|
أماه حُبكِ يهدي للعُلا سَببا |
لأنَّهُ لمعَاني طُهْركِ انْتَسبا |
أماه يا نسمةً تروي النفوسَ شذىً |
ويا حناناً من الرحمن مُنْسكبا |
يا نغمةَ الحب تسري في القلوب ندىً |
ويا عبيراً به الوجدان كَمْ كَتَبَا |
حَبَاكِ مولاي من نَهْرِ الهدَى خُلقاً |
فَمَا عَرفْنَاكِ إلا بَسمةً وصَبَا |
تروي من القلب أهاتَ الجوى شجناً |
وتَحْمِل الود نهجاً وألوفا دأبا |
لله دركِ يا أماهُ كَمْ بَذَلتْ |
يداكِ فينا وأضْنى جُهْدكِ التَّعبَا |
ًلَوْ أ نَّـني أمْلِكُ الدُّنيا بِرُمَّتِهَا |
وأمْلِكُ الدُّرَّ واليَاقُوتَ والذَّهبَا |
جعلتها بأكف الأم كاملةً |
وما ادَّخَرْتُ لنفْسي دُونها طَلبَا |
بَلْ لَوْ قَدَرْتُ جَعَلتُ الشَّمسَ في يَدِها |
والبَدْرَ والكوكَبَ الدَّرِي والشُّهُبا |
كم كُنْتِ موئِلنا في النَّائباتِ وكم |
بذلت من أجلنا وقتاً وكم سببا |
يُغضي الزمانُ حياءً لو مَررْتِ بهِ |
ويَنْحني لوْ يَرَى عَيْنَاكِ والهدَبَا |
يرعاكِ ريي فأنتِ البَحْرُ ساحلهُ |
عَيْنَاكِ فيها فؤادُ الطفلِ كمْ لعبا |
مازلتُ أذكرُ عَذبَ القولِ يرشدني |
ونَظْرَةَ العَيْنِ والإيِمَاءَ والعتبا |
عيناكِ كمْ سَهِرَتْ من أجل راحتنا |
وقلبُكِ الغَّضُ يطوي عُمرهُ نصبا |
فالْود والحبُّ في جَنْبَيْكِ قَدْ جُمِعَا |
والجود نهره من كفيك ما نضبا |
من فيضكِ الصبُّ يا أماهُ يَغمرنا |
فنستقي من سَنَاهُ الأنسَ والطَّرَبَا |
إذا رآكِ فؤادي صَار في جَذلٍ |
وإنْ تَواريْتِ يوماً باتَ مُكْـتَـئِبَا |
إذا حزنت يرى الأشياء مظلمةً |
وإن سررتِ طوى من أفقه الكربا |
يود لويفتدي أرضاً مشيت بها |
فكيف لو نالك المكروه واقتربا |
فأنت من زرع الأمجاد في دمه |
وأنجب الحب والأخلاق والأدبا |
وتَحْتَ أقْدَامك ِ الجنَّاتُ راتعةٌ |
في تربها تطئي الياقوت والذهبا |
ومن بساتينك الأغصان دانية |
من روضِها نقْطِفِ الزَّيْتُونَ والعنَبَا |
في كلِّ لحظةِ خير نجْتَني ثَمَراً |
وكلَّ لحظةِ بر نرتقي رتبا |
يارب وجعل رضاها لي هداً وعلا |
إني بهذا الرجَّا أدعوكَ مُحْتَسِبا |