التفكير الخرافي في درس "نعمة العقل" بالصف الثاني الإعدادي
(1)
التفكير الخرافي هو التفكير غير العلمي وغير الموضوعي الذي لا يجد دليلا على صحته.
يقول "معجم اللغة العربية المعاصرة" للدكتور أحمد مختار عمر
1596 - خ ر ف
خُرَافة [مفرد]: ج خُرَافات وخرائفُ:
1 - (دب) أسطورة أو قصّة قصيرة ذات مغزًى أخلاقيّ غالبًا ما يكون أشخاصها وحوشًا أو جمادات، فنّ قصصيّ خُرافيّ ذو مَغْزًى يُمثِّل الحيوانات كشخصيّات رئيسيّة في القصّة ولكن بصفات إنسانيّة "سادت الخرافات اليونانيّة فترة طويلة".
2 - حديث باطل لا يمكن تصديقه "كان حديثه كلّه خُرافة".
3 - جملة الأفعال أو الألفاظ أو الأعداد التي يُظن أنها تجلب السَّعد أو النَّحس "تجنَّب ما يقوله العَرَّافون من خرافات".
1596 - خ ر ف
خُرافيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى خُرَافة: "بطل/ حيوانٌ خُرافيّ- قصة/ ممارسات خرافيّة" ° حكايات خُرافيّة: من نسج الخيال، لا وجود لها في الواقع.
2 - غير علميّ "فكر خُرَافيّ: وَهْميّ، خياليّ".
وتستطرد "الموسوعة العربية العالمية" في الحديث عن الخرافة استطرادا أجتزئ منه الآتي، ومن يرغب الاستزادة فليكمل قراءته.
تقول الموسوعة: "الخرافة في اللُّغة مأخوذة من الخَرَف وهو فساد العقل، وهي أيضًا الحديث المُسْتَملح من الكذب. ومن أمثال العرب "حديث خرافة". قيل: إن خرافة رجل من العرب اختطفته الجن ثم رجع إلى قومه، فكان يحدِّث بأحاديث مما رأى، يعجب منها الناس، فكذبوه، فجرى حديثه على ألسن الناس. والخرافة مُعْتقد ظهر في كثير من المجتمعات مُعللا بأن شيئًا أو حدثًا مُعيَّنًا يُسبب أو ينبئ بأحداث غير مترابطة، كما يفعل العرافّون. ومن ذلك أن بعض الناس الذين يعتقدون بالخرافة يزعمون أن حمل قدم الأرنب يجلب لهم الحظ السعيد، وبعضهم يعتقد أنه إذا مرَّت أمامهم قطة سوداء فإن حظهم سيكون سيئًا. وهذا يذكرنا بعادات أهل الجاهلية التي أبطلها الإسلام، كاعتقادهم في السانح والبارح من الحيوانات والطيور حتى إن بعضهم ليترك سفره إذا طار طير عن يساره، أو يمضي في سفره إذا طار الطير جهة اليمين. وربما كان بعض الناس يعتقدون أنه إذا وقعت سكين أو شوكة طعام على الأرض فذلك يعني أن ضيوفا سيحضرون. فمثل هذه الاعتقادات جميعها خرافات حينما يُزعم أن هناك صلة بينها كالذين يربطون بين قدم الأرنب والخصوبة.
ووجدت الخرافة عبر التاريخ في معظم المجتمعات البشرية، ويؤمن بعض الناس حتى الذين تلقوا تعليمًا عاليًا بالخرافة من وقت لآخر. وقد سَخِر العديد من الناس من لمس الخشب لتفادي الحظ السيء، أو تجنب المرور تحت السلم لذات السبب. ويعتقد بعض العلماء أن معظم الخرافات قد ظهرت في وقت قريب نسبيا".
(2)
وهذا ما وجدتني أردده عندما وقعت عيناي على درس "نعمة العقل" المقرر على الصف الثاني الإعدادي في الفصل الدراسي الآخر.
كيف؟
هذا العنوان يرغب في إبراز دور العقل وأثره في صورة قصصية بطلها الأسد الغاضب الذي يريد الثأر من ابن آدم لقتل والده، وفي طريقه للقاء ابن آدم يصادف بعض الحيوانات فيحدثها عن ابن آدم فتزيده طلبا للثأر.
وكان مما صادف الحصان، فماذا قال الحصان ليدلل للأسد على مكر ابن آدم وخطر عقله؟
يقول المؤلفون ص21:
"سار الأسد على الطريق حتى رأى حصانا جامحا قادما يجري، فسأله: ما بك؟ فقال الحصان: يقولون: إن ابن آدم قادم من هذا الطريق! تعجب الأسد، وقال: كيف تخاف ابن آدم ولك أرجل قوية يمكنها أن تطيح به؟ فأجابه الحصان: إنك لا تعرفه يا سيدي؛ لقد خدع أبي وكان أحكمنا وأكثرنا فطنة نحن معشر الجياد؛ فقد قابل أبي وهو يأكل فقال له: لماذا تتعب رقبتك الجميلة؟ واقترح عليه أن يطعمه البرسيم في فمه وهو معتدل، ووعده أن يقوم بهذا كل يوم. ولكنه في اليوم التالي اعتذر لأبي بأنه متعب ولن يستطيع إطعامه، ثم اقترح عليه أن يقوم أبي بحمله على ظهره وهو يطعمه، فوافق أبي. فما إن جلس على ظهر أبي حتى ظل يحمله بقية عمره".
(3)
هكذا يروي المؤلفون وهم سيطرة ابن آدم على الخيل بهذه الطريقة الخرافية، ولا أقصد بالخرافة أن ينطق الأسد أو الحصان. لا، لا أقصد ذلك.
ماذا أقصد؟
أقصد أنهم أغفلوا الحقيقة التي هي تسخير الله تعالى بعض المخلوقات لابن آدم فاستأنسها، وأرادوا إظهار إحكام العقل فوقعوا في الخرافة التي هي نقيضة العقل.
فماذا سيقول المؤلفون لطالب استخدم نعمة العقل وسألهم عن المخلوقات البرية غير المستأنسة التي لم يسخرها الله تعالى للإنسان وظلت مستعصية عليه بدءا من البرغوث وانتهاء بأكبر مخلوق غير مستأنس؟
والعجيب أنهم في كتابهم "دليل المعلم" قالوا ص196 ناصحين المعلم: "تقبل إجاباتهم –يقصدون التلاميذ- وتوصل معهم إلى أن الله سبحانه وتعالى سخر للإنسان كل ما في الكون من مخلوقات، وجعلها في خدمته تكريما له".
وأسأل: لماذا لم ينعكس ذلك على قصتهم المروية في كتاب التلميذ؟
وأترك الجواب لمن يقرأ ويتأمل، وللمعلم الذي يجب عليه تنبيه طلابه إلى هذا الخلل!