هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

أنا و أنت عاشقان ، لسنا أول من أحب، و لسنا من أوجدنا العشق ، فالعشق موجود منذ سالف العصر،لكني كتبتكَ بنبض القلب لأمنحك جواز المرور إلى عالم غير عالمي، على صدر الدفاتر ألقيت بكَ ، واثقة فيك و فيها ، وحده الورق لا يخون صاحبه،
و أنتَ شهرياري فاستمع لما يقال،هي الحروف شهادة حبّي، أجددها مع كلّ نبضة ، فالقلوب تملّ ، و في جمال الحديث فسحة للروح ،و محبة تزداد كل حين .

معجزتي أنتَ ، ما رأوك في عيني ، و ما سمعوا تغريدك في حروفي ، و لا لمحوا خطواتك الثابتة على حافة الدفتر ،لو شاهدوك لعقلوا و أدركوا أنك يا ساحري مفجر أبجديتي ، تكفيني رؤيتك باسما لتتساقط الحروف بين يدي ؛ألملمها عناقيدا أزين بها جيد الورق.

صديقتي أنتِ ، كيف للحزن أن يسرقك منّي ؟
ان كان يريد حربا فإني أعلنت عليه الحرب، و بأملي سأقاتل ، بنصل المحبة سأمزق أشلاءه ألف قطعة
و أهشم رأسه ، ثم أذروه رمادا ،لأجل عينيك أبيع فرحي و أهديك كل أنفاسي .
خذي منّي ما يكفي لأرى البسمة على شفتيك ،تفاءلي فوالله من كان قلبه بالمحبة عامرا فما جزاؤه إلا حب دفين كالدر كامن في الأصداف .

أغمضي عينيك و غوصي في دمي ،قلبك بوصلة لا تخطئ الدرب، و لا تحيد عن سبيل الحنين ،تعالي إلي ،هو الليل طويل فأطربيني بحديثك الجميل ، حدثيني عن لسعة الوجد؛كيف انتفضت منها مهرولة إليّ ،حدثيني عن لدغة اللهفة و كيف رمتك بين يديّ.
يا فراشتي ان كان احتراقك حتميّا ، فاحترقي هاهنا ، ألملمك بأهدابي ، و أنثرك على راحتي .
فها أنا أغمضت عيني و أدرت زورقي إلى شاطئه .
تصبحون على فرح

قد تكون هذه هي الهمسة الأخيرة هنا مع ختام هذه السنة ،
ان شاء الله يكون القادم أجمل، و تكون في جعبتي حروف أخرى و عطاء أكثر ،
في كل يوم نجدد توبتنا ، و مع كل نفس ندعو الله أن يحفظنا و يسترنا فوق الأرض و تحت الأرض
و يوم العرض ،
فما خلقنا إلا لنعبده ، و نتخذ من متاع الحياة ما يقربنا إليه .
كانت سنة مليئة بكل شيء فرحا و حزنا ، ألما و أملا ، و كان دفتري رفيقي الذي لا يخذلني ، أبوح له بما يختلج في صدري ، فيسمع أناتي و يكفكف عبراتي،
و يلومني إن أخطأت ، و يذكرني بأن القلم سلاح إما معي و إما ضدي ، فحروفنا تسجل في صحائفنا ، و تعرض على بارئنا ، كأنما يذكرني بحديث رسولنا عليه الصلاة و السلام : اذا لم تستح فاصنع ما شئت ،اكتبي فإن لسان قلبك قلمك .و الله يطلع على ما تخفيه الصدور.
أسأل الله أن تكون أيامنا القادمة عامرة بالمحبة و الخير ، و أن تكون الصحوة أهم ما يميز عالمنا العربي المسلم.
نلتقي مع السنة الجديدة باذن الله ان كان في العمر بقية .بهمسات أخرى أو بصفحة جديدة من بوح الذات .

تقدّم ، تقدّم و دَعْ عَنْك الأمَاني، لا تقلْ هذه بئْر عميقة،و القَاء الدّلو فيها يُتعبُ ذراعي،هَا هي الغيوم ترْكضُ نحو بعضها،فصبرًا إنّ في عناقهَا تفجّر المآقي ،و منه سقاية الظمْآن .هذه الحياة شقاء و كدح،لا يُنال المبتغى بالترجّي،إن لم تحرث أرض ،
و يكلّ ذراع ،و تحفرالنّدوب ألف جبهَة ؛ ما أثمرت أشجارٌ و لا أخْرجت خيرات..تقدّم و توكّل فإنّ التوكل عّلى الله يزيدكَ ثقةً و إيمانًا

.

يوم يتبعه يوم ،و شهر يطوي صفحات معدودة من الأيام،و سنة مضت على عجل و قد أكلت من رحيق أعمارنا ،لكن بالمقابل زادت من رغيف تجاربنا،
كم من صفعة تلقينا؟صفعة وربما ألف صفعة ،لم تقتلنا لكنّها علّمتنا أن نرى الجانب الآخر من الحياة ،
و كم من خيبة جعلت من رؤوسنا تمور و تمور ؟ لكنّ رؤية الشمس مشرقة جعلتنا نؤمن أن الزمن منقلب،وحده الله يُغير و لا يتغيّر .
أمل،ألم ،حزن،فرح ..و تختلف المواسم .لكل ساعة فصلها ،و قطاف العمر لحظة تضمنا الأرض بين جنبيها،كما حملتنا على أكتافها .و هناك كلّ منا بما كسب رهين..رحلة مؤقتة فوقوف للعرض و الحساب لا مناص منهما

.

لأنك الذي يأسرني طيفه.صوته،سحره، أجد ريحك مع كل نسمة،و أسمع صوتك في كل لحن أو همسة، أتحسس نبضك في كل دبيب، لأنك أنت الذي ملك قلبي دون لأي منّي أحبّك، و أحبك كل يوم أكثر من سابقه..و لأني أخشى على قلبي أن أفقده ،رجائي منك أن تمنحني قلبك لأرتاح من هوسي، و يطمئن فؤادي، أمهلني نبضة أو نبضتين حتى أسمع اسمي بين خفقاته .سأرده إليك بعد أن أُفرغ فيه بضع أنفاسي، لتمتزج بأنفاسك ، و تحملني ريحي إليك أينما حللتَ، فالعطر لا يخدعُ صاحبه .

هذه أبجديتي، عُصارة فكري،رغوة عمري، و فيض الخاطر سكبته على الدفتر حروفا فأزهرت الهوامش قرنفلا،و نأى عنّي وجعي،
هي سلاف الفرح إذا عنّى القلب أغنية الحب، هي أجاج الجرح لو طرحني الأسى بين كفي رحى الوجع،
ألوك حسرتي و يفركني الغياب.فأقايضه بنزيف القلب مدادا للمحابر.
أبتاع بسمتي بآهة أنفثها في وجه الورق.
هذه أبجديتي و هذه أحرفي موقعة بنبض قلبي، و مختومة بشمع الروح ..

كلّما فكّرت فيك أزّني الحنين أزّا، و دفعني إلى مسك قلمي، لا مؤنس لي في دجى الوجد غيره، و محبرة أفرغتُ فيها خيباتي،ملأتها بمستخلص عطر سرقته من جدائل الليل، و هذا قلبي يكابد الشوق،يرنو لفرح نكّص على عقبيه عائدا إلى قمقمه،و في الدفتر أنّات تتمطى في مشيتها على الهوامش؛ لم تكد تمسكها أناملي حتّى توارت بين السطور ...