أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 25

الموضوع: القادم من الضباب...؟

  1. #1
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,367
    المواضيع : 200
    الردود : 2367
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي القادم من الضباب...؟

    خلع الليل عباءته تاركاً مكانه لنهار قد يأتي أولا يأتي . فجـر جديد يطل بهمساته على حدود المدينة ، الناس يتحدثـون ، يتكلمون يـتـقولون ، يـبالغون ، لكن ما رأوا ضجة ، ما سمعوا جلجلة . تسائلوا في هسهة ميتة : متى تجيء الشمس وتنشر أشعتها على الحارة .. ؟ تضاربت الأقـوال ، الحقيقة مجهولة .. تكـلم الناس زمنـاً ، ولاكوا غرائب عجيبة بين ألسنتهم ، وسكـتـوا..
    عياش ساهي الفكر .. بارد النظرات .. تـلمع عيناه بحـزن يملأ شعاب فؤاده . قبل الفجر، خرج ليـلحق صلاة الصبح ، والظلام ينفـذ إلى السماء ، يخترق السحب العليا .. على عتبة باب المسجد جلس عياش ينتظر، والكآبة تـزهر في قلبه ..
    موال من القول يتدفق على لسانه ، كان يـتحدث بثـقة كبيرة إلى المصليـن : أعتقد أن من بيننا ، من أنفسنا ، من جدران مدينتنا ، خرج سماسرة يتاجرون بشوارع الوطن .. في أحزمتهم مسدسات يقصفون بها العظام .. يسيـرون ويتوقـفون ، يتأملون البنايات ، يحدقون في الشرفات .. يقرأون جدران المآذن ..
    فزع الناس ، ارتابوا، راقبوا الشوارع ، أعياهم الانتظار والترقب .. يـوماً بعد يـوم .. نسي الناس أسماءهم ، خلعـوا عباءاتهم ، ظهرت ملابسهم التحـتية .. لا يـبـيـتون في بـيـوتهم ، يمشون في الشارع وألسنتهم متـدلدلة .. تحامقوا ، عزموا على الرحيل ، راحوا يبحثون عن وطن جديد ..
    حمدان كان غائباً مدة من الزمن .. يقال إنه قدم من ضباب أبيض.. رجع إلى المدينة التي لامست رأسُـه أرضها ، دخلها نهاراً ، يحمل في يده اليمنى مفاتـيح كبيرة كانت للخليفة هارون الرشيد .. يـبحث عن رجل ثـقة يـسلمه التركـة التاريخية.. تاه في شارع تاريخي ،لا ضوء أمامه ، لا ضوء خلفه ..
    وقت موحش يفترسه .. غيوم يتيمة تـتـزحزح من مكانها متكاسلة قد تـنبض بمطر خفيف .. الناس في فوضى كـنمل باغـته سيل جارف ليلا .. انفـتحت عيناه .. رأى كل شيء .. واطلع على كل شيء ..
    في آخر الشارع ، مخـبزة كــُـتب عليها اسم غريب .. بلغة غريبة ، غيـر لغة أهل البلد .. الناس يتجمعون ، يتفرقون ، يتشابكون ، يتخاطفـون على خـبـز أبيض كدجاج يتصارع على النخالة في صحـن كبيـر.. بأم عينيه رآهم يـبـيعـون إيمانهم بسهولة ، يشتـرون بثمنه رغيفـاً وتبغـاً .. أطفال يشنقـون جوعهم في قمامات ملفوفة بأعلام غريـبة.. امتـلأ دماغه حزنـاً ، تشنجت أوصاله ، كاد جسمه أن يخرج من ملابسه ، غمغـم وقال :
    ـــ هذا زمان الخطإ التاريخي ، إن أجمل الأيام ما كنا .. ما كـتبنـا ، ما قرأنا ، ما غنينا ، ما رأينـا .. وما عشنـا ..؟
    حمدان يتأمل المباني والشوارع ، كل شيء تغيـر في زمن قصيـر، نشر التـتــاـر الجدد خـرابهم الأسود في البلاد دون حق ..؟ الناس يجـرون ، يركضون ، يـتعـثرون، ينهضون ، يتوقـفون ، يشاهدون وألسنتهم خارجة من أفواههم .. ؟ يحملون في أيديهم أكفا نهم البـيضاء ، وأفواههم تحولت إلى مقابــر كبيرة للآهات والزفرات ، كان لهم نهار منذ أيـام .. بالأمس كان لهم تاريخ .؟ الآن .. من هم ..؟ لا يعرفون ..؟
    الناس يرقبون الموت في توجس ، عيونهم تـقرأ أحزمة الرصاص النحاسية ، قد تخرج تباعاً عند كل خشخشة ، لا تخطئ أي حشرة طائرة ولا زاحفة .. أصبحوا بدون اسم ، بدون هوية، يمضون مع الزمن بأرخص الأثمان ، لا دية لهم ،لا أحد يطلب أثــرهم ..
    أطلق حمدان صيحة في وجه اللانهائي ، واللحظة تشنق معاني الكلمات على لسانه .. ياقـوم : من ذهب إلى أبد لا يوقظه حي .. لا أمل في الحياة .. موت أحمر يجتاح البلاد .. يشنق الأرواح بدون شفقة .. لا وطن لكم منذ اليـوم .. وطن الخوف المرعـب يطل بعنقه عليكم ..
    عجوز متأخـر عن الجماعة يترنح بثـقـل هموم جـارحة .. يتعـثـر الهواء في صدره ويكـبو ، ينساب صوته بـيـن فجوات الأزقة ، تخرج الشكوى من فمه كنصل يشق فؤاده . اقترب حمدان من العجوز ورنيـن المفاتـيح يكسر خطية الزمان .. العجوز يهمس في أذن حمدان :
    الجار يخبئ الخبز على جاره .. نفد رغيف البلد ، وقل زيت الزيتون ، لا ندري أين تسرب الزيت الأسود .. لم نعد نلبس الملابس الفضفاضة ، التتار يرقص فوق ظهور البشر .. أيـن كنت يا هذا..؟ لقد جئت متأخراً.. همّ حمدان أن يسلمه مفاتيح المدينة ، عدل عن فكرته . اشتـد به الغـضب ، مضغ حزنه في قـلبه..
    على جدار مسجد تاريخي ، وجد حمدان ملصقاً مكـتوباً بخط عربي .. بجسم عربي .. استـوى في وقفته ، يقرأ : الصلاة تـقام بجانب البندقـية .. تـقام بجانب الأحمق والمعـتوه .. لم يعـد ثمـر يـوزع في أبواب المساجـــد .. اختـفت أبـــــواق المآذن .. حلت محلها كامـيـرات متطورة ، تـقرأ الكلام من تحت شفاه الناس ، تغربل الأفكار من تحت السقوف .. في كل يوم ، تـقام محاكم سريعة .. بدون حياء تـفصل الرؤوس عن أجسامها فجـراً..؟
    من يدري قد تـنتـفض ذاكرة العرب الجديدة ، تصح الأجسام و تـشفى العـقول ، وتصبح الأحزان طيـوراً مهاجرة ، ويسقط جلباب التاريخ الأسود ..؟ فلا تاج لوطن بدون شعبه ؟
    أسرع حمدان وأسرع في خطاه قبل أن يـرفع العدو من سقف الحصار، وفي فمه حكاية أحزان ، ومع ذلك حاول أن يخطف البسمة من اللحظة ..
    وزع المفاتــيح في كل حي ، في كل درب ، في كل شارع .. في كل مدن الوطن ، في الجبال والسهول .. اتكأ الناس على حناجرهم ، صرخوا ، صاحوا ، قاتلوا الظلام ، ناموا على الأرصفة .. توسدوا عـتبات المنازل ..
    أيام مرت ، بدأت كل المدن تغير أثوابها الداخلية ، تنشر أغطيتها على السطوح ، عيون دامعة تراسل السماء ، تتطلع إلى شمس جديدة .. حملت الشوارع قبلات دامية تركت جروحاً عميقة في الصدور ، كلما استقوى الصيد الرديء في كل مكان كلما كانت الخلائق البشرية تستنشق نسمات الحرية بأيديهم .. فاستعصى على الظلام اعتقالهم ..
    مرت شهور ،عادوا يرتبون مطالبهم ، يفحصون وثائقهم ، بدا لهم أن لا تغيير في الأفق القريب ، تراشقوا بالكلمات ، تبادلوا التهم ، ضاعت الحقيقة بينهم ، تفرقوا شيعاً ، فسقط الكل في حرب عبثية ..

  2. #2
    قاصة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 1,224
    المواضيع : 115
    الردود : 1224
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    سرد رائع لنص جميل الفكرة ووصف كما الكمرة فى تصوير حركة البشر والمكان افتتحت صباحى بهذا البهاء بوركت ودام قلمك متألقا.
    البحر ...رغم امتلائه بالماء..
    دائما يستقبل المطر

  3. #3
    الصورة الرمزية فاتن دراوشة مشرفة عامة
    شاعرة

    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : palestine
    المشاركات : 8,906
    المواضيع : 92
    الردود : 8906
    المعدل اليومي : 1.65

    افتراضي

    ربّما لم يصل واقعنا بعد لكلّ هذا الكمّ من العبثيّة والضّياع

    صحيح أنّ الأمور تنحدر نحو هوّة كبيرة

    لكنّ الأمل لا يزال يشعّ في الأفق

    رغم كلّ الظلام نرى بصيص النّور يلتمع خلف الكثير من الوجوه الشّابة

    تلك التي تحمل قناديل الفكر والأدب وتسير في شوارع المدن في سبيل إنارتها

    طرح رائع أستاذي

    مودّتي

  4. #4
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    ضاعت الحقيقة بينهم ، تفرقوا شيعاً ، فسقط الكل في حرب عبثية ..
    رائعة وأكثر!
    بسرد جاذب ممسكا بتلابيب من الأزمنة الغابر ألقيتها على عري الحاضر، فكشفت تهلهل كلّ ما لديه
    ضياع الحقيقة أدّى إلى التّشرذم واللّهاث وراء من يدّعون معرفة الحقيقة، ولكن ما احتضنوا سوى السّراب
    اتمنّى ان تشعل القناديل من جديد وتجوب في البلاد؛ كي يستقرّ حال العباد
    شكرا لك على جميل كتابتك ورمزيّتها
    بوركت
    تقديري وتحيّتي
    ( تساءلوا - همسة - لامس رأسه )

  5. #5
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.10

    افتراضي

    خلع الليل عباءته تاركاً مكانه لنهار قد يأتي أولا يأتي
    اعتدنا أنَّ المرأة إذا خلعت عباءتها ( حجابها ) أي معناها أنها ستمكث , أما الليل فهو عكس ذلك يخلع عباءته عند الرحيل ليأتي الفجر بجلبابه الأبيض النقي

    تكـلم الناس زمنـاً ، ولاكوا غرائب عجيبة بين ألسنتهم ، وسكـتـوا..
    وهنا وصف رائع كما اعتدنا عليك في حديث الناس , وقلقهم , وتناقلهم الأقاويل والأخبار

    عياش ساهي الفكر .. بارد النظرات .. تـلمع عيناه بحـزن يملأ شعاب فؤاده
    لم يكن ( عياش ) ساهي الفكر إلا لقصة يحملها ويخبئها في حجرات قلبه , والتماع عينيه بالحزن الذي يملأ فؤاده يدلنا على أنَّ لديه ذكرياتٌ مؤلمة أو مرَّ بمعاناة كثيرة , فقولك أنَّ الحزن يملأ شاب فؤاده يلنا على عظمة هذا الحزن الذي وبالرغم من برود نظراته إلا أنه تجلى التماع الشجن بدون إرادة منه .

    حمدان كان غائباً مدة من الزمن .. يقال إنه قدم من ضباب أبيض.. رجع إلى المدينة التي لامست رأسُـه أرضها ، دخلها نهاراً ، يحمل في يده اليمنى مفاتـيح كبيرة كانت للخليفة هارون الرشيد .. يـبحث عن رجل ثـقة يـسلمه التركـة التاريخية.. تاه في شارع تاريخي ،لا ضوء أمامه ، لا ضوء خلفه ..
    خيال رائع , ومشهد درامي أو مسرحي فيه الكثير من التثير لعمق معناه , مفاتيح كبيرة تليق بعظمة تاريخنا العريق ومجدنا الرفيع , أتى هذا الرجل ( حمدان ) ليسلمه لمن ؟ رجل ثقة في عهدنا !! واي هو الرجل الثقة للاسف
    وهذا هو ماحصل ( تاه في شارع تاريخي , لاضوء أمامه , لاضوء خلفه ) ظلام غاص في لجج بحره وتاه فيه لايدري اين شماله من يمينه حتى يبحث عن ذاك الثقة !!

    الكثير من الرمزية والجمال والكلمات التي تحمل ألف معنى في هذا النص الممتع بسرده المرير في مشاعره , شعرتُ بألم كبير هنا
    فقد عرَّجت على الماضي سريعا وكيف كنا فيه في عزة ومنعة , ثم أكملت سرد الحاضر لنا الذي مرنا في بتاريخ أسود ونوم وخمول وكسل عدا بعض المظاهرات من فترة إلى فترة أخرى بعيدة , ولما يأس الناس من ذهاب الظلم والطغاة ثاروا ثورتهم الكبرى , فمن هذه الثورات ماهي جهاد حقا كما يحدث في سوريا وفلسطين وغيرها ومنها ماهي ثورات فتنة بين المسلمين تزيد من الوضع خطورة , وأظنُّ الكاتب يقصد هذا , إن لم يضبط الناس والثوار والمتظاهرين انفسهم ولم يحكموا عقولهم ولم يجعلوا عليهم قائدا حكيما من اهل الصلاح والتقوى ستتحول هذه الحرب مستقبلا إلى حرب عبثية لأنها بدأت في الأساس بعشوائية بلا تريث ودراسة وهذا مايريده الغرب الكافر كحرب عالمية ثالثة بدأت بطريق غير مباشر , إن لم يتروى المسلمين ويتنبهون ويحلون الأمور بتوازن مابين حرب وتفاهم إن لم يخططوا كيف يكونوا يدا واحد ضد من يريد النكال بهم لن تتحول الحرب مستقبلا إلى عبث وزهاق رواح وعدم مراعاة لحرمة المسلم وغن لم يضبطوا نفسهم ويحكموا عقولهم سيقدمون نحو هاوية لم يمر بها التاريخ الإسلمي من قبل ولن يمر بعدها مثلها إلا أن تتداركهم رحمة الله ولطفه غن رجعوا إليه وآبوا والتجأوا
    الأستاذ الفاضل / الفرحان بو عزة
    قصتك تحتاج الوقوف طويلا على معانيها وعلى جمالياتها
    تقديري لك

  6. #6
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,367
    المواضيع : 200
    الردود : 2367
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعاد محمود الامين مشاهدة المشاركة
    سرد رائع لنص جميل الفكرة ووصف كما الكمرة فى تصوير حركة البشر والمكان افتتحت صباحى بهذا البهاء بوركت ودام قلمك متألقا.
    شكراً لك أختي المبدعة المتألقة .. سعاد على قراءتك وتفاعلك مع هذا النص رغم طوله ..
    شكراً على كلمتك الطيبة ..
    تقديري واحترامي .. الفرحان بوعزة .

  7. #7
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,367
    المواضيع : 200
    الردود : 2367
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاتن دراوشة مشاهدة المشاركة
    ربّما لم يصل واقعنا بعد لكلّ هذا الكمّ من العبثيّة والضّياع
    صحيح أنّ الأمور تنحدر نحو هوّة كبيرة
    لكنّ الأمل لا يزال يشعّ في الأفق
    رغم كلّ الظلام نرى بصيص النّور يلتمع خلف الكثير من الوجوه الشّابة
    تلك التي تحمل قناديل الفكر والأدب وتسير في شوارع المدن في سبيل إنارتها
    طرح رائع أستاذي
    مودّتي
    فعلا أختي الفاضلة فـــــــــــــاتن ، هناك أمل ، ولا بد أن يتغير الواقع من حسن إلى أحسن ..
    شكراً على متابعتك وقراءتك القيمة ..
    تقديري واحترامي ..الفرحان بوعزة ..

  8. #8
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,367
    المواضيع : 200
    الردود : 2367
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاملة بدارنه مشاهدة المشاركة
    رائعة وأكثر!
    بسرد جاذب ممسكا بتلابيب من الأزمنة الغابر ألقيتها على عري الحاضر، فكشفت تهلهل كلّ ما لديه
    ضياع الحقيقة أدّى إلى التّشرذم واللّهاث وراء من يدّعون معرفة الحقيقة، ولكن ما احتضنوا سوى السّراب
    اتمنّى ان تشعل القناديل من جديد وتجوب في البلاد؛ كي يستقرّ حال العباد
    شكرا لك على جميل كتابتك ورمزيّتها
    بوركت
    تقديري وتحيّتي
    ( تساءلوا - همسة - لامس رأسه )
    قراءة متميزة لهذا النص المتواضع أختي كاملة ..
    شكراً على اهتمامك وكلمتك الطيبة .. شكراً على التنبيه ..
    مودتي الخالصة .. الفرحان بوعزة .

  9. #9
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,367
    المواضيع : 200
    الردود : 2367
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة براءة الجودي مشاهدة المشاركة
    اعتدنا أنَّ المرأة إذا خلعت عباءتها ( حجابها ) أي معناها أنها ستمكث , أما الليل فهو عكس ذلك يخلع عباءته عند الرحيل ليأتي الفجر بجلبابه الأبيض النقي
    وهنا وصف رائع كما اعتدنا عليك في حديث الناس , وقلقهم , وتناقلهم الأقاويل والأخبار
    لم يكن ( عياش ) ساهي الفكر إلا لقصة يحملها ويخبئها في حجرات قلبه , والتماع عينيه بالحزن الذي يملأ فؤاده يدلنا على أنَّ لديه ذكرياتٌ مؤلمة أو مرَّ بمعاناة كثيرة , فقولك أنَّ الحزن يملأ شاب فؤاده يلنا على عظمة هذا الحزن الذي وبالرغم من برود نظراته إلا أنه تجلى التماع الشجن بدون إرادة منه .
    خيال رائع , ومشهد درامي أو مسرحي فيه الكثير من التثير لعمق معناه , مفاتيح كبيرة تليق بعظمة تاريخنا العريق ومجدنا الرفيع , أتى هذا الرجل ( حمدان ) ليسلمه لمن ؟ رجل ثقة في عهدنا !! واي هو الرجل الثقة للاسف
    وهذا هو ماحصل ( تاه في شارع تاريخي , لاضوء أمامه , لاضوء خلفه ) ظلام غاص في لجج بحره وتاه فيه لايدري اين شماله من يمينه حتى يبحث عن ذاك الثقة !!
    الكثير من الرمزية والجمال والكلمات التي تحمل ألف معنى في هذا النص الممتع بسرده المرير في مشاعره , شعرتُ بألم كبير هنا
    فقد عرَّجت على الماضي سريعا وكيف كنا فيه في عزة ومنعة , ثم أكملت سرد الحاضر لنا الذي مرنا في بتاريخ أسود ونوم وخمول وكسل عدا بعض المظاهرات من فترة إلى فترة أخرى بعيدة , ولما يأس الناس من ذهاب الظلم والطغاة ثاروا ثورتهم الكبرى , فمن هذه الثورات ماهي جهاد حقا كما يحدث في سوريا وفلسطين وغيرها ومنها ماهي ثورات فتنة بين المسلمين تزيد من الوضع خطورة , وأظنُّ الكاتب يقصد هذا , إن لم يضبط الناس والثوار والمتظاهرين انفسهم ولم يحكموا عقولهم ولم يجعلوا عليهم قائدا حكيما من اهل الصلاح والتقوى ستتحول هذه الحرب مستقبلا إلى حرب عبثية لأنها بدأت في الأساس بعشوائية بلا تريث ودراسة وهذا مايريده الغرب الكافر كحرب عالمية ثالثة بدأت بطريق غير مباشر , إن لم يتروى المسلمين ويتنبهون ويحلون الأمور بتوازن مابين حرب وتفاهم إن لم يخططوا كيف يكونوا يدا واحد ضد من يريد النكال بهم لن تتحول الحرب مستقبلا إلى عبث وزهاق رواح وعدم مراعاة لحرمة المسلم وغن لم يضبطوا نفسهم ويحكموا عقولهم سيقدمون نحو هاوية لم يمر بها التاريخ الإسلمي من قبل ولن يمر بعدها مثلها إلا أن تتداركهم رحمة الله ولطفه غن رجعوا إليه وآبوا والتجأوا
    الأستاذ الفاضل / الفرحان بو عزة
    قصتك تحتاج الوقوف طويلا على معانيها وعلى جمالياتها
    تقديري لك
    كعادتك أختي المبدعة براءة تنبشين دلالات النص بروية وتأن ،
    فتأتي قراءتك جادة وهادفة ..
    شكراً على صبرك وتفاعلك مع هذا النص رغم طوله ..
    تقديري واحترامي .. الفرحان بوعزة ..

  10. #10
    الصورة الرمزية عبدالإله الزّاكي أديب
    تاريخ التسجيل : Dec 2012
    المشاركات : 1,514
    المواضيع : 68
    الردود : 1514
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفرحان بوعزة
    خلع الليل عباءته تاركاً مكانه لنهار قد يأتي أولا يأتي . فجـر جديد يطل بهمساته على حدود المدينة ، الناس يتحدثـون ، يتكلمون يـتـقولون ، يـبالغون ، لكن ما رأوا ضجة ، ما سمعوا جلجلة . تسائلوا في هسهة ميتة : متى تجيء الشمس وتنشر أشعتها على الحارة .. ؟ تضاربت الأقـوال ، الحقيقة مجهولة .. تكـلم الناس زمنـاً ، ولاكوا غرائب عجيبة بين ألسنتهم ، وسكـتـوا..
    ..
    تصوير دقيق و خيال واسع و سرد ماتع. قد وصلتَ بهذا النص عنان السماء أخي الكريم و أديبنا الرائع الفرحان بوعزة. نص صارخ بالبذخ، ستكون لي عودة ثانية و ثالثة حتّى أنهل من نبعه و ينعه.

    تحاياي و بالغ تقديري.

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الركض في الضباب
    بواسطة د. علا حسان في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 31-12-2016, 08:41 PM
  2. رحيل الخفافيش مع إنقشاع الضباب
    بواسطة اشرف نبوي في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-07-2012, 01:45 PM
  3. سنين خلف الضباب
    بواسطة عبدالسلام حسين المحمدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 04-12-2011, 07:41 AM
  4. من محبرة الضباب والسراب
    بواسطة أحمد الرشيدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 20-04-2010, 12:49 AM
  5. أرجوحة وسط الضباب
    بواسطة مجذوب العيد المشراوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 21-12-2007, 12:39 PM