أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: نزار قباني مع بلقيس

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد حمود الحميري مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : In the Hearts
    المشاركات : 7,924
    المواضيع : 168
    الردود : 7924
    المعدل اليومي : 1.93

    افتراضي نزار قباني مع بلقيس

    نزار قباني مع بلقيس
    يقول نزار: بلقيس هي كنز عظيم عثرت عليه مصادفه، حيث كنت اقدم امسية شعرية في بغداد عام 1962م ويضيف، قصتنا ككل قصص الحب في المدن العربية جوبهت ب(لا) كبيرة جداَ.. كان الاعتراض الأقوى على تاريخي الشعري، وكانت مجموعاتي الغزلية وثائق أشهرها أهل بلقيس ضدي
    والقبائل العربية كما نعرف لاتزوج بناتها من اي شاعر تغزل بإحدى نساء القبيلة، ولما يئست من إقناع شيخ القبيلة بعدالة قضيتي.. ركبت الطائرة وسافرت إلى أسبانيا لأعمل دبلوماسياَ فيها لمدة ثلاث سنوات، وخلال هذه السنوات الطويلة كنت أكتب لبلقيس، وكانت تكتب لي.. رغم أن بريد القبيلة كان مراقباَ... وظل وضع نزار على هذا الحال حتى جاء عام 1969م، فيقول نزار ((في هذا العام ذهبت إلى بغداد بدعوة رسمية للاشتراك في مهرجان المربد.. وهناك القيت قصيدة من أجمل قصائدي كانت (بلقيس الراوي) بطلتها الرئيسية :

    مرحباَ ياعراق، جئت اغنيك
    وبعض من الغناء بكاء
    أكل الحزن من حشاشة قلبي
    والبقايا تقاسمتها النساء

    بعد هذه القصيدة التي هزت بغداد في تلك الفترة، تعاطفت الدولة والشعب العراقي مع قضية نزار وتولى القادة البعثيون خطبة بلقيس من أبيه، وكان على رأس الوفد الحزبي الذي ذهب إلى بيت الراوي في (حي الاعظمية) لطلب يد بلقيس، وزير الشباب الشاعر الأستاذ شفيق الكمالي ووكيل وزارة الخارجية آنذاك الشاعر الأستاذ شاذل طاقة. وهكذا ذهب نزار إلى بغداد عام 1969م ليلقي قصيدة شعر.. وعدا وهو يحمل نخلة عراقية ومع بلقيس شعر نزار أنه يعيش في حضن أمه، فقد ادركت بلقيس أن نزار مثل كثير من الرجال يحتاج إلى إمراة تكون في المقام الاول (أما) ثم بعد ذلك زوجة فظلت تعامله كطفل وتعوضه عن بعده عن امه
    فقد كان كثير التنقل ولذا نجد نزار يكتب لها قصيدة بمناسبة مرور عشر سنوات على زواجهما يقول فيها :

    أشهد أن لا امراة
    اتقنت اللعبة إلا انت
    واحتملت حماقتي
    عشرة اعوام كما احتملت
    وقلمت أظافري..
    ورتبت دفاتري
    وادخلتني روضة الاطفال
    إلا انت
    .. .. .. ..

    أشهد ان لا امراة
    تعاملت معي كطفل عمره شهران
    إلا انت
    وقدمت لي لبن العصفور
    والأزهار والألعاب
    إلاانت

    .. .. .. ..

    أشهد ان لا امراة
    قد جعلت طفولتي
    تمتد خمسين عاماَ.. إلا انت

    كان عمر نزار قباني عند كتابة هذه القصيدة (ست وخمسون عاما) وقد ظل نزار يعيش كطفل له (أمان) فائزة وبلقيس، حتى كانت اول أكبر صدمة في حياته حين توفت والدته عام 1976م، وقد اهتز وجدان الشاعر، فقد وصل ارتباطه بها إلى أقصى درجاته، فهي التي كتب لها قصيدة ((خمس رسائل إلى امي)) عندما كان يسافر بسب عمله في الحقل الدبلوماسي، وكان يصف حاله بدونها :
    .... لم أعثر
    على امرأة تمشط شعري الأشقر
    وتحمل في حقيبتها إليّ عرائس السكر
    وتكسوني إذا أعرى
    وتنشلني إذا أعثر
    ايا أمي أنا الولد الذي أبحر
    ولا زالت بخاطره
    تعيش عروسة السكر
    فكيف...فكيف... يا أمي
    غدوت اباَ... ولم أكبر

    تلك الابيات من ديوان الرسم بالكلمات الذي صدر عام 1966م
    ولم تمر سوى أعوام قليلة وتحديداَ في 1981/12/15م حتى يصدم نزار صدمته الثانية، وكانت في وفاة زوجته وأمه الثانية بلقيس الراوي، ماتت التي كانت تمثل له الكثير في حادث مأساوي تحت أنقاض السفارة العراقية في بيروت على إثر إنفجار هائل بالقنابل وقع بها ويصف نزار قباني هذه اللحظة قائلا (كنت في مكتبي بشارع الحمراء حين سمعت صوت انفجار زلزلني من الوريد إلى الوريد ولا أدري كيف نطقت ساعتها : ياساتر يارب.. بعدها جاء من ينعي إلي الخبر.. السفارة العراقية نسفوها.. قلت بتلقائية بلقيس راحت.. شظايا الكلمات مازالت داخل جسدي.. أحسست أن بلقيس سوف تحتجب عن الحياة إلى الابد، وتتركني في بيروت ومن حولي بقاياه، كانت بلقيس واحة حياتي وملاذي وهويتي وأقلامي.
    ويطلق الشاعر صرخة حزن مدوية، في قصيدة تعد من اطول القصائد المرثية التي نظمها نزار قباني، وهي قصيدة بلقيس :
    بلقيس الراوي

    للشاعرنزار قباني




    شُكْرَاً لَكُمْ
    شُكْرَاً لَكُمْ
    فحبيبتي قُتِلَتْ وصارَ بوسْعِكُم
    أن تشربوا كأساً على قبرِ الشهيدة
    وقصيدتي اغتيلت ..
    وهَلْ من أُمَّةٍ في الأرضِ ..
    - إلاَّ نحنُ - تغتالُ القصيدة ؟

    بلقيسُ ...
    كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
    بلقيسُ ..
    كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
    كانتْ إذا تمشي ..
    ترافقُها طواويسٌ ..
    وتتبعُها أيائِلْ ..
    بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..
    ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ
    هل يا تُرى ..
    من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟
    يا نَيْنَوَى الخضراء ..
    يا غجريَّتي الشقراء ..
    يا أمواجَ دجلةَ . .
    تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا
    أحلى الخلاخِلْ ..
    قتلوكِ يا بلقيسُ ..
    أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..
    تلكَ التي
    تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟
    أين السَّمَوْأَلُ ؟
    والمُهَلْهَلُ ؟
    والغطاريفُ الأوائِلْ ؟
    فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..
    وثعالبٌ قتلتْ ثعالبْ ..
    وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..
    قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..
    تأوي ملايينُ الكواكبْ ...
    سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ
    فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟
    أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟.

    بلقيسُ
    لا تتغيَّبِي عنّي
    فإنَّ الشمسَ بعدكِ
    لا تُضيءُ على السواحِلْ . .
    سأقول في التحقيق :
    إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ
    وأقول في التحقيق :
    إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ ..
    وأقولُ :
    إن حكايةَ الإشعاع ، أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ ..
    فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ
    هذا هو التاريخُ . . يا بلقيسُ ..
    كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ ...
    ما بين الحدائقِ والمزابلْ
    بلقيسُ ..
    أيَّتها الشهيدةُ .. والقصيدةُ ...
    والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ ..
    سبأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا
    فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ ..
    يا أعظمَ المَلِكَاتِ ..
    يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ
    بلقيسُ ..
    يا عصفورتي الأحلى ..
    ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى
    ويا دَمْعَاً تناثرَ فوقَ خَدِّ المجدليَّةْ
    أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ
    ذاتَ يومٍ .. من ضفافِ الأعظميَّةْ
    بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا ..
    وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ
    والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا ..
    وفي مفتاح شِقَّتِنَا ..
    وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا ..
    وفي وَرَقِ الجرائدِ ..
    والحروفِ الأبجديَّةْ ...
    ها نحنُ .. يا بلقيسُ ..
    ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ..
    ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ ..
    والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ ..
    ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ ...
    حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ
    بينِ الشَّظيّةِ .. والشَّظيَّةْ
    حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا ..
    صارَ القضيَّةْ ..
    هل تعرفونَ حبيبتي بلقيسَ ؟
    فهي أهمُّ ما كَتَبُوهُ في كُتُبِ الغرامْ
    كانتْ مزيجاً رائِعَاً
    بين القَطِيفَةِ والرُّخَامْ ..
    كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا
    ينامُ ولا ينامْ ..

    بلقيسُ ..
    يا عِطْرَاً بذاكرتي ..
    ويا قبراً يسافرُ في الغمام ..
    قتلوكِ ، في بيروتَ ، مثلَ أيِّ غزالةٍ
    من بعدما .. قَتَلُوا الكلامْ ..
    بلقيسُ ..
    ليستْ هذهِ مرثيَّةً
    لكنْ ..
    على العَرَبِ السلامْ

    بلقيسُ ..
    مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ ..
    والبيتُ الصغيرُ ..
    يُسائِلُ عن أميرته المعطَّرةِ الذُيُولْ
    نُصْغِي إلى الأخبار .. والأخبارُ غامضةٌ
    ولا تروي فُضُولْ ..

    بلقيسُ ..
    مذبوحونَ حتى العَظْم ..
    والأولادُ لا يدرونَ ما يجري ..
    ولا أدري أنا .. ماذا أقُولْ ؟
    هل تقرعينَ البابَ بعد دقائقٍ ؟
    هل تخلعينَ المعطفَ الشَّتَوِيَّ ؟
    هل تأتينَ باسمةً ..
    وناضرةً ..
    ومُشْرِقَةً كأزهارِ الحُقُولْ ؟

    بلقيسُ ..
    إنَّ زُرُوعَكِ الخضراءَ ..
    ما زالتْ على الحيطانِ باكيةً ..
    وَوَجْهَكِ لم يزلْ مُتَنَقِّلاً ..
    بينَ المرايا والستائرْ
    حتى سجارتُكِ التي أشعلتِها
    لم تنطفئْ ..
    ودخانُهَا
    ما زالَ يرفضُ أن يسافرْ

    بلقيسُ ..
    مطعونونَ .. مطعونونَ في الأعماقِ ..
    والأحداقُ يسكنُها الذُهُولْ
    بلقيسُ ..
    كيف أخذتِ أيَّامي .. وأحلامي ..
    وألغيتِ الحدائقَ والفُصُولْ ..
    يا زوجتي ..
    وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياءَ عيني ..
    قد كنتِ عصفوري الجميلَ ..
    فكيف هربتِ يا بلقيسُ منّي ؟..
    بلقيسُ ..
    هذا موعدُ الشَاي العراقيِّ المُعَطَّرِ ..
    والمُعَتَّق كالسُّلافَةْ ..
    فَمَنِ الذي سيوزّعُ الأقداحَ .. أيّتها الزُرافَةْ ؟
    ومَنِ الذي نَقَلَ الفراتَ لِبَيتنا ..
    وورودَ دَجْلَةَ والرَّصَافَةْ ؟

    بلقيسُ ...
    إنَّ الحُزْنَ يثقُبُنِي ..
    وبيروتُ التي قَتَلَتْكِ .. لا تدري جريمتَها
    وبيروتُ التي عَشقَتْكِ ..
    تجهلُ أنّها قَتَلَتْ عشيقتَها ..
    وأطفأتِ القَمَرْ ..

    بلقيسُ ..
    يا بلقيسُ ..
    يا بلقيسُ
    كلُّ غمامةٍ تبكي عليكِ ..
    فَمَنْ تُرى يبكي عليَّا ..
    بلقيسُ .. كيف رَحَلْتِ صامتةً
    ولم تَضَعي يديْكِ .. على يَدَيَّا ؟

    بلقيسُ ..
    كيفَ تركتِنا في الريح ..
    نرجِفُ مثلَ أوراق الشَّجَرْ ؟
    وتركتِنا - نحنُ الثلاثةَ - ضائعينَ
    كريشةٍ تحتَ المَطَرْ ..
    أتُرَاكِ ما فَكَّرْتِ بي ؟
    وأنا الذي يحتاجُ حبَّكِ .. مثلَ (زينبَ) أو (عُمَرْ)

    بلقيسُ ..
    يا كَنْزَاً خُرَافيّاً ..
    ويا رُمْحَاً عِرَاقيّاً ..
    وغابَةَ خَيْزُرَانْ ..
    يا مَنْ تحدَّيتِ النجُومَ ترفُّعاً ..
    مِنْ أينَ جئتِ بكلِّ هذا العُنْفُوانْ ؟
    بلقيسُ ..
    أيتها الصديقةُ .. والرفيقةُ ..
    والرقيقةُ مثلَ زَهْرةِ أُقْحُوَانْ ..
    ضاقتْ بنا بيروتُ .. ضاقَ البحرُ ..
    ضاقَ بنا المكانْ ..
    بلقيسُ : ما أنتِ التي تَتَكَرَّرِينَ ..
    فما لبلقيسَ اثْنَتَانْ ..

    بلقيسُ ..
    تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا ..
    وتجلُدني الدقائقُ والثواني ..
    فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ .. قصَّةٌ
    ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ
    حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ ..
    تغمُرُني ،كعادتِها ، بأمطار الحنانِ
    ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ ..
    على الستائرِ ..
    والمقاعدِ ..
    والأوَاني ..
    ومن المَرَايَا تطْلَعِينَ ..
    من الخواتم تطْلَعِينَ ..
    من القصيدة تطْلَعِينَ ..
    من الشُّمُوعِ ..
    من الكُؤُوسِ ..
    من النبيذ الأُرْجُواني ..

    بلقيسُ ..
    يا بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
    لو تدرينَ ما وَجَعُ المكانِ ..
    في كُلِّ ركنٍ .. أنتِ حائمةٌ كعصفورٍ ..
    وعابقةٌ كغابةِ بَيْلَسَانِ ..
    فهناكَ .. كنتِ تُدَخِّنِينَ ..
    هناكَ .. كنتِ تُطالعينَ ..
    هناكَ .. كنتِ كنخلةٍ تَتَمَشَّطِينَ ..
    وتدخُلينَ على الضيوفِ ..
    كأنَّكِ السَّيْفُ اليَمَاني ...

    بلقيسُ ..
    أين زجَاجَةُ ( الغِيرلاَنِ ) ؟
    والوَلاّعةُ الزرقاءُ ..
    أينَ سِجَارةُ الـ (الكَنْتِ ) التي
    ما فارقَتْ شَفَتَيْكِ ؟
    أين (الهاشميُّ ) مُغَنِّيَاً ..
    فوقَ القوامِ المَهْرَجَانِ ..
    تتذكَّرُ الأمْشَاطُ ماضيها ..
    فَيَكْرُجُ دَمْعُهَا ..
    هل يا تُرى الأمْشَاطُ من أشواقها أيضاً تُعاني ؟
    بلقيسُ : صَعْبٌ أنْ أهاجرَ من دمي ..
    وأنا المُحَاصَرُ بين ألسنَةِ اللهيبِ ...
    وبين ألسنَةِ الدُخَانِ ...
    بلقيسُ : أيتَّهُا الأميرَةْ
    ها أنتِ تحترقينَ ... في حربِ العشيرةِ والعشيرَةْ
    ماذا سأكتُبُ عن رحيل مليكتي ؟
    إنَ الكلامَ فضيحتي ..
    ها نحنُ نبحثُ بين أكوامِ الضحايا ..
    عن نجمةٍ سَقَطَتْ ..
    وعن جَسَدٍ تناثَرَ كالمَرَايَا ..
    ها نحنُ نسألُ يا حَبِيبَةْ ..
    إنْ كانَ هذا القبرُ قَبْرَكِ أنتِ
    أم قَبْرَ العُرُوبَةْ ..
    بلقيسُ :
    يا صَفْصَافَةً أَرْخَتْ ضفائرَها عليَّ ..
    ويا زُرَافَةَ كبرياءْ
    بلقيسُ :
    إنَّ قَضَاءَنَا العربيَّ أن يغتالَنا عَرَبٌ ..
    ويأكُلَ لَحْمَنَا عَرَبٌ ..
    ويبقُرُ بطْنَنَا عَرَبٌ ..
    ويَفْتَحَ قَبْرَنَا عَرَبٌ ..
    فكيف نفُرُّ من هذا القَضَاءْ ؟
    فالخِنْجَرُ العربيُّ .. ليسَ يُقِيمُ فَرْقَاً
    بين أعناقِ الرجالِ ...
    وبين أعناقِ النساءْ ..
    بلقيسُ :
    إنْ هم فَجَّرُوكِ .. فعندنا
    كلُّ الجنائزِ تبتدي في كَرْبَلاءَ ..
    وتنتهي في كَرْبَلاءْ ..
    لَنْ أقرأَ التاريخَ بعد اليوم
    إنَّ أصابعي اشْتَعَلَتْ ..
    وأثوابي تُغَطِّيها الدمَاءْ ..
    ها نحنُ ندخُلُ عصْرَنَا الحَجَرِيَّ
    نرجعُ كلَّ يومٍ ، ألفَ عامٍ للوَرَاءْ ...
    البحرُ في بيروتَ ..
    بعد رحيل عَيْنَيْكِ اسْتَقَالْ ..
    والشِّعْرُ .. يسألُ عن قصيدَتِهِ
    التي لم تكتمِلْ كلماتُهَا ..
    ولا أَحَدٌ .. يُجِيبُ على السؤالْ
    الحُزْنُ يا بلقيسُ ..
    يعصُرُ مهجتي كالبُرْتُقَالَةْ ..
    الآنَ .. أَعرفُ مأزَقَ الكلماتِ
    أعرفُ وَرْطَةَ اللغةِ المُحَالَةْ ..
    وأنا الذي اخترعَ الرسائِلَ ..
    لستُ أدري .. كيفَ أَبْتَدِئُ الرسالَةْ ..
    السيف يدخُلُ لحم خاصِرَتي
    وخاصِرَةِ العبارَةْ ..
    كلُّ الحضارةِ ، أنتِ يا بلقيسُ ، والأُنثى حضارَةْ ..
    بلقيسُ : أنتِ بشارتي الكُبرى ...
    فَمَنْ سَرَق البِشَارَةْ ؟
    أنتِ الكتابةُ قبْلَمَا كانَتْ كِتَابَةْ ..
    أنتِ الجزيرةُ والمَنَارَةْ ..
    بلقيسُ :
    يا قَمَرِي الذي طَمَرُوهُ ما بين الحجارَةْ ..
    الآنَ ترتفعُ الستارَةْ ..
    الآنَ ترتفعُ الستارِةْ ..
    سَأَقُولُ في التحقيقِ ..
    إنّي أعرفُ الأسماءَ .. والأشياءَ .. والسُّجَنَاءَ ..
    والشهداءَ .. والفُقَرَاءَ .. والمُسْتَضْعَفِينْ ..
    وأقولُ إنّي أعرفُ السيَّافَ قاتِلَ زوجتي ..
    ووجوهَ كُلِّ المُخْبِرِينْ ..
    وأقول : إنَّ عفافَنا عُهْرٌ ..
    وتَقْوَانَا قَذَارَةْ ..
    وأقُولُ : إنَّ نِضالَنا كَذِبٌ
    وأنْ لا فَرْقَ ..
    ما بين السياسةِ والدَّعَارَةْ !!
    سَأَقُولُ في التحقيق :
    إنّي قد عَرَفْتُ القاتلينْ
    وأقُولُ :
    إنَّ زمانَنَا العربيَّ مُخْتَصٌّ بذَبْحِ الياسَمِينْ
    وبقَتْلِ كُلِّ الأنبياءِ ..
    وقَتْلِ كُلِّ المُرْسَلِينْ ..
    حتّى العيونُ الخُضْرُ ..
    يأكُلُهَا العَرَبْ
    حتّى الضفائرُ .. والخواتمُ
    والأساورُ .. والمرايا .. واللُّعَبْ ..
    حتّى النجومُ تخافُ من وطني ..
    ولا أدري السَّبَبْ ..
    حتّى الطيورُ تفُرُّ من وطني ..
    و لا أدري السَّبَبْ ..
    حتى الكواكبُ .. والمراكبُ .. والسُّحُبْ
    حتى الدفاترُ ... والكُتُبْ ..
    وجميعُ أشياء الجمالِ ..
    جميعُها .. ضِدَّ العَرَبْ ..

    لَمَّا تناثَرَ جِسْمُكِ الضَّوْئِيُّ
    يا بلقيسُ ،
    لُؤْلُؤَةً كريمَةْ
    فَكَّرْتُ : هل قَتْلُ النساء هوايةٌ عَربيَّةٌ
    أم أنّنا في الأصل ، مُحْتَرِفُو جريمَةْ ؟
    بلقيسُ

    منقــــــــــــــــــــــ ـول

  2. #2
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 7
    المواضيع : 1
    الردود : 7
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي بلقيس تقتل كل يوم

    شكرا للكاتب المبدع محمد حمود الحميري على العرض الجميل وكانت الاجمل كلمات الشاعر الكبير نزار في مرثيته بلقيس

    لكن قصيدة بلقيس لم تكتمل بعد فبلقيس قتلت في بيروت وتقتل في بغداد وطرابلس ودمشق ولا ندري اي عاصمة عربية اخرى

    ستقتل بها بلقيس

    تحياتي لك

  3. #3

  4. #4
    الصورة الرمزية محمد حمود الحميري مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : In the Hearts
    المشاركات : 7,924
    المواضيع : 168
    الردود : 7924
    المعدل اليومي : 1.93

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالقادر الشراب مشاهدة المشاركة
    شكرا للكاتب المبدع محمد حمود الحميري على العرض الجميل وكانت الاجمل كلمات الشاعر الكبير نزار في مرثيته بلقيس

    لكن قصيدة بلقيس لم تكتمل بعد فبلقيس قتلت في بيروت وتقتل في بغداد وطرابلس ودمشق ولا ندري اي عاصمة عربية اخرى

    ستقتل بها بلقيس

    تحياتي لك
    حللت أهلًا يا صديقي ، طبت وطاب ممشاك .
    لو كان لبلقيس من يحميها ويغار عليها لما قُتلت هنا وهناك .
    محبتي وباقة ورد .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد حمود الحميري مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : In the Hearts
    المشاركات : 7,924
    المواضيع : 168
    الردود : 7924
    المعدل اليومي : 1.93

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نداء غريب صبري مشاهدة المشاركة
    اختيار مميز ونقل بأسلوب جميل

    شكرا لك

    بوركت
    شكرًا أستاذة ــ نداء غريب صبري
    تقبلي تحياتي .

  6. #6
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    ولا زالت بلقيس تقتل في كلّ البقاع العربيّة ولا نزار يرثي!
    مؤسفة حال الأمّة
    اختيار جميل
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد حمود الحميري مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : In the Hearts
    المشاركات : 7,924
    المواضيع : 168
    الردود : 7924
    المعدل اليومي : 1.93

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاملة بدارنه مشاهدة المشاركة
    ولا زالت بلقيس تقتل في كلّ البقاع العربيّة ولا نزار يرثي!
    مؤسفة حال الأمّة
    اختيار جميل
    بوركت
    تقديري وتحيّتي
    صدقت
    ولا صلاح للأمة إلا بما صلح به أولها .
    بوركت أستاذة ــ كاملة بدارنه

  8. #8
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,101
    المواضيع : 317
    الردود : 21101
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    قصيدة رائعة حملت من الوجع ما تنوء بحمله القلوب
    اختيار جميل وشرح بديع لقصة نزار القباني وتعلقه ببلقيس
    ورثاءه المؤثر لها.
    شكرا لك ـ ولك تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. بلقيس * نزار قباني
    بواسطة نادية بوغرارة في المنتدى مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّةٌ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 11-05-2012, 04:01 AM
  2. السيف البتار في نحر الشيطان نزار ( رؤية شرعية لشعر نزار قباني)
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 10-06-2009, 09:02 AM
  3. أنا مع الإرهاب . نزار قباني .
    بواسطة معاذ الديري في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 02-11-2005, 09:57 AM
  4. نزار قباني وادب حزيران
    بواسطة رائد ابو مغصيب في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-01-2005, 04:56 PM
  5. اطفال الحجاره / نزار قباني
    بواسطة مهند صلاحات في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-12-2004, 08:48 PM