هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

يا رفيقي إني أهذي بكَ؛ ردّ لي عقلي..و إني نسيت على قارعة الحرف قلبي..و كلّما ذهبت لأسترده عدت أدراجي خاوية منه،قد تركته معلقا على مشجب الصمت.
إني ضيعت لساني ،ردّ لي حنجرتي..
ما ظلّ لي غير غير حروف اِن كتبت عنك أتتني طائعة؛و اِن نأى القب عنك خاصمتني دهرا.
أنت تحتكرها..ردّ لي لغتي..

إلى النوم الآن.
لا اله إلا الله محمد رسول الله.

غبتَ عن ناظري، لكن ملامحك لم تغب عن روحي.

الذاكرة ملاذ المشتاق،الهارب من وجع الحنين إلى ركام الأمس؛ليستنشق عبير المحبّة من رماد الغياب.

أنا أنت و أنت أنا ، و الفارق هش بيننا كالفارق بين ماء البئر و مطر السّماء،
كلاهما للظمآن شراب يروي الظمأ.

يقول د.مصطفى محمود: "إذا أردت أن تفهم انسانا فانظر فعله في لحظة اختيار حر ،وحينئذ سوف تفاجأ تماما؛ فقد ترى القديس يزني وقد ترى العاهرة تصلي,وقد ترى الطبيب يشرب السم,وقد تفاجأ بصديقك يطعنك وبعدوك ينقذك وقد ترى الخادم سيدا في أفعاله والسيد أحقر من أحقر خادم في أعماله ،وقد ترى ملوكا يرتشون وصعاليك يتصدقون "
و أقول أنا: إذا أردت أن تعرف سريرة انسان فاستفزه و انظر لسانه في لحظة غضب،إما سبّ و شتيمة أو قول كريم و استغفار،فمن كان لسانه طيّبا فلن يقول إلا طيّبا،و من اعتاد الخبيث من القول فانتظر سماع ما لا ترتضيه الفطرة السليمة.

و يقول لم أنت دائما على عجل من أمرك؟
تمهلي قليلا و أمهلي قلبي الشارد في دروبك أن يلملم شتات أنفاسه و يأتيك على مهل..
ما يأتي سريعا حين يغادرنا يكون أسرع من وميض البرق..فاللهفة قطار المحبة
و الحنين مسافر طويل البال،لو كان قصير النفَس لكنت نسيتك اِن طال بك الغياب.

أمّاه اليوم تذكرت حين قلت لي: تحبين والدك أكثر منّي،لكن والله يا أمي كنت أحبك مثله ،و لم تكن لي مفاضلة بينكما،غير أني كنت ابنته المدلّلة أكثر من اخوتي،و الآن حين فقدتك أدركت أن الأب و مهما منح من قلبه لأبنائه فإنه لن يمنح ما تمنحه الأم في لحظة دفء واحدة..اِن مرضتُ كانت يدك كمّادتي،و اِن بكيتُ كانت عينك تدمع قبل عيني.
و اِن نمت تفقدت غطائي..و رافقتني بالدعاء حين خروجي و بالبسمة حين عودتي،
الآن أنا أبكي .هل يرى والدي دمعي ؟
و اِن رآها هل سيبكي معي أو أني سأمسح الدمعة و أخبئ وجعي بابتسامة متصنعة.

الحب و الشقاء لا يجتمعان يا رفيقي،و اِن اجتمعا فالشقاء قويّ يصرع الحب فيغلبه، و الحب للمحظوظين و حظي في الشقاء كبير.

هادئة جدا أنا هذه الأيام؛رغم ما ألمّ بنا من صنوف الدهر و كوالح الزمان،و أجدني صامدةً راضية،تغلب بسمتي حزني،إلى حدّ أنّ الدمعة المترقرقة في حجر العين تخجل فتفرّ خلف جفني..
يا صاحبي "الضربة الي متقتلكش تقويك" و ها أنا أجدني صرت صلبة قوية في وجه الأرزاء،أو أن الدهر مازال مخبئا لي في جعبته أنواء شديدة فلم يضن عليّ بعطائه،فمنحني من الصبر ما يجعلني أثبت و أشدد أزري و أقّوي عضدي لمجابهة الاعصار القادم من المحن.و الله وحده المستعان