مَخَاضٌ وَرَحْمُ الشَّرْقِ مَا انْفَكَّ حَائِضَا
وَصَرْخَةُ مِيلادٍ تَرَى الدَمَ خَائِضَا
وَشَعْبٌ وَمَيدَانٌ وَجَيشٌ وَثَوْرَةٌ
وَرَجْفَةُ أَحْلامٍ تُرَجِّي العَوَارِضَا
رَبِيعٌ مِنَ الآمَالِ أَخْفَى يَقِينَهُ
وَأَبْدَى مِنَ الآلامِ مَا بَاتَ دَاحِضَا
يَمُدُّ لَهُ الحِرْمَانُ كَفًّا ذَبِيحَةً
وَتَرْنُو لَهُ الأَحْزَانُ بِالأَمْنِ عَائِضَا
تَنَازَعَ حَالَ القَومِ غِرٌّ وَغَادِرٌ
فَأَوْغَرَ ذَا حِلْمٍ وَأَغْرَى التَّنَاقُضَا
وَأَرْجَفَ لَيلٌ مُسْفِرًا عَنْ ذِئَابِهِ
وَأَوْجَفَ فَجْرٌ شَابَ فِي المَهْدِ غَامِضَا
تَصَارِيفُ جَافَتْ أَجْفَلَ العَقْلَ فَرْثُهَا
كَأَنَّ خُيُولَ العَقْلِ لَمْ تَرْعَ بَارِضَا
تُغَالِبُ نَجْوَى الرُّوحِ سَفْكَ دَمِ الوَرَى
وَتَغْلِبُ بَلْوَى الرِّيحِ مَنْ هَبَّ رَاحِضَا
فَكُلُّ مُعِينٍ يُرتَجَى بَاتَ عَالَةً
وَكُلُّ مَعِينٍ أَصْبَحَ اليَوْمَ غَائِضَا
فَرِيقًا دَعَا لِلبَينِ فِي غَيرِ زَوْرَةٍ
وَرَهْطًا سَعَى بِالمَينِ يُفْشِي التَّبَاغُضَا
وَحُرِّيَّةً فَوضَى وَقَيْدًا مُقَنَّنًا
وَحِزْبًا حُكُومِيًّا وَحِزْبًا مُعَارِضَا
وَشَعْبًا قَضَى بِالبَطْشِ فِي عَرْشِ فَاسِدٍ
وَشَعْبًا لِهَمِّ البَطْشِ بِالعَرْشِ رَافِضَا
وَبَعْضًا يَرَى الإِصْلاحَ وَعْدًا مُخَاتِلا
وَبَعْضًا رَأَي الإِصْلاحَ عَدْوًا مُقَايِضَا
أَلا إِنَّ شَرَّ الرَّأْيِ تَقْدِيسُ قَاهِرٍ
وَشَرٌّ مِنَ التَّقْدِيسِ رَفْضٌ بِلا رِضَا
وَشَرُّ طُقُوسِ المَرْءِ دِينًا عِبَادَةٌ
يُؤَدِّي بِهَا نَفْلا وَيَنْسَى الفَرَائِضَا
أَيُحْقَرُ عِنْدَ القَومِ مَنْ قَامَ مُصْلِحًا
وَيُكْرَمُ فِيهِمْ مَنْ يَرَى الدِّيكَ بَائِضَا؟!
إِذَا هَامَتِ الغَوْغَاءُ تُفْتِي بِصَوتِهَا
فَإِنَّ سِرَاجَ الرُّشْدِ يهْدِي النَّقَائِضَا
وَإِنْ خَانَتِ الأَهْوَاءُ تَنْظِيرَ نُخْبَةٍ
فَكُلُّ جَنَاحٍ لِلهُدَى طَارَ هَائِضَا
يُعَرِّضُ بِالقِسْطَاسِ مَنْ كَانَ قَاسِطًا
وَيُعْرِضُ عَنْ ذِي الحَقِّ مَنْ كَانَ حَارِضَا
وَإِنَّ مَطَايَا البَغْيِ مَهْمَا تَغَوَّلَتْ
فَإِنَّ عَطَايَا الوَعْيِ تُعْيِي المُنَاهِضَا
وَمَا يُطْلَبُ الإِرْوَاءُ مِنْ جُبِّ دَاخِنٍ
وَلا يُجلَبُ الإِبْرَاءُ مِمَّنْ تَمَارَضَا
وَمَا لِسُيُوفِ الفِكْرِ حُكْمٌ مُسَدَّدٌ
إِذَا نَزَعَ الإِرْجَافُ مِنْهَا المَقَابِضَا
هُوَ الحُبُّ قَبْلَ الحَرْبِ دَرْبًا إِلَى العُلا
بِثَوْرَةِ أَخْلاقٍ تُصَحِّحُ مَا مَضَى
يُوَسَّدُ فِيهَا الأَمْرُ عَدْلا لأَهْلِهِ
وَيَقْبَلُ فِيهَا القَومُ بِالحُكْمِ مَا قَضَى
أَمَا يُحْمَدُ االلَيمُونُ مَا زَادَ حِمْضُهُ
وَيُنْتَقَدُ النَّارَنْجُ مَا كَانَ حَامِضَا
وَلَيسَ عَلَى الأَوْطَانِ فَتْكٌ كَفِتْنَةٍ
تُحَرِّضُ مَأْجُورًا وَتُدْحِضُ مَاحِضَا
وَلَيسَ لَهَا إِلا التَّشَبُّث بِالهُدَى
سَبِيلا إِلَى الإِنْسَانِ بِالصِّدْقِ نَابِضَا
وَمَا القَدَرُ المَأْمُولُ يُجْنَى تَمَنِّيًا
وَمَا كُلُّ فَخْرِ الكَونِ يَرْفَعُ خَافِضَا
سَيُسْخَرُ مِنْ هِرٍّ وَإِنْ كَرَّ وَاثِبًا
وَيُرْهَبُ مِنْ لَيثٍ وَإِنْ كَنَّ رَابِضَا
وَلَنْ يَبْلُغَ الشَّأْوَ المُحَجَّلَ قَائِدٌ
إِذَا لَمْ يَلُمَّ الشَّمْلَ بِالعَدْلِ رَائِضَا
وَخَيرُ عَتَادِ المَرْءِ فِي الرِّزْءِ حِكْمَةٌ
وَعِلْمٌ وَحِلْمٌ يُرِفِقُ الحَزْمَ نَاهِضَا