إبتكار فنون الرّسم الذّكائي

بقلم: حسين أحمد سليم

إبتكرت مدرسة فنون الرّسم الهندسي الذّكائي من عمليّات ومحاولات التّجريب والتّكرار لممارسات أفعال المحاكاة مع منظومة لوحة الذّكاء, الصّينيّة المنشأ, على ذمّة التّاريخ, والتي تتكوّن من سبع قطع هندسيّة متنوّعة... ويُمارس اللعب بها والتّسلية القادة الكبار والفلاسفة والسّاسة والكثير من المثقّفين... بحيث تُحفّز العقل على التّفكير والتّركيز للخلق والإبداع والإبتكار... وقد صدر لي سابقا مجموعة من الإبتكارات في هذا المجال, تمّ نشرها في مجموعتين عن إحدى دور النّشر اللبنانيّة, إعتمدت في التّدريس للتّلامذة في الصّفوف المدرسيّة الأوّليّة... بعدها عكفت على ممارسة التّجارب المتواصلة لسنوات عديدة, كانت محصّلتها قواعد وأسس ومسارات ومئات الصّور والأشكال القياسيّة وإبتكار مدرسة فنّيّة هندسيّة لتشكيل فنون الرّسم الهندسي الذّكائي...
نرسم شكل مربّع نموذجيّ منتظم, متساوي الأضلاع المتعامدة فيما بينها, وتُشكّل زاوية قائمة متطابقة قيمتها تسعون درجة...
ثُمّ نقوم بتقسيم المربّع النّموذجي المنتظم هذا إلى ستّة عشرة مربع صغير قياسيّ ومنتظم, بحيث يتمّ تقسيم كلّ ضلع من أضلاع المربّع النّموذجي إلى أربع مسافات متساوية...
نرسم ثلاثة خكوط أفقيّة متساوية ومتوازية تفصل بين المسافات الرّأسيّة الأربع المتساوية الأطوال... ثُمّ نرسم ثلاث خطوط أخرى رأسيّة متساوية ومتوازية تفصل بين المسافات الأربع الأفقيّة المتساوية الأطوال...
فنحصل من جرّاء رسم الخطوط الأفقيّة والرّأسيّة وضمن كامل مساحة المربّع النّموذجي المنتظم, نحصل على ستّة عشرة مربّع صغير, ومنتظمة جميعها ومتساوية ومتطابقة في المساحات لكلّ منها... هذه المربّعات هي قياسيّة بإمتياز, ومنها يُمكن الإنطلاق لتشكيل إطارات مجموعة من القطع الهندسيّة المنتظمة, وعددها سبع قطع, والتي هي ستكون قوام عناصر ومكوّنات وأدوات الرّسم والتّشكيل لمدرسة فنون الرّسم الذّكائي...
نرسم خطّا من الزّاوية العلويّة اليمنى للمربّع النّموذجي الشّامل ونمدّه إلى الزّاوية السّفلى اليسرى لنفس المربع النّموذجي الشّامل, بحيث يُشكّل هذا الخطّ قطر المربع النّموذجي الشّامل...
ثمّ نرسم خطّا آخر يصل بين منتصف الضّلع العلوي للمربّع النّموذجي الشّامل ليتعامد مع الخطّ الواصل بين الزّاوية العلويّة اليمنى والزّاوية السّفليّة اليسرى لنفس المربّع النّموذجي الشّامل...
من بعدها, نرسم خطّا يصل بين الزّاوية السّفليّة اليمنى ليتعامد مع الخطّ الواصل من منتصف الخطّ العلوي إلى منتصف الخطّ الأيسر للمربّع المنتظم النّموذجي الشّامل...
وهكذا يتكوّن معنا, مثلّثان كبيران قائمان متطابقان ومتساويان, كلّ منهما متوازي في الضّلعين, تنحصر بينهما زاوية قائمة, بحيث يكون قطر كلّ مثلّث يُساوي أربعة أضلاع المربع القياسي الصّغير, بينما يُساوي كلّ ساق قطريّ مربّع قياسي صغير, ويُساوي كلّ مثلّث مساحة أربعة مربّعات قياسيّة صغيرة...
ويتكوّن لدينا أيضا, مثلّث وسطي قائم الزّاوية, متساوي السّاقين, قطره يُساوي قطريّ مربّع قياسي صغير, ويتكوّن كلّ ساق له من ضلعيّ مربّع قياسيّ صغير, ويُساوي نصف المثلّث الكبير من المثلّثين الكبيرين, ويُساوي مساحة مربّعين صغيرين...
ونحصل كذلك على مثلّثين صغيرين قائمي الزّاوية المنحصرة بين السّاقين المتساويين والمتطابقين, بحيث يُساوي قطر كلّ من المثلّثين الصّغيرين ضلعيّ مربّع قياسي صغير, بينما يُساوي ضلع كلّ من المثلّثين قطر مربّع قياسي صغير, ويُساوي كلّ مثلّث من المثلّثين نصف المثلّث الوسطيّ المساحة, وبُساوي كلّ منهما مساحة مربّع قياسي صغير...
ويتكوّن لنا من التّقسيمات الخطوطيّة مربّعا منتظما, كلّ من قطريه يُساوي ضلعيّ مربّع قياسيّ صغير, بينما يُساوي ضلعه قطر مربّع قياسيّ صغير, ويُساوي مساحة مربّعين قياسيين صغيرين...
ونحصل كذلك على شكل متوازي المستطيلات, له ضلعان طويلان يُساوي كلّ منهما ضلعيّ مربّع قياسيّ صغير, أمّا ضلعاه القصيران فيُساوي كلّ منهما قطريّ مربّع قياسيّ صغير, وله زاويتان متقابلتان منفرجتان قيمة كلّ واحدة ماية وخمس وثلاثون درجة, وزاويتان متقابلتان ضيّقتان قيمة كلّ واحدة خمس وأربعون درجة, ويُساوي متوازي المستطيلات مساحة مربّعين قياسيين صغيرين...
وهكذا, تتكوّن عناصر فنون الرّسم الذّكائي من سبع قطع هندسيّة منتظمة, مثلّثان كبيران ومثلّث وسطي ومثلّثان صغيران, ومربّع ومتوازي المستطيلات... جميع المثلّثات متساوية السّاقين وقائمة الزّاوية المحصورة عند إلتقاء السّاقين... تربط بين جميع هذه الأشكال الهندسيّة المتنوّعة, معادلات حسابيّة رياضيّة دقيقة, تعتمد على شكل ومساحة وأجزاء وحوافّ وقواعد حسابات المربّع النّموذجي الجامع, وعلى شكل ومساحة وأجزاء وتكرار المربع القياسي الصّغير, والحوافّ المنطبقة بالتّماس فيما بين بعضها البعض, والتي تمّ إشتقاقها من كامل مساحة المربّع النّموذجي الشّامل...
تُستخدم جميع القطع الهندسيّة السّبع في تكوين وتشكيل أيّ لوحة فنّيّة تشكيليّة رمزيّة تعبيريّة بالبعد التّجريدي وأو السّوريالي, لأشكال منظومات محارف الأبجديّات العربيّة والأجنبيّة, إضافة لأشكال الأرقام والأعداد العربيّة والهنديّة والرّومانيّة, والرّموز والمصطلحات والمحارف القديمة...
هذا وتُستخدم جميع القطع الهندسيّة السّبع كذلك في تكوين وتشكيل أيّ لوحة فنّيّة تعبيريّة ترميزيّة بطابع تجريدي وأو سوريالي, لصور كثيرة تُمثّل الإنسان وأنواع الورود والطّيور والحيوانات, وتعكس أشكال الزّخارف والرّموز والتّماثيل والأنصاب, إضافة إلى أشكال أخرى لها تصنيفات غاية في الغرابة والإعجاب والإثارة...
منظومة القطع الهندسيّة السّبع يتشكّل منها مجموعة من رسومات الأشكال المحدّبة لا تزيد عن ثلاثة عشرة شكلا... والمقصود بالأشكال المحدّبة هي تلك الأشكال التي تجتمع في كلّ منها جميع القطع الهندسيّة, والتي لو أخذنا أيّ نقطتين في أحدها ومررنا بين النّقطتين خطّا مستقيماً, فإنّ الخطّ المستقيم يقع كلّيّا داخل الشّكل...
أمّا جميع الأشكال الأخرى, التي يُمكن إستنباطها من منظومة القطع الهندسيّة السّبع, فعددها يتجاوز الألفي شكل تعبيري ترميزي وتجريدي وسريالي, وعلى الفنّان الرّسّام أن يبذل ما بوسعه للحصول على رؤى وتصوّرات تتناهى لتفكيره من البعد الخيالي الإفتراضي, تُساعده على إبتكار أشكال وصور جديدة متنوّعة ومختلفة, قد تكون بسيطة التّركيب والرّسم والتّشكيل, وقد تكون صعبة ومعقّدة...
الفنّان الرّسّام المحترف, الذي يطمح في تجلّياته للخلق والإبداع, ينطلق في عمليّات إبتكارات إبداعاته من تشكيل بعض الرّسومات البسيطة التي يقوم بتوقيعها من الأشكال الهندسيّة السّبع, ثمّ يتدرّج في خلق وإبداع وإبتكار الرّسومات الأكثر صعوبة والأكثر نعقيدا...
ومع تطوّر الإهتمام الفنّي في رسم وتشكيل الصّور الرّمزيّة التّعبيريّة المختلفة, والتي تحمل الطّابع التّجريدي وأو السّوريالي, فقد تمّ تطوير منظومة القطع الهندسيّة السّبع, لتتكوّن من أشكال مختلفة ومتباينة فيما بينها, ولها أشكالها المختلفة ومسائلها السّهلة والصّعبة والخاصّة, بما يتجاوز عددها السّتّ لوحات, كلّ لوحة تحتوي على منظومة متكاملة من القطع الهندسيّة السّبع...
تكمن أهمّيّة هذه المدرسة الفنّيّة التّشكيليّة, مدرسة فنون الرّسم بالقطع الهندسيّة السّبع, أو ما يُمكن تسميتها بمدرسة فنون الرّسم الذّكائي الهندسي... تكمن أهمّيّتها في أنّها يتعامل بها الفنّان الرّسّام المحترف والمبتكر مع مجموعة من الأشكال الهندسيّة القليلة والمحدودة العدد, والتي لا تتجاوز القطع الهندسيّة السّبع, ويُعالج بها متكاملة فيما بينها عددا غير مُحدّد من المسائل والأشكال والصّور...
وهذه المدرسة الفنّيّة التّشكيليّة, التي تمّ إبتكارها من عمليّات فعل المحاكاة مع منظومة القطع الهندسيّة التي تُشكّل لعبة الذّكاء القديمة والمعروفة, والتي ظهرت ما قبل في بلاد الصّين في حدود العام 1803 للميلاد... العمل والتّشكيل والرّسم الفنّي في منظومة القطع الهندسيّة السّبع, يُنمّي الخيال عند الرّسّام الفنّان الخلاّق, وتساعده على الإبداع في تجارب الإبتكار والخلق ورسم الخطوط من خياله, ليصل في المحصّلة الأخيرة إلى تركيب ورسم وتشكيل الصّورة أو الشّكل المطلوب, وكأنّه أمام معضلة صعبة ولديه عدد محدّد من الأدوات لحلّها, تلك الأدوات هي منظومة أشكال القطع الهندسيّة السّبع, والتي هي قوام وأساس تطبيقات فنون مدرسة الرّسم الهندسي الذّكائي...
ومن ناحية أخرى, فإنّ فنون الرّسم الذّكائي بالقطع الهندسيّة السّبع, تعمل على تنمية مهارات الدّماغ في قسميه الأيمن والأيسر... إضافة لتنمية مهارات فهم الكسور والفراغ وهندسة الأشكال ومساحاتها ومحيطها... فيما تُقدّم مدرسة فنون الرّسم الذّكائي تدريبا وتعليما على إستخدام الرّياضيّاتفي أمور ملموسة وواقعيّة في الحياة, وتاخذ بالرّسّام الفنّان من عالم المسائل, إلى الحلول المتعدّدة للأشكال الجديدة التي يُمكن أن يُبدعها الفنّان الرّسّام...
هذا, وهناك طرق إبداعيّة وإبتكاريّة أخرى, يُمكن من خلالها تقديم مجموعة من رسومات الأشكال, بحيث يُسهّل على الفنّان الرّسّام, أن يُحدّد أيّ من هذه الأشكال يُمكن رسمه وتشكيله وبناؤه بخصائص هندسيّة محدّدة وشروط فنّيّة متكاملة...
وعالم هذه المدرسة الفنّيّة, ليس بالعالم الصّغير, ومنه يتمّ الإنطلاق إلى المتناقضات, ومن هذه المتناقضات المثيرة, يُمكن الوصول إلى عمليّات فعل المقارنات والمطابقات بين الأشكال المتماثلة في المساحات والأشكال... وكذلك تلمّس نفس المساحات في صور الأشكال المختلفة, كون نفس مكوّنات أشكال وعناصر القطع الهندسيّة المستخدمة...