أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الإبداع في رسم بدائع السّماء

  1. #1
    الصورة الرمزية حسين أحمد سليم قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    العمر : 71
    المشاركات : 163
    المواضيع : 130
    الردود : 163
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي الإبداع في رسم بدائع السّماء

    الإبداع في رسم بدائع السّماء
    وفنون الرّسم الفلكي

    بقلم: حسين أحمد سليم

    رافق علم الفلك الإنسان منذ فجر التّاريخ, ومنذ أن أخذ هذا الإنسان ينظر إلى السّماء يراقبها ويتأمّلها... ويعتبر علم الفلك الأقدم بين العلوم جميعها, وأكثر العلوم إفادة لهذا الإنسان, وأشدّها إلتصاقا بحياته وبقائه... ومع مرور الزّمن, إستحوذت على مشاعره وإهتماماته, فأودعها كلّ ما آمن به من معتقدات دينيّة وميثولوجيّة, ومزج فيها بين الواقع والخرافات والأوهام والأساطير, ودوّن في سجلاته كلّ ما تراءى له قبولا ورضى في إجتهاداته, من معان وتفسيرات ورسومات وصور وتشكيلات وشروحات, لما يحيط به من ظواهر وأسرار بدائع السّماء في القبّة الزّرقاء التي ترتفع فوق رأسه...
    معظم الأمم القديمة, أسهمت في صناعة علم الفلك, وعملت على تطويره وتقدّمه, ودفعه أشواطا عريضة إلى الأمام, وتفيد معالم الآثار التّاريخيّة حول هذا الموضوع, أنّ الإنسان القديم, رأى نفس المجموعات النّجوميّة التي نراها نحن اليوم, وكان ذلك منذ ألاف السّنين, فرصدها ووصفها وتخيّل لها أشكالا ورسوما كتلك التي كان يراها الأرض من حوله, وأعطاها الأسماء المناسبة لها...
    الفينيقيّون والبابليون والصّينيون والمصريون وغيرهم ساهموا في إرساء قواعد علم الفلك, والإغريق هم من ضبطوا علم الفلك ووضعوا أصوله وقواعده, منذ القرن السّابع قبل الميلاد... ويعود لبطليموس بالإعتماد على كتاب المجسطي الفضل في الإبداع برسم الخرائط لبدائع السّماء, ووضع جداول النّجوم... وأتى العلماء المسلمون فيما بعد, ليخرعون بعض الأدوات الفلكيّة, كالإسطرلاب والأزياج ويوجدون الطّرق المبتكرة للعمليات الحسابيّة والمعادلات الرّياضيّة ويضعون الأسس الصّحيحة لعلم المثلّثات ويبسطون في رسم الخرائط الفلكيّة وينشرون الجداول عن النّجوم ويعطونها أسماء عربيّة لا تزال تحتفظ بها حتّى اليوم...
    وكما تتوزّع فوق الأرض المدن والقرى, وتتكوّن البيوت مختلفة الأحجام والأشكال والألوان... هكذا تتوزّع النّجوم في إمتدادات القبّة السّماويّة, وتتوزّع في مجموعات تُرى متقاربة في ظاهرها ولكلّ منها شكلا مميّزا عن الآخر... فمعظم الشّعوب القديمة, وخاصّة الصّينيين والإغريق والمصريين والعرب, أرخوا العنان لخيالاتهم, وراحوا عبر العصور يتفنّنون في إعطاء المجموعات النّجوميّة, رسوما وأشكالا وأسماء, ممّا تراه على سطح الأرض, من أشكال على هيءة حيوانات وحشرات وعلى شكل إنسان وأسماك وغيرها, وراحوا يحيكون حولها الحكايات والأساطير, حتّى غدت قبّة السّماء التي تظلّلنا, وكأنّها كتابا مصوّرا كلّ ساعة تقلّب فيه ورقة فتظهر لك رسوم وأشكال مختلفة, إرتبط معظمها بقصص وأساطير وخرافات وأوهام شتّى... ممّا نشأ بجوار علم الفلك فنون التّنجيم, ومعه نشأت فنون السّحر والطّلسمات وقراءة المستقبل والفأل والطّير والعرافة... وإستمرّ الخلط في صور تعاويذ وترانيم الأفلاك, حتّى إنتشرت قراءة الطّالع ومعرفة الحظّ وأنواع الأبراج وربطها بإنتظار الفرج ودفع الأحزان وإستبدالها بالسّعادة والأفراح...
    أبدع الفلكيّون الأوائل في فنون رسم وتشكيل لوحات للمجموعات النّجوميّة في قبّة السّماء, فرسموا الخرائط والصّور لدائرة البروج, التي تتراءى لهم في شريط وهمي ترسمه الكرة السّماويّة في مجموعات نجوميّة حول مدار الشّمس... وجعلوا لكلّ برج من الأبراج صورة مميّزة عن البرج الآخر, وقسّموا الأبراج على الفصول, بحيث يكون لكلّ فصل ثلاثة أبراج... الحمل والثّور والجوزاء, لفصل الرّ[يع, السّرطان والأسد والعذراء, لفصل الصّيف, الميزان والعقرب والقوس, لفصل الخريف, الجدي والدّلو والحوت, لفصل الشّتاء...
    وذهب بعض الفلكيين إلى تقسيم النّجوم إلى ثلاثة مجموعات: شماليّة وإستوائيّة وجنوبيّة, والبعض الآخر قسّمها إلى مجموعتين: شماليّة وجنوبيّة... ورسموا لها الصّور والأشكال المختلفة, وأسموها التّسميات التي تناهت لهم وإقتنعوا بها... ففي السّماء الشّماليّة, حدّدوا الكوكبات التّألية: الدّبّ الأكبر, الدّبّ الأصغر, السّلوقيان, الأسد الأصغر, برشاوش, قيفاوس, التّنّين, المثلّث الشّمالي, العنّأز, الفرس الأعظم, المسلسلة, الزّرافة, العظاية, الوشق, ذات الكرسي, الذّئب, الدّجاجة, الصّغيرة, الشّلياق, العقاب, السّهم, الدّلفين, الإكليل الشّمامي, العوّاء, الحوّاء والحيّة, الجاثي, الأرنب, الجبّار... وحدّدوا المجموعات الكوكبيّة في قبّة السّماء الجنوبيّة كما يلي: الكلب الأكبر, الكلب الأصغر, السّفينة, قنطوروس, الصّليب الجنوبي, الباطئة, المجمرة, التّرس, قيطس, الشّجاع, أريدانوس, وحيد القرن, السّاماتي, الكركي, الحمامة, الغراب, الطّاووس, الذّبابة, المثلّث الجنوبي, البركار, السّبع, السّمكة الطّائرة, السّمكة الجنوبيّة, مسند المصوّر, الحرباء, الإكليل الجنوبي, السّمكة الذّهبيّة, طائر الفينيق, الطّوقان...
    إلى هذا, فإنّنا نستطيع أن نطلق على هذا النّوع, من رسم وتصوير وتشكيل خرائط ومصوّرات وهيآت بدائع السّماء, من أفلاك ونجوم وأجرام وكواكب وكوكبات وشهب ومجموعات شمسيّة وغيرها, تسمية مميّزة تحت عنوان: " الرّسم الفلكي " أو " التّصوير الفلكي ", وهو نوع من الرّسم البياني الهندسي, الذي يُعنى برسم وتصوير وتشكيل ووضع مخطّطات وخرائط وتفاصيل وجداول, لما يظهر للإنسان علميّا ونظريّا وتحليليّا ودراسيّا, من بدائع خلق الله في إمتدادات السّماء...
    وهذا النّوع من الفنّ في الرّسم والتّشكيل الفلكي, له قواعده وأسسه وضوابطه وعناصره وخطوطه ومصطلحاته ورموزه وأشكاله وإخراجه, وذلك بما يفي بالغرض الهدف من وضع المخطّطات الفلكيّة... بحيث يقوم العلماء الفلكيّون الفنّانون, بتحديد مواقع النّجوم لكلّ كوكبة, وبشكل علميّ هندسيّ فلكيّ دقيق, ويقومون بتوقيعها على الورق أو الكرتون أو الخشب أو المعدن أو الورق الشّفّاف, وبأشكال ترميزيّة, كالدّوائر الهندسيّة الصّغيرة مثلا, أو كأشكال النّجوم الخماسيّة المشعّة, وبرسم خطوطا وهميّة تصل بين نجوم الكوكبة بأسلوب فنّي فريد, ويُحيطون مجموعة نجوم الكوكبة, بخطوط إنسيابيّة موصولة, لتشكّل إطارا مقفلا, يرمز لشكل ما, يشبه إلى حدّ بعيد, لما يحيط بالإنسان فوق الأرض... مستخدمين في عمليّات توقيعهم ورسوماتهم الفلكيّة, كافّة أدوات الرّسم الهندسيّة المعروفة والمتداولة, والتي إستعيض عنها حديثا بالبرمجيات الرّقميّة, التي صُمّمت ووضعت خصيصا, لإنتاج مثل هذه الرّسومات وغيرها, بإستخدام الحواسيب الرّقميّة الحديثة, التي قلبت الموازين في العمليّات التّقنيّة, ومنها الرّسم بكافّة ألوانه وأنواعه وفروعه, إن من جهة الدّقّة في الرّسم والمسحات اللونيّة, أو من جهة السّرعة في الإنتاج, أو المطابقة الفائقة في عمليّة النّسخ والطّباعة للكمّية المطلوبة...
    فيما ذهب الكثير من الفنّانين التّشكيليين في شتّى أنحاء العالم, إلى القيام برسم وتشكيل أجمل اللوحات والمنحوتات, بأساليب ومذاهب ومدارس فنّيّة قديمة وحديثة ومستحدثة ومستنبطة, مواكبة للقفزات النّوعيّة في عصر الثّورة الرّقميّة, وحضارة العولمة, بحيث تتماهى أروقة وجدران المعارض والمتاحف الدّوليّة, بالكثير من هذه الفنون الجميلة والمميّزة...
    والرّسم الفلكي أو التّصوير الفلكي, هو علم وفنّ وتقنيّة ودقّة, وله أربابه وعلماؤه وأقطابه وروّاده وإختصاصيّوه وفنّانوه ورسّاموه وتشكيليّوه, الذين أبدعوا في التّفنّن بوضع دراسات وصور ولوحات ملوّنة, وهيئات مفصّلة, ومشهديّات كوكبات, وأشكال أبراج, ونجوم تتماهى لمعانا أو خفوتا في أطيافها في أعماق وأبعاد السّماء...
    حسين أحمد سليم
    hasaleem

  2. #2
    الصورة الرمزية فاتن دراوشة مشرفة عامة
    شاعرة

    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : palestine
    المشاركات : 8,906
    المواضيع : 92
    الردود : 8906
    المعدل اليومي : 1.66

    افتراضي

    سبحانه مبدع الأكوان خلق لوحات الجمال المتحرّكة لتنبض جمالا وروعة في أرجاء كونه

    ولتسلب بنظامها الرّائع والمتقن ألباب الخلق والعباد

    الكون بغموضه هو الملهم الأوّل للإبداع والفنون والدّراسات والأبحاث التي تسعى بدورها لكشف الغموض.

    لا عدمنا جهودك الرّاقية أستاذنا

    مودّتي

    فاتن

المواضيع المتشابهه

  1. يحق لنا رسم صور كاريكاتورية لمحمد ويسوع المسيح وبوذا ويهودا وكل اشكال
    بواسطة عبدالله المحمدي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-10-2020, 05:40 PM
  2. بدائع القرآن الكريم-المستشار الأدبي: حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-05-2016, 09:58 PM
  3. بدائع الفوائد - لابن القيّم
    بواسطة مصطفى حمزة في المنتدى المَكْتَبَةُ الدِّينِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-08-2014, 01:45 AM
  4. أسْرارٌ فِي السّمَاءِ
    بواسطة محسن العافي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 01-06-2014, 01:07 AM
  5. (( عفا رسمُ المحاجر ))
    بواسطة الميمان النجدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 28-10-2003, 12:27 PM