أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: لوحة طاووسيّة فنّيّة

  1. #1
    الصورة الرمزية حسين أحمد سليم قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    العمر : 71
    المشاركات : 163
    المواضيع : 130
    الردود : 163
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي لوحة طاووسيّة فنّيّة

    لوحة طاووسيّة فنّيّة بحزم لونيّة قزحيّة
    تجلّت عظمة الله في بديع صنعه للطّاووس
    فتماهى الطّاووس عنفوانا بتشكيل ذيله لوحة فنّيّة بديعة الصّنع

    بقلم: حسين أحمد سليم

    عندما نبحث في مسألة تصنيف الطّيور من منظور رؤى فلسفة الجمال الطّبيعي, ذلك الجمال التّكويني في عظمة وفرادة خلق الأشكال والبنى, ذلك الجمال التّشكيلي الحقيقي, الذي أسبغه الخالق على خلقه بشكل عامّ, وخاصّة أنواع وأشكال وبنى الطّيور منها, يرتسم أمام نظرتنا التّقييميّة الجماليّة الفنّيّة التّشكيليّة والزّخرفيّة, ذلك الطّير الفريد في نسيج جمال ريشه القزحيّ الألوان, والذي تتراءى عظمة الله تعالى في عظمة بديع صنعه لهذا الطّير المميّز, وأقصد به دجاج الطّاووس الذي وُسِمَ ونُعِتَ بأوصاف وألقاب, بما لمْ ولنْ ولا يُنعت غيره بما نُعِتَ به من إنتقادات شتّى... ومهما قيل ويُقال من أوصاف وسمات وألقاب ونعوت, في أخلاقيّات وتصرّفات ومسلكيّات الطّاووس الظّاهريّة, من الذّكوريّة والغرور والغطرسة والعدوانيّة والإستعراض والتّماهي والبخترة والتّعالي... يبقى الطّاووس ذلك المخلوق العجيب الغريب, الذي أبدع الخالق في جمال صنعه, شكلا وبنية ولوحة فنّيّة تشكيليّة قزحيّة الألوان, إن دلّت على شيء, فإنّما تدلّ على عظمة ووحدانيّة الخالق, فسبحانه تجلّت عظمته وقدرته فيما شاء وخلق...
    فالطّاووس هو طيرٌ من الطّيور الجميلة الفاتنة, التي تستَحوِذُ على إعجاب كلِّ مَن يُشاهدها ويراها, بحيث ترفلُ العيون دامعة من خشية الله, وذلك لِمَ حباه الخالق به من حزمة من ريشٍ رائع جميل, مُموَّه بكثيرٍ من حُزم الألوان المتناغمة والمتناسقة والمنسجمة في تكوينها وخطوطها وأشكالها وزخرفتها وألوانها... وأشبه ما تكون ألوان ذيل طائر الطّاووس, بألوان قوس السّماء القزحيّ, أو ما يُسمّى بقوس الله في السّماء, ذلك القوس اللونيّ الجميل, الذي يرتسم أثيريّا في سماء يوم ماطر مشمس معاً, حيث تتخلّل وتخترق حزماً من سيّالات وأشعّة الشّمس قطرات المطر المنهمرة رحمة من الخالق إلى الأرض, وهو التّشبيه الأقرب, للون ذلك الذّيل الفائق الجمال والمتفرِّد لطائر الطّاووس، ولتلك الطّريقة المُوحاة من الخالق لطائر الطّاووس, بأدائه الإستثنائي في حركات وأفعال رفْع ذيلِه الطّويل بطريقةٍ مميّزة ومدهشة، وإبراز جماليّات ذيله في لوحة فنّيّة تشكيليّة باهرة, تتجلّى في مشهديّة ريشِه المُلوَّن، وهو يتماهى عنفوانا في مشيته الإستعراضيّة التي يتبختر بها...
    وفيما مضى من خوالي حقب الأزمان ومدارات الأيّام, إعتُبِرت طيور الطّواويس جزءًا لا يتجزَّأ من حركات الفنون السّالفة, التي كانت تخدمُ مختلف الثّقافات والمعتَقَدات الدّينيَّة القديمة للشُّعوب الآسيويَّة، أمَّا في البلاد الأوروبّيّة فقد غابتْ هذه الطّيور عن معالم الفنون الأوروبّيّة، بإستثناء فترة وجيزة إندمجت داخل الصّور الزّيتيَّة للحدائق التّابعة للمُمتلكات الرّيفيَّة الألمانيَّة والفلمنكيَّة والإنجليزيَّة, حيث إعتبرت نماذج زخرفيَّة يحرص عليها أثرياء القوم في تزيين قُصورهم وبيوتهم الفارهة، إلى جانب أنَّ السَّيدات كُنَّ يحرصن في تلك الفترة على التّزيُّن بريش الطّاووس كدلالةٍ على المكانة الإجتماعيَّة السّامية التي وصلوا إليها ويعيشونها...
    غير أنَّ الحرَكات الجماليَّة الأوروبيَّة الحديثة, والخاصَّة بالفنون عملت على الإهتمام بالنّماذج الفطريّة التّقليديّة وتناغم وتماذج الألوان الطّبيعيّة في النّماذج الشّعبيَّة القديمة، ومن أهمّها زخرفات طائر الطّاووس، ومن أهمِّ روَّاد تلك الحركات, جون راسكين و ويليام موريس اللذان إهتمَّا بالأعمال اليدويَّة القديمة وأعمال التّطريز وإعادة إحيائها، أمَّا و يليام دي مورجن فقد إهتمَّ بأعمال الخزف الملوَّنة وكيمياء طلاء التّلميع وصناعة طبقات طلاء لامعة محاكية لريش طائر الطّاووس القزحي، أمَّا و التر كرين فقد إهتمَّ برسم كتب الأطفال الملوّنة, حيث أدخل كثير من الخرافات حول الطّاووس في رسومه وحكاياته، ومنها الأسطورة الشّهيرة: الطاوس يشكو لجينو, وغيرها...
    ومِن أهمِّ أعمال الفنّ الحديث هو ما أتَمَّه الفنّان الأمريكي جيمس مكنيل ويستلر (1834-1903) حيث صمَّم حجرةً كاملة مكرّسة للطّواويس، ومستوحاة من لون ريشها الأزرق المخضرّ في منزل في لندن عام 1876-1877، وأصبحت هذه الحجرة معروفةً بإسم حجرة الطّاووس، وتنقلّت الحجرة بين العديد من الملاّك، والآن مَعروضة في معرض فرير جاليري في واشنطن عندما أوصى فرير بنقل مجموعته الفنّيَّة للدّولة الأمريكيَّة...
    وفي سنة 1870 إستمرَّ إهتمام الفنون الحديثة بالعناصر القديمة الخزفيَّة ومنها الطّواويس, حيث برزت شركة روكود للخزف في أمريكا من بين أفضل الشّركات المنتِجة لتلك العناصر الخزفيَّة المزخرفة، حيث كانت المحاولة لتقليد قزحيَّة ألوان ريش الطّاووس وصورته وشكله على المزهريّات والأطباق، وشاعت وقتَها أواني تيفاني الخزفيَّة باهظة الثّمن، بل ظهرت تصميمات حديثة لتصاميم الطّواويس وريشها على كثيرٍ من أغلفة البضائع والأطعمة ومستحضرات التّجميل وغيرها...
    وتَمَّ توظيفُ ريشة الطّاووس كرسمٍ مُتكرِّر بدءًا من الزّهريّات الأنيقة لـ أوغستي ديلاهيرتشي و روكود إلى الطّوابع والبطاقات البريديَّة التي إنتشرت وقتذاك، كما زيّن ريش الطّاووس أيضًا السّطوح الزّجاجيَّة والخزفيَّة لكثيرٍ من التّحَف والحلي الفنّيَّة، وصارت ريشة الطّاووس رمزًا زخرفيًّا مُحَبَّبًا لذوق كثيرٍ من محبِّي الفنون...
    وبمرور الوقت لم تعدْ نقوش الطّاووس على الخزف والمنتجات الفنّيَّة حِكرًا فقط على عليّة القوم, حيث أصبحت تلك الزّخارف شائعة في البيوت الصّغيرة والمتوسّطة أيضًا، بل دخل الطّاووس عالم الأدب الحديث, حيث أشار الأديب الأمريكي فلانري أوكونور للطّاووس في كثيرٍ من كتاباته، وكان يكنُّ إعجابًا بالغًا للطّاووس، وكذلك أشار إليه الكاتب الشّهير د.هـ.لورانس، إلى جانب دخول رمز الطّاووس في كثيرٍ من شعارات الشّركات الإعلاميَّة كعنصرٍ تراثي قديم له مكانته الجماليَّة...
    ولقد إرتَبَط طائر الطّاوس في الكثير من الأذهان, بأنَّه طائر عنفواني ذكوري، ومتغطرِس، ومستعرِض، وعُدواني في نفس الوقت، حتّى أنَّ النّاس تُشيرُ إليه بهويّة الغرور عندما يستعرضُ نفسه، فيما أصبح النُّزوع الإستعراضي الطّبيعي لطائر الطّاووس يُضرَبُ مثلاً سائرا بين النّاس, في وصف تصرُّفات بعض اليافعين والشّباب وبعض النّاس من البشر...
    وفي العمليّة التّكوينيّة التّصنيفيّة لعالم طيور الطّواويس, هناك ثلاثةَ أنواعٍ معروفة من هذه الطّواويس, نذكر منها: الطّاووس الأزرق أو الهندي، وموطنه الأصلي في بلاد الهند وبلاد سيريلانكا, وإنتشر تدريجيًّا في الجزء الغربي من العالم، والطّاووس الأخضر، وهناك طاووس إفريقي أكثر قصرًا وبدانةً وأصغر حجمًا، ولكنَّه لا يملك نفس الذّيل المتعدِّد الألوان، ويُعرف بطاووس الكونغو أو أفروبافو، والميزة التي تتمتَّع بها الطواويس الزّرقاء والخضراء اللون, هي قُدرتها اللافتة على نشر حزمة ريش ذيولها, لتُشكِّل مشهديّة في لوحة فنّيّة تشكيليّة فائقة الجمال اللوني, من خلال تشكيل ذلك القوس الضّخم من حزم الألوان البديعة، يصل إلى عرض المترين تقريباً... هذا, وقد إحتلَّ الطّاووس مكانًا بارزًا في القصص والأساطير والمعتَقَدات البدائيَّة للشُّعوب المختلفة، فبشَكلِه المثير للإعجاب، واللافت للإنتِباه، كثُر تناوُله في موضوعات الفنون التّشكيليّة والحرف الصّناعيّة وفنون الآداب وفنون الأنسجة والطّباعة وفي الأمثال الشّعبيّة السّائرة، وكثيرا ما إستخدم كمنحوتات رخاميّة وُضعت عند مداخل البيوت الفخمة والقصور, وغيرها... حيث غدا طائر الطّاووس من غرائب وعجائب الخلق, يُحاكي طائر الفينيق الأسطوريّ... وكثيرًا ما كان طائر الطّاووس يُوصَف وصفا فلسفيّا إجتهاديّا سورياليّا وتجريديّا, بأنَّ له, ريش ملاك، وصوت شيطان، وأقدام لص...
    ويتكوَّن ريش طيور الطّواويس من خَلايا مادَّة الكراتين، وهي المادَّة التي يتركَّب منها الشَّعر والأظافر والقرون والحوافر، وهو المسؤول عن تقزح الريش، وهو التغيُّر اللوني الذي يحدُث عند النّظر للرّيش الملوَّن من زوايا مختلفة، ويكونُ العنق والصّدر مزيَّنين بلون أزرق أو أخضر فضّي، أمَّا الظَّهر والأرداف فباللون الذّهبي، وكذلك الكواسي العُليا للذّيل فتظهرُ بألوان مُتعدِّدة متناسقة، وتتكوَّن هذه الكواسي من قصبات متحلّلة معدنيَّة عبارة عن أكثر من مئة ريشة تحملُ بقعًا لونيَّةً تشبه الأعين ذات لون بنّي أو ذهبي نحاسي وأخضر داكن، وهناك حوالي الأرعين من الرّيش الأطول ذات لون أخضر ذهبي، وينتهي بمروحةٍ عريضة على شكل الرّقم سبعة أو الحرف الأجنبي في...
    وهذا الرّيش يكون مفيدًا لطائر الطّاووس حال هُروبِه من أعدائه, حيث يُساعده على سُرعة الرّكض إلى جانب أنَّ له دورًا كبيرًا في الإصطفاء الجنسي في موسم التَّزاوُج بين الطّواويس, وحيث إنَّ جمال الرّيش وحجمه يُعطِي الذُّكور أفضليَّة عند إختيار الإناث لأزواجهنَّ، وتفضّل الإناث الذُّكور ذات البقع العينيَّة الأكبر حجمًا والألوان الأكثر إشراقًا، إلى جانب أنَّ فراخ الذّكور الأكثر زركشةً هي التي تنمو بشكلٍ أسرع، وتتمتّع بمعدَّل بقاء أفضل أيضًا...
    ومشية طائر الطّاووس المتبختِرة مع حَركة أرجُله الصّلبة تعودُ في الأساس إلى جهدٍ ميكانيكي لحِفظ توازُن الطّائر أثناء الحركة، وقد وصَف شكسبير مشية الطّاووس في إحدى مسرحيَّاته بأنّها, خطوة ووقفة... أمَّا صوت طائر الطّاووس فهو مُنفِّر، فصيحته خشنةٌ حادَّة كريهة أشبه بالزّعيق، ويُقال بأنّها تُشبه كلمة: باافو, أو فياو، فياو"، وتطلق طيور الطّواويس تلك الصّيحات عندما يُزعِجها أحد حيوانات الغابة الأكبر حجمًا كالفيل أو الآيلة...
    حسين أحمد سليم
    hasaleem

  2. #2
    الصورة الرمزية فاتن دراوشة مشرفة عامة
    شاعرة

    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : palestine
    المشاركات : 8,906
    المواضيع : 92
    الردود : 8906
    المعدل اليومي : 1.65

    افتراضي

    سبحان المصوّر مبدع السماوات والأرض

    كم تزخر الطّبيعة باللّوحات الفنيّة الرّائعة والتي تشي بعظمة خالق هذا الكون

    التقاطة رائعة مبدعنا وطرح رائع للوحة فنيّة تستحقّ التمعّن

    بارك الله بك

    مودّتي

    فاتن

المواضيع المتشابهه

  1. هــوا الإسكندرية....في لوحة فنية "تصميم"
    بواسطة نورا القحطاني في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 30-03-2006, 12:35 AM
  2. لوحة فنية
    بواسطة بلال الزين في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 14-04-2005, 12:22 AM
  3. طوابع بريد فنية
    بواسطة اميمة الشافعي في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 06-06-2004, 01:24 PM
  4. مرة اخرى ...( لوحات فنية واسعار مجنونة ..مجنونة ..مجنونة )
    بواسطة اميمة الشافعي في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 26-05-2004, 06:39 AM
  5. لوحات فنية واسعار مجنونة ...مجنونة ....مجنونة
    بواسطة اميمة الشافعي في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-05-2004, 05:40 PM