هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

يا أنتَ يا واحة قلبي الفيحاء ، ساكن أنت بين الضلوع كما النواة بين شقّي التمر فإني أشتهيكَ هذا المساء تمرة أكشف ما بين شقّيها بأناملي،غير أني لن ألفظ النواة بعيدَا ..سأحتفظ بها ..فهذا المساء كل ما وقعت عليه يدي يستحق أن يُحفظ في صندوق حاجاتي المميّزة .

مُذ أطلّت شمس عينيك نسيت شمسنا،فاشراقة روحي أنت مبعثها،يا من تسرج قناديل الفرح في مدني،
إنّي أقايض اللّيل بجدائلي كي يطول،حسبي شمسك تشرق فتنير كوني.

ما غبتُ عنك "بونة "ففي القلب أنت ساكنة،مررت سريعا كمرّ سحابة صيف لا تسقي حرثا و لا تروي ظمأ ..و رغم عجلة اللقاء كان مع كل خفقة قلب ذكرى تستيقظ من مرقدها،عدتُ كعودة غريب من المنفى ،"بونة "الخفقة الأولى و الخيبة الأولى ..و الحلم و الأمنياتُ فيك و زهور ذبلت قبل الايناع،و اجتمعت الذكرى بالحسرة و تجمّدت الدموع في المقل.
عدتُ و الأشواق تسكن ذاكرتنا .. أنا و قلبي و الحب الذي ظنّ نفسهُ فيما مضى قد حطّ رحاله في صدري،لكنّه أخطأ المسير،فما عرفتُه قبل اليوم ،إلا حين سَرت منّي روحي و أنا أنظرها بعيني تغادرني إلى حيث تقطن روحهُ.
"بونة "هذا حبيبي معي الآن في قلبي،هل ميّزت صوتهُ من صوتي ؟ و هل عرفت شكلهُ من ملامحي ؟ "بونة"هذا القلب عاشق فلا تنازعيني فيه بعد اليوم ..عدتُ إليك من جديد و القلب يغنّي ..فصفصافة الروح ما أسقطتها زوابع الخيبات بعدكِ .
"بونة" فلتشهد سماؤك و أرضك،شواطئك و بحارك أني أعلنتُ فيك عشقي ،و دفنتُ فيك ذاكرتي القديمة ،فلكل منّا ذاكرتان ..ذاكرة تصلح للمستقبل و ذاكرة للماضي لابد من قبرها .قد جئتك بقلب واثق مغرم و حلم أصحبهُ نمضي معا،لا يقودني أو أقودهُ،فقد أيقنتُ بعد فتوّتي أن الأحلام كبعض البشر لابد أن نرفق بها و نرافقها حتّى المسير الأخير.
13/05/2013

يا عبق نعناع يعطّر رئتي،و المسكُ و الزعترُ و نسمات الحب تفوح من شرفتنا،ما ضاق الفضاء بالهواء و ما بقيت تجاويف فارغة في الكون إلا و ملأتها ذرّات أنفاسنا،هو الحب يا عمري هواؤنا الذي نتنفسه صباحا و مساء ،رقودا و أحياء ..هو الهوى هواؤنا فلا نعكّره بغبار الوساوس و نفسد ريحهُ برائحة الغدر التي تشبه الجيفة في رائحتها المتعفّنة ؛و التي تصلك سمومها و اِن واريتها بالقش و الثياب.

مالي حبيب سواك،و هاك النبض فاسألهُ ينبيك عن شوقي الذي يستأثر بأنفاسي.

يا وجع الحنين في دمي،و رعشة الوجد الممزوجة بدمعي،فتضطرب أوصالي،كقطرة النّدى تلامس خدّ الياسمين فترقص البتلات،حبّك السّلام لقلبي،يا دحنون الرّوح حضنك جنّتي،
حبيبان نحنُ و الحبّ طفل يركض بيننا ،ينشد أنشودة الوفاء بلحن الأبدية ،و نغمة كتغريد البلابل حين يناجي الرّبيع،فيها من الجمال جمال السماء بقوس قزح،و من الرهبة بحّة الكمنجة في حضرة الناي،هي الفتيّة كزهرة تفتّحت للتّو،و هي الّتي شاخت قبل الميلاد،بعمر الوقت منذ الصرخة الأولى للحياة.

امنحني يا قدر لحظتين بعد موتي كي أردّد بعد المنيّة أني أحبّه ..ودعني أختلس من النّبض الهارب منّي نبضة أسكبها في جوفه؛كي تمنحه بعد عمري عمرًا جديدا ..فو الذي أسرى روحهُ في روحي ما كان أحجية هذا الحب بل أسطورة ما فكّت طلاسمها الأذهان،إنّي صحوت في حبه و من قبل كأن الشمس تائهة عن مداري،كأنّ ليلي سرمد و صبح وجهي و فتيل نجمي خلّان..ها قد أبصرت اليوم دربي و انقشعت عن عيني غشاوة الحرمان،فلي الزهر و الفرح و الأمنيات و لي من الدنيا حبه و كنت أقول : من أوتيتُ حبّ قلبه فقد حظيت بكنز ما أوتي مثله انس أو جان.

الذاكرة هي المدينة الوحيدة التي لا تعرف السكون ...هي مدينة الضوضاء
و الضجيج في الصحو و الحلم. .

أحبّك يا نبضي و يا حياتي ..دونك موت يراودني عن الحياة. و غيابك كفن يلفّ فرحي..و شوقي إليك رسول و لهفتي نبوءة الروح و معجزة القلب نبض يهتف باسمك ما بين خفقة و أختها.

يا قلبُ و أنت تختلس من العمر لحظات البهجة تذكر أن تدّخر قليلا من فرحك و تخبئه ذخرا لأيام الخيبات..وحدها الخيبة انتكاسة القلب في لحظة ابتسام..تفاجئك بغتة .