أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 18

الموضوع: المحرزي

  1. #1
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي المحرزي

    المحرزي
    آهات الموتى تقتلني . ثكلي تنظر إليّ ودمعاتها تنساب .....
    *****
    (1)
    دخل المعلم إلي الحجرة واجما منحني الرأس،وقال لنا بنبرة حزينة:
    - سنتكلم اليوم عن الحملة الفرنسية علي مصر.
    وأشار لي،وسألني:
    - من قتل كليبر؟
    فصمت،ولم أجيب،فغضب المعلم،وصرخ:
    - ما أضاع الوطن سوي أمثالك!!
    فخجلت من نفسي، ونمت وراودني الحلم فرأيته واقفا أمامي بوجه أبيض وثياب بيضاء ، وقد دار حائرا في فلك ذاته يبحث عن شئ مجهول،ثم نظر إليّ و أحدجني بنظرة طويلة،وتركني وهو يردد قائلا :
    - عليك بتنفيذ العهد والقسم.
    ترددت الكلمات في أذني طابور المدرسة وأنا أقف أمام العلم منشدا سلام الأوطان،فصحوت وخياله يطاردني،وهمسات منه مازالت عالقة :
    - عليك بتنفيذ العهد والقسم.
    بحثت في ملفاتي القديمة فلم أتذكر شيئا ،وحينما نمت راودني الحلم ثانية،فجاءني مجللا بالحزن والهم،وبكاء صوته خنجر يذبحني:
    - الوطن يشتعل ،والعشب يحترق.
    دندنت كلماته أغنية حزينة :
    - الدماء تذرف،وآهات الثكلى تناديك .
    رنوت إليه وتأملت ملامحه،فركضت الذكريات فارسا يمتطي جوادا يأكل الأرض بسنابكه،ويقطع الفيافي والوديان،و يعبر من نهر إلي نهر ...وخلف صخرة نائية نزل الفارس،وجلس منتظرا...هرعت إليه،وآلاف الجياد تطاردني،وأحاطني بعباءته و خبأني،وتحت أضواء القمر عاهدته:
    - وطني وطنك،ووطنك وطني !!
    فضمني إلي حضنه،وقال معاهدا:
    - كلانا وطن واحد !!
    وامتطي جواده وركض نحو المدينة،واستل خنجره وأسقط الفرنسي مضرجا في
    دماءه، فتبدد الظلام أمام ناظريّ؛فاستوضحت ملامحه،وشهقت فرحة نادت بها أعماقي قبل اللسان:
    - سليمان الحلبي !!!
    فأخذني في حضنه،وبللت دمعاته وجهي،وصوته مخنوقا ذكرني:
    - تعاهدنا قديما علي أن نتبادل الأدوار ..وفيت بالعهد وعليك بالوفاء..
    وأعطاني خنجره وامتطي جواده ومضي بعيدا.
    (2)
    فجرا ..نفضت الغطاء عن جسدي،وضممت زوجتي وابنتي بنظرة طويلة،وصليت بعدها ركعتين،وكتبت ورقة أودعتها دولابي،وخرجت ونسمات هواء تهفو إلي معطرة برائحة لم أعهدها..أتاني صوت أذان الفجر،فصليته جماعة في المسجد..واستودعت شيخي،وطلبت منه الدعاء.
    وكطائر حلقت متخطيا حدودا وهمية رسمتها أيادي الاستعمار،وتنفست هواء بلادي من المحيط إلي الخليج،و فوق رباها وقفت،ولربوعها الخضراء أخذني الحنين،ولجبالها الحدائق تهلل الفؤاد،ولأهلها وناسها فتحت حضنا يسع الجميع ..
    وكجندي حملت سلاحي،منذرا بالقتل والوعيد لذاك المغرور،فالتحقت برفقاء آخرين،فسألت الأول :
    - من أين؟
    فأجابني :
    - من إدلب.
    وسألت الأخر:
    - من أين؟
    فأجابني :
    - من حلب.
    فسألاني:
    - من أين؟
    فأجبت:
    - من وطنكم :مصر.
    فعلت وجهاهما دهشة،وتساءل أحدهما:
    - من مصر!!فلماذا أتيت؟!
    فتبسمت،وأنشدت باكيا:
    - بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد إلي يمن إلي مصر فتطوان.
    (3)
    قال المعلم لنا في حصة التاريخ :
    - تاريخ وطننا ملئ بالأحداث والأشخاص...
    ونظر إلي،وقال :
    - لكن التاريخ لا يذكر إلا الرجال.
    فأويت بصحبة رفيقي إلي أحد منازل حلب،وجلسنا نضع خططنا،ونحدد أهدافنا،وقال أحد الرفيقين:
    -نخرج ليلا،ونضرب ضربتنا..
    فنظرت إلي رفيقي في حماسة مؤيدا، وتشابكت أيدينا واتفقنا،وقرأنا الفاتحة .
    كانت أصوات الدانات كابوسا مزعجا يحيط بنا،ودوي ضرباتها ألم يعتصرنا مع الصرخات..قررت أن لا أنتظر،فخرجت مسرعا لأعرف حقيقة ما يدور حولي ...ويا ليتني ما خرجت؛فالواقع كان أبشع مما أتصور...حتى أبشع الكوابيس كانت رحيمة بي في وصفها لما يدور...ماهذا؟!!
    الدمار وحش ضرب بكل قوته،والدماء أنهار تتدفق،وعيون الأطفال راقبتني في هلع دون أن تدري حقيقة ما يدور ..النساء متشحات سوادا أينما تخطو قدماي....كل البيوت أنات وآهات .وأين هي تلك البيوت؟! فما بقي أشلاء بيوت .. والطيور مهاجرة أحدقتني بنظرة مستغيثة،ثم لملمت أعشاشها،وأحتضنت صغارها ومضت بعيدا بعدما ألقت نظرة ذابلة علي أنقاض ما تبق .. حتى أشعة الشمس تسللت خيفة علي مدينة تبكي وتئن..
    ووسط الركام لمحتها طفلة تبكي،فكانت بكاء ابنتي الراقدة جوار زوجتي.هرولت نحوها وضممتها إلي صدري،وهمس صوتها يصرخ أبي وأمي،فسألتها عن بيتها،فأشارت بإصبعها إلي بيت في نهاية الشارع..حملتها فوق كتفي،وانطلقت بها محاذرا ضربات غادرة،وقبلتها علي وجنتيها،وسلمتها لأمها،وأودعتها قبلة أخيرة لابنتي الغائبة.
    وعدت من حيث أتيت،فلمحت وحوشا آلية ذات أفواه طويلة تتحرك في اتجاهي،فاختبأت خلف جدار بيت منهدم،وتعالت نبضات صدري خشية موت قريب يحدق بي ..انحرفت الوحوش جانبا وسددت ضرباتها الموجعة مخلفة وراءها دخان كثيف وأنات وآهات.
    وتهادي إلي أصوات أقدام تجري،ولا ملاذ لها سوي بيت الله،فلاذت به ،وأراد الله لها الأمان،ونسي المتغطرس إرادته ودكت طائراته أركان المسجد،فسال الدم،وعداد أرقام الشهداء يتحرك بلا هوادة،وأقسمت أن أنتقم.
    وليلا تلاقيت برفيقيّ،والتقي بنا ثائرون آخرون ،وقررنا تنفيذ الخطة.
    (4)
    قال شيخي في المسجد موجها حديثه لي:
    - في الاتحاد قوة،وما أضاع أمتنا إلا الفرقة.
    ومسح بيده علي لحيتي،وقال وهو ينظر إلي عينيّ في حدة:
    - جبن أن تعيش،وغيرك في الوطن الكبير يموت.
    فرنوت إلي صديقي القديم متذكرا عهده ومدينته،وتابع الشيخ:
    - تري بماذا ستجيب حين تسأل عن دماء إخوانك؟!
    فزاد الحماس في صدري،وقلت لرفقائي :
    - لنبدأ علي بركة الله!!
    وكان الليل سخيا؛فكثف من ظلامه،فتسللنا واحدا تلو الأخر ..ثلاثة في كل اتجاه تحركنا،وكطرفي كماشة تحلقنا،وبضربة قناص أطلقنا،فأسقطنا ثلاثة أو أربعة .
    تبادلنا الإشارات،وأعدنا كرة الهجوم مرتين ومرات ..تبادلنا النيران،وازدادت حدة القتال،وضرباتنا تصيب أهدافا عديدة ...تراقص الموت بيننا ذئاب تنهش فرائسها،وسقط أحد الرفيقين.
    حملناه ودماءه تمتزج بدموع ذرفتها قلوبنا،وعيناه المغمضتان تحثنا علي إكمال المسير..ونهارا واريناه الثري وسط حشود لا تعد ،واشتد هتافها مزلزلا الأرض :
    - يا شهيد نام وارتاح،ونحن ماضون في الكفاح!!
    قررنا بعدها تغيير خطتنا؛نقاتل والشمس تراقبنا...
    (5)
    في الليلة الأخيرة قبل السفر نظرت إليّ زوجتي نظرة العاشق،وكأنها كانت تعلم بأنها أخر ليلة لي معها..بكينا فيها كثيرا كأول ليلة!!أضمها إليّ ويزيد بكائي فتسألني : (1)
    - ما يبكيك حبيبي؟
    أجبت :
    - أخشي أن لا يتقبلني الهر !!
    فقالت :
    - أخشي أن لا تعود!
    فقلت :
    - لا تخش شيئا ..أو لن أربي ابنتي معك؟
    فقالت :
    - ليتني أنجبت منك عشرا..

    غضب المغرور؛فقرر معاقبة المدينة،فأكثر من وحوشه ذات الأفواه الطويلة،وأغدق سماءها بالطائرات ...أدركنا أن المعركة ستكون أشد وأشد،فالتحمنا مع جنوده وعزائم الإيمان تشحذ هممنا..توالت ضربات الفوهات الطويلة،وأمطرت السماء قنابل غادرة ..سقط الضحايا أطفالا ونساء وشيوخا؛فتراقص جنوده تلذذا وحقدا.
    زاد الغضب في قلوبنا،وتدفقت الدماء لهيبا في عروقنا،وقررنا معانقة الموت والتحمنا معهم في قوة ..
    لمحت وحشا يدير فوهته نحو رفيقي الثاني ،فانطلقت نحوه، وكتبت أول سطر من رسالتي التي أودعتها دولابي :"اعلموا أني مفارقكم وإن طال المدي،فهذه أدوات السفر تجمع،ومنادي الرحيل يسمع،والمرء لو عمر ألف سنة لابد من هذا المصير كما ترون".(2)
    أنحرف رفيقي يسارا،وأنحرف الوحش خلفه،ومازالت أقدامي تركض،وكتبت سطرا ثانيا :"ديوني صفر،وحسابي المصرفي ....أُوصيكم بمبلغ منه صدقة جارية عليّ".(3)
    صرخت،فالتفت الفم الطويل نحوي...سددت ضربتي،وسدد ضربته...
    وخلف صخرة نائية وقفت أمام الفارس،وتعانقنا،وقلت له :
    - ها قد وفيت بالعهد يا صديقي...
    تبسم،فبدت نواجذه البيضاء،وأمسك يدي،ومضينا إلي ربوة خضراء.

    ============================================
    (1)الحوار مقتبس من مرثية زوجة محمد محرز لزوجها.
    (2)،(3) جزء من وصية محمد محرز.

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد الشرادي أديب
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 721
    المواضيع : 35
    الردود : 721
    المعدل اليومي : 0.17

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حارس كامل مشاهدة المشاركة
    المحرزي
    آهات الموتى تقتلني . ثكلي تنظر إليّ ودمعاتها تنساب .....
    *****
    (1)
    دخل المعلم إلي الحجرة واجما منحني الرأس،وقال لنا بنبرة حزينة:
    - سنتكلم اليوم عن الحملة الفرنسية علي مصر.
    وأشار لي،وسألني:
    - من قتل كليبر؟
    فصمت،ولم أجيب،فغضب المعلم،وصرخ:
    - ما أضاع الوطن سوي أمثالك!!
    فخجلت من نفسي، ونمت وراودني الحلم فرأيته واقفا أمامي بوجه أبيض وثياب بيضاء ، وقد دار حائرا في فلك ذاته يبحث عن شئ مجهول،ثم نظر إليّ و أحدجني بنظرة طويلة،وتركني وهو يردد قائلا :
    - عليك بتنفيذ العهد والقسم.
    ترددت الكلمات في أذني طابور المدرسة وأنا أقف أمام العلم منشدا سلام الأوطان،فصحوت وخياله يطاردني،وهمسات منه مازالت عالقة :
    - عليك بتنفيذ العهد والقسم.
    بحثت في ملفاتي القديمة فلم أتذكر شيئا ،وحينما نمت راودني الحلم ثانية،فجاءني مجللا بالحزن والهم،وبكاء صوته خنجر يذبحني:
    - الوطن يشتعل ،والعشب يحترق.
    دندنت كلماته أغنية حزينة :
    - الدماء تذرف،وآهات الثكلى تناديك .
    رنوت إليه وتأملت ملامحه،فركضت الذكريات فارسا يمتطي جوادا يأكل الأرض بسنابكه،ويقطع الفيافي والوديان،و يعبر من نهر إلي نهر ...وخلف صخرة نائية نزل الفارس،وجلس منتظرا...هرعت إليه،وآلاف الجياد تطاردني،وأحاطني بعباءته و خبأني،وتحت أضواء القمر عاهدته:
    - وطني وطنك،ووطنك وطني !!
    فضمني إلي حضنه،وقال معاهدا:
    - كلانا وطن واحد !!
    وامتطي جواده وركض نحو المدينة،واستل خنجره وأسقط الفرنسي مضرجا في
    دماءه، فتبدد الظلام أمام ناظريّ؛فاستوضحت ملامحه،وشهقت فرحة نادت بها أعماقي قبل اللسان:
    - سليمان الحلبي !!!
    فأخذني في حضنه،وبللت دمعاته وجهي،وصوته مخنوقا ذكرني:
    - تعاهدنا قديما علي أن نتبادل الأدوار ..وفيت بالعهد وعليك بالوفاء..
    وأعطاني خنجره وامتطي جواده ومضي بعيدا.
    (2)
    فجرا ..نفضت الغطاء عن جسدي،وضممت زوجتي وابنتي بنظرة طويلة،وصليت بعدها ركعتين،وكتبت ورقة أودعتها دولابي،وخرجت ونسمات هواء تهفو إلي معطرة برائحة لم أعهدها..أتاني صوت أذان الفجر،فصليته جماعة في المسجد..واستودعت شيخي،وطلبت منه الدعاء.
    وكطائر حلقت متخطيا حدودا وهمية رسمتها أيادي الاستعمار،وتنفست هواء بلادي من المحيط إلي الخليج،و فوق رباها وقفت،ولربوعها الخضراء أخذني الحنين،ولجبالها الحدائق تهلل الفؤاد،ولأهلها وناسها فتحت حضنا يسع الجميع ..
    وكجندي حملت سلاحي،منذرا بالقتل والوعيد لذاك المغرور،فالتحقت برفقاء آخرين،فسألت الأول :
    - من أين؟
    فأجابني :
    - من إدلب.
    وسألت الأخر:
    - من أين؟
    فأجابني :
    - من حلب.
    فسألاني:
    - من أين؟
    فأجبت:
    - من وطنكم :مصر.
    فعلت وجهاهما دهشة،وتساءل أحدهما:
    - من مصر!!فلماذا أتيت؟!
    فتبسمت،وأنشدت باكيا:
    - بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد إلي يمن إلي مصر فتطوان.
    (3)
    قال المعلم لنا في حصة التاريخ :
    - تاريخ وطننا ملئ بالأحداث والأشخاص...
    ونظر إلي،وقال :
    - لكن التاريخ لا يذكر إلا الرجال.
    فأويت بصحبة رفيقي إلي أحد منازل حلب،وجلسنا نضع خططنا،ونحدد أهدافنا،وقال أحد الرفيقين:
    -نخرج ليلا،ونضرب ضربتنا..
    فنظرت إلي رفيقي في حماسة مؤيدا، وتشابكت أيدينا واتفقنا،وقرأنا الفاتحة .
    كانت أصوات الدانات كابوسا مزعجا يحيط بنا،ودوي ضرباتها ألم يعتصرنا مع الصرخات..قررت أن لا أنتظر،فخرجت مسرعا لأعرف حقيقة ما يدور حولي ...ويا ليتني ما خرجت؛فالواقع كان أبشع مما أتصور...حتى أبشع الكوابيس كانت رحيمة بي في وصفها لما يدور...ماهذا؟!!
    الدمار وحش ضرب بكل قوته،والدماء أنهار تتدفق،وعيون الأطفال راقبتني في هلع دون أن تدري حقيقة ما يدور ..النساء متشحات سوادا أينما تخطو قدماي....كل البيوت أنات وآهات .وأين هي تلك البيوت؟! فما بقي أشلاء بيوت .. والطيور مهاجرة أحدقتني بنظرة مستغيثة،ثم لملمت أعشاشها،وأحتضنت صغارها ومضت بعيدا بعدما ألقت نظرة ذابلة علي أنقاض ما تبق .. حتى أشعة الشمس تسللت خيفة علي مدينة تبكي وتئن..
    ووسط الركام لمحتها طفلة تبكي،فكانت بكاء ابنتي الراقدة جوار زوجتي.هرولت نحوها وضممتها إلي صدري،وهمس صوتها يصرخ أبي وأمي،فسألتها عن بيتها،فأشارت بإصبعها إلي بيت في نهاية الشارع..حملتها فوق كتفي،وانطلقت بها محاذرا ضربات غادرة،وقبلتها علي وجنتيها،وسلمتها لأمها،وأودعتها قبلة أخيرة لابنتي الغائبة.
    وعدت من حيث أتيت،فلمحت وحوشا آلية ذات أفواه طويلة تتحرك في اتجاهي،فاختبأت خلف جدار بيت منهدم،وتعالت نبضات صدري خشية موت قريب يحدق بي ..انحرفت الوحوش جانبا وسددت ضرباتها الموجعة مخلفة وراءها دخان كثيف وأنات وآهات.
    وتهادي إلي أصوات أقدام تجري،ولا ملاذ لها سوي بيت الله،فلاذت به ،وأراد الله لها الأمان،ونسي المتغطرس إرادته ودكت طائراته أركان المسجد،فسال الدم،وعداد أرقام الشهداء يتحرك بلا هوادة،وأقسمت أن أنتقم.
    وليلا تلاقيت برفيقيّ،والتقي بنا ثائرون آخرون ،وقررنا تنفيذ الخطة.
    (4)
    قال شيخي في المسجد موجها حديثه لي:
    - في الاتحاد قوة،وما أضاع أمتنا إلا الفرقة.
    ومسح بيده علي لحيتي،وقال وهو ينظر إلي عينيّ في حدة:
    - جبن أن تعيش،وغيرك في الوطن الكبير يموت.
    فرنوت إلي صديقي القديم متذكرا عهده ومدينته،وتابع الشيخ:
    - تري بماذا ستجيب حين تسأل عن دماء إخوانك؟!
    فزاد الحماس في صدري،وقلت لرفقائي :
    - لنبدأ علي بركة الله!!
    وكان الليل سخيا؛فكثف من ظلامه،فتسللنا واحدا تلو الأخر ..ثلاثة في كل اتجاه تحركنا،وكطرفي كماشة تحلقنا،وبضربة قناص أطلقنا،فأسقطنا ثلاثة أو أربعة .
    تبادلنا الإشارات،وأعدنا كرة الهجوم مرتين ومرات ..تبادلنا النيران،وازدادت حدة القتال،وضرباتنا تصيب أهدافا عديدة ...تراقص الموت بيننا ذئاب تنهش فرائسها،وسقط أحد الرفيقين.
    حملناه ودماءه تمتزج بدموع ذرفتها قلوبنا،وعيناه المغمضتان تحثنا علي إكمال المسير..ونهارا واريناه الثري وسط حشود لا تعد ،واشتد هتافها مزلزلا الأرض :
    - يا شهيد نام وارتاح،ونحن ماضون في الكفاح!!
    قررنا بعدها تغيير خطتنا؛نقاتل والشمس تراقبنا...
    (5)
    في الليلة الأخيرة قبل السفر نظرت إليّ زوجتي نظرة العاشق،وكأنها كانت تعلم بأنها أخر ليلة لي معها..بكينا فيها كثيرا كأول ليلة!!أضمها إليّ ويزيد بكائي فتسألني : (1)
    - ما يبكيك حبيبي؟
    أجبت :
    - أخشي أن لا يتقبلني الهر !!
    فقالت :
    - أخشي أن لا تعود!
    فقلت :
    - لا تخش شيئا ..أو لن أربي ابنتي معك؟
    فقالت :
    - ليتني أنجبت منك عشرا..

    غضب المغرور؛فقرر معاقبة المدينة،فأكثر من وحوشه ذات الأفواه الطويلة،وأغدق سماءها بالطائرات ...أدركنا أن المعركة ستكون أشد وأشد،فالتحمنا مع جنوده وعزائم الإيمان تشحذ هممنا..توالت ضربات الفوهات الطويلة،وأمطرت السماء قنابل غادرة ..سقط الضحايا أطفالا ونساء وشيوخا؛فتراقص جنوده تلذذا وحقدا.
    زاد الغضب في قلوبنا،وتدفقت الدماء لهيبا في عروقنا،وقررنا معانقة الموت والتحمنا معهم في قوة ..
    لمحت وحشا يدير فوهته نحو رفيقي الثاني ،فانطلقت نحوه، وكتبت أول سطر من رسالتي التي أودعتها دولابي :"اعلموا أني مفارقكم وإن طال المدي،فهذه أدوات السفر تجمع،ومنادي الرحيل يسمع،والمرء لو عمر ألف سنة لابد من هذا المصير كما ترون".(2)
    أنحرف رفيقي يسارا،وأنحرف الوحش خلفه،ومازالت أقدامي تركض،وكتبت سطرا ثانيا :"ديوني صفر،وحسابي المصرفي ....أُوصيكم بمبلغ منه صدقة جارية عليّ".(3)
    صرخت،فالتفت الفم الطويل نحوي...سددت ضربتي،وسدد ضربته...
    وخلف صخرة نائية وقفت أمام الفارس،وتعانقنا،وقلت له :
    - ها قد وفيت بالعهد يا صديقي...
    تبسم،فبدت نواجذه البيضاء،وأمسك يدي،ومضينا إلي ربوة خضراء.

    ============================================
    (1)الحوار مقتبس من مرثية زوجة محمد محرز لزوجها.
    (2)،(3) جزء من وصية محمد محرز.

    أخ حارس

    كثيرة هي المحطات التاريخية التي امتزجت فيها الدماء العربية في الماضي و قدر لها الآن ان تمتزج في الربيع العربي. و بالتأكيد ستختلط في المستقل مادام بناء صرح العروبة الحرة محفوف بكثير من المخاطر. و الغرب لن يرضى أبدا أن نكون أحرار نملك قرارنا، و الحكام الذين خرجوا من رحم ثوراتنا ما هم إلا مشاريع مستبدين جدد. لذلك سيختلط دم الشعوب العربية عبر التاريخ لقاومة الاستعمار المقنع و للنضال ضد الطغاة.
    تحياتي أخي حارس

  3. #3
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    إن معارك الحق فى كل البلدان العربية هى معركة
    واحدة بين معسكر الحق ومعسكر الباطل .

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ترى المؤمنينَ فى تراحُمِهم، وتوادِّهم، وتعاطُفِهم، كمثلِ الجسدِ الواحد،
    إذا اشتَكى منه عضو، تداعى لَه سائرُ جسدِه بالسَّهرِ والحمَّى) رواه البخارى

    وأنه من المسلمين اليوم من أحبوا لقاء الله فأحب الله لقاءهم، وما ذلك إلا عمل منهم بقول الله تعالى:
    «إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
    وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

    أعجبتنى قصتك إلى حد الثمالة .. أستمتعت بأسلوبك , وعرضك للتداخل بين الماضى والحاضر
    بين مكان البطل فى مصر , ومكانه وسط المعركة فى سوريا .. أحببت كل كلمة كتبتها هنا
    رحم الله محمد محرز ونحسبه عند الله شهيدا إنه ولى ذلك والقادر عليه .
    تحياتى لقلمك المسكون بالروعة .

  4. #4
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    تحياتي اخي محمد الشرادي
    واسأل كل من يلج لهذا النص بالدعاء للشهيد محمد محرز ولغيره من الشهداء ونحسبهم علي الله كذلك

  5. #5
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    تحياتي لك اختي نادية
    واشكرك علي كلماتك الرقيقة.......
    دعواتنا للوطن الكبير بأن يتعافي .

  6. #6
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    الوصية الكاملة للشهيد:محمد محرز
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً، أما بعد:

    فهذه وصية الفقير إلى الله: محمد عبد المجيد محمد علي محرز

    إن ما أخرجني لسوريا هو إقامة فريضة غابت عن كثير من أبناء أمتنا ألا وهي فريضة الجهاد، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "ما ترك قوم الجهاد إلا عمّهم العذاب"، وقال أيضا " إذا تبايعتُم بالعِينةِ، و أخذتُم أذنابَ البقرِ، و رضِيتُم بالزَّرعِ، و تركتُمُ الجهادَ سلَّط اللهُ عليكم ذُلًّا لا يَنزِعُه حتى ترجِعوا إلى دِينِكم".

    وها نحن نرى صنوفا من العذاب والذل بسبب تقاعس المسلمين عن أداء هذه الفريضة، وقد عملت على ملف اللاجئين السوريين وعلمت وخبرت مآسي عدة وإن الله قد أمرنا بإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم فما كان لي أن أقعد وإخواني يذبحون، وما كان لي أن أتأخر وأمامي سبيل يسره الله لي وهو الذي أمرنا بالنفير خفافا وثقالا "انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"، وأخرجني لسوريا قوله تعالى "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ" فكيف لشاب في سني لا يستطيع حمل السلاح ولا يعلم فنون القتال؟ وأخرجني للشام قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "عليكم بالشام" و "عقر دار المؤمنين بالشام"، والخلاصة أن ما أخرجني الآيات والأحاديث التي تتحدث عن فضل الجهاد ونصرة المظلوم، وخاصة سورتي الأنفال والتوبة التي أوصيكم بتعلمهما وتعليمها لأبنائكم.

    أوصيكم جميعا أن تخلصوا في الدعاء لي بالثبات والصبر والإخلاص والقبول وأن يرزقني الله الشهادة في سبيله مقبلا غير مدبر شهادة خالصة لوجهه الكريم يرضى بها عني، وأن تدعوا لأمي وزوجتي بالصبر وبأن يربط الله على قلبيهما، وأن تسامحوني جميعا فيما قصرت فيه نحوكم، وأسأل والديّ أن يكونا راضيين عني، فبدون رضاهما يحبط عملي والعياذ بالله.

    وفيما يلي وصيتي التي أوصي بها وأنا في كامل قواي العقلية والحسية والأوصاف المعتبرة شرعاً استجابة لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصي فيه إلا و وصيته مكتوبة عند رأسه(

    أني أشهد أن لا إله إلا الله شهادة حق وصدق وأن محمداً عبده ورسوله، أدى الرسالة وبلغ الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه ما أظلم ليل وأسفر نهاره، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الموت حق والساعة حق والجنة حق والنار حق والنبيين حق والملائكة حق وأن القدر خيره وشره حق وأن الله يبعث من في القبور، وأسأل الله سؤال مفتقر إلى إجابته أن يحسن الله لي الخاتمة وأن يكتبني ويقبلني في عداد الشهداء في سبيله وأن يقيني من شر نفسي ومن شر الشيطان وفتنته وتسويله وأن يخلفني ذرية تعبد الله وحده لا شريك له وتجاهد في سبيله حق الجهاد حتى يأتيها اليقين.

    هذا وإني أوصي زوجتي وأهلي جميعاً ألا يخرجهم الحزن إلى الجزع، فمن أحبني منهم فليصبر وليحتسب وليعوض حزنه بالصدقة عني حيث أكون أحوج ما أكون إليها.

    وأوصيهم أن لا ينسوني في دعائهم فما قدموا لي شيئاً أنفع منه ولا بروني بشيء يفضله فليحرصوا عليه، خصوصاً في مواسم الخيرات والأوقات التي يُتحرى فيها الدعاء.

    وأوصيهم بأن يجعلوا همهم لله والدار الآخرة؛ فقد قال نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -: (من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه وجمع شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له) كما أوصي أولادي جميعاً أن يتقوا الله في أولادهم وأن يجتهدوا في تربيتهم وتعليمهم على نحو ما ينفع الإسلام والمسلمين وأن يحذروا أشد الحذر من أن تدخل سموم الفكر الفتاكة بالأذهان والأديان إلى بيوتهم، ومتى رأوا شيئاً مما خلفت لا يرضي الله فعليهم أن يتخلصوا منه لئلا يصل إلى وزره وشره.

    ثم إني أوصي أهلي من بعدي أنهم كما وحدتهم الأخوة والقربى والرحم ألا يفرقهم اختلافهم على مال أو ماديات، فإن الدنيا أهون على الله من جناح بعوضة، وأذكركم بحديث الهادي العدنان (والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشَى عليكم أن تُبسَطَ عليكمُ الدُّنْيا، كما بُسِطَتْ علَى مَن كان قبلكم، فَتَنافَسوها كما تَنافَسوها، وتُلْهيَكُم كما ألهَتْهُمْ) كما أوصيهم أن يصلوا أرحامهم ولا يقطعوها فإنه لا يدخل الجنة قاطع رحم، ولا يغب عن بالهم معرفة قريب أو صديق إلا وصلوه وتعاهدوه في الزيارة فإنه من البر بي، وأن يطلبوا من كل من يعرفني من الأقارب والأباعد أن يحللني من أي أذى وصله مني.

    اعلموا أني مفارقكم وإن طال المدى، فهذه أدوات السفر تجمع، ومنادي الرحيل يسمع والمرء لو عمّر ألف سنة لابد له من هذا المصير كما ترون.

    إن الله كتب الموت على بني آدم فهم ميتون، فأكيسهم أطوعهم لربه، وأعملهم ليوم معاده، وهذه وصية مودع ونصيحة مشفق، حسبي وحسبكم الله الذي الذي لم يخلق الخلق هملا، ولكن ليبلوكم أيكم أحسن عملا { يا بنيَّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } ، { يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم } ،} يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور * ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لايحب كل مختال فخور}.

    أعظم فرائض الله بعد التوحيد الصلاة، الله الله في الصلاة، فإنها خاصة الملة وأم العبادة، والزكاة أختها الملازمة، والصوم عبادة السر لمن يعلم السر وأخفى، والحج مع الاستطاعة ركن واجب، و ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله، هذه عمد الإسلام وفروضه فحافظوا عليها تعيشوا مبرورين وعلى من يناوئكم ظاهرين، ولا تخوضوا فيما كره السلف الخوض فيه، وعليكم بالعلم النافع، فالعلم وسيلة النفوس الشريفة، وشرطه الإخلاص والخشية لله مع الخيفة وخير العلوم علوم الشريعة، وانبذوا العلوم المذمومة، فإنها لا تزيد إلا تشكيكا .

    والكذب عورة لاتوارى، وحافظوا على الحشمة والصيانة، وأوفوا بالعهد وابذلوا النصح، ولاتبخسوا الناس أشياءهم، ولاتطغوا في النعم، ولاتنسوا الفضل بينكم، ولا تنافسوا في الحظوظ السخيفة، وإذا أسديتم معروفا فلا تذكروه، وإذا برز قبيح فاستروه، وأصلحوا ذات بينكم واحذروا الظلم، واعرفوا حق الأكابر، وارحموا الأصاغر، وبروا والديكم، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، وأحسنوا إلى الجيران، واحذروا التباغض والتحاسد، واعلموا أن جماع الأمر تقوى الله.

    وأوصى زوجتي شيماء بحسن تربية ابنتنا وفقا لما خططنا له مسبقا بخصوص خريطة العلوم الإسلامية بعيدا عن التعليم النظامي وأن ترعاها وتراعى الله فيها، وأوصيها ببر والدتي وأن تجتهد أن تقوم منها مقامي وكذلك مع إخوتي وأبنائهم.

    أما بالنسبة لأموالي فليس علي ديون لأحد، ولا أملك إلا الدراجة النارية وحسابي المصرفي رقم 26804 ببنك بي إن بي باريبا فرع شيراتون و أوصى بأن يتم تخصيص مبلغ 2000 جنيه كصدقة جارية عني.

    كما أوصي بأن يكون الوصي على أبنائي القصر هو: حازم عبد المجيد محمد محرز وله أن يوكل زوجتي أو أي من إخوتي فيما يراه يحقق نفع أبنائي.

    وأخيرا، أوصيكم إذا قدر الله لي الشهادة في سبيله ووصلكم خبري ألا تجزعوا بل اصبروا وافرحوا وادعوا لي بالقبول والرحمة والمغفرة، ولا تقيموا عزاءا ولكن استبشروا خيرا من ربكم وتصدقوا عني، وإذا استطعتم أن تذبحوا وتطعموا الفقراء والأقارب والأصدقاء فبها ونعمت، ومن استطاع منكم أن يعتمر أو يحج عنّي فليجزه الله خيرا.

    كان الله خليفتي عليكم في كل حال، وموعد اللقاء دار الخلود، والله أسأل أن يجمع شملنا المتصدع الذي فرقته الدنيا للسعي وطلب الرزق فعسى أن يجمعنا في الفردوس في مستقر رحمته، والسلام عليكم من حبيب مودع.

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم

    الموصي

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد الشرادي أديب
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 721
    المواضيع : 35
    الردود : 721
    المعدل اليومي : 0.17

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حارس كامل مشاهدة المشاركة
    تحياتي اخي محمد الشرادي
    واسأل كل من يلج لهذا النص بالدعاء للشهيد محمد محرز ولغيره من الشهداء ونحسبهم علي الله كذلك
    أخ حارس

    أنت تعلم أن الشهيد عندما يستقط تفتح كوة من النور بين السماء و الأرض. و لذلك نحن من نطمع في أن يكون الشهيد شفيعا لنا عند الحق سبحانه، عندما نقف أمامه عراة إلا من ثياب الخطيئة، حفاة إلا من نعال الحجود.
    و مع ذلك لا بد ان ندعو له بالرحمة و الجنة.
    تحياتي

  8. #8
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الشرادي مشاهدة المشاركة
    أخ حارس

    أنت تعلم أن الشهيد عندما يستقط تفتح كوة من النور بين السماء و الأرض. و لذلك نحن من نطمع في أن يكون الشهيد شفيعا لنا عند الحق سبحانه، عندما نقف أمامه عراة إلا من ثياب الخطيئة، حفاة إلا من نعال الحجود.
    و مع ذلك لا بد ان ندعو له بالرحمة و الجنة.
    تحياتي
    معك حق اخي محمد الشرادي
    فمن يستحق الدعاء هو نحن ،وخاصة في هذا الترهل الذي نعيشه
    تحياتي

  9. #9
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.82

    افتراضي

    ماذا يمكن أن نقول أخي
    اللهم ارحم الشهيد محمد محرز وكل شهداء سوريا الحرة وكل الشهداء

    أبكيتني أخي سامحك الله

    وبوركت

  10. #10
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نداء غريب صبري مشاهدة المشاركة
    ماذا يمن أن نقول أخي
    اللهم ارحم الشهيد محمد محرز وكل شهداء سوريا الحرة وكل الشهداء

    أبكيتني أخي سمحك الله

    وبوركت
    اعتذر لحزنك وبكائك..لكن الألم أشد لمن يدافعون عن عن الجزار
    قد يكون الملتقي غير ملائم لطرح اراءنا السياسية وما نشعر به
    لكن في النهاية لاندعو إلا بما ينصر شعوبنا
    تقبلي تحيتي
    دمت بخير
    لاتأسفن علي غدر الزمان لطالما
    رقصت علي جثث الأسد كلاب

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة