إبتكار مدرسة فنون الرّسم والتّشكيل النّجوي

بقلم المُصمّم والمُبتكر اللبناني, الفنّان التّشكيلي والرّسّام الهندسي الفنّي
حسين أحمد سليم

أرسيت قواعد مدرسة فنون الرّسم والتّشكيل النّجوي, وأثبتّها على أسس هندسيّة فنّيّة واضحة, وأقمتها على مباديء تشكيليّة موضوعيّة, في محاكاة رؤى رياضيّة شبه علميّة, بحيث قصدتُ من مساراتها, أن يستفيد منها المستخدم لها, سواء كان فنّاناً أو رسّاماً أو باحثاً, ويستثمر سياقاتها على أكثر من صعيد, فنّي وهندسي وعلمي وثقافي ومعرفي...
وكنتُ منذ البدءِ على معرفة ودراية فيما ذهبتُ إليه, وكنتُ أتوقّع ألاّ تجد هذه المدرسة نفسها, إلاّ بين صنوف الدّراسات الهندسيّة المتخصّصة, وأبعاد التّجارب الفنّيّة التّشكيليّة الموضوعيّة والنّظريّة, للمسارات التي شئتها منذ البدء في تكوين جزيئات وعناصر هذه المدرسة, التي أسميتها بمدرسة فنون الرّسم والتّشكيل النّجوي, وكلمة النّجوى, كما هو معروف مُشتقّة المناجاة, أي المحاكاة الرّوحيّة والنّفسيّة الوجدانيّة للبعد الآخر, ومنها تنبثق الإستغاثة الحانية الخشوعيّة للذات الإلهيّة المقدّسة... ونجوى هو إسم علم مؤنّث عربي معروف, وهو إظهار ما في القلب من أسرار الحديث والعواطف, وهو حديث يُوجّهه الشّخص لنفسه, إفاضة بما في دواخله من الأحاسيس والمشاعر... وبه تُسمّى الإناث والبنات في بيئة المنظومة الإنسانيّة النّسائيّة, وهو إسم سبق وإخترته تبريكا وسمة لكريمتي البكر التي رحمني بها الله, لأظفر بخير من بكّر بأنثى, ولتكون هي بِرّاً لي عطوفة, تُلهمني الإيمان المطلق بالله تعالى في تربيتها وإعدادها الإعداد التّربوي الذي فيه لله رضى ولها فيه إستقامة وصلاح وإيمان...
بدأت مسارات مدرسة فنون الرّسم والتّشكيل النّجوي, بالنّقطة بمفهومها الخيالي الوهمي, بعد تجسيدها هندسيّا بتقاطع خطّين متعامدين على بعضهما البعض, أو غير متعامدين, أو من خلال إلتقائهما ليُشكِّلا زاوية معيّنة, حادّة أو منفرجة, ومن ثمّ تشكيلها تجريديّا وسورياليّاً بدائرة متناهية في الصّغر, ودقيقة, وتُحاكي متماثلة في ذلك الشّكل المعروف في منظومة لغة المحارف العربيّة والأجنبيّة, وفي منظومة لغة الأرقام الهنديّة... ومنها وفّقني الخالق, بتحقيق النّجاحات المتلاحقة, بحيث إنطلقت بسهولة ومرونة في حركات فعل الخلق والإبداع والإبتكار, برسم وتوقيع وتشكيل لوحات ومشهديّات كثيرة, كانت النّقطة قوام نسيجها بالكامل, وأتت لوحاتي النّقطيّة تجريديّة حيناً, وسورياليّة أحياناً, وترميزيّة تعبيريّة في البعض منها, وصولا لتحقيق قمّة الإبداع والإبتكار, بتكوين الكثير من اللوحات والصّور والمشهديّات المختلفة والمتنوّعة, للأشخاص والأحياء من الطّيور والحيوانات والأسماك, والأشجار والنّباتات, والأشياء والموجودات من حولي في المنزل والمكتب والشّارع والحدائق والسّهول والجبال والأودية والصّحاري, ومن رحم هذه النّقطة, وذلك من خلال التّعامل معها بحرفيّة وفنّيّة وجماليّة...
ومن النّقطة تقليديّا, إنطلقت لتكوين ورسم الخطّ من خلال تحريض هذه النّقطة على الحركة المتتالية, والسّير بها بإتّجاهات مختلفة ومتنوّعة محدودة... لتوقيع ورسم جميع أنواع الخطوط المستقيمة, الأفقيّة والرّأسيّة والمائلة والمنكسرة, وكافّة الخطوط الإنسيابيّة والدّائريّة المطلقة... وإستطعت من هذه الخطوط المتنوّعة, تشكيل مشهديّات جميلة, تعتمد على تقاطعاتها وتداخلاتها وتماذجاتها وتفرّعاتها, وإلتفافها على بعضها البعض بأشكال حلزونيّة وبيضاويّة, وتفرّعاتها المتنوّعة لتشكيل, فروع وأغصان الأشجار والنّباتات وغيرها...
ومن الخطوط المختلفة بأشكالها, والمعروفة للجميع, توصّلت لرسم وتوقيع جميع أنواع الأشكال الهندسيّة المنتظمة وغير المنتظمة, وتوقيع جميع الأشكال الأخرى, التي تتوالد من رحم الأشكال الهندسيّة بشكل عام, والموجودة في مكوّنات الطّبيعة من حولنا... فكانت الأشكال المنبسطة والمسطّحة من المضلّعات التي تبدأ بأشكال المثلّثات والمربّعات, وأشكال المضلّعات الخماسيّة والسّداسيّة والسّباعيّة والثّمانيّة وغيرها, والتي منها كانت ولادة كافّة أشكال فنون الزّخرفة... وكانت الأشكال الدّائريّة والبيضاويّة والحلزونيّة, ومنها كان توقيع كلّ الأشكال التي تُحاكي الدّائرة ومشتقّاتها... وكانت كذلك جميع أنواع الأشكال ذات البعد الثّالث, والتي تُعرف بالحجوم الممتلئة والفراغيّة, بكافّة أنواعها وإختلاف سماتها, ومنها كانت عمليّات توقيع الأبعاد الثّلاثيّة, من البيوت والأدوات التي نستخدمها في يوميّاتنا, والتي تتعلّق في حرفيّتها وتقنيّتها وتوقيعها, بمباديء وأسس توقيعها المنظوري, وكيفيّة رؤيتها وتحديد مهارب نقاطها الهندسيّة والفنّيّة... وليس إنتهاءً بقوانين وأسس وأنظمة ورؤى رسم مكوّنات الجسد عند الإنسان, وبالتّألي رسم أجزاء وأطراف الجسد الإنساني في حركاته, سيّما أسلوب رسم الرأس وتقسيماته الهندسيّة الفنّيّة...
من رحم هذه الأشكال الهندسيّة الأساسيّة, تحوّلت إلى الإلتزام بالأسس والمباديء الفنّيّة والهندسيّة والمنظوريّة, ورؤى الأشكال مُزوّاة أو من زوايا منتظمة, لخلق الرّسومات والمشهديّات الحجوميّة والفراغيّة, المتناسقة والمتجانسة والمنسجمة في تكوينات عناصرها, بالخلق والإبداع في تشكيل لغات ومحارف فنون الرّسم اليدوي, والتّشكيل بالأدوات الفنّيّة التّقليديّة, وبمختلف المذاهب الفنّيّة والمسارات التّشكيليّة المعروفة, من تقنيّات وحرفيّات في تنفيذ فنون الرّسم الهندسي, وجودة عالية في تنفيذ فنون الرّسم التّشكيلي...