بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله..
هذه رسالة أفراح الروح أقدمها لقراء الواحة الكرام لما رأيت فيها من فكرٍ سامق ..وأدبٍ رفيع ..
وصاحبها الشهيد بإذن الله سيد قطب غنيٌّ عن التعريف ..وإنما قدّمتها لما رأيته من هنا وهناك تجاوزاً في حقّه إذ يرمونه بالتعصّب والتكفير ..وهذه الرسالة وهي من سجنه لأخته تكشف عن تلك النفس الرقيقة والحانية العطوفة عن الاخرين حتى وإن أخطأوا..
وفيها رسالةٌ للدعاة بأن يكونوا إيجابيين وان يحرصوا على الخير حتى وإن نسب الى غيرهم..
ولا أقدّمها تعصباً لفئة او لشخص ..فكلّ ابن ادم خطّاء
وجعلتها على فقرات حتى لا تثقل قراءتها دفعة واحدة..ولكم مني كلّ الحبّ.
بسم الله الرحمن الرحيم
أختي الحبيبة … هذه الخواطر مهداة إليك …
إن فكرة الموت ما تزال تخيل لك ، فتتصورينه في كل مكان ، ووراء كل شيء وتحسبينه قوةً طاغية تظلُّ الحياة والأحياء ، وتريْن الحياة بجانبه ضئيلةً واجفة مذعورة .
إنني أنظر اللحظة فلا أراه إلا قوة ضئيلة حسيرة بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة ، وما يكاد يصنع شيئا إلا أن يلتقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات ! …
مد الحياة الزاخر هو ذا يعج من حولي … كلُّ شيء إلى نماءٍ وتدفق وازدهار … الأمهات تحمل وتضع : الناس والحيوان سواء . الطيور والأسماك والحشرات تدفع بالبيض المتفتح عن أحياء وحياة … الأرض تتفجر بالنبت المتفتح عن أزهار وثمار … السماء تتدفق بالمطر ، والبحار تعج بالأمواج … كل شيء ينمو على هذه الأرض ويزداد ! .
بين الحين والحين يندفع الموت فينهش نهشة ويمضي ، أو يقبع حتى يلتقط بعض الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات ! … والحياة ماضية في طريقها ، حية متدفقة فوارة ، لا تكاد تحس بالموت أو تراه !…
لقد تصرخ مرة من الألم ، حين ينهش الموت من جسمها نهشةً ، ولكن الجرح سرعان ما يندمل ، وصرخة الألم سرعان ما تستحيل مراحا … ويندفع الناس والحيوان ، والطير والأسماك ، الدود والحشرات ، العشب والأشجار ، تغمر وجه الأرض بالحياة والأحياء !… والموت قابعٌ هنالك ينهش نهشةً ويمضي … أو يلتقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات ..
الشمس تطلع ، والشمس تغرب ، والأرض من حولها تدور ، والحياة تنبثق من هنا ومن هناك … كل شيء إلى نماء … نماءٌ في العدد والنوع ، نماء في الكم والكيف … لو كان الموت يصنع شيئا لأوقف مد الحياة ! … ولكنه قوةٌ ضئيلة حسيرة ، بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة …!.
من قوة الله الحي ..: تنبثق الحياة وتنداح !!.