هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

و إنّي أحبّك في صمتي ..و في سرّي..و أهذي بك في صَحوي ..و أشدو بحبّك في كل ركن..اسمك قلادة تتوسّط صدري..غيرتك سوار يزيّن معصمي ..
حبّك مسّ ..جنون ..حبّك راحتي بعد الشقاء ..

لا تسْألني هل أحبّك ؟فالحبّ مكشوف أمرهُ ، ظاهر للعيَان،و الحرْف رسُول العشق، قال مالم تقله العينُ،
و لم يتلفّظ به اللّسان.
بل اسْألني :كمْ أحبّك ؟ و أين صيّرني الحبّ؟ في مكاني مازلتُ أم أنّي أمتطي السّحاب ؟
؛فللحبّ درجاتٌ و منازل ،و إنّي قد بلغْت في حبّك منزلة الهيام،و مازال الدّرب طويلًا، فمدّ لي يدكّ ..
لا يحلّق الطائر دون جناحين ..فكنْ لقلبي أجنحةً لا تخشى الريَاح..

المسافات ... لاعلاقة لها بالرياضيات ... إنها رابط خفي يجمع ويفرق ، يغلف الرجاء بالخوف ، رابط يفك أسرنا من قيود الخطوات".. للأستاذ خليل حلاوجي ،

قرأت هذه العبارة ، فوجدتي أرد بهذه الكلمات .و ان كان المعنى بعيدا ، لكنها أوحت لي بالفكرة التالية :

كم يفصلني عنْكَ ..ساعة أم ساعتان ؟ متر أم مئات الأميال ؟
أم هي إطراقة روح ذات حنين ، تجعلني بين يديكَ الآن ؟
هي المسافة بين القلوب لا تقاس بالزمن يا صاحبي ، فكم من قريب أمام العين ، بينه و بين القلب آلاف الأميال،و كمْ منْ بيننا و بينه جبال، لأقرب إلى القلب من حبل الوريدِ.

أحبكَ بكل مافيّ من أنفاس و روح و قلب ..و حبّي هذا يقتلهم غيرةً ،في غيابة الحقد يقذفهُم ،
ودّوا لو أتّبع وشاياتهم ،و أنأى بقلبي عنْكَ ، ففي بعدي عنْك غايتهم ،
أبدًا يا رفيق القلب، و يا شريك الروح في الجسد،أنتَ أمنيتي و أنفاسي ، أنتَ لي الروح فهل لي من غير الروح حياة ؟؟

في حبّك ألفيْتُ نفسي،أمسكتُ بيد الفرح،و عانقتُ حلمي،في حبّك غادرت يأسي،الذي كان قبلًا يسكُنني، فَردمتُ في قبو الحزن نصف ذاكرتي،حزنًا و ألف خيبة، و ودّعت وهما كنت أظنه حبًّا،
فما عرفت الحبّ إلا على يديك سيّدي ..

قال : ما بال النسرين عابسة ؟
قلت : جفّت بئري و الورد ظمآن .
قال : ظمأ و هذا الغيم بكلّ حقائبه ،عجبًا يمرّ عليك،و لم ير الروض يراوده القحط؟
تعالي : يا جنّتي ..أنا لك السقيا ، بكفيّ أناولك ماء روحي فاشربي ما شئتِ.
دعي عنك ما كانَ ،
و هات قبسًا من فتيل عينيك أوقده نارًا ؛بها تصطلي جوانحنا، ففي عينيك تتربّع الشمس .
هات نغمتك الرقيقة أفرغها في جوف ناي حزين فيشدو أعذَب الألحَان .

أحبك ..كم قلتها ؟مرة بل ألف مرة..
سأرددها مرات كثيرة ،بعد الوضوء و عقب كلّ صلاة ، أتبعها بالدعاء .يرعاك ربّي .
يا من علّمتني كيف يكون الحب في الله طاهرًا ..نقيّا يملؤه الرجاء بلقاء قريب .
و ودّ يعطّره الصفاء .

وحدكَ ..لا غيْركَ يصغي لهذياني و يطيق جنوني ..وحدكَ فقط يفهمني دون أن أحكي ..و لأنهم فقط يحبّون ضحكتي أحببتك أنتَ ؛
لأنك تكفكف دمعتي قبل أن تلمس خدّي ،
فمنْ يفرّ من قلبك الحزين، لا يستحق أن يرى الفرح في عينيكَ ..

للجسد بدايات و نهايات ، و للروح أغوار لاندركها ،
للقلب أمنيات، و للنفس حنين يسرج قناديل المحبّة فيها ،
و يحيي ما خمد من جذوتها ،و لها همس لو أغمضنا العين بالروح نسمعه ،
ها أنا أصغي لروحي، حدثتني فقالت : أما اشتقت ؟
قلت : و هل نسيتُ لأشتاق؟
قالت: و هل يطيق المحب عن محبوبه غيابا أو فراقا ؟
قلتُ : أبدًا ..من قال غير هذا ،فلم يعرف معنى الحب ، فما الحب إلا نغمة بلحن الوفاء.
أنا أغيب لكن لا أطيق الغياب ..

لي في عَينيكَ ألف أمنية ،و منارة تنيرُ دَربي حينَ أغوصُ في دجى أعمَاقي،و لي في قصائدك ذكريات نتقَاسمها،و ألف نبضة ،و عشق فضفاضَ الثّوب لا يضيقُ بأشواقي ،
فاجعل من دمي مدادًا ،و من جلدي اصطنع أوراقًا ،و اكتب قصصا تبقى لمن بعدنَا نبراسَا و تذكارًا.