اميركا تمهد الطريق لعدوانها على العراق بإعلانها مشروع (خارطة الطريق) حول فلسطين !!!!!!!!!!!!

كنا نود الوقوف قليلاً عند حلول شهر رمضان المبارك، شهر القرآن، شهر الجهاد، شهر الفتح العظيم. كنا نود ذلك، لولا ما طالعتنا به أميركا من إرسال بيرنز مساعد وزير الخارجية الأميركي لشئون الشرق الأوسط وحملته مشروعاً حول فلسطين سمّته (خارطة الطريق)، فحمله الرجل وبدأ جولته ليزور اثنتي عشرة دولة من دول المنطقة، مظهراً للحكام في البلاد العربية أن أميركا مهتمة بحل قضية فلسطين طالباً منهم العون والمساعدة في تنفيذ مشروعه، وأن يثنوا على بوشه وإدارته.

إن أميركا لا زالت تتعامل مع المسؤولين في المنطقة كدمى دون عقل أو وعي. إنها تزيف الحقائق، وتزين الأباطيل، وتستغفل الناس بالدجل والتضليل. إنها تريد أن تظهر أنها مهتمة بحل قضية فلسطين، وأنها ترسل ممثليها لهذا الغرض، لتجمع عملاءها وضعاف العقول حولها ليظنوا أنها جادة فيما تفعل وذات لهجة صادقة فيما تقول.

إن الوقائع والشواهد المحسوسة كلها تؤكد أن أميركا مشغولة بموضوع العراق، وقد قطعت مراحل كثيرة في طريقها للعدوان عليه، وهي تريد أن تقوم بعدوانها في هدوء ودون تشويش، وهذا يستلزم من وجهة نظرها جولة علاقات عامة في المنطقة مغلفة بمشاريع حول فلسطين لإعطاء جرعة مهدئة للمنطقة لاستقبال عدوانها بشيء من الود أو بشيء من عدم الصد.

إن العدوان على العراق موضوع على جدول أعمال أميركا وهي تهيئ له إخراجاً مناسباً، وبدأ ذلك عملياً بقرار الكونجرس الذي خول بوش الابن استعمال الأعمال العسكرية في نزع سلاح العراق. وهي تبذل الوسع في إيجاد الموافقة الدولية على ذلك بما تقوم به من مشاورات ومناورات ومؤامرات في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن. إنها تريد إعداد الوضع الداخلي الأميركي، والوضع الدولي في أروقة الأمم المتحدة، ثم الوضع الإقليمي.

أما الوضع الداخلي فأنجزته بقرار الكونجرس، وأما الوضع الدولي فهي سائرة فيه وعلى وشك إكماله في أروقة الأمم المتحدة. وأما الوضع الإقليمي في المنطقة العربية فقد أعدت له رحلة بيرنز للعلاقات العامة من خلال مشروع (خارطة الطريق).

إن على الأمة أن تدرك جيداً أموراً ثلاثة:

1 - إن أميركا تهيئ الوضع للعدوان على العراق، وترسل مندوبيها للمنطقة بجولات علاقات عامة ليتم لها العدوان والجبهات الأخرى في المنطقة هادئة دون تشويش عليها.

2 - إن أميركا لا تستطيع تحقيق أهدافها من عدوانها على العراق إذا لم تتخذ لها قواعد في البلاد المجاورة للعراق تنطلق منها، لأن أميركا تهدف من عدوانها ليس تدمير العراق من بُعد بل اجتياحه واحتلاله، وهي لن تتمكن من ذلك إلا إذا كان لها موطئ قدم بل مواطئ أقدام في بلادنا المجاورة للعراق.

3 - إن الأمة تستطيع أن تفشل مخططات أميركا بالعمل الجاد المخلص للوقوف في وجه الحكام العملاء الذين يسمحون لأميركا أن تستعمل البر والبحر والجو في بلادنا منطلقاً لقاذفاتها.

إن الأمر لجد خطير، فإذا تمكنت أميركا من العراق فلن يكون هو الموقع النهائي لها، وسيكون واقع باقي بلدان المنطقة لسان حال القائل (أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض).

فهل تعي الأمة هذا الأمر فتقف وقفة العز التي يحبها الله ورسوله فتنجو من شرٍّ أحيط بها، أو تبقى خانعة ذليلة فيصيبها ما أصاب غيرها ممن سلكوا درب الذل والهوان؟

إن العدوان، إذا وقع، فإن دماء كثيرة من المسلمين ستسفك، فهل ترضى الأمة أن تسفك دماؤها في مواقف عز في سبيل الله أو تسفك دماؤها في مواقف ذل صامتة عن أعداء الله؟

إن الأمة الإسلامية أمة حية، وهي وإن غلب عليها النوم في بعض وقتها، فإنه لجدير بها أن تصحو حيث الزلازل تحيط بها؛ فهل تفعل فترتفع إلى أعلى الدرجات أم تغفل فتهبط إلى أدنى الدركات؟