هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

ليس لي إلا قلبي ؛قد توّجته المحّة عليهِ ملكَا،فاعذريني يا قدّيسة الحب..ليس لي غير قبلة اختلستها من سلال الوله، دعيني أقبّل هذا الجبين و تلك اليد التّي أنجبت سيّد قلبي و مالك روحي.. دعيني أسرج من ضياء عينيك قناديل مهجتي ..
يا أمّ رفيقي،يا سيّدتي أو تعلمين أنك مُنحتِ الأجر مضاعفًا، فإنك و إن تعبتِ من ثقل الحملِ،فإنّك قد أنجبت تؤأمين؛واحدا من رحمكِ و الثّاني من قلبهِ.

كنت أحسبني قبلك على قيد الحياة، لكني أدركتُ معك أنّي كنتُ أعيش نصف حياة بقلب أجوف لولا النبضات الصاعدة من جوفهِ .. هيَ الولادة للمرة الثانية كانت من رحم الحب ،إننا بالحب نولد من جديد ..

هو التقاء الساكنين حرّك الأفئدة و توّج الحبّ ملكا .. و شيّع التردّد لتحلّ جرأة البوح مكانه ..
أعترف و إني كتبت بالنبض أني أحببتك و قضي الأمر،فلا تستفتني في أمر قلبٍ تحتضنه الدهشة ،و صار تحت أمر الحب قدّيسا في محراب الوله ..

ستحيا مرة واحدة ..فلا تمت مرتين..فان استطعت فاصنع لنفسك ألف حياة ..لكن لا تمت رهين الهواجس..لا تمت عبدًا للهوان ..

و أفقت و ريحك تسري في دمي..و دمعة من فرط اللوعة تسمّرت في عيني،كقطرة ندى على خد النرجس.تزيدها اشراقا و جمالا..
ثملة من حلم كنتُ صاحبتهُ لكنّك البطل فيهِ،نكاية بالشوق المتربص بأنفاسي سأرتديك كجلدي..فإذا دغدغني الشوق حككتهُ بأظافر اللّهفة، لترتجّ ضلوعك في صدرك..فتأتيني مطالبا بجلدك منّي..اشتقت لكَ.

ويحكَ.يا قاتل الذكرى إلا من تفاصيلك.ويح قلبي ..أضعت ذاكرتي قربكَ..إني مذ أحببتكُ نسيتُ اسمي،
و لا عزاء لذاكرتي إلا بكَ ..حتى تقاسيم وجهي ترسم طيفك،و خطوط يدي تشق دربها إلى قلبي،و قرب الوريد حيث تقطن أنتَ ..
ذبالة الفرح كانت تومض في مدني قبلك، أما الآن فإن الشمس تشرق في عيني،و أزهرت الضلوع قرنفلا
و سوسنا..أنت الربيع بجنتي ..

مالحب حبّ إن لم يكن منك،و مالفرح إلا بين يديكَ،فأي فرح أحملهُ إن لم يأتني و أنا معكَ ..
و ما جمال الأشياء إلا برفقتك..
و لماذا أتهجئ الأبجديات إن لم أكتب لكَ ..
فرّت القوافي لأنها تعجز أن تكتبكَ،و خجلت الحروف من أن تحمل اسمكَ ..
فاعذر القلب إن لم يكتبُ اليوم عنكَ،إنه يهديك نبضه و الفرح،يهديك دفئه و الأمل ..

في الحب تخذلنا الكلمات،فنكتفي بدمعة خجولة ،أو نبضة هاربة،و ربما نكتفي بالصمتُ فنجعلهُ لنا آية ..إني الآن أتعلّم الأبجدية من جديد،كأني لا عهد لي بها من قبلُ،كأنما تفرقت الكلمات في دمي قبائل متناحرة،حتى الحرف بعد أن كان يأتيني طوعا،تمرّد و و نأى بعيدا عنّي،كنتُ أصنع من لآلئه تيجان فرح و أساور أملٍ،لكنّهُ أضحى نصلا في خاصرة الشغف، يزيد وجع الحنين و يوقد جذوات اللهفة ،كفعل الزيتِ إن صُبّ على النار يزيدها تأججا و اِلتهابا .فآثرتُ الصمت على بوح يوجعني مرّتين،حين كتابته ينزف القلب مدادا و بعد قراءته يجتاح الملح عيني .

سأمضي لن أتعثّر قرب نفسي،و إن تعثّرت سأنهض؛ ألملم بعضي لأجد كلّي.وحده الذاهل في منتصف الطريق يشغل المارّين من حوله،فلأمض في سبيلي واثقًة..
إنّ الوقوف الطويل شرود،و الحياة خلقت للكادحين ..و الشرود سقوط في هوّة اليأس..

دع عنك المرايا الزائفة . ما نفع المرايا إن لم نر فيها حقيقتنا،ما نفع المرايا في زوايا البيت و في كل ركن و نحن لا نجرؤ أن ننظر داخلنا ؟
فلتكن النفس لنفسها مرآة ترى فيها سريرتها على حقيقتها.