أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: نقاط التماس بين الفكر الشيعى والفكر الإخوانى

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي نقاط التماس بين الفكر الشيعى والفكر الإخوانى


    نقاط التماس بين الفكر الشيعى والفكر الإخوانى

    يخطئ الكثير من المحللين فى بعض الأحيان , عندما يهملون المنطلق الفكرى لأى جماعة أو حزب فى أثناء تعرضهم بالتحليل لتصرفات تلك الجماعة أو هذا الحزب ..
    فبدون أدنى شك ,
    تعتبر معالجة الأساس الفكرى لأى فرد أو جماعة هى الكاشف الرئيسي لأبعاد أى حدث أو سياسة معينة نريد تحليلها , بالإضافة إلى أنها تكون كاشفة أيضا لتوقعات مستقبلية نستطيع استنباطها بسهولة إذا عرفنا على أساس صدر هذا التصرف
    وفى معالجة تجربة الإخوان المعاصرة ,
    مر البعض مرور الكرام على العلاقة الوطيدة بين الإخوان والشيعة الإثناعشرية فى إيران , وساد الإعتقاد أنها مجرد علاقة سياسية بين تنظيم حركى إسلامى وبين دولة المفترض أنها دولة إسلامية قامت بتنظيم حركى مماثل .. أى أن العلاقة قائمة بين الإخوان كتنظيم .. وبين إيران .. كدولة .. وليست بين الإخوان كفرقة , والشيعة الإثناعشرية , كعقيدة
    لكن استقراء الواقع بشيئ من الدقة يكشف أبعادا جهنمية لهذه العلاقة سيكون لها خطورتها البالغة بعد استواء الإخوان فى مقعد السلطة , لأن العلاقة ببساطة هى علاقة عقائدية فكرية من الطراز الأول , وأوجه التشابه بين الفرقتين الشيعة والإخوان أقوى مما نتصور , وسنرى هذا الأمر عيانا بالمقارنة التى سنعقدها فى هذه الدراسة .. لنكشف أن حدود العلاقة بين الفرقتين ليست علاقات مصالح سياسية قد تعبث بها أجواء العلاقات الدولية سلبا وإيجابا , بل هى علاقة عقيدة ودين لا يمكن أن تنفصم بسهولة , والأدهى أن التطابق بين الفرقتين يجعلنا ننتظر من الإخوان تصرفات مشابهة لتلك التى انتهجها الخمينى فى إيران عقب تمكنه من السلطة بعد إقصاء كافة خصومه ..
    وقد لاحظت أن الكثير من الباحثين تحدثوا عن أوجه التشابه بين الإخوان والخوارج فيما يخص تكفير المجتمع وأكثروا من استخدام هذا التشبيه , بينما لا توجد علاقة أصلا بين فكر الخوارج والإخوان ,
    والذى يطالع كتب العقيدة والفرق الأصلية فى التاريخ الإسلامى سيدرك ذلك بسهولة لأن سمات الخوارج لا تتفق وسمات الإخوان إلا فى غائلة التكفير العام , وهى صفة اشتركت فيها كل الفرق التى انشقت عن أهل السنة والجماعة ولم ينفرد بها الخوارج وحدهم , فالشيعة ــ بكافة فرقها عدا الزيدية ــ والمعتزلة والجهمية والمرجئة .. كل هذه الفرق تــُــكفر خصومها وتبنى لها أصولا عقائدية تختلف عن باقي الفرق ,
    وانفرد أهل السنة والجماعة وحدهم بأنهم لا يكــفّرون ما عداهم بل يرمونهم بالبدعة , فحُكم تلك الفرق الشاذة عن السنة , هو حكم المبتدعة لا الكفار , ورغم بدعتهم إلا أنهم داخلون فى عموم المسلمين بنص حديث النبي عليه السلام ( تتفرق أمتى إلى نيف وسبعين فرقة كلها فى النار عدا واحدة .. وهى الجماعة , أو قال ما أنا عليه وأصحابي ) ..
    ومنذ ذلك الحين الذى انشق فيه الخوارج فى زمن على بن أبي طالب رضي الله عنه , تكوّن لأول مرة مفهوم أهل السنة والجماعة ليميز المسلمين العاديين إلى جوار الفرق البدعية التى أضافت إلى إسم الإسلام أسماء أخرى ابتدعتها كالخوارج والشيعة والجهمية ونحو ذلك ,
    ثم تفرعت الفرق الرئيسية ذاتها إلى عشرات الفرق الفرعية أيضا فانفلقت الشيعة إلى زيدية واثنا عشرية وإسماعيلية وباطنية ونصيرية ونزارية .. وهلم جرا , وانفلقت المعتزلة والخوارج والجهمية والمرجئة لنحو ذلك أيضا وتسموا بأسماء قادتهم عبر التاريخ وانفرد كل فريق بمعتقد دون الآخر
    وبقي أهل السنة وحدهم بمسماهم الأصلي المسلمون السنة , وكانت إضافتهم للسنة لازمة وضرورية لتفرق بينهم وبين متبعى البدعة , ولهذا فالعلماء عرّفوا أهل السنة بأنهم العامة من المسلمين الذين لا يتسمون بغير مسمى الإسلام والسنة النبوية , ويؤمنون بما جاء فى كتاب الله والسنة من العقيدة كما جاءت نصا , ولا يكفرون ما عداهم من الفرق التى تكونت بعد ذلك وتعدت المئات , وافترقت كلها فى المعتقدات والمذهبيات
    فهذه الفرق فى معتقدنا فرق مبتدعة ليسوا مخلدين فى النار بل هم من أهل القبلة الذين وعد الله بعدم خلودهم فى النار وفق ما نقله إجماع أهل العلم
    وبالتالى ..
    فإن القول بتشابه الخوارج مع فكر الإخوان قول غير دقيق , فلو كان الإخوان كالخوارج ما عانينا منهم كما نعانى ! , لأن هناك صفة رئيسية فى الخوارج يفتقدها الإخوان على طول الخط ألا وهى صفة الصدق, فالخوارج معروفون بأنهم لا يكذبون قط , والكذب عندهم كبيرة مُخرجة من الملة على عادتهم فى تكفير مرتكب الذنوب , ولهذا قــَبل علماء الحديث عند أهل السنة معظم روايات الخوارج للحديث النبوى بسبب هذه الصفة وحدها ..
    كما أن الخوارج لا يستخدمون التقية مطلقا , بينما أكثر الفرق تمييعا لاستخدام التقية وتحليل الكذب والنفاق هم الشيعة , يليهم الإخوان مباشرة كما رأينا خلال الفترة بعد الثورة ,
    ومن أوجه الإختلاف أيضا بين الخوارج والإخوان , أن الخوارج لا تنكر هويتها أبدا ولا ترى ترك السلاح حتى يتحقق لهم التمكين , بينما الإخوان يلجئون للجحور حتى موعد التمكين عن طريق الظروف المؤهلة لذلك ,
    كما أن الخوارج لا ترى شرعية النظم القائمة ولا تمنح للنظام شرعية بعقد صفقات من أى نوع إلا اتفاقيات الهدنة , ولهذا دخلوا فى حروب طاحنة منذ نشأتهم وعلى امتداد عصرهم مع الإمام علىّ ثم الدولة الأموية فالعباسية .. باعتبار منهجهم منهج انقلابي مسلح
    أما الإخوان والشيعة فتضمر فى داخلها كفر الأنظمة لكنها لا تعلنها إلا فى حالة القوة كما أنها تدخل فى اللعبة السياسية مع النظام سواء فى العصر القديم أو الحديث
    وهكذا باختصار نرى أن الأساس الفكرى للخوارج يختلف جذريا عن معتقدات الإخوان التى تطابق معتقدات أشهر فرقتين فى الشيعة , وهما الشيعة الإثناعشرية , والشيعة الإسماعيلية ..
    ولنبدأ القصة من أولها
    ..
    الإيميل الجديد للتواصل
    gadelzoghaby@hotmail.com

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي


    أولا : الإخوان فرقة وليست جماعة ..
    لعل أخطر ما في فكر الإخوان , وغائب تماما عن شبابهم والمهووسين بهم , أنهم لا يدركون أن حكم الإخوان فى الشريعة الإسلامية أنها فرقة مبتدعة .. قولا واحدا , وليس فى هذا الحكم أدنى شك .
    وأحيل القارئ الكريم إلى علماء العقيدة والفرق ليتوجه إليهم بالسؤال عن حقيقة هذا القول , ويحمل إليه أدلته ثم يُحكّم رأيه وضميره ..
    فالإخوان منذ نشأتها على يد حسن البنا وهى فرقة تخالف معتقد أهل السنة والجماعة فى مبدأ تشكيلها أصلا ,
    ولكى يتفهم القارئ الموضوع بشيئ من التبسيط .. نقول ..
    أن الإسلام يتكون من عنصرين عقيدة , وشريعة ..
    أما العقيدة :
    فهى أركان الإيمان والأصول , تلك المبادئ التى يجب أن يعتقدها كل مسلم ولا يشذ فيها بقول قط , بل تكون أدلتها حكرا وتوقيفا على القرآن والسنة , فلا يوجد فى أمور العقيدة شيئ اسمه الإجتهاد أو الفكر أو التعديل نظرا لأن طبيعة العقيدة ذاتها لا تسمح بذلك .. لأنها فى مجملها أمور غيبية لا يدركها العقل ولا يمكن له استيعابها لهذا كان الحل هو الإيمان بها كما وردت دون تأويل أو تكييف أو تعطيل
    كشهادة التوحيد والإيمان بالقدر والبعث والحساب والإيمان والملائكة والجنة والنار والإيمان بأسماء الله وصفاته كما وردت حصرا بالقرآن والسنة والإيمان بفرضية الأصول كأركان الإسلام الخمسة ..
    أما الشريعة :
    فهى محتوى العبادات التى تتفرع عن الأصول وهى ذلك المجال المتاح لعلم الفقه , حيث يكون الإجتهاد فيها مسموحا ولا غبار عليه ..
    وبالتالى ..
    عرف الإسلام نوعين من المسلمين ..
    النوع الأول : وهى السواد الأعظم من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة وهم أولئك الذين اتفقوا فى أمور العقيدة اتفاقا تاما , واختلفوا فقط فى أمور الإجتهاد , فنجم عن هذا التنوع المذاهب الإسلامية المعروفة وهى أربعة وسبعين مذهبا فقهيا وليست أربعة أو خمسة كما هو سائد , أشهرها المذاهب الأربعة المشهورة والمذهب الظاهرى ,
    والنوع الثانى : وهم الفرق ولفظ الفرقة لا نطلقه إلا على جماعة من المسلمين اختلفت مع أهل السنة فى المعتقد وليس فى الفقه وأمور الإختلاف السائغ
    فأى إنسان أو جماعة تتخذ لنفسها فقها خاصا , يكون مسماها فى الإسلام المذهب ..
    أما إن اتخذت نفسها معتقدات خاصة واجتهادات خاصة بها وتأويلات لآيات العقيدة مخالفة للإجماع فهى هنا فرقة وليست مذهبا ..
    ولهذا فمن يطلق على الشيعة الإثناعشرية مثلا مسمى الجعفرية أو أصحاب المذهب الجعفري مخطئ تماما فى ذلك , لأن الشيعة الإثناعشرية فرقة وليست مذهبا , فرقة لها أصول معتقدات تخالف تماما معتقدات أهل السنة وأول هذه المعتقدات هى الإمامة ,
    فالإمامة عند الشيعة تعنى إماما معصوما يمثل رجل الدين الوريث له بعد النبي عليه الصلاة والسلام ــ ولا وجود لرجال الدين عند أهل السنة بل علماء الدين فقط ـــ والإمام عند الشيعة يملك نسخ وتعديل الشريعة ولهم وحدهم الحق فى الحكم دينا ودنيا , وهم يؤمنون باثنى عشر إماما زعموا أنهم ورثة النبي عليه السلام فى العلم والرسالة وأنهم يوحى إليهم وأنهم معصومون يبدءون بعلى بن أبي طالب رضي الله عنه , وينتهون بالمهدى المنتظر .. ومنهم ـــ كما يعتقدون ــ جعفر الصادق وهو برئ من معتقدهم هذا الطبع
    لأن جعفر الصادق إمام من أئمة السنة ومذهبه الفقهى مذهب سنى بالأساس متفق مع معتقدات أهل والجماعة وكل ما رواه الشيعة فى كتبهم عن جعفر الصادق هو مكذوب مفترى عليه لأنهم لا يملكون أسانيد صحيحة ولا حتى ضعيفة توصلهم إلى جعفر الصادق إلا عن طريق الكذابين المشهورين فى الشيعة وأشهرهم جابر الجعفي وشيطان الطاق وبريد بن معاوية وزرارة بن أعين وغيرهم من رواة أهل الكوفة الذين كانوا يروون عن الصادق تلك الأكاذيب بينما الصادق فى المدينة لا يدرى عنها شيئا ( والحديث عن معتقداتهم يطول ويمكن للقارئ الرجوع إلى الكتب الأصلية مثل مقالات الإسلاميين للأشعري أو الفصل فى الملل لابن حزم أو الفـَــرق بين الفِرق للبغدادى , أو مراجعة كتب المعاصرين مثل كتاب أصول الفرقة الإثناعشرية للدكتور ناصر القفاري وكتاب أسطورة المذهب الجعفري للدكتور طه الدليمى أو كتاب شرح تلبيس إبليس لابن الجوزى وهو لكاتب هذه السطور )
    وظلت الشيعة كذلك حتى جاء الخمينى فأضاف إلى العقيدة الشيعية ــ وليس الفقه الشيعى ! ــ أضاف إليها نوعا جديدا من الإمامة هو منصب ( نائب الإمام الغائب ) , فمنذ غاب الإمام الثانى عشر ــ فى زعمهم ــ ظلت الشيعة بلا قائد إلا السفراء الأربعة الذين زعموا أنهم ينقلون عن الإمام الغائب المختفي بمكان سري مجهول , وكان هؤلاء النصابون الأربعة يجمعون من الناس ضريبة تسمى خمس الإمام وظلت الشيعة قرابة سبعين عاما بهذا المعتقد فى القرن الثالث الهجرى حتى مات آخر السفراء الأربعة , فأعلنوا انتهاء فترة الغيبة الصغرى ( وهى الفترة التى كان الإمام الغائب يتصل بها بشيعته عن طريق السفراء ) , وتم إعلان الغيبة الكبري , وهى فى معتقدهم غيبة مصمته تامة مستمرة منذ وفاة آخر السفراء فى القرن الهجرى الثالث وحتى يومنا هذا !! , وظلت الضريبة المفروضة باسم خمس الإمام يؤديها عامة الشيعة لمراجعهم الكبار بواقع خمس أموالهم كل عام
    وستدوم الغيبة الكبري حتى آخر الزمان عندما يحين موعد ظهور المهدى والذى سيأتى لنصرة الشيعة الإثناعشرية وحدهم ويقودهم لقتال كافة المسلمين الخارجين عليهم ثم يهدم الحرمين الشريفين ويُخرج أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيصلبهما على جذع شجرة جزاء لهما على سلبهما للخلافة من على بن أبي طالب ــ ونعوذ بالله من هذا المعتقد الخبيث ــ
    وهناك ملحوظة هامة للغاية فى هذا الشأن ,
    وهى أن مفهوم التشيع بمعنى التشيع للإمام على بن أبي طالب فى مواجهة الخوارج , هذا مفهوم انتهى من التاريخ بمجرد تأسيس التشيع الفارسي الذى ابتكر عقيدة الإمامة والقول بتكفير الصحابة وارتدادهم وتكفير ولعن أمهات المؤمنين التى عليها مدار فرق التشيع ولا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد ..
    والفارق بين التشيع العربي الذى عرفناه فى التاريخ وبين التشيع الفارسي المتوارث حتى اليوم كالفارق بين السماء والأرض حيث أن التشيع العربي مفهوم سياسي لا عقائدى حيث ينتمى أصحابه إلى الإسلام والسنة بلا أى مشكلات ولا يقولون إطلاقا بتكفير الصحابة والمسلمين بل يقولون بإمامة الشيخين أبي بكر وعمر وغاية ما عندهم أنهم يرون الإمام علىّ رضي الله عنه أحق بالخلافة ,
    وقد خصص المفكر الشيعى الشهير د. على شريعتى ــ تم اغتياله من الشيعة ــ لهذا الفارق كتابا شهيرا بعنوان ( التشيع العربي والتشيع الصفوى ) فى إشارة لتأثير الدولة الصفوية التى شيعت إيران وحولتها لمنبت للشيعة الإثناعشرية
    غاية القول ..
    ظل الشيعة على هذا المعتقد حتى جاء الخمينى بثورته فى عام 1977 , وصاغ العقيدة الجديدة التى مؤداها أن الفقيه الشيعى الذى يصل لدرجة المرجعية ــ وهى أعلى درجة علمية عندهم ــ يكون نائبا للإمام الغائب وليس مجرد سفير له أو محصل أموال لصالح المهدى , بل يكون وكيلا تاما للمهدى , ثم أعطى الخمينى منصب المرجعية مسمى جديدا وهو لفظ ( المرشد ) وكان الخمينى نفسه هو أول المرشدين وأصبحت له صلاحيات مطلقة فى الدولة حيث يكون بيده الأمر كله , أما رئيس الدولة والحكومة فهؤلاء مجرد سكرتارية تابعة له ( ولمن أراد التفصيل فى التعديلات التى قررها الخمينى يراجع كتابنا " الخمينى ــ كبيرهم الذى علمهم السحر " وهو متوافر بالإنترنت )
    وهذه المعتقدات مخالفة تماما لمعتقد أهل السنة الذى يحصر العصمة فى الأنبياء وحدهم , ونعتقد أن الشريعة خـُـتمت بموت النبي عليه السلام حيث لا توجد عصمة ولا نبوة ولا إمامة مطلقة بعده , وأن من يأتى بعده هو ولى أمر المسلمين فى أمور الدنيا لا فى أمور الدين وهو قائم على تنفيذ أحكام الشريعة وفق القوانين التى تنظم ذلك من الشريعة ذاتها ,
    كما أنه من أصول اعتقاد أهل السنة أن لفظ الجماعة ولفظ أهل السنة يشمل المسلمين جميعا , واختيار الحاكم يكون بالتوافق بين أهل الرأى أو حتى بالتغلب فى زمن الفتنة , ومن أصول أهل السنة والجماعة كذلك نبذ التفرق وتجريم الشذوذ عن الجماعة بحكم أو بجماعة مناوئة مسلحة تنازع الحاكم الشرعي فلا يعترف الإسلام بالخروج المسلح على الحاكم ولو كان ظالما بل تتم مناهضته بالأسلوب السلمى ــ الأمر بالمعروف وإنكار المنكر ومدافعة الظلم ــ أما رفع السلاح فلا يكون إلا فى حالة الكفر البواح أو منع الصلاة
    وعليه ..
    فى ضوء هذه التعريفات العلمية نريد أن نعالج موقف جماعة الإخوان لنفهم ماهيتها بالضبط فى ميزان الشرع والعقل ..
    فهل هى مذهب فقهى ؟!
    الجواب لا بالقطع , لأنها تنظيم حركى ليس له علاقة بالفقه ولا بالمذاهب , ومؤسسها حسن البنا نفسه ليس من أهل الفقه وليس موصوفا حتى بعلم الفقه بل كان مُدرسا إلزاميا , وخريجا لدار العلوم ولم يحصل فى حياته أو يقدم فيها ما يدل على أنه درس أو تمحص أو زاد من معارفه فى هذا الشأن .. كذلك القطب الإخوانى سيد قطب فهو مفكر وأديب وأفكاره وكتاباته فى مجال الشريعة يصنفها الباحثون والدارسون على أنها تحتوى طوام عقائدية مخالفة لأبسط مبادئ الشريعة الإسلامية ..
    فهل هى جماعة سياسية مثلا ..
    الواقع يقول أنها جماعة تنتهج السياسة , لكنها اتخذت لنفسها طابعا تشريعيا ينتمى للإسلام , وأدبيات الإخوان تقر أن منهج الإخوان هو منهج الإسلام بنص كلام البنا !
    وبنظرة بسيطة إلى مبادئ جماعة الإخوان التى أسسها حسن البنا سنكتشف بسهولة أن الإخوان فرقة شاذة عن أهل السنة والجماعة , بل إنها ــ وللكارثة ــ تعتبر نفسها الجديرة بوصف أهل السنة والجماعة وجماعة المسلمين ــ وما عداها هم الكفار المارقون أو المبتدعة فى أقل توصيف ..
    ودعونا نتأمل أقوال البنا فى مذكراته وهو يشرح كيف تصرف مع الخارجين عليه من جماعة الإخوان , ولننظر إلى طبيعة الإستشهادات التى أوردها البنا لتوصيف موقف مخالفيه فى الجماعة حيث استخدم حسن البنا الأحاديث النبوية التى أوردها النبي عليه الصلاة والسلام وأوصت بقتل الخارج عن الجماعة وأخذه بالشدة والعنف , فقال نصا عن المنشق عليه :
    ( زين له الشيطان أن فى ذلك مصلحة الدعوة وانه يتشدد لا لنفسه وإنما للدعوة وكان هذا هو المنفذ الذى ينفذ منه الشيطان للمؤمنين ليفسد عليهم إيمانهم وكان الإسلام حكيما فى وصيته بأخذ هؤلاء الخوارج
    على رأى الجماعة بمنتهى الحزم من أتاكم وأمركم جميعا يريد ان يشق عصاكم فاضربوه بالسيف كائنا من كان )
    وكما نلاحظ أنه أخذ هذه الأحاديث وأنزلها على مخالفيه من جماعة الإخوان نفسها باعتباره هو الإمام الشرعي ومخالفوه هم الخوارج , هذا فضلا على أن مرشدى الإخوان من بعده انتهجوا نفس النهج فكانوا يصمون المنشقين عنهم بألقاب الخوارج وفق شهادات الشيخ الغزالى رحمه الله وشهادات المنشقين من أمثال سامح عيد وثروت الخرباوى وغيرهم كثير ..
    ومن الأقوال التى استوقفتنى فى شهادة سامح عيد قوله عن الجماعة أنهم يكثرون من استخدام حديث ( من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه .. ) !!
    هذا بخلاف الطامة الأكبر ألا وهى مبدأ البيعة فى المنشط والمكره , وهذه البيعة لا تكون جائزة فى الإسلام إلا لولى أمر البلاد سواء كانت خلافة أو قطرا مستقلا ..
    وهنا نضع ألف خط تحت هذا الكلام بالغ الخطورة ,
    فمعنى هذا ببساطة أن حسن البنا انفرد بجماعته باعتبار أنها جماعة المسلمين ــ المعنية فى أحاديث النبي عليه السلام ــ وأنه يجوز فيها تطبيق أحكام هذه الأحاديث باعتبار الخارجين عليها خارجين على الجماعة وولى الأمر الشرعي , واحتفظ لنفسه بالولاية الشرعية كولى لأمر المسلمين يملك تطبيق أحكام هذه الأحاديث كما لو أنه يحكم جماعة المسلمين فى بلاد كافرة ليس لها ولى أمر ولا ولاية !!
    وعليه ..
    ننتظر من الإخوان أن يجيبوا عن هذه الأسئلة لأنفسهم وليس لنا ..
    من أين اعتبر حسن البنا نفسه وجماعته هم أهل السنة والجماعة دون سائر المسلمين , ومن أى دليل شرعى اجتلب هذا المعتقد ؟!
    من الذى منح حسن البنا حق ولاية الأمر الشرعية على مجموعة من المسلمين واستخدام حق ولى الأمر فى الرقاب والأموال ؟!
    من أين أتى البنا بمشروعية ازدواج الولاء حيث يقسم أفراد جماعته له على الطاعة التامة فى وجود ولاية شرعية وحاكم للقطر الذي يقيمون فيه ؟
    من أين أتى البنا بمشروعية الإشتراكات التى تفرضها الجماعة فرضا على أعضائها بمقدار معين وتحت أى بند يمكن توصيف هذه الأموال بينما حدد الإسلام مصارف المال فى الزكاة والعاملين عليها والخراج لولى الأمر فقط وحارب المكوس بكل أنواعها
    من أين أتى البنا بمشروعية تشكيل ميلشيات مسلحة تأتمر بأمره استخدمها لإباحة دماء خصومه من المسلمين بل واعتبر أن قتل الخازندار كان قتلا خطأ أدت الحكومة عنه الدية فيه , والمشكلة أن الإخوان يفاخرون بذلك على اعتبار أن البنا ندم على قتل الخازندار دون أن يبرروا لنا من الأصل من منح البنا حق إباحة دم الخازندار وغيره وحق تطبيق العفو أو الدية وتشريع الإغتيال ذاته , بينما نفي النبي عليه الصلاة والسلام الإيمان عن الفاتك أو مرتكب قتل الغيلة فى قوله ( الإسلام قـيّد الفتك , فلا يفتك مؤمن )
    فحتى فى حالة ولى الأمر الشرعي للمسلمين لا يجوز له قتل الخارج عليه بالسلاح إلا فى غمار حرب ضد الدولة ونظام الحكم , أو بحكم القضاء الشرعي وحده
    وبالتالى ..
    فنحن أمام فرقة من الفرق وليس مجرد حزب أو جماعة سياسية , وحكمها فى الإسلام حكم الفرق المبتدعة خاصة إذا نظرنا للإختلاف العقائدى الذى يختص به الإخوان عن سائر المخالفين لهم من عامة المسلمين ,
    يؤيد هذا الكلام فوق الأدلة السابقة الفتوى الرسمية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية فى 17 / 2 / 2009م , فى جواب على سؤال حكم الإنتماء للجماعات الإسلامية المختلفة الموجودة على الساحة ومنها جماعة الإخوان , فأوردت الفتوى المفاهيم السابقة التى نوهنا عنها ثم قالت بالنص :
    ( فهذه التجمعات طالما كانت ملتزمة بـما عليه أهل السنة والجماعة، ولم تخرج على ما هم عليه، ولم تدعُ إلى مبايعة قوادها والخروج على جماعة المسلمين، فالعمل معهم أمر لا بأس به؛ لأن الأعمال الجماعية لها أثر إيجابي في هذه المجالات من الأعمال الفردية. وأخيرًا نقول: قد تبين لنا مما سبق ذكره أن الشرع الشريف أمرنا بلزوم جماعة المسلمين وعدم الخروج عليها، حتى لو كانت النية صالحة؛ لأن هذا يؤدي إلى الفرقة والتشرذم بين المسلمين، أما التجمعات التي تحدث داخل جماعة المسلمين ويقصد بـها نفع المجتمع مثل جمع الزكاة والأضاحي وكفالة اليتامى وأمور الخير والبر، فلا بأس به؛ لأنه ليس فيه خروج عن جماعة المسلمين. أما غير ذلك من جماعات -لها برامجها السياسية والعسكرية المخالفة للأمة والتي تبايع إمامها حتى على قتال إخوانـهم المسلمين إن صدرت لهم الأوامر بذلك- فلا يجوز الانتماء إليها، سواء انتهجت نـهجًا سياسيًّا وعسكريًّا، أو سياسيًّا قابلا للتطوير العسكري )
    وعليه ..
    فالإنتماء إلى تجمعات خيرية تهدف للخير فى الإطار العام لجماعة المسلمين أمر لا غبار عليه , أما الإنتماء إلى جماعة تختط لنفسها خطا معينا ويُبايَع قادتها على السمع والطاعة فى المسارات السياسية والعسكرية بالمناهضة لأى نظام حكم قائم , فهذا هو التفرق المذموم والبدعة المطلقة التى حذر منها النبي عليبه الصلاة والسلام مرارا فى أكثر من عشرين نصا
    وجدير بالذكر ..
    أن الإخوان المسلمين ومن شاكلهم فى أمثال هذه التنظيمات احتجوا فى مشروعية إقامة هذه الجماعات بنظام البيعة والطاعة بأمر سقوط الخلافة , وأنه بسقوط الخلافة الجامعة لأمر المسلمين تحت مظلة حكم واحد , سقط مفهوم الجماعة الوارد فى السنة النبوية , وعليه فهناك جواز لتكوين جماعات مستقلة تسعى لإحياء الجماعة الكبري للمسلمين ..
    ولا شك أن هذا الإحتجاج باطل شكلا وموضوعا .. فمفهوم الجماعة لا يسقط عن المسلمين إلى قيام الساعة
    فالسنة النبوية أبرزت فى وضوح معنى جماعة المسلمين فى حالة اتحادهم , كما أنها حددت طرق التصرف والبيعة فى حالة تشرذم جماعة المسلمين وانهيار وحدتهم وذلك فى نص صريح عن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
    ( يد الله مع الجماعة , فعليكم بالسواد الأعظم فإن من شذ .. شذ فى النار )
    وتكررت الإشارة من النبي عليه الصلاة والسلام مرارا إلى اتباع أمر السواد الأعظم من الناس , كما أن علماء المسلمين حددوا أن مفهوم الجماعة فى حال سقوط الوحدة بين المسلمين إنما يتحقق بالسواد الأعظم من المسلمين فى أرجاء العالم الذين يتفقون على القرآن والسنة الصحيحة كمصدرين للتشريع .. وفى هذا يحدد الإمام الشافعى مفهوم الجماعة فى كتاب ( الرسالة ) فيقول :
    ( قال : فما معنى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم جماعتهم ؟
    قلت: لا معنى له إلا واحد قال: فكيف لا يحتمل إلا واحدًا ؟
    قلت: إذا كانت جماعتهم متفرقة في البلدان فلا يقدر أحد أن يلزم جماعة وأبدان قوم متفرقين، وقد وجدت الأبدان تكون مجتمعة من المسلمين والكافرين والأتقياء والفجار، فلم يكن في لزوم الأبدان معنى؛ لأنه لا يمكن، ولأن اجتماع الأبدان لا يصنع شيئًا، فلم يكن للزوم جماعتهم معنًى إلا عليهم جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما، ومن قال بـما تقول به جماعة المسلمين -أهل السنة والجماعة- فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أمر بلزومها )
    وهذا بلا شك حكم قطعى واضح بفساد أمر التجمعات الخاصة التى تدعى لنفسها مشروعية الجماعة دون أدنى مبرر شرعى , هذا فضلا على أن القياس الفاسد الذى اتبعته جماعة الإخوان فى قولها أنها تسعى لإحياء مفهوم الجماعة والخلافة , فلو أنها كانت كذلك بالفعل لما جاز لها أن تطبق النصوص الشرعية التى تحمى الجماعة وتمارس تطبيق هذه النصوص قبل أن تنجح فعليا فى إرساء الوحدة الإسلامية التى يتاجرون بها والتى تتيح لها عندئذ معاقبة الخارجين عليها ..
    بل إنها مضت مباشرة منذ بدايتها الأولى أيام حسن البنا وهم بضعة أفراد إلى تطبيق حد الخروج عن الحاكم والفتك بالمعارضين وأعداء الجماعة تحت زعم أنهم محاربون لجماعة المسلمين , ولا شك أنها هذه المعتقدات هى معتقدات مسمومة لا علاقة بصحيح السنة ,
    وهذا الإختصاص العقدى هو ذاته الذى توفر فى النقاط التى جمعت بينهم وبين الفكر الشيعى على نحو ما سنرى تفصيلا .. فى عدة مجالات تجمع بين الفرقتين وتتطابق فيها أقوال الشيعة فى مراجعهم مع أقوال وأدبيات الإخوان , ومنها فلسفة التكفير والإغتيال , فلسفة التقية واتخاذها عقيدة , فلسفة الإمامة والطاعة المطلقة للإمام , الموقف من الغرب ..
    يتبع ..

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي


    الحلقة الثانية .. نقاط التشابه
    أولا : التشابه فى فلسفة التكفير ومنهج الإغتيال ..

    للحكم على أى فكر أيا كان نوعه , ينبغي اتباع المنهج العلمى فى دراسته , وهذا المنهج يقتضي ابتداء أن نقرأ هذا الفكر من كتب رجاله لا من كتب خصومه ,
    والإخوان كثيرا ما يرددون ( اقرءوا منا ولا تقرءوا عنا ) ,
    ونحن لن نتجاوز هذه الحقيقة الساطعة فى سعينا لدراسة محايدة ومنهجية , سواء فيما يخص الشيعة أو يخص الإخوان , وحتى نقطع حجتهم فى الترصد فسألتزم فى هذه الدراسة بعدة ضوابط تضمن الإنصاف الكامل فى الحكم على كلا الفرقتين ..
    فلن نلجأ لكتب الخصوم قط إلا لو كان موضع الإستدلال المنقول يخص الإخوان فى الأصل والكاتب كان دوره مجرد النقل الأمين للمعالجة , وسنكتفي بشهادات الإخوان لأنفسهم وعلى أنفسهم ولن ننتقد فكرة أو واقعة أو نعالجها ما لم يكن الإخوان أنفسهم معترفون بها .. وكذلك الأمر بالنسبة للشيعة
    كذلك لن نلجأ إلى الإحتجاج عليهم بكلام فردى واعترافات لم تحظ بالإجماع بينهم , وهذا تحريا لأشد الإنصاف , فكل فكرة سنتناولها بالتحليل من الفريقين لن تكون فردية أو شاذة بل ستكون مجمعا عليها بينهم
    وأخيرا سنورد موضع الإستدلال من كل مصدر وكل كتاب مع ذكر المصدر ليتسنى أن يرد من شاء له الرد ..
    ونبدأ بأول أوجه التشابه ألا وهو التكفير وفلسفة الإغتيال للخصوم ,
    ونقول أولا أن للشيعة الإثناعشرية ــ كما هو لكافة الفرق ــ كتب أصولية , عليها مدار الفرقة والمذهب , فكما لنا نحن أهل السنة مصادر رئيسية فى الحديث والفقه والعقيدة , فللشيعة كذلك مصادر أصلية معتمدة عندهم , وهى بقيمة كتب الحديث المشهورة عندنا مثل الكتب الستة صحيحى البخارى ومسلم والسنن الأربعة إلى جانب مسند أحمد وغيرها .. وكلها كتب تحتوى الصحيح والضعيف عدا البخارى ومسلم فجميعهما صحيح
    فهذه المصادر عندنا إن احتج علينا بها أحدٌ من الناس وكان الحديث المنقول حديثا صحيحا فهذا الإحتجاج مقبول قطعا , كذلك لو احتج علينا أى شخص بحكم فقهى أو عقائدى عليه إجماع علماء الأمة فهو احتاج مقبول فى موضعه بطبيعة الحال لأن الإجماع أحد مصادر التشريع الرئيسية لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( لا تجتمع أمتى على ضلالة )
    أما ما عند الشيعة فهى كتب ــ كما قلنا ــ أصلية عليها مدار الفرقة وتمثل المرجعية الوحيدة لفقههم وعقيدتهم لأنهم لا يعترفون البتة بكتب أهل السنة جميعا ,بل لهم كتبهم الخاصة وهذه الكتب هى التي تُعَدُّ مصادرَ الأخبار عند الاثني عشرية وهي ثمانية، يسمونها "الجوامع الثمانية "، ويقولون إنَّها المصادر المهمة للأحاديث المرويَّة عن الأئمة , لأنهم لا يعتبرون النبي عليه السلام وحده مصدرا للسنة , بل السنة مفهوم يؤخذ عن الأئمة الإثناعشر جميعا المعصومون
    قال عالمهم المعاصر محمد صالح الحائري فى إحدى مقالاته .. "وأمَّا صحاح الإمامية ــ يعنى الإثناعشرية ــ ، فهي ثمانية: أربعة منها للمحمَّدِين الثلاثة الأوائل، وثلاثة بعدها للمحمَّدِين الثلاثة الأواخر، وثامنها لحسين النوري "
    أوَّل هذه المصادر وأصحُّها عندهم "الكافي"، لمحمد بن يعقوب الكليني، الذي زعموا أنَّه لما ألَّفه في عصر الغيبة الصُّغرى للمهدى المنتظر ، عَرَضَه الكلينى ــ وفق كلام المحقق لكتاب الكافي ــ على الإمام الغائب في السرداب، فقال : "هذا كافٍ لشيعتنا " , وقد أكثروا من الثَّناء عليه، وهو عمدة كتب مذهبهم
    ثم كتاب "من لا يحضره الفقيه"، لشيخهم المشهور عندهم بالصَّدُوق محمد بن بابويه القمي
    و"الاستبصار"، و"تهذيب الأحكام"، كلاهما لشيخهم المعروف بـ"شيخ الطائفة" محمد بن الحسن الطوسي
    قال شيخهم الفيض الكاشاني فى كتابه ( الوافي ) .. "إنَّ مدارَ الأحكام الشرعيَّة اليوم على هذه الأصول الأربعة ، وهي المشهود عليها بالصِّحَّة من مُؤلفيها "
    وقالوا: "الكتب الأربعة والمجاميع الحديثيَّة التي عليها استنباطُ الأحكام الشرعية حتَّى اليوم "
    ثم ألَّفوا في القرن الحادي عشر وما بعده مجموعةً من المُدَوَّنات، ارتضى المعاصرون منها أربعة، سَمَّوْها بالمجاميع الأربعة المتأخرة، وهي :
    "الوافي"، لملا محسن الفيض الكاشاني , و"بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار"، لباقر علوم أئمتهم محمد باقر المجلسي و"وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة"، تأليف: محمد بن الحسن الحر العاملي , و"مستدرك الوسائل"، لحسين النوري الطبرسي ،
    فهذه الكتب الثمانية هى المرجعية الأولى لمحتوى أحاديث وأخبار أئمتهم الإثناعشر المعصومين عندهم ,
    وفى العقيدة يعتبر كتاب ( أوائل المقالات ) لشيخهم الأكبر الملقب بشيخ الطائفة فى زمانه الشيخ المفيد ,
    وكل الكتابات المعاصرة والسابقة لها إنما تعتمد هذه المصادر مرجعية لها فى أحكامها ,
    ومن خلالها سنورد للقارئ الكريم عقيدة الإثناعشرية فى تكفير كافة المسلمين ما عداهم , حتى الفرق الشيعية الأخرى ممن تؤمن بنفس العقيدة فى الإمامة ولكنهم لا يؤمنون بالأئمة الإثناعشر , هؤلاء أيضا عندهم كفار مارقون مخلدون فى النار ..

    وليت الأمر اقتصر على التكفير ..
    فالحكم بالتكفير فى الأصل عبارة عن حكم تشريعى يشمل نوعين من البنود ,
    البند الأول : وهو مختص بالإعتقاد ألا وهو اعتقاد المسلم كفر كل من لم يدن بدين الإسلام أو أشرك به شيئا , وهذا الكفر الإعتقادى لا يرتب للمسلم حقوقا تجاه الكافرين ولا يجعل للمسلم حقا فى محاربة أو قتل أو حتى إيذاء الكافر مجرد إيذاء إلا إذا كان هذا الكافر كافرا حربيا يدافع المسلم عن عقيدته وماله .. وبطبيعة الحال فإن الكفر الإعتقادى هذا لا يمكن أن يشمل إلا الكفار الصرحاء ولا يشمل المسلم الموحد بأى حال من الأحوال , لأن الحكم على المسلم بالكفر هذا أمر آخر تماما هو حق حصري لأولى الأمر بعد استيفاء شروط معينة ومحددة لا يمكن الخروج عليها وليس للعوام منها شيئ مطلقا , بل حذر الإسلام أشد التحذير من تكفير المسلمين أو مجرد التفوه بلفظ الكفر فى مواجهة المسلمين والنصوص على هذا متواترة حيث نص النبي عليه السلام على أن كل المسلم على المسلم حرام , كما نص على أنه من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما , كما شملت الشروط كذلك حتى العلماء وأولى الأمر فأجمع الفقهاء على أن كلام المسلم وأفعاله إذا حملت الكفر من مائة وجه وحملت الإيمان من وجه واحد حُملت على محمل الإيمان
    البند الثانى : وهو اختصاص أول الأمر وحدهم ألا وهو الخاص بالحكم بتكفير المسلم الذى يكفر كفرا صريحا ويرتد عن دين الإسلام ويأتى بنواقض الشهادتين , وهذا الأمر فى حكم الردة مختص بالقضاء ولا يمكن أن يتم تنفيذه بغير شروطه المشددة التى حددها الإسلام بحدود واضحة تجعل تكفير المسلم هو أعظم ذنب يبتلى به أى مسلم آخر طالما لم يكن من أهل الحل والعقد
    كما أن تكفير المسلم لا يعنى استباحة دمه وقتله ىأو أخذ ماله هكذا من آحاد الناس أو خواصهم بل جعل الإسلام لحكم الردة أبعادا وشروطا قلما تتحقق
    ولنا أن نتخيل أى عقيدة تلك التى ينسبها أهل الفرق المختلفة للإسلام عندما يبيحون لعوامهم حق القتل والنهب والتكفير باسم الإسلام , فهذا كله خارج عن المفهوم الصحيح للإسلام وهو ما أجمعت عليه النصوص وهى أكثر مما نحصيه , ويكفي أن نورد إحدى نقاط الإجماع فى ذلك بين علماء أهل السنة حيث نص البربهارى فى كتابه شرح السنة على ما يلي
    ( مِنْ عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة : أنَّهم لا يُكفِّرون أحدًا من المسلمين بذنب ، إلاَّ أن يكون شركًا أكبر ، أو يجحد حكمًا مجمعًا عليه، أو يستهزئ بالدِّين وأهله ، وما أشبه ذلك ممَّا هو مذكورٌ في نواقض الإسلام، وأنَّهم لا يُكفِّرون أحدًا بذنب ، وإنْ كان من الكبائر، وإنْ أصرَّ عليه ومات عليه، لأنَّ نصوص الكتاب والسُّنَّة تدلّ على هذه العقيدة )[ إرشاد السَّاري في شرح السُّنَّة للبربهاري / ص : (46، 47)]
    أما الشيعة الإثناعشرية وما شايعها من الفرق المختلفة فقد جعلت الكفر الإعتقادى رهنا بكل المسلمين على السواء .. وهذا من الأحكام المجمع عليها إجماعا مطلقا بين علماء الإثناعشرية عبر العصور حيث نقل هذا الإجماع شيخهم الكبير الشيخ المفيد فى كتابه المشهور ( أوائل المقالات ) وهو من كتبهم المعتبرة ..
    ويـُـلاحظ أن السيستانى مرجع الشيعة الأكبر اليوم يـُـــفرد لهذا الكتاب وغيره مكانة مهمة للنشر حيث ينشره الكترونيا ومطبوعا مركز الأبحاث العقائدية التابع للسيستانى مباشرة .. بخلاف تواتر أقوال التكفير من بقية أئمتهم الأصوليين ..
    يقول في ذلك شيخهم الطوسي :
    ( ودفع الإمامة كفر كما أن دفع النبوة كفر لأن الجهل بهما على حد واحد "يعني مساواة النبوة بالإمامة" تلخيص الشافي ج4 ص131 لأبي جعفر الطوسي )
    ويوسف البحراني في {الحدائق الناضرة 18/153 ط بيروت} :
    (وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه ورسوله وبين من كفر بالأئمة عليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين )
    وقال الفيض الكاشاني في {منهاج النجاة ص48 ط دار الاسلامية بيروت} :
    (ومن جحد إمامة أحدهم ـــ أى إمام من الائمة الاثني عشرـــ فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء). ـ
    وقال المجلسي في { بحار الانوار23/390 ط بيروت } :
    ( إعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد بإمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام وفضّل عليهم غيرهم يدل على أنهم كفار مخلدون في النار ). ـ
    وقال يوسف البحراني فى { الحدائق الناضرة 18/53} :
    ( إنك قد عرفت أن المخالف كافر لا حظ له في الإسلام بوجه من الوجوه كما حققنا في كتابنا الشهاب الثاقب)
    وقال عبد الله شُبّر في {حق اليقين في معرفة أصول الدين 2/188 ط بيروت}:
    (وأما سائر المخالفين ممن لم ينصب ولم يعاند ولم يتعصب " أى حتى المسلمين الذين لا يعادون الإثناعشرية ولا يعادون الأئمة بل ويتسامحون مع الإثناعشرية من أمثال دعاة التقريب بين السنة والشيعة لكنهم فقط لا يؤمنون بعصمة الأئمة ــ فالذي عليه جملة من الإمامية كالسيد المرتضى أنهم كفار في الدنيا والاخرة والذي عليه الأشهر أنهم كفار مخلدون في النار)
    وقال المجلسي فى بحار الأنوار :
    ( ومن لم يقبل الأئمة فليس بموحد بل هو مشرك ولو أظهر التوحيد ـــ بحار الأنوار ـــ الجزء التاسع والتسعين ـــ ص 143)
    هذا بشأن تكفير كافة المخالفين لمعتقداتهم المريضة ,
    وهو ليس تكفيرا خاليا من التحريض , حيث ينص الأئمة الكبار من الشيعة الإثناعشرية على القتل والغيلة تجاه المخالفين وأن أموالهم ودماءهم حلال بل وقربي يتقربون بها إلى الله لا سيما إن كان الترصد للمخالفين من العرب بالذات , وهذا نظرا لأن التشيع الفارسي صاحب عقائد مجوسية تحمل ثارات إسقاط العرب المسلمين لدولة فارس , هذا ناهيك عن التحريض المستمر للمخالفين النشطاء فى معارضة المد الشيعى حيث يصبح قتلهم واغتيالهم فريضة على كل شيعى إثناعشري ..
    فمن ناحية الروايات التى تحض على تعقب العرب وتبشر بقتلهم على يد المهدى المنتظر , فى رجال الكشي ( مرجعهم العمدة فى كتب الرجال ) يروون نصيحة الإمام لأتباعه فى قتل السنة فيقول :
    ( أشفق إن قتلته ظاهرا أن تسأل لم قتلته ــ يعنى لا تقتل مخالفيك صراحة فتذهب هباء ولكن عليك بالإغتيال والتخفي ــــ , ولا تجد السبيل إلى تثبيت الحجة فتدفع بها عن نفسك فيسفك دم مؤمن من أوليائنا بدم كافر فعليكم بالإغتيال )
    فالإغتيال مبدأ شيعي من قديم الزمن ولا يظهر القتل الصريح إلا عند التمكين , والتمكين معناه القوة اللازمة لخلع التقية وممارسة القتل دون خشية عقاب , تماما كما حدث بالعراق الآن والشام فى أحداث اجتياح لبنان وتعاون منظمة أمل مع المحتل الإسرائيلي فى تصفية المجتمع الفلسطينى فى المخيمات المقامة هناك فى الثمانينات وهى المآسي التى سجلها الباحث عبد الله الغريب فى كتابه عن ميلشيات أمل والمخيمات الفلسطينية , وأيضا ما حدث بالعراق واغتالوا عشرات من علماء وأهل السنة بأبشع أنواع الإغتيال الصريح بعد التمكين الكامل لهم برعاية الحكومة الأمريكية وسيطرة الشيعة على الحكومة والمناصب بالدولة هناك عقب الإحتلال وهو ما نقله عشرات الباحثين مثل د. طه الدليمى فى كتابه الوثائقي ( صراع المصالح فى بلاد الرافدين ) وكما يحدث فى سوريا اليوم على يد الطائفة الشيعية النصيرية التى ينتمى لها آل الأسد
    وقد مارسوا الإغتيال بحق الشخصيات المناوئة والمخالفة التى تشكل خطرا لا يمكن دفعه , وركزوا بالتحديد على العلماء والدعاة السنة من أصحاب الكلمة المسموعة فى التحذير من أخطار التمكن الشيعى فى العراق
    وهم بذلك نفذوا نفس أجندة الخمينى التى قام بتنفيذها عقب توليه مقاليد الحكم فى إيران , حيث قامت الميلشيات الإيرانية باغتيال أبرز المعارضين داخل إيران وخارجها أيضا
    وكانت أكبر جريمة اغتيال نجحوا فيها هى عملية اغتيال الشيخ العلامة المحدث إحسان إلهى ظهير الذى كان بحق رجل المرحلة فى زمانه , فقبل إحسان إلهى ظهير لم يكن أحد من المعاصرين , يعرف شيئا عن الشيعة وكتبهم التى كانت مخفية ,
    فجاء فى السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي هذا العلامة الموسوعى فأخذ مراجعهم الأصلية من موطنها بإيران والهند وباكستان وكتب عنهم سلسلة كتبه الشهيرة التى وزعت أكثر من خمسة ملايين نسخة فى أنحاء العالم الإسلامى مثل كتاب الشيعة والسنة وكتاب الشيعة والقرآن وكتاب الشيعة وأهل البيت رجع فيها إحسان إلهى ظهير إلى ما يقرب من 500 مرجع شيعي أصلي ما سمع بها أحد من علماء المسلمين قبله
    وكل من جاء بعده أخذ منه ولقف عنه فرجعوا للمصادر الأصلية فرأوا أهوالا فى نصوصهم , ودور إحسان إلهى ظهير هنا يشبه إلى حد كبير دور العلامة ابن تيمية فى زمانه حيث خصص موسوعته ( منهاج السنة النبوية ) لكشف عوار كتبهم ومعتقدهم عندما رد بهذه الموسوعة على كتاب العالم الشيعى ابن المطهر الحلى الذى ألف كتابا بعنوان ( منهاج الكرامة فى إثبات الإمامة ) ,
    بل إنى لا أبالغ إن قلت أن إحسان إلهى ظهير صاحب دور يتفوق على ابن تيمية لأنه فضح من كتب الشيعة ما لم يتسنى لأحد قبله فى التاريخ حيث كانت تلك المراجع مقصورة على حوزات الشيعة وحدهم وكان الرد الشيعى هو اغتيال إحسان إلهى ظهير , فاغتالوه بقنبلة جبارة وضعوها فى إناء زهور على منضدة أحد مؤتمرات مركز السنة بلاهور باكستان , فقتلت عشرين شخصا تقريبا وأصيب إحسان إلهى ظهير إصابات فادحة أودت بحياته فيما بعد
    وكذلك قتلوا المنشقين عنهم مثل الدكتور على شريعتى الذى كتب الفارق بين التشيع العلوى والتشيع الصفوى القائم على مواريث الدولة الصفوية فى إيران , تلك الدولة التى قال عنها أحد المستشرقين :
    (لولا الصفويين لكنا الآن نقرأ القرآن فى بلجيكا والمجر مثلما يقرأ الجزائريون فى الجزائر)
    وهذا لأن الدولة الصفوية طعنت الخلافة العثمانية فى ظهرها أثناء انشغال خلفاء العثمانيين بفتوحاتهم فى أوربا فعطلت الجهاد , القصد أنهم عند التمكين يخلعون التقية وعند عدم توافر التمكين يكون الحل فى الغيلة وقتل السر وهو ليس جائزا فقط بل هو من أعظم الطاعات فى دينهم المجوسي ,
    يتبع ..

  4. #4
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    يروى الكشي فى كتابه سالف الذكر رواية عن أحد الروافض يفتخر أمام إمامه بما فعله فيقول :
    ( منهم من كنت أصعد سطح منزله بسلم فأقتله , ومنهم من دعوته بالليل على بابه حتى إذا خرج قتلته)
    وذكر أنه قتل بهذه الطريقة وأمثالها ثلاثة عشر مسلما , ويفتخر بذلك !
    ليس هذا فقط , بل إن المهدى المنتظر الغائب عندهم سيُخرج أبو بكر وعمر فيصلبهما على شجرة , ويقيم عائشة رضي الله عنها من قبرها ويجلدها الحد وهم يعنون بذلك حد الزنا والعياذ بالله
    بالإضافة إلى أنه سيحكم بشريعة آل داوود أى اليهودية ويهدم المسجدين النبوى والحرم حتى الأنقاض !
    واختصاصه بذبح العرب سينال حتى الرضع,
    يروى المجلسي فى بحار الأنوار عن المهدى المنتظر فيقول :
    ( القائم وهو الذى يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والكافرين فيخرج اللات والعزى ( أى أبو بكر وعمر ) طريين فيحرقهما )
    وفى رواية أخرى فى نفس الكتاب :
    (هل تدرى أول ما يبدأ به القائم .. أول ما يبدأ به يخرج هذين ـــ يعنى أبا بكر وعمر ـــ فيخرجهما طريين غضين فيحرقهما ويذريهما فى الريح ويكسر المسجد ــ يعنى المسجد الحرام ــ )
    وعن قتل أهل السنة جماعات وزرافات وردت الكثير من الروايات مثل :
    ( ما لمن خالفنا فى دولتنا نصيب إن الله أحل لنا دماءهم عند قيام قائمنا )
    ويقول آية الله الصدر مرجعهم المعاصر عن تلك الروايات فى كتابه تاريخ ما بعد الظهور :
    ( وظاهر هذه الروايات أن القتل سيكون مختصا بالمسلمين )
    وفى كتاب الغيبة للنعمانى ينقل رواية عن القائم أنه يقتل ولا يسمع من أحد توبة !!
    هكذا صراحة وبلا مواربة , يروون فى كتبهم المعاصرة والسالفة عن نيتهم تجاه المسلمين السنة ومخالفيهم , وهو ما مارسوه بالفعل أيضا بمنتهى الوضوح , ولكن لأنهم محترفون فى التقية والكذب فقد اغتر العديد من الكُتاب والمفكرين بهذا الأسلوب ونادوا بالتقارب معهم مستغلين كل فنون الخداع ومسوح الرهبان ..
    هذا بخلاف عمليات المحاكمات الهزلية التى طالت كل النشطاء والسياسيين ورجال الدين من السنة والذين كانوا شركاء الثورة مع الخمينى فى الأصل , وهو نفس المصير الذى ينتظر النشطاء فى مصر على يد الإخوان بعد التمكن الكامل , فهم هنا اعتمدوا المنهج الشيعى فى الصبر على مشاهير المفكرين والعلماء والسياسيين حتى يتمكنوا من السيطرة على القضاء والشرطة وهو ما فعله الخمينى وضمت قائمة الإعتقالات وأحكام الإعدام قائمة طويلة أشهرها :
    - الشيخ العلامة أحمد مفتي زادة ( من محافظة كردستان) وذلك لجريمة مطالبته حقوق أهل السنة وجمع شملهم، وتوفى رحمه الله تعالى بعد التنكيل والتعذيب وذلك بعد عشر سنوات قضاها دخل السجن .
    - الشيخ الدكتور أحمد ميرين البلوشي لكون المذكور أنهى دراسته من الابتدائي إلى مرحلة الدكتوراه في المملكة العربية السعودية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة باسم أنه وهابي ينشر فكرة الوهابية،ولما لوحظ من قبله نشاط في الدعوة وبيان عقيدة الصحيحة السنية،وكان في أشد السجن والتعذيب حكموا عليه حبس (15 عشر) سنة .
    - الشيخ محي الدين من عاصمة خراسان: حيث اعتقل قبل سنوات دون أن يقدم إلى محكمة أو يوجه إليه تهمة إلا أنه كان يرأس مدرسة دينية في خراسان وتأخذه الغيرة على اعتقادات أهل السنة واتهمته الدولة بالوهابية يريد الفرقة بين الشيعة والسنة وبعد سنتين في السجون الخميني نفوه إلى محافظة اصفهان لسبع سنوات، والآن منفي في بلوشستان .
    - والأستاذ إبراهيم صفي زاده خريج جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية بالرياض قبل ثلاث سنوات اتهموه بأنه وهابي وضربوه سبعين جلدة في وسط السوق، وأدخلوه في السجن، وحكموا عليه سبع سنوات في السجن، وقد أطلق سراحه أخيرا بعد التعهد على أن لا يتكلم عن الدين .
    - الشيخ نـظر مـحمد البلوشي وهو كان عضوا في البرلمان ومندوبا لإحدى مناطق بلوشسان الإيرانية وكان الشيخ سنتين في أشد التعذيب في سجون الخميني، وأخذ منه اعترافا زورا وجبرا بأنه جاسوس من قبل العراق وإسرائيل يعمل لهم في إيران رغم أنه عالم من العلماء البارزين لأهل السنة معروف لدى الناس،وقد هاجر الشيخ أخيرا إلى باكستان فارا بدينه .
    - الشيخ المجـاهد دوست مـحـمد البلوشي الذى يبلغ من عمره أكثر من ثمانيـن سنة، قبض عليه لدفـاعه عن صحـابـة رسول اللّه (ص) في رسائل عدة وبعد أن قضى سنتين في أشد التـعذيب في سـجون الخـميني نفوه إلى محـافظة اصفهـان ، و بعد سنة أطلقـوه، والآن يعيش تحت الحراسة، ممنوع الخروج من البلد إلا بإذن خاص .
    - والشيخ السيد عبد الباعث القتالي إمام وخطيب في بندر خـمير في السّاحل حـد كثر من ثلاث سنوات لأنه أعلن به رؤية هلال عيـد الفطر بدون إذن الحكومة واتـهم بـأنه عـميل للوهابيين ومتابعهم فى الفطر.
    - الشـيخ المجـاهد مـولوي إبراهيم دامني من علمـاء بلوشستان سجِن لأكثر من ثلاث مرات وفي المرة الأخيرة أعطوه سـجن خمس عشـرة سنة لأنه تجرأ أن يجيب على وسـاوس وتهم كتاب ( ثم اهتديت) للتيجاني الشيعي ولم يزل مسجونا في مشهد أى أنه كل جريمته أنه حاول الرد على شبهات المتشيع التيجانى والدفاع عن الإسلام الصحيح
    - الشيخ عبد المجيد من مدرسي المعهد الديني في زاهدان بدون أي جريمة .
    - الشيخ محمد قاسم من مدرسي المعد الديني في زهادان بدون أي جريمة .
    - الشيخ أحمد ناروئي من مدرسي المعهد الديني في زاهدان بدون أي جريمة .
    ومولانا عبد الله قهستاني ، ومولانا عبد الغني شيخ جامي ومولانا سيد أحمد الحسيني ومولانا عبد الباقي شيراني ومولانا جوانشير داودي ومولانا غلام سرور بريزي ومولانا سيد محمد موسوي ومولانا نور الدين نيك كردار ومولانا عبد اللطيف
    وآخرين من مناطق مختلفة لا نعرف أسماءهم ،وقد أطلق عن بعض وبقى الأكثر في السجن بدون أي جريمة إلا أنهم يريدون التمسك بعقيدتهم الصحيحة والتجنب عن الخرافات والبدعات التي تريدها الآيات أن تنشرها
    ولم تقتصر وجوه الإضطهاد التي مارسها الخمينى ونظامه ضد السنة على الإغتيال والاعتقال فقط بل انجرفت أيضا إلى تقديم مئات الناشطين من أبناء السنة وعلمائها إلى المحاكمة الهزلية التي تمثلت في محاكم القضاء الشيعي برعاية الخمينى , وكانت الأحكام لا تصدر إلا بالإعدام وفى فترة قياسية , والقضاة الذين كانوا يحكمون بذلك كانوا يجدون شيئا من المتعة عبرت عنه تصريحاتهم الشامتة والحاقدة تجاه هؤلاء الأبرياء ( وكل هذه الأسماء تم ذكرها فى تقارير المركز الإسلامى بباكستان )
    وقد نقلت مجلة باري ماتش الفرنسية تصريحات آية الله صادق خلخانى رئيس المحاكم الإسلامية الشيعية في إيران أن كثيرا ممن حكم عليهم خلخانى بالإعدام من أول جلسة جيئ بهم وهم جرحى محمولون على النقالات ! وحكم في إحدى جلساته بالإعدام على أربعمائة شخص دفعة واحدة ونقلت الصحف تصريحا له بعد الحكم على شابور بختيار أحد المعارضين بالإعدام أنه قال ( لو أتيحت الفرصة لى فسأخنق شابور بيدى الإثنتين ! )
    ورغم استمرار تلك السياسة الوحشية حتى اليوم وقيام المركز الإسلامى للبلوش من باكستان وغيره من أنحاء العالم بإصدار التقارير الموثقة التي تفاعلت معها بعض منظمات المجتمع المدنى في العالم , إلا أن العالم الإسلامى في حالة صمت وسكون وغفلة متعمدة عما يجرى لأهل السنة أشقاء العقيدة وليت الأمر اقتصر على السكوت بل لا زال دعاة التقريب والتشيع من العلماء والدعاة مفتقدى حمرة الخجل تعلو أصواتهم بتأييد إيران والدعوة للتقارب معها !!
    وهذا الذى شرحناه سابقا عن الشيعة الإثناعشرية هو ذاته نفس المعتقد الإخوانى مع اختلاف أشخاص الأئمة ..
    فمن ناحية تكفير كافة المخالفين بلا تمييز , فهذا ثابت من نصوصهم المفضوحة من خلال كتبهم ومراجعهم المعتمدة التى يقصرون تبادلها على أجيال الإخوان فى حلقات دروسهم الخاصة , ولولا المنشقون من الإخوان لما عرفنا شيئا عن حقيقة معتقدهم من أنهم جماعة المسلمين الحقيقية وليسوا مجرد جماعة من المسلمين ..
    وهذه الأفكار المسمومة كانت الدافع الرئيسي والحقيقي أن كبار الأئمة الذين التحقوا بالإخوان فى مرحلة ما من حياتهم , هرعوا خارجها على الفور عقب اكتشاف هذه المهازل , وأصدق مثالين هما الإمام الشعراوى والإمام الغزالى رحمهما الله , بخلاف الحرب التى شنها عليهم كبار المفكرين وعلماء الأزهر أيضا مثل عباس العقاد وأحمد كمال أبو المجد وشيخ الأزهر السابق الشيخ حسن مأمون والشيخ محمد المدنى والشيخ عبد اللطيف السبكى والشيخ عبد الله المشد ..
    وهذه الأسماء بالغة الثقل والتأثير من المستحيل أن تجتمع على كلمة واحدة فى هذا الشأن ما لم يكن قد رأوا بأعينهم أبعاد هذا الفكر ..
    هذا بخلاف الخفايا وكشف المستور الذى قاده المنشقون عن الجماعة من أيام حسن البنا نفسه , فقد انشق أحمد السكري ــ شريكه فى تأسيس الجماعة ــ وأعلن فى خلفيات انشقاقه أن ما رآه من فكر حسن البنا كان يختلف تماما عما اتفقوا عليه فى شأن الدعوة , واستمر مسلسل الإنشقاقات يتوالى عبر العصور حتى بلغ ذروته فى العصر الحالى عقب تمكن الإخوان وانكشاف عريهم بالعمل العلنى فجاء الخرباوى ومختار نوح وهيثم أبو خليل وعبد الستار الميلجى ومحمد حبيب وسامح عيد والهلباوى , بالعجائب المثيرة عن مجتمع الإخوان المغلق ..

    ومن الطرائف حقيقة ,
    أن موقف الإخوان من الأئمة الكبار أمثال الشعراوى والغزالى ومن فى مكانتهما لم يكن مختلفا عن نظرتهم لبقية المسلمين , فوفقا لشهادة سامح عيد فإنهم اعتبروا هؤلاء العلماء الكبار من المتفلتين من الجماعة , والذين ينطبق عليهم وصف ( السائبة ) أو وصف القاصية من الغنم !!
    فإذا كانت هذه هى نظرتهم لأمثال الشعراوى والغزالى فلك أن تتخيل ــ عزيزى القارئ ــ موقفهم من المخالفين والمحاربين لأفكارهم والمنشقين عنهم !!
    والأدلة على التكفير عند الإخوان أكثر من أن تحصي ونكتفي منها بالآتى :
    * قول حسن البنا فى مذكراته عن الشيخ الإخوانى المنشق عليه , وهنا لا يعنينا قول البنا بقدر ما يعنينا استشهادات البنا من القرآن والسنة والتى أنزلها لمعالجة موقفه من المنشق حيث اعتبر ــ بوضوح ــ أن الإخوان هم جماعة المسلمين وأن الإنشقاق عنهم هو انشقاق عن جماعة المسلمين يستحق الضرب بالسيف تجاه أى كائن من كان .. وهذا نص كلامه :
    يقول البنا عن الشيخ الأزهرى المنشق عليه :
    ( زين له الشيطان ان فى ذلك مصلحة الدعوة وانه يتشدد لا لنفسه وإنما للدعوة وكان هذا هو المنفذ الذى ينفذ منه الشيطان للمؤمنين ليفسد عليهم إيمانهم وكان الإسلام حكيما فى وصيته بأخذ هؤلاء الخوارج
    على رأى الجماعة بمنتهى الحزم من أتاكم وأمركم جميعا يريد ان يشق عصاكم فاضربوه بالسيف كائنا من كان )
    ويقول البنا أيضا فى كتابه ( دعوتنا ) :
    ( نحن ندعو الناس إلى مبدأ والفرق بيننا وبين قومنا بعد اتفاقنا فى هذا المبدأ أنهم عندهم إيمان مخدر فى نفوسهم لا ينزلون على حكمه ولا يعملون بمقتضاه على حين أنه إيمان ملتهب مشتعل يقظ قوى فى نفوس الإخوان )
    ويقول ايضا فى نفس الكتاب أن الإخوان المسلمين يرون الناس إلى قسمين .. قسم معهم فهؤلاء تربطه بهم أقدس الروابط
    وقسم آخر لم نرتبط معهم بهذا الرباط فهؤلاء نسالمهم ما سالمونا ونحب لهم الخير ما كفوا عدوانهم عنا فمن اعتدى منهم علينا رددنا عدوانه بأفضل ما نرد به عدوان المعتدين مصداقا لقوله تعالى ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين )
    وهنا يلفت نظرنا الأستاذ ثروت الخرباوى فى لقائه على قناة النهار مع محمود سعد إلى طبيعة استشهاد البنا فى كلامه عن المخالفين له من المسلمين حيث ذهب إلى آيات الكفار التى أمرنا الله فيها بأن نعامل الكفار معاملة المهادنة أو القتال حسب معاملتهم لنا فيأتى بهذه الآيات وينزلها على المسلمين هكذا صراحة !
    * اعترف مصطفي مشهور فى كتابه الذى يتم تدريسه فى حوزات الإخوان لشبابهم أن الإخوان هم المسلمون وهم الجماعة ومن سواهم كافر كفرا صريحا , فيقول :
    ( تحت عنوان تفجير حقل الدعوة , فى كتابه ( على طريق الدعوة ) :
    إن المسلمين الذين نعيش بينهم وندعوهم إلى الله وندعوهم إلى أن يفهموا إسلامهم وأن يعملوا له وأن يعملوا به هم حقل الدعوة الذى نعمل ونستخرج منه العناصر المؤثرة التى تحمل الدعوة وتضحى فى سبيلها فإذا أحس هؤلاء القوم وعلموا أننا نعتبرهم كفارا نفروا منا ولم يسمعوا لنا واكتسبنا عداوته )
    * شهادات المنشقين وأبرزهم الشيخ محمد الغزالى , هذه القامة الدعوية الكبيرة , وهو الذى انفصل عن الإخوان عقب تولى المرشد الثانى حسن الهضيبي لولاية الإخوان , واختلف معهم ومع برنامجهم المرسوم والموسوم بالشرك ــ على حد قول الغزالى ــ حيث جعلوا المرشد شريكا لله فى سلطانه عليهم بالطاعة المطلقة , وصرح الغزالى أيضا فى كتابه ( من معالم الحق فى تاريخنا الإسلامى ) أن الإخوان واجهوه علنا بالتكفير لخروجه عن جماعة الإخوان , وأن أحدهم قال له مستغربا : هل تظن نفسك مسلما وقد خرجت من الجماعة !!
    وشن عليهم الغزالى حربا ضروسا فى كتابه تحت تأثير التنظير الإخوانى لمفهوم الطاعة العمياء التى يطلبها القيادات الإخوان من أفرادهم فضلا على أفاعيل النظام الخاص ..
    هذا فى مجال تشابه الفكر الإخوانى والشيعى فى منطلق التكفير , أما فى مبدأ الإغتيال فحدث ولا حرج ..
    وقد يري البعض أن الشيعة هم الذين أخذوا فكرة تكوين الميلشيات المسلحة عن الإخوان وليس العكس , حيث كونها الخمينى فى الثمانينات قياسا على النظام الخاص الذى أسسه حسن البنا من قبل فى الثلاثينيات , ولكن هذا الكلام غير دقيق فالشيعة هم أصحاب قصب السبق فى ذلك أيضا والإخوان هم من قلدوهم تقليد الأعمى ..
    فالشيعة كما رأينا فى كتبهم الأصولية المؤلفة قبل تسعة قرون تقر وتشجع القتل بالغيلة والخفية ــ على عكس الخوارج ــ ولا تقر القتل العلنى إلا فى أوان التمكن والقوة , وقد طبق الشيعة مبدأ خلق فرق خاصة للإغتيال على النحو الذى قامت به العصابات المسلحة العالمية كالمافيا ,
    وأول تنظيم مافيا فى التاريخ كان مسجلا باسم حسن الصبّاح صاحب فرقة الحشاشين التابعين للشيعة الإسماعيلية الباطنية , وبعودة بسيطة لتاريخ حسن الصباح وكيفية إنشائه للشيعة الباطنية سنجد أن حسن البنا حذا حذو الصباح خطوة خطوة إلى حد يثير الدهشة ..
    فقد بدأ الصبّاح أولا بالدعوة لأفراد الناس بالتقية , ثم أفصح عن فكر التكفير واعتبار جماعته هى جماعة المسلمين , ثم أسس تنظيما مسلحا خاصا فى زمن الدولة السلجوقية , وجعل هذا التنظيم تابعا له وحده , واشترط فى الإلتحاق به الطاعة العمياء بالمعنى الحرفي للكلمة , وبلغت الطاعة حد أن قام أحد أعضاء فرقة الإغتيالات بإلقاء نفسه من فوق جبل القلعة , وانتحر آخر باستخدام السيف طاعة لأوامر الصباح على مرأى ومسمع من رسول السلاجقة الذى جاء للتفاوض معه , وذلك ليوضح الصبّاح للرسول السلجوقي مدى إيمان أتباعه به ..
    وقد اتخذ من قلعة ( ألموت ) مقرا له , وهى قلعة وعرة المسالك وعلى جبل صخرى صعب , ثم وجّــه فرقة الإغتيالات إلى أول مهامها باغتيال الوزير السلجوقي الشهير نظام الملك , والذى كان فى ذلك الوقت رأس الحكومة السلجوقية وبمثابة رئيس الوزراء , ثم حاول اغتيال أمير السلاجقة باركيارق وفشل وحاول اغتيال العلامة الإمام أبي حامد الغزالى أيضا وفشل وذلك بسبب الحرب الفكرية التى شنها الغزالى على فكر الباطنية وانحرافاتهم العقدية ..
    كما برع حسن الصباح براعة مذهلة فى أعمال التجسس والتخابر وزرع عيونهم فى بلاط الحكام ومختلف أنحاء البلاد
    وإذا تأملنا تاريخ البنا سنجد أن قام بتكوين جماعته وابتدع لهم نظام البيعة كما لو كان أميرا أو خليفة له حق السمع والطاعة المطلق , وبلغ من حرصهم على تكريس مبدأ الطاعة المطلقة أن دعاة الإخوان كانوا يرددون على مسامعهم أن الطاعة للأمير تكون تعبدا لله وأن الطاعة للأمير تمحق الذنوب وتربي الفضائل , والجدال ــ مجرد الجدال فى الأوامر ــ يمحق الفضائل ويربي الذنوب !!
    ثم قام البنا بتكوين النظام الخاص المدرب تدريبا عاليا على استخدام السلاح , وجعل تبعية الجهاز له وحده بعيدا عن مكتب الإرشاد , بل إن أعضاء الجهاز ووجود الجهاز نفسه كان سرا مغلقا حتى على أعضاء الإخوان أنفسهم ,
    ثم كلف البنا النظام الخاص بالقيام بعمليات اغتيالات واسعة النطاق لخصوم الجماعة , تأسيسا على أن خصوم الجماعة هم خصوم الدعوة والإسلام وبالتالى يحل قتلهم أى أن القتل بالإغتيال هنا لم يكن مبنيا على أثر الخصومة السياسية ــ وهذا هو معيار الخطورة ــ بل كان مبنيا على استحلال دماء المسلمين واعتبارهم كفارا حربيون وجب قتلهم والتخلص منهم ..
    ونجح النظام الخاص فى اغتيال النقراشي باشا وأحمد ماهر وسليم زكى حكمدار العاصمة والمستشار الخازندار الذى لو تأملنا كيف عالج الإخوان وحسن البنا مسألة مقتله لقلبنا الكف تعجبا ,
    ذلك أن البنا ادعى أن اغتيال الخازندار تم باجتهاد شخصي من عبد الرحمن السندى رئيس الجهاز والذى ادعى أنه فهم ــ بالتعريض ــ أن الإمام البنا يقصد قتله !!
    ثم خلصت المحاكمة الهزلية إلى توجيه اللوم إلى السندى واعتبار قتل المستشار قتلا خطأ !! ولكى تكتمل المهزلة قال البنا أن الحكومة دفعت تعويضا لأهل الخازندار وهذا المال يقوم مقام الدية !!
    هكذا وبمجرد اللغو يستهين حسن البنا بدماء المسلمين ويكتفي بلوم تابعه السفاح على هذا القتل الذى قال عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه أبشع من هدم الكعبة حجرا حجرا أن يُـقتل المسلم مسلما بغير ذنب , والأمر المثير للدهشة أن الإخوان تدافع عن حادثة مقتل الخازندار بأن البنا لم يكن يعلم واعتبروها عذرا ! , رغم أن البنا لو كان صادقا لاقتص من القاتل على الأقل لكنه ــ ويالمهزلة ــ كلف المحامين بضرورة الترافع عن القتلة المقبوض عليهم والحصول على البراءة لهذين الأخوين البريئين ــ على حد زعمه ــ !!
    ولو كان قتل الخازندار تم خطأ فماذا عن اغتيال رئيس الوزراء النقراشي وأحمد ماهر , وماذا عن لجوء حسن البنا لتفجير أقسام الشرطة فى أنحاء القاهرة لمجرد تثبيت قدم الإخوان وإظهار ضعف الحكومة !!
    فضلا على العملية البشعة التى نفذها النظام الخاص فى محاولة نسف محكمة الاستئناف بهدف القضاء على مستندات قضية السيارة الجيب المدان فيها النظام الخاص وهى المحاولة التى فشلت لأن القنبلة تم اكتشافها ولكنها انفجرت خارج المحكمة ليسقط عشرات الضحايا الأبرياء نظير ذلك وفداء لرقاب الإخوان الموجودين بالسجون على خلفية تهمة ثابتة عليهم وهى حيازة السلاح والمفرقعات !!
    فهذه العمليات ــ فى نظرى ــ تثبت بما لا مجال لأى شك , أن الإخوان يعتقدون كفر وحل دماء غيرهم من المسلمين بلا أى مناقشة وإلا كيف استحلوا القيام بهذه العمليات البشعة باسم الإسلام بينما الإسلام جعل أكبر العذاب والنكال على قاتل النفس بغير الحق وتوعد الله القاتل بالعذاب الأبدى .. واعتبر قتل النفس الواحدة قتلا للناس جميعا
    أما عن طبيعة منهج الإغتيال الذى اتبعه الإخوان فى الفترة الحالية بعد تمكنهم من الحكم فى مصر ,
    والسؤال الحائر الذى أثير حول ترك الإخوان لألد أعدائهم وخصومهم من المنشقين مثلا الذين كرسوا كتبهم لفضح معتقد الإخوان , أو من المفكرين والكُتاب مثل إبراهيم عيسي ورفعت السعيد وبلال فضل وغيرهم من الإعلاميين ..
    فلماذا تركهم الإخوان دون اغتيال بينما نالوا بالإغتيال النشطاء السياسيين من شباب الثورة , فهذا تفسيره وحله موجود أيضا فى طبيعة سياسة الإخوان القمعية , فلأنهم أهل سراديب فى الأصل فلا يمكن لهم اللجوء للإغتيال العلنى للمشاهير إلا عند استشعار القوة وعدم خوف العاقبة ,
    تماما مثل الشيعة ,
    فقد احتملوا فى إيران قبل الثورة حتى تمكنوا من الحكم بالمداهنة والتلون ثم نصبوا المشانق فعليا لكافة شباب الثورة ومفكريها وكتابها من خارج النطاق الشيعى , وأسسوا الحرس الثورى الإيرانى والذى كانت مهمته فقط حفظ أمن النظام ضد أهل السنة والأعراق الأخرى من البلوش والأكراد وغيرهم ,
    وفى العراق انتظروا حتى تمكنوا من الحكومة ودانت لهم القوة بمعاونة الأمريكيين فعليا بالتواجد الأمريكى العسكري داخل العراق وبحجة مقاومة الإرهاب ــ الذى صنعه الشيعة بالأساس ليتخذوه ذريعة ــ فأبادوا السنة وهجّروا عشرات القري السنية لتغيير التركيبة السكانية فى العراق ..
    أما الإخوان فى مصر فقد بنوا إستراتيجية المواجهة بالقوة على مراحل .. كالتالى
    أولا : استخدموا الإغتيال المعنوى ضد المشاهير المعروفين سواء من المنشقين أو الصحفيين والكتاب والمفكرين والسياسيين لإدراكهم تماما أن المساس بواحد منهم سيعنى هذا تحميل الإخوان مباشرة تبعات هذا الإغتيال , وبالتالى ليس هذا وقت الخلاص من هؤلاء بل يحين الوقت عند التمكين الكامل من مفاصل الدولة وهذا ما لم يتأتى لهم حتى اليوم فالجيش يقف مترقبا والداخلية مستعصية , والجماهير وكافة الإئتلافات السياسية ضدهم والدولة أكبر من احتواءهم لها مما يجعل الإخوان مضطرون للانحناء للعاصفة , حتى يتحقق لهم التمكين وعندئذ يحين موعد الإغتيال والدفع بهؤلاء للسجون والمعتقلات وقتلهم بالقانون
    هذا فضلا على أن اغتيال المشاهير لا داعى له لأن الإغتيال المعنوى سيكفل لهم إبطال تأثيرهم على شباب الإخوان وبقية التيارات الإسلامية , وهذا هو كل ما يهم الجماعة حاليا ..
    ثانيا : قد يكون غريبا أن نعلن أن اهتمام الإخوان بشباب الثورة ونشطاء الإنترنت أكبر كثيرا من اهتمامهم بالإعلاميين المشاهير , ذلك أن الإنترنت ساحة مشتعلة بالغة الإتساع وغير قابلة للسيطرة وهى المحرك الفعلى للمظاهرات التى لا يستطيع السياسيون والإعلاميون توجيهها أو السيطرة عليها , هذا بخلاف نقطة بالغة الخطورة وهى أن الشباب المناهض للإخوان يتتبع عثرات وأخطاء قيادات الإخوان ويفضحها بجدال وأسلوب ساخر فعال ومرير مع أتباع الجماعة من الشباب خصيصا , وهذا ما يؤثر بشكل كبير على انتماء شباب الإخوان للجماعة ويشككهم فى حقيقة ما يعتقدون , خاصة فى ظل انعدام الحجة خلف قرارات الإخوان وعدم اقتناع الشباب البسيط القادم من مجاهل الريف والصعيد بمبررات قياداتهم للتصرفات الغير مسئولة التى تنافي كل المبادئ الثورية التى رفعها الإخوان من قبل ..
    أيضا تسبب الإنترنت فى فاجعة للإخوان عندما احتك شباب الإخوان بشباب الثورة على النت فكانوا مثار سخرية محرقة من نظام الطاعة العمياء خاصة عندما تساءل شباب الثورة فى دهاء عن مبرر عدم نزول أبناء قيادات الإرشاد فى مظاهرات شباب الإخوان البسطاء للدفاع عن الإتحادية ومكتب الإرشاد تاركين المهمة لأبناء الريف والصعيد وحدهم !!
    لهذا أعطى مكتب الإرشاد للإنترنت أهمية قصوى وشكّل اللجان الإلكترونية بشكل أخطبوطى مهمتها الرد على الإتهامات والتشنيع على المعارضين بشتى الإتهامات حتى لو خاضوا فى الأعراض , ولما لم يؤثر هذا بشكل كامل وتزايدت الإنشقاقات من شباب الإخوان بشكل ملحوظ , لجأ الإخوان للإغتيال المباشر لأشهر أصحاب الصفحات الإحتجاجية المناهضة للإخوان على النت وهو الأمر الذى استشهد بسببه هؤلاء النشطاء باستهداف مباشر سواء فى مظاهرات التحرير أو الإتحادية أو من بيوت النشطاء مباشرة وتم الإغتيال بنفس الأسلوب على نحو يقطع بانعدام المصادفة لا سيما وأن الشهداء فى عصر الإخوان جميعا كانوا من أصحاب الصفحات الثورية المناهضة للإخوان بالذات ..
    أما إن قال قائل لماذا لم يخش الإخوان مغبة اغتيال النشطاء كما فعلوا مع المشاهير ,
    فالجواب واضح لكل ذى عينين لأن شهرة النشطاء الشباب غير موجودة من الأصل بل إن معظم مشرفي الصفحات الثورية فى الإنترنت ظلوا غير معروفين حتى تم استشهادهم فتم نشر سيرهم الذاتية بعد ذلك , حيث لا يعرفهم إلا منتسبي الصفحات على الإنترنت وزملاءهم وجمهور الفيس بوك وتويتر ..
    بالإضافة إلى أن اغتيال النشطاء كان من السهل على الإخوان أن يتنصلوا منه بسهولة , لأن الإغتيال تم فى فعاليات المظاهرات ومن الطبيعى أن يتفرق دم النشطاء بين القبائل كما يقولون , لأنه من المستحيل إثبات تعمد استهداف هؤلاء النشطاء بالذات , ولولا أن الإغتيال تم بالذات تجاه كل أدمنز الصفحات الثورية لما أمكننا استنتاج مسئولية الإخوان عن ذلك وكان من الممكن أن يصدق الناس أن هؤلاء النشطاء ماتوا بمحض الصدفة خلال أحداث العنف التى لا يدرى أحد من أطلق فيها الرصاص ومن تلقاه ..
    يتبع ..

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    الحلقة الثالثة ..
    التشابه فى فلسفة الإمامة والطاعة التامة والتقية ..

    مشكلة المشاكل لأى دارس لتاريخ التشيع , أنه يواجه أزمة مستعصية فى المفاهيم ودلالات الألفاظ عند الناس , ذلك أنه وببساطة فإن مفهوما كمفهوم الإمامة عند الشيعة أو مفهوم آل البيت مثلا يختلف بشكل فادح عن دلالة هذه المفاهيم فى الإسلام وأهل السنة ..
    وقد أوضحنا معنى الإمامة سابقا وكيف أنها لا تشترك مع الإمامة التى نعرفها إلا فى اللفظ فقط , وكذلك مفهوم آل البيت , فالأغلبية تظن أن آل البيت عند الشيعة هم كما نعرفهم نحن أهل السنة ولا يتخيلون أن مفهوم آل البيت عند الشيعة لا يشمل قط إلا الإثناعشر إماما وهم الإمام علىّ وولديه الحسن والحسين وفاطمة الزهراء رضي الله عنها ثم أبناء الحسين رضي الله عنه من زوجته الفارسية ( شهربانو ) والتى أهديت له كسبية بعد الحرب مع الفرس فتزوجها وولدت له على زين العابدين ثم جاء من نسل زين العابدين بقية الإثناعشر ..
    وهذا معناه وببساطة أن الشيعة لا تعترف بأن أمهات المؤمنين زوجات النبي عليه الصلاة والسلام من آل البيت مطلقا , كذلك لا تعترف بأن أبناء الإمام الحسن نفسه من آل البيت بل هم أشخاص عاديون , وكذلك أبناء الحسين من زوجتيه العربيتين , أضف إلى ذلك أنهم أخرجوا سائر أبناء عمومة النبي عليه الصلاة والسلام من مفهوم آل البيت أيضا بل إن معظم هذه الزمرة وهى أعمام النبي عليه السلالم وأزواجه هم فى الفكر الشيعى نواصب وكفار !!
    وحتى فى معنى الإمامة ذاته , يختلفون معنا جذريا كما سبق الإيضاح لأن الإمامة عندهم تعنى العصمة والتشريع والتحكم فى الأتباع بالطاعة المطلقة وهذا بلا شك أنه باطل عند أهل السنة بطلانا مطلقا , لأن الإمامة بمعنى العلم والحكم عندنا نحن أهل السنة لا تضفي أى نوع من العصمة كما أن مفهوم الطاعة العمياء والإنقياد الكامل هذا عندنا محض خرافة بل هو شرك بإجماع العلماء , لأن طاعة ولى الأمر أو العالم مرهونة بالدليل والمشروعية وما عدا ذلك فلا طاعة له على المسلمين مطلقا ..
    هذا بخلاف أن الطاعة عندنا لا تستوجب الإنصياع بالشكل العسكري للإمام , بل الجدل والمناقشة فيها فرض عين , وقد حدث أن ناقش الصحابة النبي عليه الصلاة والسلام نفسه فى الأمور التى لم ينزل بها وحى , أى أنه حتى النبي عليه السلام لم يكن يتخذ قراراته بغير المشورة والجدال وهو النبي المعصوم ..
    فمن أن فى الإسلام أتى الشيعة والإخوان بهذه العصمة المطلقة التى يضفونها على أئمتهم وقادتهم بشكل يجعل العبيد أنفسهم أكثر حرية من أتباع الإخوان والشيعة .. لأنهم يعتبرون مجرد الجدال والمناقشة مع قادتهم فى أى أمر يوجهه هؤلاء القادة عصيانا صريحا لمبدأ الطاعة المطلوب فى الفرد الشيعى أو الإخوانى

    وقد تأملنا أدلة الشيعة الاثناعشرية فى عقيدتهم التى جعلت الإمامة بمفهومها الغريب هذا , هى أصل الأصول فى الدين الإسلامى ,
    فكانت أدلتهم من القرآن والسنة عبارة عن تتبع المتشابه الغير صريح سواء فى القرآن أو السنة , رغم أننا بصدد حديث عن إثبات أصل عقائدى فى الإسلام , والأصول العقدية أصلها النص بلا خلاف بين المسلمين , وحتى فى الفرق الشاذة التى قررت العقل مصدرا لتلقي العقيدة جعلت العقل فى منصب الإدراك للنص الواضح
    وهو أمر طبيعى للغاية ,
    لأن العقيدة , أى عقيدة عبارة عن غيب تام من المستحيل أن نخترع فيها شيئا ليس فيه نص صريح ومكرر كما هو الحال مع وجود الله تعالى ومع النبوة والمعاد والبعث والملائكة والوحى والشياطين وغيرها ,
    فكل هذه العقائد وتفاصيلها لولا أنها وردت فى القرآن صراحة ما أمكن لأحد أن يدعى وجودها بناء على القياس
    والقياس هو أن تأخذ مثلا من شيئ موجود فتثبت وجوده عن طريق التمثيل بالشيئ الثابت
    والقياس ــ باتفاق المسلمين ـــ باطل فى العقائد والأصول لأنه أمر يصلح فى الفروع فقط , فمثلا قاس علماء السنة تحريم المخدرات على تحريم الخمر باعتبار أنها تشارك الخمر فى تغييب العقل , وقاسوا تحريم التدخين على القاعدة الأصولية لا ضرر ولا ضرار
    وما يثير الدهشة حتى الأعماق أن الشيعة لا تجيز القياس من الأصل لا فى الفروع ولا فى غيرها لأنهم يعتمدون النصوص وحدها مصدرا للتشريع حسبما تقول نظريتهم فى اتباع المعصومين وضرورة وجود إمام كالنبي
    فإذا كانت الفروع عندهم لا يجوز فيها القياس فكيف استخدموا القياس فى العقائد ؟!!
    وهذه هى أحد أوجه التناقض الكبري فى مذهب الطائفة , وتناقضهم ليس له حدود على الإطلاق مصداقا لقوله عز وجل
    [أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا] {النساء:82}
    فإذا توجهنا إليهم بسؤال حول الإمامة أو المهدى الغائب منذ ألف ومائتى عام أو سبب غيابه وجدتهم يذهبون إلى القياس على عيسي بن مريم عليه السلام !
    لكن عيسي بن مريم استثناه النص الصريح فما بال المهدى ؟!
    وإذا وضعنا هذا إلى جوار حقيقة مذهلة وهى أنهم يضعون الأئمة جميعا فى مرتبة أعلى من جميع الأنبياء والرسل ـ ما عدا محمد ـ عليهم الصلاة والسلام جميعا , فكيف تم ذكر الأنبياء دون الأئمة فى القرآن
    وهذا العقيدة ثابتة عندهم ثباتا مطلقا حتى عند العوام , وأوردتها الكتب والمراجع المعتمدة فضلا على اتفاق القدماء والمعاصرين على ذلك
    واستندوا فى هذا التفضيل إلى ما روته كتبهم فى هذا المعنى لا سيما الكافي وبحار الأنوار
    ففي الكافي هناك عدد من الأبواب فى إثبات مكانة الأئمة التى تعلو على الأنبياء والمرسلين حتى أولى العزم , أبوابا كاملة وليس مجرد روايات متناثرة , وعناوين تلك الأبواب على الترتيب

    · باب أنهم أعلم من الأنبياء
    باب تفضيلهم على الأنبياء وجميع الخلق عدا محمد عليه الصلاة والسلام
    باب أن دعاء الأنبياء أجيب بالتوسل والاستشفاع بهم ( وتلك إحدى المصائب الكبري حيث جعلوا الأنبياء تتوسل بهؤلاء الأئمة ولولا هذا ما أجيب دعاؤهم )
    باب أن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وأنه لا يخفي عليهم شيئ
    باب أنهم يعرفون الناس بحقيقة الإيمان والنفاق وعندهم أسماء أهل الجنة وأسماء شيعتهم وأعدائهم
    باب أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم

    وهنا نكون أمام سؤال أكثر منطقية وهى أنهم طالما سبقوا فى الأفضلية جميع الأنبياء والمرسلين فكيف لهج القرآن الكريم بذكر أسماء الأنبياء عشرات المرات ولم يذكر أحد أئمتكم مرة واحدة ؟!

    وإذا كان المهدى ـ حسب زعمهم ـ سيحقق للبشرية ما لم يتحقق فى زمن النبي عليه الصلاة والسلام نفسه فيقيم دولة العدل الكبري ـ بحسب قول الخومينى ـ وهى الدولة التى لم ينلها نبي أو رسول من قبل

    فكيف لا يذكر مثله صراحة فى القرآن أو حتى فى السنة الصحيحة ( بالطبع يختلف المهدى الذى نعتقد به نحن أهل السنة عن المهدى الشيعى لأن المهدى عندنا حاكم صالح وفقط لكنه ليس معصوما ولا مشرعا )
    بل على العكس يشدد القرآن على نفي تلك العقائد الخبيثة التى فاقت غلو النصاري فى عيسي واليهود فى عزير
    ولو كانت دولة العدل لن تقوم إلا بالمهدى فكيف نفعل فى قوله تعالى ..
    [كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ] {المجادلة:21}

    وليت الأمر اقتصر على عدم وجود الإمامة لا فى أصلها ولا فى صفتها فقط , بل تعدى الأمر إلى أنهم عجزوا حتى عن الإتيان بآية قريبة الشبه بمفهوم الإمامة التى يريدونها
    وهو المفهوم الذى ما عرفه أى دين صحيح ـــ غير محرف ـــ من الأديان وهو أن يكون هناك خلفا للنبي أو الرسول يقوم بالوصاية على الدين ويتمتع بالعصمة ويكون له ولاية تكوينية تخضع لها جميع ذرات الكون حسب زعم الخومينى الذى قال
    ( إن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما محمودا لا يقربه ملك مقرب و نبي مرسل )
    فجعل هذا الغلو الفاحش ضرورية من أسس المذهب أى من أنكره خرج من التشيع
    ولا وجود لهذا فى الأديان وعلى رأسها الإسلام لأن الله عز وجل يرسل الرسل مبشرين ومنذرين بين فترات يتخللها وجود أنبياء يجددون للناس دين الرسول السابق عليهم ,
    أما بالنسبة للإسلام فقد انعدمت النبوة وارتفع الوحى وأعلنها النبي صراحة عليه الصلاة والسلام أنه لا نبي بعدى وأن تجديد الدين فى الإسلام سيكون منوطا بعلماء الأمة , يقول النبي عليه الصلاة والسلام فى الحديث الصحيح
    ( يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها )
    فحتى وظيفة الأنبياء التى كانت تتمثل فى إحياء تراث الرسل انعدمت وحل محلهم العلماء , وليس هذا فقط بل إنه حتى فى العلماء لم يبشر النبي عليه الصلاة والسلام أنهم سيكونون متتابعين , كعالم يسلم الأمانة لعالم , بل حددها بمرور مائة عام ,
    فمن أين جاء الشيعة بمفهوم الوصاية والعصمة والإمامة المستمرة فى الدين والتى لا تنقطع لأنها لو انقطعت لحظة من نهار لساخت الأرض بأهلها كما يروون فى كتبهم وأولها الكافي

    ولا يحتاج عاقل لأن وقت كبير كى يفهم ويتفهم سبب هذا الغلو الرهيب فى الأئمة من الشيعة , فالسبب واضح للعيان , وهو أنه طالما كان الأئمة يتمتعون بهذه المكانة التى تنازع الله عز وجل فى ملكه , فبطبيعة الحال سينصرف هذا إلى نوابهم وشيوخ الطائفة والفرقة , فيكتسب هؤلاء الشيوخ والمراجع صفات الأنبياء فعليا ما داموا ينوبون عن أئمة هم كالآلهة فى صفاتهم ..
    وهذا ما فعله علماء الشيعة عبر العصور وجاء الخمينى فزاد وبالغ فى هذا الأمر , وغلا أتباعه فيه غلوا إضافيا جعله على مصاف النبوة وأصحاب المعجزات , وابتكر نظرية ولاية الفقيه والتى تجعل من المرجع الشيعى دكتاتورا يتفوق على دكتاتورية يوليوس قيصر نفسه والتى صارت مضرب المثل فى الإستبداد خلال حكم قيصر فيما عُرف باسم الفترة الأتوقراطية ( أى مرحلة ما فوق الدكتاتورية )
    ولتقريب الصورة أكثر فإن الشيعة لديهم درجات متتابعة لمقامات شيوخهم آخرها وأعظمها هى وظيفة المرجع , وكل مجموعة من الشيعة تتبع مرجعا واحدا فيما يعرف باسم ( التقليد ) ويرأس هؤلاء المراجع جميعا المرشد العام وهو بمثابة الأب الروحى لتنظيم المافيا هذا ..
    والتقليد عند الشيعة له طقوس مذهلة ومختلفة جذريا عن مفهومه عندنا , فالتقليد عندنا هو عبارة عن لجوء المسلم العامى لعالم من العلماء يستفتيه فى أمر من أمور الدين عند الحاجة إلى ذلك ..
    أى أن المسلم غير مطالب بالرجوع إلى أحد العلماء ما لم يطرأ له طارئ يستحق أن يأخذ رأى الشرع فيه , ومن البديهيات المعروفة أن المسلم غير مجبر على الإلتزام بفتوى عالم معين , بل له أن يأخذ حيث يجد الدليل والراحة القلبية , كما أنه من البديهيات أن الإستفتاء تم بلا مقابل ..
    وهذا كله لا يتم بالمجتمع الشيعى مطلقا ..
    ففي البداية يلتزم الشيعى العامى بمرجع محدد مسبقا , ولابد أن يكون هذا المرجع على قيد الحياة , وليس الأمر عندهم مثلنا من الممكن أن تأخذ فتوى أبو حنيفة أو مالك أو غيره من الراحلين بل يلزم الشيعى أن يلجأ إلى مرجع حى لأنه يؤدى إلى هذا المرجع ضريبة سنوية بمقدار خمس أمواله كاملة ,
    وتكون فتوى المرجع ملزمة للعامى المقلد إلزام القرآن والسنة فلا يستطيع أن يحيد عنها , هذا فضلا على أن الشيعى مجبر فى اللجوء إلى مرجعه فى كافة أحواله الدينية والدنيوية وملزم بتنفيذ كلامه حرفيا , ووصل هذا الإلتزام بأحد الشيعة إلى درجة التخلى عن عرضه وشرفه عندما استفتى أحد لعوام مرجعه السيستانى عن حقه فى أن يقتل رجلا رآه يزنى بأخته فنهاه المرجع عن ذلك نهيا تاما وأمره بتركه لأن الرجل لم يزنى بأخته بل تزوجها زواج متعة مؤقت وهذا حقه !!
    وباختصار القول لا يكون الشيعى شيعيا إلا إذا صار لمرجعه كالميت بين يدى مغسله يقلبه كيف يشاء ..

    هذا عن الشيعة فماذا عن الإخوان ..

    الإخوان لا يعتقدون عقائد الشيعة الخاصة بآل البيت إلا فى سبهم للصحابة واستهانتهم بمقدار الأنبياء لكنهم يؤمنون بكافة منهجية التعامل مع الأئمة بداية من حسن البنا الذى يغلون فيه غلوا فاحشا , وهم يقدسون مراجعهم ( المرشدين ) تقديسا يقترب من تقديس الشيعة لأئمتهم كما سنرى من خلال استقراء أدبياتهم فى هذا الشأن
    والبذرة بذرها حسن البنا بنفسه , ذلك أن بذرة الغلو بدأت من طبيعة شخصية حسن البنا المنتفخة بالغرور دون أى مضمون , والمعجب بنفسه إلى أقصي الحدود منذ الصغر
    ويقول علماء النفس أن المراهقين فى فترة شبابهم الأولى من الطبيعى أن تنتابهم أحلام تغيير العالم فى بدايات حياتهم , وكلهم تقريبا يقع فريسة للإحساس بالإضطهاد مقرونا بعقدة العظمة , وسرعان ما تنكشف أمام الشاب بمرور مرحلة المراهقة أن ما يعيشه من أوهام إصلاح العالم هى أمور لا تكون بشهادة المرء لنفسه , ومن ثم يصبح الإنسان طبيعيا فى مرحلة النضوج ..
    لكن هناك فئة من الناس التى تتمتع بالمواهب الخلاقة فى أى مجال , يكون من الصعوبة بمكان أن تخرج من إحساس وكاريزما العبقرية , والإنسان الطبيعى فى هذه الحالة تدفعه موهبته للإجادة على أكثر قوة وأكثر احترافا , فيوظف طموحه ونبوغه بالدراسة والعلم ويضيف للعالم فيفيد ويستفيد ..
    أما الذى يقع فى أسر عبادة ذاته , فهذا يقتله الغرور وفق المقولة الشائعة أن الغرور هو أول مسمار فى نعش النجاح , ذلك أن غروره سيحيد به عن طريق صقل موهبته بالعلم والتعلم وتجارب الآخرين لأنه يري نفسه الأوحد فى زمانه , والعلم ــ أى علم ــ يضيع بصفتين , الكبر والحياء ..
    فالكبر يأخذه عن طريق سؤال غيره فيقف عند مستواه وتموت موهبته مهما كانت قوتها , والحياء يمنعه الإستيضاح فيري التعلم ثقيلا على نفسه , فيضيع بسبب ذلك ..
    وحسن البنا كان من النوع الأول ,
    فقد تخرج فى دار العلوم مدرسا إلزاميا للخط العربي , واقترت ثقافته الإسلامية على مفهوم الثقافة دون أى تأصيل فى الشريعة أو أيا من فروعها , وهذا ما يثير الحنق والذهول من كمية المبالغة التى دشنها فى وصف نفسه ودشنها أتباعه له وأولها وصف ( الإمام ) , فالرجل كان مفتقرا لأبسط مبادئ علوم العقيدة فضلا على علوم الفقه , وهو ما جلب له الجهل الشديد بأصول الدين وأركانه التى تمنع منهج البيعة الذى فرضه على أتباعه أو المنهج الذى جعل من دعوة الإخوان دعوة موازية بل ومنافسة لدعوة الإسلام , فتم تلقيبه من أتباعه بصاحب الدعوة وتسمية مشروع الإخوان بمشروع الدعوة , ووصف مجرد الإنتماء لجماعته بأنه الإنتماء الحقيقي للإسلام هكذا بمنتهى الوضوح ..
    بينما إذا قمنا بموازنة هذا الكلام بمقياس الشريعة لوجدناه شركا فعليا بلا شك ,
    ففي هذا الشأن يقول الإمام ابن تيمية إمام أهل عصره ..
    ( ليس لأحدٍ أن يُنصّب للأمة شخصًا يدعو إليه ويُوالي ويُعادي عليه
    غير النبي صلى الله عليه وسلم ،وليس لأحدٍ أن يُنصّب للأمة كلامًا يدعو إليه ويُوالي ويُعادي عليه غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة
    )
    والكلام بالغ الوضوح فى أن القيمة كل القيمة هى للحق وحده وليس للأشخاص , وليس لكائن من كان أن ينسب الحق لنفسه حتى لو كان يقول الحق بالفعل , ذلك أن إصابة الحق فى أقوال الرجال هى نسبية بطبيعتها , لأن العصمة للأنبياء وحدهم , ولهذا فإنه حتى الصحابة ما جرؤ واحد منهم على القول باحتكار الحق فى أى قضية ولو كان واثقا منها ثقة كاملة , وهو ما نبه إليه النبي عليه الصلاة والسلام عندما استفتى أحد قواد جيوشه فقال له :
    ماذا أنت فاعل إذا أراد قوم أن ينزلوا على حكمك ..
    فرد الرجل : أنزلهم على حكم الله
    فقال النبي عليه الصلاة والسلام , كلا بل أنزلهم على حكم نفسك لأنك لا تدرى أتصيب حق الله أم لا ..

    وهذا نهى مشدد على أن بنسب المرء منا قولا أو دعوة أو اجتهادا للإسلام دونما أخذ فى الإعتبار أن هذا النوع لصيق بالأنبياء وحدهم ..
    فقارن ــ عزيزى القارئ ــ هذا الكلام بكلام حسن البنا الذى ينصح أتباعه بأن منهج ودعوة الإخوان يجب أن يعتقد كل إخوانى أنها الدين بذاته , ولو جاز أن يكون فى هذه الدعوة نقص أو لغط لجاز فى الدين نفسه !!
    وهذا قمة التبجح والجهل بدون شك ,
    وليس غريبا أبدا أن يصدر هذا الكلام عن البنا لأنه لا علاقة له بالشريعة من قريب أو بعيد , ولو كانت له أدنى علاقة لأدرك المبادئ السالفة التى أوردناها وهى من ثوابت العقيدة الإسلامية التى لا يسع أى طالب علم أن يجهلها فضلا على أن يكون جاهلها هذا شيخا أو عالما أو إماما كما يدعون ..
    ونحن نتحدى الإخوان إلى قيام الساعة أن يثبتوا لنا أحقية البنا فى وصف العالم أو الفقيه بأى أدلة يـُـقاس بها العلم فى عصرنا , فليخرجوا لنا من كتاباته التى كان يؤلفها مرسلة ومليئة بالفادحات من الأخطاء العقدية والفقهية ما يثبت أهليته لفهم الشريعة والنصوص كما فهمها الصحابة والسلف الأول وكافة أجيال علماء المسلمين ..
    فلم يكن حسن البنا أكثر من كونه رجل تنظيم من الطراز الأول ــ على حد قول الخرباوى ــ أى أنه شخصية موهوبة بالفعل ولكن ليس فى مجال الدين بل فى مجال التنظيمات العصابية , ولهذا فمكان حسن البنا الطبيعى هو مكانه إلى جوار حسن الصباح مؤسس الفرقة الباطنية , وآل كابونى زعيم أشهر العصابات فى تاريخ أمريكا , ودون كيرليونى مؤسس المافيا , وماينهوف مؤسس منظمة بادر ماينهوف الألمانية الشهيرة .. أما غير ذلك فلا ..

    وكانت بداية الغلو عندما انتظمت جماعة الإخوان لحسن البنا كما أراد , فأطلق على نفسه لقبا متفردا ( الإمام المرشد ) وهو بعد لا زال فى منتصف الثلاثينيات , ليتميز بهذا اللقب ــ على حد قول سامح عيد ــ عن ألقاب المشيخة التى كان يتلقب بها كبار شيوخ الأزهر المعاصرين من أصحاب السن والعلم كالشيخ رشيد رضا والشيخ المراغى غيرهم !!

    وفى مذكراته تجد العجب العجاب من تزكية النفس والسمو بذكرها , بينما يقول الله عز وجل
    [ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى] {النَّجم:32}
    وعندما يتعرض للإنشقاق الأول فى جماعته والذى تم بناء على تفرده بالرأى وتحكمه غير المقبول بصلف وغرور فى مقاليد الجماعة , تراه يواجه هذا الإنشقاق باستدلال خطير يرفع نفسه فيه إلى مصاف الأنبياء والرسل ويستدل على خصومه بقوله تعالى :
    [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ] {الأنعام:112}
    وتضيق المذكرات بعشرات المواقف والأحداث التى يصف البنا فيها نفسه بصيغة المجهول بغرض التعظيم , وهى مواقف لا ندرى مدى دقتها لكن الشاهد منها أن الرجل أحب أن يضع نفسه فى موضع الإختيار الإلهى منذ صغره , فهو فى مرحلة الطفولة يقوم بممارسة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ويستجيب له الأكابر والأمراء !!
    وعقب اغتيال البنا تعاظمت هذه الأقاصيص حتى بلغت حدا مزريا , ومارس فيها والده الشيخ الساعاتى أبلغ آيات المبالغة فى وصف ذكريات طفولة ولده وكيف كان ملهما بتوفيق الله عز وجل !!

    وبعد وفاته .. وعلى طريقة الشيعة فى تعظيم أئمتهم ليكتسبوا منهم العصمة باعتبارهم خلفاء الإمام , مارس مرشدو الإخوان وأعضائها المبرزون غلوا غير مقبول فى شخصية البنا وإضفاء الإختيار الإلهى على شخصه حتى قالها عمر التلمسانى صراحة فى كتابه ذكريات لا مذكرات :
    ( لما كان الأمر أمر تجميع وتكوين وتوحيد مفاهيم أمة مسلمة، لما كان الأمر أمر عودة المسلمين إلى الإيمان، لما كان الأمر كذلك؛ اختار الله لهذه الدعوة إمامها الشهيد حسن البنا )
    ثم يقول :
    ( ومن كان مختارًا من قبل الله (تعالى)؛ فلا حق لأحد أن يعترض عليه) !!
    ونضع آلاف من علامات التعجب على هذا الكلام الذى لا يقبله عقل مسلم موحد !!
    و قال سعيد حوى ــ أحد كبار الإخوان فى سوريا ــ في ( آفاق التعليم ) :
    ( ثم إنه نبتت هنا وهناك أفكار مريضة تريد أن تتخلص من دعوة حسن البنا ومن أفكاره فكان لا بد أن يعرف هؤلاء وغيرهم أن الانطلاقة على غير فكر الأستاذ البنا في عصرنا قاصرة أو مستحيلة أو عمياء إذا ما أردنا عملاً متكاملاً في خدمة الإسلام والمسلمين)
    وهكذا يجزم سعيد حوى أنه لا طريق للإسلام كى ينهض فى هذا العصر بغير فكر البنا !!
    ثم كانت الطامة الكبري فى قول سعيد حوى في ( جولات قي الفقهين الكبير والأكبر ) :
    ( ولا شك أن دور الجماعة قبل السلطة وبعدها هو المنظم لهذا كله، ونقصد بالجماعةالمسلمين ونعتقد أنه لا جماعة كاملة للمسلمين إلا بفكر الأستاذ البنا، وإلا بنظرياته وتوجيهاته التي في جملتها الحب لكل العاملين المخلصين )
    وهو هنا اختصر الطريق فصرح علانية بأن جماعة المسلمين لن تقوم ولن تعرف بغير حسن البنا !!
    فقاتل الله الجهل والجهلاء !!

    يتبع ..

  6. #6
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    ومضي الإخوان حتى عصرهم الحالى فى هذا الغلو المتواتر , والذى لم يقف عند حد , فاتخذوا من مؤلفات البنا قدس الأقداس وأصبحت عندهم بديلا للقرآن والسنة وأقوال العلماء على مر العصور , ولم يخل الأمر من صفاقة فى بعض الأحيان ,
    فالباحث الإخوانى سامح عيد يروى أنه تعرض للتحقيق الداخلى فى الجماعة عندما ناقش إحدى القضايا وقال ( أخطأ فيها الإمام البنا )
    فقامت قيامة الإخوان , ولما سألوه فى التحقيق وعنفوه على هذا القول غير اللائق ! , أحب سامح عيد أن يذكرهم بأن نبي الله موسي عليه السلام فى قصته مع الخضر تعجل الإجابات وأنكر عليه الخضر ذلك ,
    فعلق المحقق فى تبجح منقطع النظير ( وايه يعنى يا آخى , سيدنا موسي أخطأ يا آخى فيها ايه )
    أى أنهم قبلوا بأن يقال موسي عليه السلام أخطأ , ولم يقبلوا أن يقال هذا بحق البنا ..
    وهناك رسالات مختصرة ــ ومؤلفات البنا كلها كذلك ــ ومن ضمنها رسالة ( الأصول العشرين لدعوة الإخوان المسلمين ) وهى كلام لا يغنى ولا يسمن من جوع ومع ذلك صدرت حقها وحق كل رسائل البنا عشرات الشروحات التى عكف عليها كبار الإخوان , وبلغت ــ وفق إحصاء الخرباوى ــ مائة وخمسين مؤلفا , كلها تهتم بشرح وتمحيص مؤلفات البنا الهزيلة واستخراج الدروس والعبر منها ..
    فى نفس الوقت الذى لا تجد فيها لعلماء ودعاة الإخوان كتابا واحدا يهتم بالقرآن والسنة شرحا أو تفسيرا أو استخراجا للأحكام !!
    ومنذ عدة سنوات قامت قناة ( المستقلة ) التى تبث من لندن ببث برنامجها الشهير للمناظرات العلمية ــ وهو تقليد علمى رفيع للقناة ــ وكان هذا الموسم موعدا لمناظرة بين مختلف الفرق والتيارات الإسلامية حول حقيقة التوحيد وأبعاد خطر الشرك ــ عياذا بالله ــ على المسلم ..
    وشارك علماء من الشيعة ومن السلفية ومن الصوفية , واختارت القناة القطب الإخوانى الكبير ( جمعة أمين ) ليكون ممثلا للإخوان فى المناظرة وجمعة أمين هو الملقب بالأمين على الأصول العشرين , واحتدم الجدل والنقاش حول الشركيات التى يرتكبها الصوفية والشيعة فى أضرحة الأولياء والصالحين , وقويت شوكة التيار السلفي فى المناظرة بالطبع لأن التوحيد هو قضيتهم الأساسية التى لو اكتفوا بها وابتعدوا عن السياسة لكانوا بحق أمناء على العقيدة الإسلامية الصحيحة التى تحصر الأدلة بالقرآن والسنة فى مجال العقائد ..
    الذى يهمنا فى الموضوع أن جمعة أمين مارس التقية بوضوح فى المناظرة عندما ناصر الجانب السلفي فى المناظرة , لأن حقيقة عقيدة الإخوان أقرب ما تكون للشيعة والصوفية فى هذا الشأن , ويكفي أن حسن البنا نفسه كان صوفيا على الطريقة الحصافية المغالية ,
    ليس هذا فقط ..بل المثير فى جمعة أمين ــ وهو رجل كما ظهر دارس وباحث ــ رغم علميته وإطلاعه , إلا أنه أغرق كثيرا فى الاستشهاد بأقوال حسن البنا , وبدا الأمر كما لو أن أقوال البنا تنافس القرآن والسنة فى مقام الأدلة لا سيما وأن تكرار استشهاده بأقوال البنا تفوق حتى على استشهاده بالقرآن والسنة !!
    وحاول بشتى السبل أن يثبت أن البنا كان سلفي العقيدة بينما أصغر طفل فى ميدان البحث العلمى يعلم تمام العلم أن عقيدة حسن البنا شطحت أبعد ما يكون عن فكر السلف الصالح , وكيف لا ومنشأ ومبدأ تأسيس جماعة الإخوان ذاته هو مبدأ يعارض العقيدة الإسلامية ويصادمها , كما شرحنا آنفا !
    لكن الرجل وجد نفسه فى مأزق حرج بعد علو كعب السلفيين فى المناظرة ووضوح أدلتهم واتساقها مع القرآن وصحيح السنة , فأحب أن يلحق بالركب ولو على حساب الحقيقة , واستخدم التقية الشهيرة فى ذلك ..

    ويظهر التطابق والتشابه التام بين الشيعة الإثناعشرية والإخوان من خلال طريقة تعامل الإخوانى العادى مع التنظيم والقادة , فليس الأمر مقصورا فى مجال الطاعة على نشاط الجماعة أو خدماتها بل يمتد التحكم الكامل للجماعة إلى أدق الشئون الشخصية للعضو
    ففي البداية يلتزم العضو بضريبة محددة ــ مثل الخمس عند الشيعة ــ يؤديها العضو الإخوانى ولو كان تلميذا فى المدرسة الإبتدائية ! , يؤدى النسبة المقررة للجماعة شهريا من مصروفه الشخصي !
    فالتنظيم يتحكم تحكما كاملا فى حياة الفرد الإخوانى ــ تماما كالشيعى العامى مع المرجع ــ وكافة أموه الشخصية من العمل والزواج وعلاقته بأسرته أو أبنائه أو معارفه وأصدقائه مرهونة لصالح التنظيم وحده , وحسن البنا فى رسالة التعاليم أوضح هذا الأمر بجلاء عندما أعلن للإخوان أن وظيفة كل منهم يجب أن تكون فى خدمة دعوة الإخوان , فإذا تعارضت المصالح يكون التعارض لصالح الإخوان , وجاء المرشدون من بعده فنقحوا وأضافوا حتى وصل الأمر بالإخوانى أن يرهن معارفه وصداقته بهدف واحد وهو تجنيد العناصر التى يراها صالحة للإنضمام للإخوان , فإذا ئيس من ذلك فعليه مفارقتهم فورا ولو كانوا أقرب الناس إليه
    ناهيك عن أن الإخوانى لا يستطيع الزواج من خارج الإخوان , وإلا كانت القارعة فى انتظاره والفصل من الجماعة , وهم يسمحون لبعض شبابهم بالاستثناء فى حدود ضيقة , أما نساء وفتيات الإخوان , فممنوع قطعيا أن يتزوجوا من خارج الإخوان مهما كانت الأسباب ( وعلى اللبيب أن يتذكر أن المسلم يجوز له الزواج من أهل الكتاب بينما المسلمة لا يسمح لها قط بالزواج إلا من مسلم , وهذا دليل إضافي على أن الإخوان يعتبرون من هو خارجهم ولو كان مسلما فى عداد الكفر وليس من حقه الزواج من فتاة إخوانية ! )
    والمفروض على العضو الإخوانى هنا أن يلغي عقله تماما ويعطله عن العمل إذا تعلق الأمر بأى توجيه يصدر له مهما كانت طبيعته أو حتى مخالفته للدين أو أبسط الحقوق الفردية فى الإسلام ..
    ومبدأ الطاعة العمياء بهذا الشكل هو كما قلنا تعريف كامل للشرك بالله تعالى , إذ أصبح القائد الإخوانى حاكما بأمره فيما لا يخصه , بل وتعدى الأمر إلى تقديم أوامر الإمام على أوامر الشرع ذاتها , فالشرع أحل الزواج بأى مسلمة طالما توافر التكافؤ , فيأتى القائد الإخوانى فيحرم ما أحل الله , والله عز وجل حرم القتل ونهى عنه أشد النهى فجاءت تعليمات القائد الإخوانى بالطاعة فى القتل بغير حق , وهذا هو الشرك بعينه ..
    وقد حمل الإمام الغزالى على هذا المبدأ حملة شعواء عقب تركه للإخوان , ويقول فى كتابه سالف الذكر عن هذه الطاعة :
    ( أما الطاعة العمياء لا لشيئ إلا لأن القائد أمر , وأمره واجب النفاذ لذلك , فهذا منكر كبير وجهالة غامضة لا يقرها شرع ولا عقل إنما استكبر من استكبر من الفراعنة والجبابرة لأنهم وجدوا من الرعاع من يسارع إلى إجابة أهوائهم وإطاعة نزواتهم ولو أنهم وجدوا من يناقش أوامرهم ويتريث فى تنفيذها لتريثوا طويلا قبل أن يتمادوا فى باطلهم )
    ثم يضيف الشيخ الغزالى :
    (إن الجماعات الدينية تغرس حسن الظن فتجعل الناس يتلقون أمرهم بمحمل حسن مطمئنا إلى أنه يطيع فى المعروف ومن هنا جاء فساد الأديان جاء من طراوة الأتباع وتحولهم مع مبدأ السمع والطاعة إلى أذناب لا فكر ولا رأى )
    انتهى كلام الغزالى رحمه الله ..
    فهذا هو قول وشهادة الغزالى الذى يفاخرنا الإخوان اليوم بأنه كان من أعضائهم , فسبحان الله , لو كنتم تحترمون الغزالى فلماذا تغضبون عندما نصف طاعتكم البلهاء وعبوديتكم لمرشدكم بأنها من فعل الأذناب وأنها شرك بالله تعالى , فهذا هو قول الغزالى عن تجربة , وليس قولنا !
    ويضيف الشيخ الغزالى فى كتابه الماتع ( من معالم الحق فى كفاحنا الإسلامى ) بالنص :
    ( قال لى واحد من أقرب الرجال إلى المرشد , أن الإيمان بالقائد جزء من الإيمان بالإسلام ــ !! ــ ألا ترى أن الله ضم الإيمان بالإسلام إلى الإيمان بالرسول عليه السلام ) ــ انتهى كلام الغزالى ــ
    هل رأيتم الطامة والمصيبة الكبري التى يتردى فيها الإخوان , وكيف أنهم جعلوا الإيمان بحسن البنا جزء من الإيمان بالله , قياسا على أن الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام جزء من الإيمان بالإسلام !!
    هل هناك مفهوم أعظم وأكبر للشرك من هذا القول ؟!
    ولهذا كان من الطبيعى أن يصف الغزالى مرشد الإخوان بأنه ( صنم حى ) يأمر فيطاع , ويأتى إليه الأشياع فيطوفوا به ويتمسحوا به !!
    ومهما قلنا أو وصفنا درجة التحكم التى يفرضها نظام الإخوان على أتباعهم فلن نصل إلى الدرجة الواقعية , وهى كلها مأخوذة حرفيا من أسلوب الشيعة , فحتى الحركات والسكنات والتصريحات كلها تأتى بأوامر قيادية , ونكتفي بضرب مثال من الشيعة يوضح ذلك ونقرنه بمثال آخر من الإخوان ..
    فى المناظرات الشهيرة التى أجرتها قناة المستقلة عام 2003 م بين الشيعة وأهل السنة ,
    وكانت أولى مناظرات هذه القناة المباركة وحظيت بانتشار هائل , شارك فيها عدد كبير من علماء الشيعة وعلماء السنة أيضا , وبالصدفة كان من المشاركين بشكل جزئي رئيس حزب الوسط والإخوانى السابق المهندس أبو العلا ماضي , والذى كان ظاهريا بين صفوف علماء السنة ولكنه فعليا أخذ جانب الدفاع عن الشيعة تجاه شراسة الهجوم السلفي الذى شنه المناظرون السنة كالباحث الإيرانى السنى أبو منتصر البلوشي والشيخ عبد الرحمن دمشقية والشيخ الخميس وغيرهم ..
    القصد ,
    ولأن أبو المنتصر البلوشي إيرانى فى الأصل وله تاريخ مع الشيعة وأساليبهم , فقد كشف أمام الجماهير على الهواء مباشرة عن مفاجأة مذهلة , إذ أشار فجأة إلى أحد المناظرين الشيعة وهو الدكتور عبد الحميد النجدى وسأله :
    ماذا تفعل بهذه السماعة المتصلة بأذنك يا نجدى ؟!
    وصعق النجدى بالطبع ! وسكت ولم يجب , ليواصل البلوشي قائلا : نحن هنا قدمنا لمناظرة من يمثلون الشيعة , ولا نقبل أن نناظر عالما شيعيا يحركه غيره من وراء ستار كالدمية , فالدكتور النجدى يضع سماعة بأذنه متصلة بهاتفه المحمول المفتوح بخط مباشر مع مرجعه الشيعى الإيرانى يوجهه بها حسب مقتضيات المناظرة , بل يوجه حتى ضحكاته وردود أفعاله !!
    وكانت فضيحة بالطبع ..
    ومثال آخر فى مناظرة جرت فى مصر على قناة دريم منذ عدة سنوات , و كانت بين عدد من علماء الأزهر وبين بعض المتشيعين المصريين وعلى رأسهم الدكتور أحمد راسم النفيس والدكتور أحمد هلال ,
    ولأن علماء الأزهر كانوا لينو العريكة فى مواجهة الشيعة لأن النظرة العامة فى مصر للشيعة ليست كدول الخليج لخلو مصر منهم , بينما هم فى الخليج أكثرية وقوة قادرة وخباياهم معروفة هناك حتى للعوام , لهذا انتهز أحمد النفيس وأحمد هلال الفرصة ليتلاعبوا بمبدأ التقية , وكاد الأمر ينجح الفعل .. لولا تدخل القدر
    ففي الجزء الأخير من المناظرة كان المناظر الأزهرى ــ لسوء حظ الشيعة ــ هو الدكتور عبد الله سمك أستاذ ورئيس قسم العقيدة والمذاهب بالأزهر , وهو بطبيعة تخصصه كان على دراية واسعة جدا بمراجع وأمهات كتب الشيعة , ولهذا لم يمنح مناظره الشيعى الدكتور أحمد هلال فرصة لملاعبته بالتقية , وشن عليه الهجوم بمدفعيته الثقيلة حيث فتح أمامه الكتب الأصلية للشيعة وقرأ منها على الملأ ما يشيب لهوله الولدان ..
    ففقد المناظر الشيعى أعصابه وثار ثورة عارمة , ثم انسحب من الحلقة بعد أن فضحهم عبد الله سمك , وفى موعد الحلقة التالية لم يأت أى مناظر شيعى وعندما اتصلت قناة دريم بالدكتور أحمد هلال أبلغهم بأنه جاءته التعليمات من مرجعيته الشيعية فى لبنان بعدم مناظرة الدكتور عبد الله سمك أو الجلوس معه أيا كانت الأسباب !!
    ومفهوم بالطبع لماذا جاءت الأوامر بهذا الشكل لأن الدكتور المتخصص فضح حقيقة التقية وكشف الوجه الآخر للتشيع , ولكن الذى يعنينا هو مدى تبعية أستاذ جامعى مثل الدكتور أحمد هلال للتعليمات الواردة من لبنان وكأنها أوامر مقدسة ينفذها ولو على حساب سمعته العلمية وفضيحته بهذا الهروب الفاضح !!
    وبالمثل ..
    يمضي الأمر تماما مع الإخوان ومن المعلوم قطعا أن أى إخوانى حتى لو كان من القيادات من المستحيل أن ينطق بتصريح ما لم يكن هناك أوامر مسبقة بفحواه أو السماح بإخراجه , ولهذا عندما يحب الإخوان أن يتراجعوا عن أى تصريح يثير المتاعب يحملون العضو القائل مسئولية قوله متخلين عنه على الفور , ويكون على العضو الإخوانى الإمتثال لهذا الإنكار المزرى وتحمل التبعات وحده فى سبيل حفظ صورة الجماعة واستجابة لأوامرها !!
    وهذه الطباع المخيفة فى التبعية الصريحة من أبجديات رسالة التعاليم التى نحتها البنا للإخوان , واستحدث القيادات من بعده عشرات مثلها ..

    وبالطبع أخفي الإخوان حقيقة هذه المعتقدات المخيفة , ولهذا فإن كتب الإخوان المقررة للدراسة على الأعضاء الجدد والشباب , هى كتب مخفية وغير قابلة للتوزيع , ولذلك أيضا توسع الإخوان فى استخدام التقية ( بالمفهوم الشيعى طبعا ) والتى هى فريضة الفرائض عند الشيعة ومن بعدهم الإخوان
    التقية فهى مبدأ شيعى شربه الإخوان بالمفهوم الشيعى شربا تاما , وسنجد مدى تطابق النصوص فى هذا الشأن بين الإخوان والشيعة ,
    وللمرة الألف نؤكد على أن المفاهيم الشرعية التى نعرفها نحن أهل السنة تختلف جذريا عن مضمون نفس تلك المفاهيم عند الشيعة والإخوان ,
    فالتقية عندنا نحن أهل السنة هى رخصة ــ مجرد رخصة ــ يلجأ إليها المسلم للضرورة القصوى ــ والضرورة بقدرها ــ بمعنى أنه لا يجوز للمسلم أن يكذب ولو على كافر ولو على عدو ــ إلا فى الحرب ــ , ما لم يكن هذا فى سبيل تحقيق مقاصد الشريعة للحفاظ على النفس ومخافة الهلكة أو للنجاة من التعذيب أو الضرر الشديد
    مع ملاحظة أن عدم استخدام هذه الرخصة هو الأكثر اعتبارا فى الشريعة الإسلامية , ولهذا تفوق الصحابة الأوائل الذين نالوا أشد النكال ولم ينكروا أو يتنكروا لمعتقداتهم تجاه المشركين ولو حتى بمجرد النطق بالكفر , مثلما فعل بلال بن رباح رضي الله عنه والذى هانت عليه نفسه فى الله عز وجل , فضرب أروع أمثلة البطولة التى عرفها الإسلام عندما تعب وكل المشركون أنفسهم من تعذيبه بينما هو تحت النيران والصهد صابر صامد لا يبل صدى المشركين بحرف واحد ينطقه إلا كلمة ( أحد أحد ) حتى تركوه فى النهاية بعد أن أذلهم أشد الإذلال ..
    وهنا لا يعنى ذلك أن المسلم مجبر على عدم اتباع الرخصة فإن اتبع الرخصة لا حرج عليه , لكنه إن أخذ بالعزيمة وهى الصدق يؤجر أجر المجاهدين بلا شك ..
    وعندما فقد عمار بن ياسر الوعى من شدة التعذيب بالنار والكى , نطق وهو فاقد للوعى بكلمات الكفر وعندما أفاق ــ ورغم أن النبي عليه السلام صرح له بذلك ــ إلا أنه أغرق فى البكاء والندم وتمنى لو صبر ولم ينطق بالكذب ولهذا لم يأخذ بالرخصة بعدها قط ,
    والإسلام أعلى قيمة الصدق والوفاء بالعهد إلى أبعد الحدود واعتبر المؤمن لا يكون مؤمنا صادق الإيمان ما لم يكن صادق اللسان , ولهذا جاء التصريح بالكذب على سبيل الرخصة الدقيقة فى حالة الحرب واستخدام الخداع الإستراتيجى مع العدو , وفى غير حالة الحرب يعود الأصل وهو صدق العهد ..
    وطيلة تاريخ المسلمين لم يغدر الخلفاء بعهد أبرموه مع عدو لهم قط , إلا أن يكون العدو هو المبادر بالخداع والكذب ونقض العهد ..
    هذا فى الإسلام الذى نعرفه أما عند الشيعة والإخوان فالأمر مختلف جذرا فقد قلبوا التقية من رخصة إلى عزيمة , أى أنهم حولوا الكذب من مباح عند الضرورة إلى فريضة كالصلاة والصوم , وسترى أيها القارئ الكريم عجبا من نصوصهم فى ذلك ..
    يتبع ..

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    فعندما واجهت التشيع الفارسي مشكلات الدعوة لهذا المذهب أمام العامة وأهل السنة , ابتكروا لها الحلول المسبقة وكانت أول المشكلات هى كيفية الدعوة للمذهب بكل شناعته وكفره الصريح وفى نفس الوقت الحفاظ على نطاق السرية والكتمان المضروب حوله ,
    وكان الحل العبقري الذى توصلوا إليه يتمثل فى مبدأ التقية , وهى التى تجعل لزاما على كل شيعي أن يعتقد فى باطنه غير ما يظهره لا سيما أمام أهل السنة الذين هم عند الشيعة كفار مخلدون فى النار تحل دماؤهم وأموالهم
    ولكن فى حالة عدم وجود الفرصة للغدر فإن التقية تكون هى الخيار العبقري الذى يجعل الشيعي يتعامل بدعوى الوحدة والإتحاد مع المسلمين ومداهنة المخالفين وهو ما تسبب فى خداع الكثيرين حتى بعصرنا الحالى رغم دروس التاريخ المريرة التى أوضحت طبيعة هؤلاء المتدينين بقتل العرب والمسلمين
    وقد لعبت التقية دورا كبيرا جدا فى إخفاء هوية التشيع الفارسي عن العيون ولا زالت تلعب هذا الدور اليوم حيث يجد الشيعة ممن فى قلوبهم مرض من أهل السنة سواء بجهل أو بتحريض وسوء نية من يدافع عنهم باعتبارهم فرقة من المسلمين أو أنهم مذهب إسلامى رغم أنهم لا يمتون للإسلام بصلة سواء فى مصدر التشريع أو حتى الثوابت العقائدية ,
    والسبب هو اتساع رقعة التقية الفضفاضة التى تسمح لهم حتى بالحلف كذبا فى سبيل مداراة مذهبهم أمام المخالفين وعظموا أمر التقية إلى درجة غير طبيعية حتى هددوا كل شيعي عبر تلك النصوص أنه سيخرج من الدين إذا تركها
    فى نفس الوقت مثلت التقية حلا عبقريا آخر فى حل أزمة الإقناع أمام العامة بتلك التناقضات التى وقع فيها الشيعة , فمثلا إذا ظهر السؤال التلقائي عن الإمام علىّ كيف بايع وصاهر أبا بكر وعمر وهم كفار مرتدون فى معتقدهم يكون الجواب بأنه فعل ذلك تقية واستجاب المغفلون والمغرضون للتبرير المضحك الذى يطعن أول ما يطعن فى شجاعة الإمام وأهل بيته ويتهمهم بالنفاق صراحة رغم أنهم يدعون أنهم شيعة أهل البيت ,
    كما مثلت التقية حلا مضمونا للتغلغل داخل المجتمع الإسلامى عن طريق المداهنة والنفاق إلى الحد الذى سمح للخومينى والسيستانى أن يعلنا بأن الشيعة أشقاء السنة فى نفس الوقت الذى تحفل كتبهم ومحاضراتهم وأفعالهم بالعكس على طول الخط ويفعلون هذا بلا حياء أو خوف من أن يظهر هذا التناقض أمام العوام ,
    لأن تبرير التناقض موجود وجاهز وهو أنهم فعلوا ذلك وقالوه تقية ..

    ومصيبة المصائب أن الشيعة وجدوا بين أهل السنة من يروج لاستخدامهم للتقية تحت ذريعة أن الشيعة طيلة عصورهم يتعرضون للإضطهاد والإعتقال والقتل والتنكيل من الخلفاء , مما اضطرهم إلى استخدام التقية بكثافة لحماية أنفسهم , وقائل هذا القول لا يعرف عن الشيعة شيئا ,
    وبالضرورة لا يعرف طبيعة التقية التى يدينون بها ..
    فلو أننا قبلنا بأنهم تعرضوا للظلم والإضطهاد من السلطات الأموية والعباسية مثلا فما هو العذر فى ممارسة التقية مع عوام المسلمين السنة , وإذا كان القتل والتنكيل طالهم فى الخلافة الأموية والعباسية فلماذا لم يتوقفوا عن التقية مع نشأة الدولة البويهية الشيعية , ثم مع نشأة الدولة الصفوية فى إيران , ثم مع نشأة الدولة القاجارية , وأخيرا مع نشأة الدولة الإيرانية فى عهد الشاه رضا بهلوى .. وكلها دول شيعية صرفة !
    الأخطر من ذلك ..
    أنه باستقراء الروايات الصحيحة فى التاريخ نكتشف أن مزاعم الشيعة حول اضطهاد الخلفاء لهم لمجرد أنهم شيعة , هو خرافة كبري , تماما كخرافات محارق اليهود المبالغ فيها , ذلك أن خلفاء الأمويين والعباسيين لم يضطهدوا الشيعة بفرقهم المختلفة لأجل عقيدتهم بل لأجل حملهم السلاح ضد دولة الخلافة ,
    ولو كان هناك اضطهاد وتقتيل , فهو ذلك الإضطهاد والقتل والغيلة الذى نال جماهير أهل السنة من الشيعة والخوارج عبر العصور , ولعلنا لا ننسي دور الشيعة فى مساندة عدوان التتار عبر مناصرة الوزير الشيعى ابن العلقمى لهولاكو , وأكبر دليل على عدم اضطهاد الخلافة للشيعة أن وزير الخلافة فى عهد المستنصر كان ابن العلقمى وهو شيعى قح , بالإضافة إلى دور عالمهم الكبير نصير الدين الطوسي والذى دخل بغداد مختالا فى موكب هولاكو وهو نفسه كان صاحب المشورة الملعونة بإغراق كتب دار الحكمة بنهر دجلة حقدا منه على علوم أهل السنة وسعيا منه إلى إفنائها , فضلا على القتل العارم الذى مارسوه مع هولاكو فى أهل بغداد فمات أكثر من ثمنمائة ألف قتيل فى بغداد وحدها ومات زهاء هذا العدد من أثر الطاعون الذى انتشر عقب هذا القتل الشامل وفق ما يروى ابن كثير فى البداية والنهاية ..
    وأكبر واقعة يتذرع بها الشيعة للتغنى بأغنية الإضطهاد هى حادثة استشهاد سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين , ومن بعده استشهاد الإمام زيد بن على زين العابدين عندما خرج على الخليفة الأموى هشام بن عبد الملك وحادثة استشهاد إبراهيم ومحمد وهم من أحفاد الحسن بن على إثر خروجهم على خلافة أبي جعفر المنصور
    وهذه الحوادث كلها كانت اضطهادا لأهل البيت رضي الله عنهم وحدهم , ولم تكن للشيعة بمفهومها العقائدى , ويتحمل الشيعة وزرا مساويا لوزر الخلفاء الأمويين لأن الشيعة فى كل هذه الحوادث ــ بالذات استشهاد الإمام الحسين والإمام زيد ــ كانوا هم ورائها بالغدر المعروف عنهم
    فقد كان شيعة الكوفة هم من راسلوا الحسين وأغروه بالقدوم للعراق ووعدوه بالنصرة وبجيش قوامه ثمانين ألف مقاتل فلما جاءهم الحسين غدروا به ولم يخرج مع الحسين غير شخص واحد , وتركوا الحسين وأهله نهبا لسيوف عبيد الله بن زياد وقادة جيشه لعنهم الله
    وعندما خرج الإمام زيد بن علىّ على الخليفة هشام بن عبد الملك واعده وبايعه أربعون ألفا من أهل الكوفة لم يخرج منهم معه فرد واحد , وظل الإمام زيد فى قلب المعركة وحده مع أربعين من أصحابه حتى قــتلوا جميعا رضي الله عنهم فى نفس الوقت الذى كان فيه شيعتهم يختبئون فى بيوتهم كعادتهم !!
    وهذا الغدر وهذا الختل هو سبب التقليد الشيعى الشهير المعروف باسم ( التطبير ) حيث يخرج الشيعة كل عام فى عاشوراء للندب ولطم الخدود ندما على غدرهم بالحسين وهذا فيه اعتراف كاف بجريمتهم الشنعاء تجاه أهل البيت الذين يتاجرون بهم منذ فجر التاريخ الإسلامى ويدعون محبتهم !!

    أما طبيعة التقية كما عرفتها كتبهم كما يلي
    :
    يعرفها مذهب الإثناعشرية فيقول :
    { التقية هي كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وتركمظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين أو الدنيا ـــ شرح عقائد الصدوق: ص261 (ملحق بكتاب أوائل المقالات) }
    وهذا لمعلومة القراء من ضروريات مذهب الشيعة الاثناعشرية وأحد ركائزها الأساسية , وركز عليها علماء الإثناعشرية عبر مختلف العصور وبالذات فى عصرنا الحالى حتى يتفادوا صداع مناقشة مذهبهم والطعون عليه وكشفه أمام عوام الشيعة أنفسهم وليس أمام السنة فحسب
    كما أن التقية تمثل المهرب الرئيسي لهم عندما يحشرهم أى قائل فى أى مسألة دينية يخالفون فيها صريح القرآن وحتى أقوال أئمة آل البيت بأن يحملوا أقوالهم على التقية لعجزهم عن تفسير التضارب فى مذهبهم
    فمثلا العلاقة الوطيدة بين أئمة آل البيت والصحابة والمصاهرات والتزكية التى قالها الإمام على رضي الله عنه فى حق جميع من سبقوه من الصحابة تقف حجر عثرة أساسي أمام منهج الاثناعشرية فى الطعن بالصحابة وأمهات المؤمنين ,
    لهذا قالوا أن التقية من أساسيات الدين وأن أول من مارسها هو الإمام علىّ
    وهذا فضلا على أنه طعن رهيب فى شجاعة الإمام إلا أنه أيضا تناقض أكثر ظهورا منه كطعن , لأن الإمام على فى نهج البلاغة ـ وهو أوثق مراجعهم ـ زكّى الصحابة جميعا ولم يصرح بنص أو وصاية وكان ذلك إبان خلافته هو أى أنه حتى لو تم قبول مبدأ التقية فمن المستحيل أن يكون الإمام قد طبقه وهو فى أوج قوته لا يخشي من أحد
    لكن العمائم السوداء والتى أرادت تحقيق أهدافها المختلفة بستارة أهل البيت ما كان لها أن تقف ساكنة ففسروا كل شيئ يظهر فيه تناقض المذهب بأنه تقية واجبة حتى وصل الأمر أن يجعلوا تاركها كتارك الصلاة
    يقول شيخهم الكبير بن بابويه القمى :
    ( اعتقادنا في التقية أنها واجبة، من تركها بمنزلةمن ترك الصلاة) ( الاعتقادات: ص114 )
    فهل يا ترى بعد هذه التعاريف وهذه التقارير من الممكن أن يثق عاقل فى أى شيعي ؟!
    والأمر عندهم فى اعتبار التقية مفروضة فرضا لا يقتصر على مجرد رأى بل هو كما نقل ابن بابويه إجماع واعتقاد , ويؤكد فى ذلك عدد من الروايات منها :
    * نسبوا إلى جعفر الصادق زورا أنه قال :
    ( لوقلت أن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقًا ) ـــ ابن بابويه/ من لا يحضره الفقيه: 2/80، جامع الأخبار: ص110، الحرالعاملي/ وسائل الشيعة: 7/94، بحار الأنوار: 75/412،414)
    بل نسبوا إلىالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( تارك التقية كتارك الصلاة ـــ جامع الأخبار: ص110، بحار الأنوار: 75-412 )
    ثم زادوا في درجة التقية فجعلوها "تسعة أعشار الدين "
    ثم لم يكفهم ذلك فجعلوها هي الدين كله ولادين لمن لا تقية له،
    جاء في أصول الكافي وغيره أن جعفر بن محمد قال : ( إن تسعة أعشارالدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له" ) ( أصول الكافي: 2/217،)
    * رووا عن جعفر الصادق أيضا ما هو أخطر حيث يقول ـــ فيما يزعمون ــــ
    ( إنكم على دين من كتمه أعزهالله، ومن أذاعه أذله الله ) [أصول الكافي: 1/222.]،
    فتخيلوا ما ينسبونه لأهل البيت ,
    أهل البيت الهاشمى الذى علم العرب الشجاعة , هل يُتصور عقلا أن يكون الخداع والمداهنة والمسايسة هى أساس عقيدتهم
    ثم لو أن الأمر بهذا الشكل
    كيف ندعو للإسلام إذا , وكيف أعزنا الله بالإسلام , وأى دين هذا الذى يعز أصحابه بكتمانه كما لو كان عارا !
    الله الذى أنزل فى كتابه عشرات التوجيهات أن نصدع بقول الحق ولا نخشي لومة لائم ؟
    الله عز وجل الذى أنزل فى كتابه ألا نعطى الدنية فى ديننا وأن نرفع رءوسنا عالية به ونتحدى على صدقه من شاء
    كيف تكون التقية من الإسلام وركن منه بهذا الذى الشكل الذى نراه وهى تقوم على منع وحجب الاعتقاد والتستر عليه كما لو كنا نتستر على فضيحة
    وهذه الروايات تفضح بالطبع أولئك المتاجرين بالدين الذين يعلمون تمام العلم أن ظهور كتبهم تلك وظهور عوار هذا المذهب أمام عامة الناس كفيل بإسقاطه أمام أقل عقل يملك القدرة على التفكير
    وأصبحت التقية هى الحل السحري الذى يلجأ إليه العلماء من أمثال السيستانى والخوئي والخومينى والكورانى لو أنهم تعرضوا لموقف إعلامى اضطروا فيه إلى النداء بالوحدة وإلى تزكية ومدح أهل السنة بينما هم يلعنونهم ليل نهار فى الحسينيات أمام جماهير الشيعة التى لا تستطيع أن تسألهم عن تناقضهم لأن الجواب جاهز ( قلناها تقية )
    وإذا أراد القراء أن ينظروا لأعظم الأمثلة على التقية من كبار المراجع فلهم أن يعودوا إلى المناظرات الكتابية أو التليفزيونية ويتأمل كيف أن المناظرين الشيعة يبدءون أول كلامهم بالثناء والمدح والتزلف ,
    وعندما تظهر الكتب وتظهر المراجع التى تكشف عكس ذلك , ينكشف الوجه الحقيقي على الفور
    حتى وصل بهم الأمر لأن يعتبروا الصلاة خلف أهل السنة من باب التقية أمر واجب أيضا للمداراة والخداع
    وقال عالمهم المجلسي :{ من صلى خلف المنافقين بتقية كان كمن صلى خلفالأئمة } ( بحار الأنوار:75/412)
    بينما يقول عز وجل :
    [فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ] {الحجر:94}
    ويقول :
    [الحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ] {البقرة:147}
    ويقول النبي عليه الصلاة والسلام , فيما معناه
    ( لا يمنعن أحدكم خشية الناس أن يجهر بقول الحق )
    وقال أيضا :
    ( إنه كان فيمن قبلكم الرجل يؤتى به فيـُــنشر بالمنشار فلا يرده هذا عن دينه )
    فلعل هذه النصوص المثبتة فى أهم كتب الشيعة الأصولية , يكون فيها الإيضاح الكافي للكـُــتاب والمفكرين الذين يروجون ليل نهار للتقارب بين السنة والشيعة وتخدعهم أقوال الشيعة ومعسول كلامهم ..
    لأن ألسنتنا جفت من كثرة الكلام فى هذا الشأن , حتى تلقي دعاة التقريب الصفعة تلو الأخرى من الشيعة والدرس تلو الآخر وكان آخر الدروس أفاعيل الشيعة فى إيران ولبنان ومناصرتهم لجبار سوريا بشار الأسد ,
    وهى الصدمة الكبري التى أصابت مشجعى حسن نصر الله وإيران ممن خدعتهم عبر السنوات الطوال أساليب التطبيل والتزمير والدعوة للوحدة الإسلامية ,
    وهو نفس الأسلوب الذى لجأ إليه الإخوان بلا مواربة من خلال استخدام قناع المسكنة والتوحد والمشاركة لا المغالبة , ونحن لا نريد أن نحكم بالإسلام بل نريد أن نـُـحكم بالإسلام , ثم وعود مشروع النهضة , والاستثمارات التى وعدوا بجلبها بقيمة مائتى مليار دولار , ثم رأيناهم بعد الإستيلاء على الحكم يتوسلون إلى أعتاب صندوق النقد والخراب الدولى من أجل قرض بقيمة أربعة مليارات ! , إلى آخر الوعود الفاجرة التى غرر بها الإخوان جموع المصريين ومعيشتهم فى دور المضطهد المكافح ضد الأنظمة بينما هم فى الباطن أشد أعوان الأنظمة القمعية ومحترفو عقد الصفقات منذ عهد البنا وحتى عهد مبارك ..
    لكن الناس تنسي ..
    ينسي الناس أن دم حسن البنا لم يكن قد جف بعد فى يد الملك فاروق عندما وضع حسن الهضيبي المرشد الثانى للإخوانى يده فى يد الملك فاروق وخرج من زيارته ليقول للصحفيين ( زيارة كريمة لملك كريم !! )
    ومن حسن الهضيبي وصولا إلى مهدى عاكف صاحب تعبير ( طظ فى مصر ) والذى صرح لمجلة آخر ساعة أنه يقبل بمبارك كأب لكل المصريين وأنه يقبل بالتوريث فى إطار إصلاح سياسي !!
    بينما هم ليل نهار كانوا يدعون الإضطهاد على يد مبارك , فكيف نوفق الموقفين ؟!
    ووصولا إلى أحداث الثورة وما بعدها والنفاق المستميت للنظام حتى آخر نفس , حيث جلس الإخوان مع عمر سليمان عدوهم الأكبر ليقبلوا بشروطه لطعن الثورة فى ظهرها فى أشد الأوقات حساسية , ثم لما انهار النظام انقلبوا على سليمان وفصلوا قانونا مخصوصا له فى أربعة وعشرين ساعة لمنعه من الترشح للرياسة ؟!
    فأين كان هذا العداء السافر وقت جلوسكم معه ؟!

    الخلاصة :
    أن الشيعة والإخوان أشقاء فى المعتقد والأسلوب والتنظيم والأهداف , والكارثة أنهم أشقاء فى موقفهم من الإنتماء الوطنى , فولاء الشيعى الأول والأخير لمرجعيته فى إيران أو لبنان ولو على حساب دولته الأصلية وضد مصالحها , والإخوانى ولاؤه الأول والأخير للتنظيم بدليل قسم البيعة الذى من الممكن أن ينكث بأى قسم سواه , كما فعل محمد مرسي الذى أقسم يمين الرياسة أربع مرات وخالفه قبل مرور شهرين من رياسته استجابة لمكتب الإرشاد !!
    هذا فضلا على انعدام مفهوم الوطنية عند كلا الفريقين , فالشيعة فى العراق كانوا سندا لإيران فى حربها ضد العراق رغم مواطنتهم العراقية , وكذلك الإخوان لا يرون بأسا فى التنازل عن التراب الوطنى فى سبيل تعضيد أواصر الأخوة بفلسطين بالتنازل عن سيناء أو تعضيد العلاقة بالسودان بالتنازل عن حلايب وشلاتين , فهذه المناطق عبارة عن ( شوية تراب ) على حد تعبير مرشدهم المتهور مهدى عاكف ..
    وقد يثور التساؤل هنا ,
    ما دام الإخوان يكفرون غيرهم , والشيعة كذلك فمعنى هذا أنهم يكفرون بعضهم البعض فكيف يتفق هذا مع تعاونهم الوثيق ,
    والجواب أن ما جمع الفريقين هو العداء للإسلام السنى وجمهور المسلمين ونظم الحكم القائمة فى المنطقة العربية , وسياسة المصالح تلك هى التى جمعت من قبل بين بشار الأسد ــ رغم كونه من الشيعة النصيرية ــ وبين قيادات إيران رغم أن إيران من الشيعة الإثناعشرية , فالخلافات يتم تناسيها تماما إذا كان العدو واحدا ,
    وخطورة التطابق الفكرى بين الإخوان والشيعة أن تطابق فكرى أفضي إلى تعاون سياسي وثيق , ليس من الآن فحسب , بل منذ زمن بعيد وهو موغل حتى أيام حسن البنا نفسه وتضاعف هذا التعاون مع مجيئ الخمينى والناس تنسي أن وفود المباركة للثورة الإيرانية التى انطلقت من مصر كان على رأسها كبار مفكرى الإخوان , ولهذا اعتبرت الجماعات السلفية المناهضة للتشيع فى مصر أن جماعة الإخوان هى أول وأكبر داعم لنشر التشيع فى مصر ..
    وبعد وصول الإخوان للسلطة ,
    أقامت إيران أفراحها السياسية ولا شك , لأن إيران تضع مصر نصب عينيها منذ زمن طويل , ويرونها إرثا وحقا لهم منذ سقوط دولة الشيعة الإسماعيلية فى مصر , وكان نظام مبارك ومن قبله نظام السادات سدا منيعا أمام أطماع الشيعة فى مصر نظرا للخلاف السياسي السابق بينهما ,
    فلما جاء الإخوان تم تنشيط التعاون السري على الفور بين الإخوان وإيران , مع إظهار العداء العلنى ــ بالتقية ــ نظرا لأن السلفيين يمثلون نصف معادلة القوة فى التيار الإسلامى ويسببون قلقا عنيفا للإخوان , هذا القلق الذى منعهم من إظهار التعاون مع الإيرانيين
    إلا أن هذا أسلوب التقية لم ينطل على من يعرفون الإخوان ويعرفون الشيعة حق المعرفة , ولهذا تعالت أصوات كثيرة فى مصر تنبه وتحذر من الإنخداع بالسياسة المتلونة للإخوان , ثم ما لبث قناع التقية أن سقط عندما تسربت إلى أجهزة الإعلام أخبار الزيارات السرية التى قامت بها شخصيات أمنية إيرانية لمصر ولقائها بقيادات الإخوان لعلاج مشكلة التدهور السياسي المقلق لنظام الإخوان ,
    ثم توالت الأخبار والتصريحات التى استثارت الجانب السلفي أخيرا , ونبهتهم إلى أن الإخوان لا عهد لهم , وأن التخطيط المرسوم لفتح باب مصر أمام السياحة الإيرانية ليس إلا بوابة ذهبية لنشر التشيع عن طريق الأموال وعن طريق زواج المتعة , وهو الطريق الذهبي الذى يلجأ إليه الشيعة لنشر التشيع باستغلال غرائز الشباب باسم الدين ..
    ومؤخرا ألقي المفكر الكويتى الكبير عبد الله النفيسي بقنبلة مؤداها أن إيران عرضت مبلغا هائلا دعما للإقتصاد المصري نظير السماح لها بإنشاء المساجد الشيعية وتولى الإشراف على مساجد آل البيت فى مصر , وقول النفيسي هنا قول معتبر ومصدر موثوق دون شك لأن الرجل أستاذ للعلوم السياسية حصل على الدكتوراة من بريطانيا وهو متخصص أيضا فى دراسة تاريخ الشيعة كما أنه من أبرز النشطاء ضد النظام الإيرانى والأمريكى فى الخليج ..
    ونحن هنا نضع هذه الحقائق من خلال تلك الدراسة بين يدى أجهزة الأمن القومى المصري مذكرين الجميع بأن الإهتمام برفض التشيع ليس من منطلق عقائدى ودينى بل هو من منطلق أمنى بحت , فالشيعة المتمركزون فى العراق ودول الخليج كانوا ولا زالوا بؤرا للإرهاب بشتى صوره , وتاريخهم فى التفجيرات الإرهابية ينافس تاريخ الإخوان , ولعلنا نذكر محاولة تفجير الحرم المكى فى بداية التسعينيات والتى أبطلها الأمن السعودى بمعجزة .. وكان وراءها عدد من السياح الإيرانيين أدلوا باعترافات كاملة فى وقتها
    ناهيكم عما يمكن أن يحدث من فتن طائفية ما أغنانا عنها , إذا صار للشيعة موضع قدم فى مصر , لا سيما وأنهم أثاروا القلاقل وهم بعد قلة لا يتعدون المئات فى مدينة السادس من أكتوبر حيث حاولوا أن يصدعوا بالآذان الشيعى وسب الصحابة هناك على عادتهم فى إيران ودول الخليج , فتصدى لهم الأهالى فى واقعة مشهورة ..
    إن العاقل من يتحسب لخطواته ..
    ووجود الشيعة فى مصر معناه وجود خلايا جاهزة للتجسس وللعمليات الإرهابية متى تصدر إليهم أوامر مرجعياتهم التى ينفذونها بلا عقل أو وعى ..
    فإن العقول التى تقتنع أن المهدى المنتظر مولود من ألف ومائتى عام ولا زال مختبئا فى سرداب سامراء إلى اليوم خوفا من العباسيين !! , هى عقول أقرب للحجارة منها إلى الكائنات الحية , وأمثال هؤلاء ليس لهم وصف إلا أنهم قنابل موقوتة تنتظر موعد التفجير ..
    والله المستعان ..

  8. #8
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.81

    افتراضي

    ذكرني هذا البحث الطويل بمجموعة من المطويات كان يضعها زوجي على الطاولة لنتصفحها
    كانت كلها أبحاثا في لإثبات خطأ كل الآخرين
    وسألته يوما ألن نبحث لنا عن عمل آخر غير تنفيذ رغبة العداء بتشتيتنا؟
    وسألت نفسي اليوم السؤال ذاته

    أعذرني أخي
    لا أقصد أن أقلل من جهدك في هذا البحث الصعب
    ولكننا نحتاج لما يجمع الأمة ومن يجمعها
    وكل جهودنا تنصب في ما يزيدها فرقة وتمزقا


    بوركت

  9. #9
    الصورة الرمزية عايد راشد احمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : تائه في دنيا المعاني
    المشاركات : 1,865
    المواضيع : 49
    الردود : 1865
    المعدل اليومي : 0.35

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله

    شاعرنا واستاذنا

    بحث جيد هناك من سيتفق معك عليه ومن سيختلف

    لكن ببساطة وعن فناعة اقول ان الاسلام لا يعرف ولا يعترف بالفرق والاحزاب التي تشق صف الامة

    وعلي الجميع ان يكون باطنهم متل ظاهرهم

    وقناعتي ان هذه الاساليب الغير ظاهرة وواضحة والتي تعتمد علي النوايا الظاهرة والنوايا الخفيه في شئون الدين واحكامه ستجلب علي الامة الخراب والدمار

    اللهم اصلح حال الامة بمن يؤمن بالله ورسله وكتبه واليوم الاخر حق الايمان الصحيح وولي علينا من يتقيك ويخافك

    جهد مشكور

    تقبل مروري وتحيتي
    صاحب البسمة والنسمة
    تقيمك بمشاركة مطلوب كما انت تحتاج فلا تبخل

  10. #10
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عايد راشد احمد مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله

    شاعرنا واستاذنا

    بحث جيد هناك من سيتفق معك عليه ومن سيختلف

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
    أهلا بك أستاذ عايد ..
    بارك الله فيك
    ومن الطبيعى أن يتفق من يتفق ويختلف من يختلف بلا شك ,
    فالبعض ينسي أن الإختلاف سنة كونية فى الأرض , والتآلف والإتفاق ونبذ الفرقة مطلب وهدف ومقصد للشريعة الإسلامية وما سبقها من رسالات ,
    ولكن الخلط يكمن فى أن الناس أحيانا لا تفرق بين ضرورة تطبيق الوحدة على أساس الإسلام والسنة وبين تطبيق الوحدة على غير أساس
    وهذا الأمر الذى ينم عن السذاجة الفطرية أحيانا وعن الغرض فى أحيان أخرى هو ما يتسبب فى اللغط فى فهم مقاصد الشريعة ,
    فالنبي عليه الصلاة والسلام عندما شدد على طلب التوحد , شدد فى ذات الوقت على أساس التوحد وهو التوحيد أولا ثم الوحدة والتوحد على السنة على البدع والسكوت عنها تحت ذريعة التوحد ,
    فهذا هو التشرذم الحقيقي
    ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام أن الأمة ستتفرق لفرق شتى والفرقة الناجية التى يجب أن يلتف حولها الجميع هى السنة المطهرة بنفس النسق الذى كان عليه النبي عليه السلام وأصحابه فى مجال العقيدة
    ونبذ كافة الفرق فيما دون ذلك ,,

    لكن ببساطة وعن فناعة اقول ان الاسلام لا يعرف ولا يعترف بالفرق والاحزاب التي تشق صف الامة
    وعلي الجميع ان يكون باطنهم متل ظاهرهم
    وقناعتي ان هذه الاساليب الغير ظاهرة وواضحة والتي تعتمد علي النوايا الظاهرة والنوايا الخفيه في شئون الدين واحكامه ستجلب علي الامة الخراب والدمار
    اللهم اصلح حال الامة بمن يؤمن بالله ورسله وكتبه واليوم الاخر حق الايمان الصحيح وولي علينا من يتقيك ويخافك
    أحسنت , ومن عبرت أنت عنه بالكلمات هو ذات المبدأ القرآنى الذى طالبنا به الإسلام , وهو نبذ كافة الفرق كما أن السنة النبوية طالبتنا بذلك فى وصية النبي عليه السلام أن ندع تلك الفرق كلها ونلزم السنة وعامة الناس وجماعتهم , فإن لم تكن لهم جماعة فعلينا بالبعد عن كافة أشكال التحزب ..

    جهد مشكور
    تقبل مروري وتحيتي
    أنت على الرحب والسعة أخى الكريم وكل القراء ,,
    بوركت

المواضيع المتشابهه

  1. الاسلاميون السنة والمشروع الشيعى
    بواسطة هشام النجار في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-03-2014, 05:09 PM
  2. نقاط تراقص الأطياف
    بواسطة رجاء محمد في المنتدى بَرْقُ الخَاطِرِ وَبَوحُ الذَّاتِ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 18-11-2011, 11:04 PM
  3. بين الأفكار والفِكَر
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-03-2010, 08:07 PM
  4. صباح الخير (86)نقاط على الحروف....
    بواسطة ريمة الخاني في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-07-2007, 08:04 PM
  5. دلعي زوجك ودلليه .. نقاط هامة من روح الواحة
    بواسطة روح في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 01-10-2003, 07:29 PM