
وانا احترم قلمك لأنه يجتهد فى البحث والتفكير ولا يتعامل مع القضايا الحيوية بالسطحية

ولك منى خالص مودتى واحترامى

مسعد حجازى

استاذي العزيز مسعد
اشكرك كل الشكر على كلامك
وبالعكس يا استاذي منكم نتعلم
الموضوع يعتمد على قراءات الانسان واعتماده على منهجية سليمة في البحث والتحليل
لا التحليل المتسرع الذي لا يبنى على اسس في التحليل
الفضل يعود لاناس كثيرون لهم فضل علي
فالحياة مدرسة واجمل ما في الحياة ان نتعلم منها كل يوم ولو حرف
في يوم قال لي صديق لي كان اكبر مني سنا بكثير لكنه كان يعتبرني صديق
قبل ان يهاجر الى فنزويلا ومات هناك (رحمه الله )
قال لي قبل ان اذهب سانصحك نصيحة يا مهند
حاول ان تتعلم من كل انسان تعرفه ولو كلمة فكل انان مدرسة بحد ذاتها
وانا اخذت بنصيحته فقد كان ايضا علامة
لكن قتله القهر على اوضاع الامة الهالكة والتي تحفر قبرها بيديها بجهلها