كلاب المَزرعة
الدكتور عثمان قدري مكانسي
وكم في بلادي من الموميـات -- ولكـنّ تحنيطهم في الحيـاة
وليسـوا من الموميـات بحظٍّ -- لأنهـمُ في الحـيــاة مـوات
يعيشون، ينخر فيهـم فسـادٌ -- ويحيون بوقـاً لسـوء الولاة
ومالهـمُ مـن فـضـائـل طبـع -- فموطنهـم في حذاء الطغـاة
ينـالـون مما يفـيـض عـليهـم -- قـذاه ، وهـذا لهم مكرمـات
صراصيرُ بالوعة قد تهاوت -- فعـاشـت بمزبلهـا غاديـات
وفـئـرانُ حوض تصدّعَ فيـه -- الجدار فمـادت بـه سائمات
يُخـَرّبْـن كـل جمـال بغـَيـظ -- ويُفسـدن ما حوله راتعـات
ويقضُمن حتى الصخوربسوء -- وطـَبـعُ اللئـيـم بـه للممـات
وما العيش للمفسـدين بعيـش -- إذا لم يكونوا بهذي الصفات
فـ"جُعل "الرواث سعيد بروث -- ويـبـحـث عـنـه بكـل فـلاة
ويـأسى إذا لـم يجده قـريـبـاً -- يشَم ، ويسـعى بغـيـر أنـاة
وكلبُ الحراسة يهوى النباح -- وقطعَ الطريق بكل الجهات
يعَض العبـاد وينظر شـزْراً -- ويُظهـر أنـيـابـه البـارزات
وبعـد الـتي والـلـُتـيّــا تــراه -- طريداً بعيداً زَرِيّ السمات
كأنْ لم يكن خادمـاً ومطيعـاً -- ولم يك ذئبـاً كثيـرَ افتـئـات
ونال العطايا على كل جرم -- ونال المزايا ونال الهبـات
فلما انتهى دورُه " رمّجوه " -- فعاش ذميماً على الذكريات
فلعـنـة ربي عـلـيهـم جميعـاً -- تحيط بصحوهِمُ والسُّـبـات