((تأملات معرفية))
ريبر عادل أحمد

المعرفة جسدت الدلائل العميقة على معان الوحدة الروحية التي تأصلت في علاقة الإنسان بالوجودمن خلال الإكتشاف الذي أعطى بودراً إصلاحية عميقة البحث ،لمضاعفة نسب الانجاز ومحو الانحرافات التي تؤدي بمسيرته الحضارية ومكتسباته إلى الفناء والضياع والانحلال ، فالإكتشافات كانت مبعثاً ضرورياً واضطرارياً لتصحيح المسارات حرصاً على البقاء ودعماً للبناء بشكل قيمي يستند إلى الإخلاص والتفاني والمحبة لرسوخ القوة، من خلال سمتين مهمتين لتحقيق العمل وهما المعرفة والحب
-المعرفة: عماد كل سعي،وأساس هام لبذل المجهود العال للارتقاء ، مبعث ارتياح لمسيرة الإنسان والجماعات البشرية من خلال وحدة مصائرها ،وضرورة إنقاذية لتصحيح المعوقات والنهوض بسلوك الجماعات لأجل ابتكار البناء الذي يقلص من إمكانيات الفشل ويضاعف من فرص النجاح..
-الحب :وهو إدراك عالٍ من قِبل المتلقي لسبر الغور في الحقائق المبهمة لإزالة غموضها وإبهامها ودفع الشك عنها ونضوج سريع بغية محاربة الضعف ومكامنه في شخصية الفرد،وبيان قوته من عظمة الوجود وأصالته، إنه ركيزة نحو الإيمان وبلوغ مراتب المعرفة المتزايدة الآخذة اتساعاً ببلوغ الهرم
انطلاقاً من محاربة التفسخ والبلبلة،تبلور فكر المعرفي وترسخ ليغدو حقيقة متجلية فيما إذ حاولنا أكثر النهوض بها ،نجدها تتجه لبناء حياة خالية من الإرهاصات والعوائق ،حياة واضحة المعالم تستمد من الإبداعات الحضارية جمالها وفنها وقيمها الزاخرة، فلا وجود للجمال والحياة الواسعة النضارة إلا في ظل المعرفة الفاعلة التي تتجه بالانسان جماعات نحو العدالة التي من شأنها أن تطبق معايير الأخلاق ،لا لتتركها مجرد قوانين وعقائد خاوية،ينظر لها كمجرد رقم ٍ في المتاحف،والنهوض بالشعور الإنساني المتجلي بالروح المعرفية هو مبعث ارتياح وصفاء عميق لممارسة الحب كعمل و أساس لكل بناء روحي ومادي،بعيداً عن مظاهر الاضطراب الفكري وفوضى المفاهيم الضيقة

والمقصد من بيان الفكر المقولب أنه فكر منطو ، عاجز عن فعل العمل الحقيقي انطلاقاً من نظرة ضيقة ترتكز على أسس عدائية لأن فعل التفاعل المؤثر ضعيف فيه، الفكرالذي لا يسع لعقد قرانه مع الوجود بهمومه وتناقضاته وتبدلاته هو فكرسرعان ما يتلاشى أو يتبعثر،فالفكر المعرفي متجدد ومتحول تبعاً لمتغيرات الزمن والوجود ،والمعرفة تستمد عظمتها من تفاعل الإنسان ورقيه ورقي فكره الممتد سعة الوجود البهي العبقري الذي هو جل غايات الإنسان في بناء الحضارات والمكتسبات الخالدة ،والجهل يتجسد بالعقل الخواء غير القادر على إحياء ملكات الإدراك في الشخصية وبالتالي فلا خير في الشخصية الانهزامية المتخبطة ،تلك التي تدور في فلك ضيق ولا وجود للضعف داخل بنى المعرفية العصرية الرائدة، ففعل التطور الطبيعي ترافقه الحركة في كل صعيد ومستوى بغية تطوير الأداء المعرفي لأجل تجلٍ راقٍ وسوي للأجيال الوافدة إلى الحياة، ولعل التحرر من التبعية هي المهمة الأكثر تاريخية لنيل وسام الصعود للأعلى حيث قمم المعرفة، ومبعث البناءالحضاري ، فالذي يدفع الموجود إلى الخلق في الوجود والابداع فيه هو تساؤله وبالتساؤل
يستدل المعرفيون بانطلاقةالحضارة التي كانت استجابة مثلى لتساؤل عميق ومشروع ، ما الذي يجعل الإنسان على درجة من الانحطاط والتردي وهو الفاعل المبدع والباني
من نقطة تطابق القول مع الفعل ، الوسيلة مع الهدف ، الفعل من أجل الغاية، انطلاقاً من أن كل تصرف إنساني أو حركة بشرية مرتبطة بنية القيام بالفعل ومن ثم التخطيط له بعناية وذوق وبالتالي فصناعة المصير عملية مقرونة بالفعل الذي يسمو بالقوة العملية التي تتحقق من خلال الالتزام بالواجب لأجل الحرية وبذلك فالنظام المتحقق عن الواجب والحرية هو ما يحقق ويكفل البقاء السعيد والغني للإنسان والوجود
لا معرفة إذاً دون وجود يحدد ماهية الشيء الذي ينبغي معرفته ومن ثم نستنتج إثر هذا الادراك الحقيقة، والحقيقة تتركز وتتجسد وفق ماهية الموجود ومتانته، نحن إذاً ننظر للحقيقة من كونها قيمة إنسانية تنضوي ضمن إحساس المرء وإدراكه للمحيط الإنساني بتوغله في هذا الوجود ، يستقي منه الإنسان ملكات تأملاته ومن خلال هذه المساحة يفعل طاقته من خلال الأدوات ليصل إلى نتيجة يبرهن من خلالها صدق اطروحاته وتصرفاته من زيفها، وهكذا يمكن أن نتصور الحقيقة تبعاً لعلاقة الإنسان بالوجود وإدراكه لما يحدث وتعامله مع الأدوات وقوته على إبداء دور المؤثر والصاعد في الأدوار العملية المختلفة على مسرح الحياة
علاقة الموجود بالوجود علاقة تحولات تترجم الفعل الصحيح لمسيرةالإنسان وفق صيرورة الانتماء المتحول تبعاً للبيئة وتنقلات الجماعات ضمنها
إن التاريخ يحفظ من ذكر الأمة المتجانسة على اختلاف هيئاتها وأطيافها التي تشكل إبهاراً في سبل المعرفة والفنون والآداب، فالوجود السامي يحتاج من الإنسان أن يكون نظيفاً على مدى تأملاته في الوجود التكويني، لأن ذلك يرفع عن المعرفي صنوف البغي والقهر ،
والطاقة المعرفية المتوثبة تنطلق من مواردها وجل إمكاناتها ، إنها تتخذ من الجذور قاعدة لتعريف مبادئها وقيمها المنبثقة عن الماضي الزاخر بالأفعال الحضارية والروح الإعمارية التي كانت بمثابة المنجز الحقيقي الذي جعل الأمم تتجه نحو الإعماروالفن الخالد