سمات الفنّ التّشكيلي اللبناني
بقلم: حسين أحمد سليم

الفنّانون التّشكيليّون اللبنانيّون الأعلام الذين تصحُّ تسميتهم بجيل الحداثة الفنيّة للتّشكيل الفنّي اللبناني, هم الكوكبة من المبدعين المتجلّين والذين عملوا من خلال نتاجهم الفنّي اللافت على التّطوير الفعلي للفنّ التّشكيلي اللبناني منذ زمن الخمسينات والسّتينات وبدايات السّبعينات... ونذكر من هؤلاء الفنّانين الأعلام على سبيل المثال لا الحصر...
نقولا النّمّار, إيلي كنعان, رفيق شرف, أمل داغر, ميشال عقل, حليم جرداق, إيفيت أشقر, سلوى روضة شقير, شفيق عبّود, فريد عوّاد, هيلين الخال, عارف الرّيّس, سعيد أ. عقل, منير نجم, عادل الصّغير, ناديا صيقلي, أمين الباشا, محمد القيسي, وجيه نحلة, حسين ماضي, جوليانا ساروفيم, حسين بدر الدّين, بيار صادق, موسى طيبا, عبد الرّحيم غالب, مفيد زيتوني, محمود أمهز, أوديل مظلوم, جمال معلوف, سامية عسيران, نيكول حرفوش, لور غريّب, منير عيدو, أمين صفير, جان خليفة, وآخرون...
برزت مع هذه الكوكبة من الفنّانين التّشكيليين اللبنانيين الأعلام الذين ظهروا على مسرح الحياة الفنّيّة التّشكيليّة, بتفاوت في مدد الأعمار وإختلاف في زمن التّواجد, ما بين مقيم ومهاجر ومعتكف, عدا الظّروف التي ألقت بثقلها على كلّ منهم, وعلى إمتداد زمن الخمسينات والسّتينات وصولا لأوائل السّبعينات... برزت معهم معالم وماهيات السّمات والمقوّمات التّكوينيّة الحديثة للشّخصيّة الفنّيّة التّشكيليّة اللبنانيّة المنعتقة والمتحرّرة والمستقلّة, وتكوّن مع هذا التّحديث الإحساس الفردي الفنّي بكينونة العالم والوجود, ومن خلال نتاجهم الفنّي التّشكيلي الإبداعي, تمّ كسر أغلال الواقع المألوف إلى خلق اللامألوف بواقع مقبول, وتمّ تفكيك مكوّنات ومكبّلات الرّتيب إلى حركات فعل التّحديث والتّجديد, وصولا إلى تنمية مستدامة لكينونة الإحساس الذّاتي القويّ وعيا بالزّمن, وتفعيل الإرتباط العرفاني النّفسي والجمالي بمرئيات المكان, من خلال لوحات ومشهديات الطّبيعة التي تتجسّد في إمتدادات كينونة الحياة والنّاس ومظاهر البيئة, وحركة تكوينات فنّ وهندسة الأبنية والعمارة المحلّيّة وما طرأ عليها من تحسينات, مع الأخذ بعين الإعتبار حالات الظّروف المناخيّة وعلاقتها باللون...
هذا وعمّق الإجتهاد الفنّي التّجريبي والنّظري عند جيل الحداثة الماهد لها أبّان زمن الخمسينات والسّتّينات وأوائل السّبعينات, حالة الصّدق مع كينونة الذّات لتجسيد ما يعتلج ويتفاعل في كوامن النّفس من المعاناة الموروثة, وأعطى حركة فعل الحرّيّة في جرأة التّعبير والبوح والكشف عن المكنونات, وساهم في تجسيد الأهواء والطّباع والأمزجة, وساعد على تحطيم رتابة القواعد وجفافيّتها وإعادة تحديث كينونتها مجاراة لهذه الحداثة, وعمل على تأصيل الأصول وترسيخها, وبذل الجهد المتواصل في عمليّة إحياء وتجديد التّراث, ونحى البعض من الفنّانين إلى التّطوير في إستخدام الحروفيّات الهجائيّة وصناعة اللوحة الحروفيّة المستحدثة مع مزيج هارمونيٍّ لونيّ, وتوجّه البعض الآخر إلى تحديث فنّ الأيقونات بأنماطها الشّرقيّة والغربيّة, فيما عمل البعض منهم على إبراز التّسطيح بالبعدين الأفقيين وإعتماد الذّهنيّة الهندسيّة, وهذا ما ساهم عمليّا في تفعيل وتشجيع القدرة على التّحوّل والتّنوّع والتّغيير الدّائم في وسائل التّعبير... أولئك الفنّانين التّشكيليين التّحديثيين أرسوا في لبنان دعائم التّمييز في سمات وهويّة الشّخصيّة الفنّيّة التّشكيليّة اللبنانيّة, والتي إستند إليها فيما بعد معظم الفنّانين الذين ظهروا في النّصف الثّاني من السّبعينات والثّمانينات والتّسعينات...
الفنّانون التّشكيليّون اللبنانيّون الذين ظهروا في زمن النّصف الثّاني من السّبعينات والثّمانينات والتّسعينات, وإستندوا في حركة فعلهم الفنّي التّشكيلي إلى حداثة جيل زمن الخمسينات والسّتينات وأوائل السّبعينات من الفنّانين التّشكيليين اللبنانيين, نذكر منهم على سبيل اللإلتفاتة:
عدنان المصري, عدنان خوجة, سمير أبي راشد, عبد اللطيف بارودي, جميل ملاعب, عبد الحميد بعلبكي, حسن جوني, هراير, فؤاد جوهر, نزار ضاهر, رياض عويضة, لولو بعاصيري, راشد بحصلي, فضل زيادة, محمّد الرّوّاس, أجمد سعيد, فيصل سلطان, مارون الحكيم, سلمى زود, علي شمس, محمّد عزيزة, محمّد غالب, عادل قديح, سلمى معصراني, هيبت بلعة, سامي مكارم, فاطمة الحاج, محمود زيباوي, محمّد شمس الدّين, غريتا نوفل, شارل خوري, نبيلة قبرصلي, جان مارك نحّاس وغيرهم...
إنّ قراءة سيرة حياة الفنّان التّشكيلي اللبناني تعكس لنا حركة تطوّر مراحل ومدى وأجيال الفنّ التّشكيلي في لبنان, بحيث يتبيّن للمتابع والمهتم والنّاقد والمحلّل أن تاريخ هذا الفنّ, هو تاريخ يتعلّق بتاريخ شخصيّات فنّيّة تشكيليّة لبنانيّة معيّنة, كان لها بصماتها الإبداعيّة وملامح أعمالها المتميّزة ومكونات أعمالها الخلاقة, والتي برزت من خلال منظومة نتاجه الفنّي الذي يعكس معالم وسمات شخصيّته, تلك المعالم التي كان لها دورها الفاعل في عمليّة رسم وتشكيل وتكوين وتحديث سمات الفنّ التّشكيلي اللبناني...