تجولتُ في السوقِ كَعادتي ، وقلّبتُ (البسطات) على الأرصِفة، اشتريتُ خُفاً مصنوعاً من الصوفِ لوالدتي.. هي ليست بِوالدَتي صراحةً ..لكِنها حَماتي وهي بمثابةُ والِدتي، لاسيما وأنها أهدتني فَلذة كَبدها ، وكنوعٌ من التقرب ( للحكومة ) ..! إشتريتُه كي ترتَديه في البردِ القارص ، وضَعهُ البائعُ في كيسٍ أسود اللون ، رغم أني كنت أَودُّ أن أحمِلهُ بلا كيس ، كنوعٌ من التفاخُر.. صعدتُ في الحافلة ، وجلست خلف السائق مباشرة ، وفي الطريق إحداهُنَّ تراقبني من خلال مرآة السائق .. لا أنكر بأنها كانت جميلة ، وعلى الأغلب مساحيق التجميل جَعَلتها جميلة ، نظرتُ إليها ، ابتسمت لي.. تَلَفتُّ حَولي .. لم أُشاهِدُ أحدُهُم ينظرُ إليها ، وبذكاءٌ مني ... عرفتُ بأنها كانت تُغازِلُني ، وعلى أنغامِ أُغنيةٍ رومنسيةْ :
(إن كنتَ حبيبي ساعِدني كي أرحلُ عنك
أو كنتَ طبيبي ساعِدني كي أُشفى منك
لو أني أعرفُ أن الحُب خطيرٌ جداً ما أحببت
لو أني أعرفُ أن البحرَ عميقٌ جداً ما أبحرت
لو أني أعرفُ خاتمتي ما كُنت بدأت)
تمنيت لو أني أحضرت مرآتي ، كي أراقب معالم وجهي ، لربما أصبحت وسيماً، أو هناك إختلاف مع غسيل وجهي.. جَعلَني أبدو أجمل ، أعدتُ النظرة إليها ، رمتني بابتسامة رقيقة، شعور غريب أحسست به ،.. محفظتي...!! ، قمت باتخاذ الاحتياطات اللازمة ، ووضعت المحفظة في كُمِّ قميصي دون أن تلمَحَني ، في آخرِ موقف نزل الركاب وهي أيضاً،.. ونزلتُ أنا ، بحثت عنها ، لم أجدها وسرت في شوارع المدينة علَّني أجدها ، أصداءُ أصواتُ بائعي الخُضار شتتت ملامحَها من ذاكرتي ... الخُف ..! أين الخُف؟!.. الحافلة ..! كان معي في الحافلة .. عُدتُ مُسرعاً للموقف .. أين الحافلة ؟! سألت أحدهم .. والآخر .. لم أجدها .. ولم يكتملُ تقربي من الحكومة .. لذا سأبقي الأمرُ سراً ،... فقدتُ لِتوي ماقيمتهُ ديناران ..!!