|
كم أزهري طيلة الآناءِ |
من مصر ضاء غياهب الأرجاءِ |
وزهى بنور علومه بنجابة |
وسماحة وفصاحة وبهاءِ |
في هذه الدنيا بكل تخومها |
يسعى بشرعة ربه السمحاءِ |
منذ القرون تعددت وتواصلت |
مازال يمضي واثقا بنقاءِ |
رغم الخطوب تكالبت بأزيزها |
قصف الهجوم بحدة الأعداءِ |
رغم الضغوط بداخل وبخارج |
ليكون أزهر مصرنا ببلاءِ |
عانى وعاني من دواهي أقبلت |
تترا عليه بجهرة وخفاءِ |
لكنه صد الأعادي كلهم |
كالريح مر بصخرة صماءِ |
فتفرقوا وتشتتوا وتحزبوا |
أحزاب فكر سياسة بدهاءِ |
والأزهر المبرور في صمت رنا |
مكرا يحاك حياله بذكاءِ |
يدلي برأي في وثوق كي يرى |
مصر الحبيبة في أتم صفاءِ |
والناس في مصر السلام بفتنة |
عظمى تلوح بلجة ومراءِ |
والكل قدَّم رأيه في عجبه |
ويرى الحقيقة عنده بجلاءِ |
وكأن من قرأ السطور بنفسه |
قد فاق علم الأزهر الوضاءِ |
فترى الفضاء ببثه بتزاحم |
للأدعياء بلهجة رعناءِ |
والناس تتبع ما تراه وترتئي |
فيه البريق بفتنة عمياءِ |
وتأخر الرأي السديد بنكبة |
حلت بمصر بمنتهى الإعياءِ |
فالكل أصبح شيخنا بعباءة |
تجري بنا في وجهة هوجاءِ |
والأزهر الراقي مراقي عزه |
أضحى حزينا قابعا بخباءِ |
ويريد إصلاحا لذات أولا |
ولذات مصر بهية الآناءِ |
فيه الكثير من التألم فاسمعوا |
آهات أزهر مصرنا بعناءِ |
يرجو الهدوء فإن محض هدوئنا |
سيعم مصر بألفة وولاءِ |
فهي الحبيبة للقلوب جمالها |
بالحسن يبدو باهر الأنحاءِ |
والنيل فيها من مواهب ربنا |
يجري بفيض دافق النَّعماءِ |
ومزارع الخيرات وافت أهلها |
بمزيد بسط الجنة الخضراءِ |
ولت ليالي أمنها ورخائها |
مما نرى بتصارع الفرقاءِ |
من أجل كرسي الرئاسة كلهم |
يرجون فيها منصب الزعماءِ |
وهواهمُ فيها بقتل أمانها |
بئس التردي في ردى الأهواءِ |
قد غاب صوت الأزهري فـغردت |
أصوات حقد طائر بهواءِ |
وبحابل وبنابل خلط الدجى |
بالنور .. بالآراء .. بالأشياءِ |
يا ويحهم ظنوا الصدارة قتلهم |
خصما لهم بأسنة الإدماءِ |
في نزف حسرته يئن ويشتكي |
لله أزهر فخرنا ببكاءِ |
و(العِمَّةُ) الزهراء لاقت ساخرا |
منها برسم المجرم المستاءِ |
يا أزهر العلياء جدد دعوة |
للحق وانهض شامخا بعلاءِ |
طوِّر وسائل دعوة محفوفة |
بعزائم الأجداد والأبناءِ |
تاريخك الوضاء يبرق بيننا |
كالشمس تسطع في أحب ضياءِ |
كالبدر مكتمل البهاء بحسنه |
بالجو يهدي سالك البيداءِ |
واذكر لنا الأحداث مرت وانتهت |
وبقيت أنت بقمة العلياءِ |
من مصر تنتشر العلوم بعالم |
يهفو لأزهر مصرنا برجاءِ |
وله يجيء الطالبون لعلمه |
ببعوث طلاب الهدى النجباءِ |
فيعود ركبهم المنير محملا |
بالفقه يلهج قلبه بدعاءِ |
للأزهر المغداق فاض معينه |
بالعلم يجري بينهم كالماءِ |
ويعم آفاق البرية بالهدى |
والخير في بسط العطا المترائي |
زالت ممالك وانتهت لمصيرها |
وبقيت أنت بجامع بنَّاءِ |
للحق للعدل المضيء لشعبنا |
في مصر يعشق أزهر الأضواءِ |
ويكنّ بالقلب الصدوق مودة |
وافتكمُ يا أزهرا بوفاءِ |
ستظل فينا شامخا بسمائنا |
تعلو بفخر مراتب الإعلاءِ |
ونود عودة دوركم بسيادة |
وريادة وبلاغة وبناءِ |
فالهدم عم حبيبتي بمعاول |
أودت بفكر توجه الدهماءِ |
وبدت ميادين لدينا باللظى |
بتخوم فوضى أقبلت بسخاءِ |
ستظل أنت منارنا يا أزهرا |
مهما ادلهمت حلكة الظلماءِ |
ستكون ربان السفينة منقذا |
ترسو بمصر بآمن الميناءِ |
صلى الإله على النبي وآله |
خير الخلائق سيد الشفعاءِ ! |