هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

مالحة قهوتي هذا الصباح ،ليس لأني وضعت الملح بدل السكر، فدمعي كان سكّر قهوتي هذا اليوم ،
لا أنت هنا و لا أمي هنا ،و أنا أبحث عنكما في نفسي،
لا شيء يضاهي حضن أمّي و بسمة أمي ، و غفوة على حجر أمّي ،
لا غير حضنك يمكن أن ينسيني الحنين إلى حضن أمي ..
فلا أنت تكفّ عن السفر بين خطوط جبيني،و تختار قلبي موطنا تسكن فيه ،
و لا القدر عجّل قدومك فأرتاح من انتظار سقوط نجمة في يدي .

جَسَدي مرْهقٌ، و قَلْبي مُتعب ،و لأنّ لجسَدي عليّ حقٌ؛قررّتُ أنْ أَرتَاحَ قَليلاً بَلْ كَثيرًا ،
أختي تقَولُ أنّ الكتابةَ تَزيدُ مِن عَنائي، فَماذا لوْ كتمتُ صرخةَ الأبجديّة في وَريدي ،
أ تُراني أهْدأ و أكفّ عنِ التفْكير ؟ و أحْظى بقِسط وَفير مِن الرّاحة ،
سأجرّب هَذا اليوم ، سَأصُوم عنِ الكتابة إلى أجَل غير مُسَمى ..
رغْم أنّي لا أظّنني أُطيق صبرًا عَلى شَهد اللّغة ،فَمذاقُ الحَرْف عَالقٌ في شَفتيّ.

أحبّكَ عَلى شَاكلتي، و على طَريقتي ، أرْفُض كلّ طُقُوس العِشق؛و التّي تجْعلني أكَتفي بقَولِ كلِمة أحبّك عربونا لمحبّتي، لنْ أقُولها : فَلا تنْتظر سمَاعها منّي ، هَات يَدك و اسْمعها مَع كلّ نبْضة مِن نبَضَات قلبي،
ستّون أوْ سبعُون أو ربّما ثمانُون نبضةً في الدّقيقة، كمْ سَمعتها؟أكثَر مما تتَخيل،
تَعيشها أكْثر من لحظَة واحِدة تتَوقّفُ فيها عينيكَ عنْ رؤية سِواي. هذا جُنوني ،فلا تبقِ شفتيك معلّقّتين،
و لا عينيكَ مشدودتين إليّ ، و لا أذنيكَ لأهمس في أحَدهِما أنّي أحبّك...فَقط هاتِ يدكَ لتَسري في دمَائكَ رَعْشةُ قَلْبي لحظةَ الهيَام..

لُغتي بَحر بلا قرار، سماء تتبعها سماء،و أرض كلّما تشققت التم شملها،
كزمزم يجود بسيل و لا يبلغ انتهاء.

ساحر أنتَ..فنّان ..مدهش ..نعم و كم أعشق فيك الرجل الذي يدهشني ، يأسرني ،
أغوص في أعماقه،أغرق و أغرق فأزداد عشقا بعمق غرقي، أسافر بين طيّات نفسه،فأعود بخفّي حنين،
مع هذا أجدني ألتجئ إليه كلّما طاردتني ريح هائجة، أعشق تسلق روحك بأناملي ،
أتعثر و أسقط ليس أرضا ، فيديك دائما تتلقفني .
لذا أحبك رغم غموضك، و طبع فيك أرعن ..روّضتهَ ..لكن لم أستئصله منك ..

غنّ..أغنية الحب ..ردد على مسامعي أنشودة الشوق،
أحبك جدا ..و أزداد حبّا كلّما همست ..نطقتَ..
و ذكرت اسمي ..قفز قلبي منّي إليك ..
فغنّ..و راقصني رقصة العشق الأبدي..

كلّ يوم تحيرني فيك أكثر ..تشغلني بك أكثر ..و لأني أحب الأشياء التي يصعب علي ادراكها بسهولة وجدتني أتعلق بك أكثر

حين أنام و في صدري شيء يتأرجح بين وريدي و شرياني دون أن أتحدث عنه أجدني حين أستيقظ أفكر فيه، و هذا ما حدث لي يوم أمس، حين قرأت لأحد الروائيين موضوعا للنقاش،ساءني طرحه لفكرة الجنس و الحديث عنها اذ قال : ألا يملك الروائي العربي القدرة السردية والشجاعة ليكتب نصا كاملا في الجنس، ألا يملك الوسائل والتجربة اللتان تسمحان له بوصف الواقعة الجنسية وصفا تصويريا دقيقا ملما بكل التفاصيل، أم أنه حين حاول تحطيم هذا التابو خلق تابو جديدا بوازع احترام القارئ.
قبل أن أقول رأيي أو بالأحرى لنسميه مبدئي لأن الآراء قابلة للتغير إن دحضتها حجة أقوى ،
فوجئت ببعض الآراء النسوية و التي أيدته في موقفه، و طالبته بالبداية بهذا الأمر و هو وصف العملية الجنسية كتابة و بأدق التفاصيل، هل يعقل لإمرأة و هي أقرب للحياء أن تؤيد فعلا كهذا ، رغم أن طبيعتها الأنثوية السوية تخجل و تشمئز من نظرة رجل يرمقها بنظرة سوء خبيثة، فهاهي واحدة تمثل نفسها و بعضا من مثيلاتها و تدعو للكتابة عن الجنس ..كما وجدت من يدعمه أيضا بقوله نعم اكتب فنحن نشاهد الأفلام الاباحية، أيضا قول آخر : اتهم القارئ الذي يتأثر بقراءة نص وصفي للجنس بأنه مريض الهوى، و سريع الاثارة ، حتى أنه ورد رأي لأحدهم و ان في كان في مجمله يعتبر الجنس جزءا من الطبيعية البشرية، و الحديث عنه في مجتمعاتنا الاسلامية أمر نخجل منه ، فنتلقى ثقافتنا من وسائط خارجية تؤذي أكثر مما تفيد ، لكنه أدرج قولا استكرته ، كيف له أن يقارن كلام الله بكلام البشر :
أننا كعرب متخلفيين سنعتبره كذلك بالفعل وأن قال الاسلام أن الدين جاء لتنظيم العلاقات الجنسية في القرآن..ومثلا لو ان مراهقا قرأ سورة يوسف سيتململ في مكانه لانه سيشعر بان شئ ما خدش داخله أو .... والإمام أو المدرس عندما يدرس الامور الجنيسة كالبلوغ ونواقض الوضوء...واداب النكاح.....انها مشكلة كبيرة في تربيتنا نريد الهروب منها الى الامام متهمين الروائي بأثارة الجنس لاننا لانملك ابسط الادوات العلمية لمناقشتها....ومن طبيعة العربي أن يعيش عالم المثل ورجليه في الطين ويدرك ذلك بينه وبين نفسه ولايريد الاعتراف..انتهى رأيه.
فرق كبير ، حاشا لكلام الله المنزه أن يخدش حياء المسلمين أو يمسهم بما يسيء إلى عقيدتهم و أخلاقهم ، لكن قراءتنا لرواية مليئة بالاثارة التي قد تبتعد أصلا عن موضوع الرواية اذا كانت تحمل موضوعا،
أ نسي صاحبنا أن الحرف قد يشهد له أو يشهد عليه ؟
لا يسع المجال لنقل أغلب الآراء التي وجدت أغلبها مؤيدين، و قلة من الرافضين الذين ركزوا أصلا حول موضوع الرواية و هل في الوصف و الخوض في الأمر ما ينقل الفائدة للمتلقي أم ما يجعل الرواية سلعة تجارية رخيصة،
أقول في هذا الشأن اذا لم تستح فاصنع ما شئت،لا أتحدث عن الحب كعاطفة بشرية ، بل أتحدث عما يرمي إليه الكاتب ، الحديث عن عملية جنسية أو لنقل الجماع ..اذا كانت بعض الألفاظ و الأوصاف الموحية ترمي بالخيال إلى أبعاد أخرى ، فما بالك بالوصف الدقيق و السرد العادي ، هل في هذا عمل أدبي ؟

همسات فيروز ..دندنات فيروز ..
و أغاني فيروز
و أنتَ
ما الحكاية يا ترى ؟
كلّما سمعت :حبيتك في الصيف ، تذكرت أني تركت قلبي على الرصيف ذات شتاء ماطر،
و كلّما سمعت : شايف البحر شو كبير..كبر البحر بحبك
تذكرت أني ادعيت السباحة ،غامرت حتى غرقت في بحرك ..
كثيرة هي الأغاني ، و كثيرة هي الذكريات، هل سأكره أغانيها لأنها تذكرني بك ؟

حين أحببتكَ كدت أنْسى اسمي ، فكلّما سمعتُ مناديًا و هاتفًا باسمكَ انتفضتُ، و التفتُّ ،كأنّ النداءَ موجه إليّ، و أمسكتُ قلبي بيدي مخافةَ أن يفقز هربَا منّي إليكَ.
أ لا تكفيكَ روحي التي سكنتها؟ و قلبي الذي نازعتني فيه؟
ها أنتَ تستأثرُ بالحرف ، فيأبى أن يكتبَ إلا عنك َ..