عائشة .... قصة قصيرة

"عائشة " قصة قصيرة

-جماعات النمل تسير بانتظام ، و عائشة تنظر إليها ببلاهة ، تقترب منها نملة ،
تسحقها بأصبعها، يتشتت باقي النمل ، فتضحك بهستيريا، تثيربهجتها جماعات النمل القتيلة ، والقيد يلتف بقوة حول قدميها المغبرتين ، تضرب عائشة القيد الحديدي بيديها ، تحاول أن تفتحه ، تعاود المحاولة ، وعندما تيأس ، تغمض عينيها ،تحرقها حبات العرق وهي تختلط بالجرح الغائر في رأسها ،تمص لعابها ؛
تبصق في قوة ،الشمس محرقة ..
إنها مجنونة ، لفظ اعتادت أن تسمعه ، تضحك ،وتشير إلى نفسها ،أنا المجنونة .. لافائدة .. لقد ازداد جنونها .. ولم تعد تنفع لشيء .. لقد تركت القطيع يرعى لوحده ولولا ستر الله لضاع وأكلته الذئاب ..


* * * * * *

- في القرية ، تدور عائشة ، تدق على الأبواب ، تبدو وكأنها تبحث عن شيء ، والأطفال حولها ، تغني لهم ، وأحيانا تدفعهم عندما تمتد أيديهم عليها ،وفي بعض الأحيان لا تسلم عائشة من ضربات الكبار .. وصراخهم ، تبدو وكأنها تلامس بجسدها السماء ، ، حتى تعانق بجنونها الأبدي ، أية نجمة ..

- تضحك في هستيريا غريبة ، عندما تقلد أي أحد ، يعجبها أي منظر تراه ، يضحكها ، فتخرج لسانها وتتركه وكأنها كلب منهك من الحر ، تبدو الدموع عندها كالضحك ، لا فرق بينهما ، لا فرق .



* * * * * * * * * ** * * * **

عند أذان العصر ،تخرج من المنزل ، خلسة ،تحتضن بيدها حقيبتها ذات القماش المخطط باللونين الأحمر والأسود .. تركض في طرقات القرية .. حافية .. منكوشة الشعر .. ثوبها الأحمر القصير والمرقع بقطع مربعة كبيرة باللون الأبيض..
أنا الذيب باكلكم ...... أنا الأم بحميكم ..
الأولاد يعدون خلفها .. يضحكون في استهزاء فرحين بطفولتهم ، يجرون ملابسها ، يمزقون أطرافه، واحدة تجر حقيبتها ، والصوت يتردد ، المجنونة عايشة ، عايشة ..
يلقون الحجارة عليها ، حجر كبير ، أصابها في وجهها ، تصرخ ، تزعق بصوع عال وبكلام غير مفهوم ،تدفع الأولاد من حولها ، حتى تنفلت منهم ..





يستبد بها الغضب ، فتلتقط حجر .. تضرب به أحد الصبية .. والضربة قد شجت رأسه .. تضحك .. منظر الدماء وهو يسقط .. يثيرها .. صوت الصبي العالي...

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
صراخهم .. أقلقها .. أسرعت تعدو .. تحتضن حقيبتها إلى صدرها بقوة ، يرتجف قلبها .. ينفطر ، تبدو المساحات صغيرة ، ربما بحجم أصبعها ، بقدمها ، يقترب البيت منها ، معالمه تتضح ، فراشة تطير في الأجواء ، تحلق حولها ، تصل إلى المنزل ، تصرخ ، تزعق بقوة ، أم الدويس تسكن منزلهم منذ زمن ، تحاول الفرار منها ، يلتصق جسدها المرتعد بالجدار الطيني ، يداها الصغيرتين ، الضعيفتين ، تتشبث بالجدار ، أكثر وأكثر ، تحتبس الكلمات داخل جوفها ، تجحظ عيناها ، تسقط الحقيبة ، تنفلت الدمية القماشية على الأرض ، أم الدويس تدفع رأسها بقوة ناحية الجدار ، تصرخ عائشة ، تبكي ، تحاول الأفلات ، الألم يزداد ، يابنت الكلبة ، كيف تجرأتي على الدخول إلى مملكتي ؟ سأقتك ...

* * * * *** *******
- يتجمع أهالي القرية حول منزل عائشة ، يبدو والدها شاحب الوجه ، منهارا ، وهو يخرج من البيت ، منظر الدماء وجثة زوجته الملقاة يجوار الجدار ، أين عائشة ياحاج راشد ؟ يجب أن تعاقبها ، لقد أصابت الطفل بعاهة مستديمة في عينيه اليسرى ، ينظر إليهم الحاج راشد بألم ، يبدو مشتتا وهو يهز رأسه يمنة ويسرة ، يريد أن يتحدث ، يتكلم ، يتفوه بأي شيء ، إنها مجنونة لا تعي ما فعلته، لقد قتلت عمتها ..
لا أعرف اين ذهبت ؟ ربما ماتت .. الدماء إنها دماءها ، أنا متأكد من ذلك ..
لا توجد سوى حقيبتها القماشية ، والدمية ..
* * * * * * * * *

- الأهالي يدورون في أرجاء القرية ، يفتشون بيت ، بيت ، يقلبون الأثاث ، بحثا عن عائشة ، ولكنهم لم يعثروا عليها سوى قطرات دم كثيرة وآثار أقدام، تصل حتى الجبل المتاخم للقرية ، ذلك الجبل الذي يخشاه الأهالي ..
لا..... أحدهم يصرخ في وجه المجموعة التي معه ..
لنعد .. إنه نهاية الطريق .. يبدو أن عائشة ماتت ، ربما أكلتها الذئاب ، لنبتعد عن المكان ، إنه مكان للجن ..

كان لكلامه وقع السحر عليهم ، فسرعان ما تركوا المكان ، وذهبوا إلى منازلهم ، وقد أخرستهم عبارته ، فظلوا صامتين ،ـ ينظرون إلى الجبل بخشوع ..

*************************

بعد يومين اختفى الحاج راشد من القرية دون أن يعلم أي أحد أين ذهب ؟ لقد دخلوا منزله ، ليجدوا ملابسه وأغراضه مكانها لم تمس ، بحثوا عنه وسألوا ، وبدأت الأشاعات تنتشر من إنه ربما ذهب للبحث عن ابنته عائشة ، وبعضهم يؤكد إنه رأى الحاج راشد يسير إلى الجبل وهو يبكي ..
ولكن الإشاعة التي يشترك فيها أهالي القرية ويعيشون فيها ، وتجلب لهم الرعب ، هي إنهم يرون عائشة تسير في طرقات القرية ، في النهار والليل ، بشعرها المنكوش وثوبها الممزق ، وحقيبتها القماشية ، تضحك وتصرخ ، بيديها دميتها ، إنهم يرونها في شوارع القرية المبللة بالمياه وفي منازلهم ، وحتى في وجوه أزواجهم ، وفي غرف نومهم وفي قلوب أطفالهم ، فيزداد رعبهم ..

فيظل صوت عائشة الجنوني ، يدوي في الأفق ، أنا الذيب باكلكم ، أنا الأم بحميكم .. يتردد في أرجاء القرية ..




قاصة اماراتية

فاطمة المزروعي ..

الحقيقة أنني قرأت لك في أماكن مختلفة وتبين لي أنه مع جمال الأسلوب الذي تتمتعين به كقاصة، إلا أن هناك ملاحظات قوية جدا على تفاهة المنهج والمضمون و بعض المواضيع المبتذلة التي تتناولها تلك القصص.

وأما هذه القصة فإن الملاحظة التي لا تخفى على من لديه أدنى معرفة بتراثنا الاسلامي المجيد وشخصياته الشهيرة المؤثرة، هذه الملاحظة هي عن اسم صاحبة القصة "عائشة".
فما الذي تعنينه هنا بقولك :
"فيظل صوت عائشة الجنوني ، يدوي في الأفق ، أنا الذيب باكلكم ، أنا الأم بحميكم .. يتردد في أرجاء القرية ..".؟!!.

والحقيقة أنه من الأفضل بكل تأكيد أن تبقى القصة على نفس النمط من فقدان الهدف والغاية وتهافت المضمون وتفاهته، على أن تكون سبيلا للنيل من اسم شامخ لعلم من أعلام الدين والملة، بحسن نية أو بجهل أو بغيرهما.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الاستاذ عبدالله ..
لا أريد أن أتهجم عليك، وأرد عليك بأسلوب مثل أسلوبك الغير حضاري ، لست ممن يتخذون الدين ستارا لنشر قصصهم، أنا كاتبة محترمة وأكتب بغرض وهدف ، وعائشة هذه مجرد حكاية ، قصة ، ليس الغرض منها كما تتصور المساس بواحدة من أعلام الاسلام وهي زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم ، هذه القصة تعكس بيئتنا ، تعكس الظروف التي نعيشها ، ولايهمني أن تقرأ لي أو لا تقرأ ، ولتعلم أن رأيك لايهمني ..
هناك الكثير من الناس الذين يحبون الاساءة إلى أي أحد متخذين من الدين ستارا ، ولتعلم بأني كتبت قصص عن البطولة وأخرجت مجموعه بعنوان ":ليلة العيد" كلها تتحدث عن البطولات في فلسطين وذكرت في قصصي أسامة بن لادن..
فلاتتهجم على الناس بدون دليل لديك يا أستاذي المحترم ..
وأنا في الأخير أحترم رأي كل واحد يعلق على قصصي أو يبدي رأيه ..
وشكرا لك ..

أخي الحبيب عبد الله
السلام عليكم
أحيي غيرتك على دينك وعلى واحدة من أمهاتنا نحن المؤمنين

لكن أخي الحبيب أراك تسرعت وآذيت أختنا الفاضلة "فاطمة"

فاسم عائشة ليس حكرا على أمنا "عائشة" رضي الله عنها

هو مجرد اسم لبطلة القصة

وكان من الممكن أن يكون اسمها فاطمة أو زينب أو حفصة أو ....

ولا أجد في ذلك إشارة لأمنا عائشة لا من قريب ولا من بعيد

وأما عن "أنا الأم بحميكم" فلا تعني بالضرورة أنها تقصد السيدة عائشة أم المؤمنين

فالقصة تدور حول فتاة مجنونة
قد يصدر منها أي قول
وأنظر أخي في التناقض بين قولها "أنا الذيب باكلكم" وقولها "أنا الأم بحميكم"
هو قول جمع الضدين لأنها مجنونة لا أكثر ولا أقل

ثم إن القاصة لم تجمع بين أمنا عائشة رضي الله عنها وبين بطلة قصتها في أي شيء كي يتبادر إلى أذهاننا أنها أرادت النيل من السيدة عائشة

أراك تسرعت في حكمك
وأحسبك كريما والله حسيبك
لذا وجب عليك أيها الشهم الاعتذار إلى أختنا فاطمة رجوعا إلى الحق

بارك الله بك

أختي الكريمة فاطمة

قصتك بمثابة لوحة سريالية

يقف المرء أمامها مبهورا وله الحق أن يفهم ما تراءى له

غريبة لكنها ماتعة

أسلوبك ذو نكهة مميزة

شكرا لك وباتظار إبداعك

تحياتي وباقة فل

السلام عليكم
في الحقيقة من خلال خبرتي المتواضعة في الكتابة أجد أن الكاتب تحوم في رأسه الفكرة ويترجمها على الورق بإحساسه هو وبما يختلج مشاعره في تلك اللحظة ليأتي فيما بعد القارئ ويترجمها هو بدوره بأسلوبه وبمشاعره هو ويمكن أن تتعدد القراءات وكل شخص يترجمها ويفهمها بطريقة تختلف عن سابقتها ولا اعرف بصراحة تفسير هذا الشئ والله اعلم يكون تبعا ربما للأسلوب المتبع في سرد القصة ومن جهتي فانا أفضل القصص أو الخواطر الساخرة والبسيطة واهم شيء تلك التي تحمل هدفا ورسالة يفيد ويدعو للتغيير

أختي فاطمة سعدت بالتعرف عليك وبالنسبة للتعليق والنقد أحيانا يكون ايجابيا باعثا للاستمرارية والتشجيع أو التغيير من الأسلوب ربما أو جارحا وقد واجهت منه بعض الشئ

أتمنى لك التوفيق ودمت بخير