هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

هات يديك و لنمض معًا،
في الكون رمال و دروب شتّى،
منارات و رصيف للحالمين،
تذاكر منسية و محطات للتائهين
فلنمض معًا قلبين واثقين
للفراش عيون تقتفي أثر النسيم
و لا ترى عمق الحفر
فلنمض معا أنا و أنت
أينما وجد الشوك سبقت خطى عبير الورد خطاه،
و أينما وجد الظل،فإن الكون لفّ النور مداه

لي رغبة في أن أكتبك قصيدة،فهات أناملك أخط بها أول حرف.لأكتب بنبضك عن الشوق الذي يقطن داخلي،يتغلغل في عروقي،يعتصر أضلعي و يسقي الفؤاد بأدمع حرّى سكوب تحفر أخاديدا على وجه الهوى ، فتتعثر الحروف في درب القصيد، فالشوق سامقَ بزفراته أنفاس الحروف في مسام الأبجدية، فهات يديك ليتحرر النبض من قيود الحنين.

خذ حنيني ، خذ فؤادي و خذ ليالي العمر و ما تبقى من سنيني،
هاك القلب اسكنه، و مجرى الدم فاعبره و استوطن وريدي ،
خذ عيوني، إني في الحب أبصرت في النار نعيمي، خذ بصيرتي إني في العشق قد اعتكفت جنوني..
خذ حنيني ، إني أحببتك بكل يقيني، و طويت خلف السراب كل ظنوني..

هل للكلمات أن تأتين طوعا حين نطلبها؟ أظنها أحيانا تكون متمردة عنيدة تأبى الانصياع لصولة ندائنا، ضعفا أو خشية أن تفشل في صياغة مافي وجداننا بما يليق أو بمثل تلك التغاريد التي تنشدها الروح و تهتف بها النبضات ،

الآن فهمت من أين يأتي قلبي بكل هذا الضياء؟
للروح قمر يؤنسها،جار في ليالي وحشتها،
يمدها بالنور حين ظلمتها، فتشرق الشمس من فتيل نظرته.
هو أنت يا وصيف النّور في مدني،

يا وطني
أنا لا أجد الهواء هـواء
إلا إذا امتزجت نسماته بريح اسمك ،و ذرّات أنفاسك..و فاح أريج الزهر في زوايا مهجتي، بنبئني بنيسان مزهر في ربوعك.
أنا حين أتنفسك أطرح التعب زفراتا مريرة،و أستنشقك نسمات حرية تنعش دمي المتخثر،
أنت لي سوار يزيّن معصم الرّوح، فلا تكن قيدا يصفد الحب في روحي.
كن نسيما يأسرني و لا تكن دخانا يخنقني .

يا وطني
حين أفكر فيك أحسّك تقف على رمشي، تتملكني الرهبة،و تسري في مسام الروح رجفة لست أدرك كنهها، فأظل ساكنة لا أسدل ستار العين و لا أحرّك ساكنا كي لا ترتج أو تهتز حبيبات الأسى المتصادمة في فكري ،فتهز قدميك أو تهوي بك أسفلا فتتأذى

يا وطني لا وقت لدي لأبحث عنك في كتب التاريخ،و أختبر زواياك في كل خارطة تمتد من نقطة و تنتهي بأخرى، و لا أن أسأل خطوط العرض عن طولك و لا خطوط الطول عن عرضك ،
لا وقت لدي لأصدق قول هذا و أمحّص قول ذاك ،
لهم كثير من الوقت ليطعنوا فيك ،و يغيروا من ترابك و رمالك و شواطئك و جبالك ما استطاعوا إليه سبيلا،لهم من الوقت ما يكفي ،أما أنا فلي قليل من الوقت لأتنفس فيه غيرك ، ساعتهم رملية و ساعتي ضوئية، لا تكاد تسعفني لألمح أطيافهم و هم يتوارون خجلا ،أمام زيفهم الباطل.
يكفيني أنك تسكن قلبي، تستأثر حواسي، يكفيني أنك شاسع واسع ، تبدأ من روحي و تنتهي فيها،و روحي محلقة في ربوعك تتألم لوجع السوري و تتأوه لصرخة الفلسطيني، و تبكي مع كل ناي حزين يئن في كل شبر عربي.

يا من تقطن روحي ، أنت تقاسمني المبيت والنسيم
رويدك إن روحي ممهدة بالياسمين، فامش الهوينى على رمشي ،
يا من له من رئتي أضخ الهواء عبيرا شذيا ،تنفس هوائي و لا تطرحه إلا نسيما زكيا،
فضائي رحب لا يضيق إلا أذا أنتَ هجرت الفؤاد مليا.
فليس لك فيه مكان و لا هواء
و يمسي القلب من بعدك خليّا

لست أتحداهن أن آتيك بقلبي أضعه بين يديك،
و لا أن أضفر جدائل اللّيل شوقا إليك .
لكني أتحداهن أن يهبنك أرواحهن دون تردد،
و أن يحملن همومك على كاهلهن دون لأي.
أتحداهن أن يصغين لحماقاتك بكل فخر،
و أن لا يقطّعن أيدي الصبر إذا ما ضاقوا ذرعا من جنونك