أَزْرَى بِنَا العِشْقُ يَكْفِينِي وَيَكْفِيكِ
مَا عَادَ يَشْفَعُ قَولِي: الرُّوحُ تَفْدِيكِ
لَقَدْ وَهَبْتُكِ مَا ظَنِّي رَخُصْتُ بِهِ
وَمَا رَأَيْتُكِ إِلا ذَاتَ تَشْكِيكِ
تَأَفَّفِينَ وَعَينِي عَنْكِ رَاضِيَةٌ
وَتَجْحَدِينَ وَعَفْوِي عَنْكِ يُغْرِيكِ
وَتُعْلِنِينَ عَلَيَّ الحَرْبَ بَاغِيَةً
فَأَهْزِمُ الرَّاءَ بِالحُسْنَى وَأَحْمِيكِ
قَدْ قُلْتِ: إِنَّكَ رَبِّي لَسْتُ أَكْفُرُهُ
وَهَا كَفَرْتِ وَأَغْوَى الرَّأْيَ مُفْتِيكِ
وَقُلْتِ: إِنَّكَ مَنْ أَحْيَا لِبَهْجَتِهِ
لا فُضَّ فُوكِ وَإِنْ فَضَّ الهَوَى فُوكِ
كَمْ كُنْتُ آمَلُ إِذْ أَهْمِيكِ فِي مَطَرِي
أَنْ لا يُرَدَّ بِتَأْوِيلٍ وَتَأْرِيكِ
وَكَمْ أَمِلْتُ بَأَنْ أَحْيَاكِ فِي سَكَنٍ
فَلا أُلامُ بِقَلْبٍ فِيكِ مَوْعُوكِ
يَا مَنْ عَلَى حَسَكِ الأَوْهَامِ قَدْ رَكَضَتْ
وَعَنْ أَرَائِكِ رُوحِي تَاهَ حَادِيكِ
قَدْ كَانَ قَبْلَكِ قَلْبِي غَيرَ مُتَّهَمٍ
بِالاعْتِدَاءِ وَسِرِّي غَيرَ مَهْتُوكِ
وَكُنْتُ كَالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي أُفُقِي
نُورِي يَعُمُّ وَجِرْمِي غَيرُ مَدْرُوكِ
وَظَلْتُ أَحْسَبُنِي أَدْرِي عَلَى ثِقِةٍ
مَنْ عِشْتُ فِيهَا وَلَكِنْ لَسْتُ أَدْرِيكِ
خَضَضْتِ ضَرْعَ النُّهَى خَسْفًا فَمَا لَبِنَتْ
وَخُضْتِ مِنْ صَلَفٍ فِي كُلِّ مَتْرُوكِ
فَإِنْ عَذَلْتُ تَقُولِي: قَسْوَةٌ جَرَحَتْ
وَإِنْ حَنُوتُ تَقُولِي: مَحْضُ تَكْتِيكِ
رَهَنْتُ نَفْسِي وَأَحْلامِي طَوَاعِيَةً
حَتَّى بَدَوتُ كَأَنِّي مِنْ مَوَالِيكِ
وَمَا كَفَاكِ امْتِثَالِي لِلهَوَى ذُلَلًا
حَتَّى اتَّهَمْتِ الحَكِيمَ البَرَّ بِالنُوكِ
لا تَعْذِلِينِي فَقَدْ أَغْرَقْتِ لِي سُفُنِي
وَمَا رَأَيْتُ فَنَارًا فِي مَوَانِيكِ
قَدْ أَعْلَنَ الحِلْمُ إِفْلاسِي فَمَعْذِرَةً
إِذَا كَفَرْتُ بِعِشْق مَرَّ فِي فِيكِ
سَحَبْتِ كُلَّ رَصِيدِ العُذْرِ فِي نَزَقٍ
فَأَمْسَكَ الصَّفْحُ عَنْ صَرْفٍ وَتَحْرِيكِ
دَجَاجَةُ الحُبِّ بَاضَتْ أَلْفَ أُمْنِيَةٍ
فَفِيمَ قَامَتْ تُحَاكِي صَيْحَةَ الدِّيكِ
وَفِيمَ تَنْقُرُ فِي العَيْنِ التِي احْتَضَنَتْ
وَفِيمَ تُنْكِرُ مَا أَعْطَى بِتَرْكِيكِ
بَعْضِي تَبَرَّأَ مِنْ بَعْضِي مُكَابَرَةً
وَفِي فُؤَادِي فَرَاغٌ مِنْ مَغَانِيكِ
الرُّوحُ مِنْ شَجَنِ الإِحْسَاسِ ذَاهِلَةٌ
وَالعَقْلُ يَنْهَرُنِي وَالقَلْبُ يَبْكِيكِ
تَنُوشُنِي نَزْعَةٌ غَضْبَى مُوَدِّعَةً
وَنَزْعَةٌ مِنْ نَدَى رُوحِي تُنَادِيكِ
لا الوَجْدُ يَعْطِفُ عَنِّي قَيْدَ أُنْمُلَةٍ
مَهْمَا اجْتَنَبْتُ وَلا الوُجْدَانُ يَسْلُوكِ
كَفَرْتُ بِالعِشْقِ فِيمَا أَنْتِ سَوْسَنَتِي
وَمُسْتَقَرُّ سُرُورِي فِي مَعَانِيكِ
فَلا عَدِيلُكِ فِي شَامٍ وَلا يَمَنٍ
وَلا بَدِيلُكِ فِي رُوسٍ وَبِلْجِيكِ
لَكِنَّ نَفْسَ أَبِيٍّ هَانَ فَانْتَصَرَتْ
وَذَا اعْتِدَادٍ سَمَا عَنْ صَكِّ تَمْلِيكِ
فَمِثْلُ قَلْبِيَ لا يُجْفَى وَإِنْ رَمَدَتْ
عَينُ الوِئَامِ وَمَا مِثْلِي بِمَفْرُوكِ
مَنْ كَانَ يَمْلكُ فِي اِلأَحْرَارِ عِزَّتَهُ
فَلَنْ يَكُونَ أَمِيرًا فِي المَمَالِيكِ
أَنَا الحَصِيفُ تَوَلَّى الرَأْيُ حُجَتَّهُ
يُقْنِي الرَّشِيدَ وَيُغْنِي كُلَّ صُعْلُوكِ
نَهْجِي إِلَى العَدْلِ مَا سَاوَمْتُهُ غَرَضًا
وَلا قَبِلْتُ بِرَأْيٍ فِيهِ مَأْفُوكِ
وَمَا أَضِلُّ دُرُوبَ الحَقِّ مَا دَلَجَتْ
وَإِنْ سَلَكْتُ سَبِيلا غَيرَ مَسْلُوكِ
وَمَا يُحَقَّقُ إِنْجَازٌ بِلا ثِقَةٍ
وَلا وُصُولَ بِتَشْوِيشٍ وَتَشْوِيكِ
إِنِّي تَبَرَّأْتُ مِنْ قَلْبِي فَلَيسَ لَهُ
سِرٌّ يُذَاعُ وَلا نَبْضٌ يُنَاجِيكِ
لا كَانَ عَيْشٌ لِمَنْ فِي الدَّهْرِ غَايَتُهُ
نَجْوَى النِّسَاءِ وَتَقْشِيرِ المَسَاوِيكِ
هَذَا جَنَاحِي يَرِفُّ اليَومَ مُبْتَعِدًا
وَإِنْ بَرَدْتِ فَذِكْرَى الحُبِّ تُدْفِيكِ