تشرّد
عذرا، لا تفزعي أيّتها اليمامة التي تركتِ اتّساع البراري، ورقدت مستأنسة لتتناسلي على شبّاك هذا البيت. فأنا لم أقصد إفزاعك بمروري.
لقد حصرتِ عشّك بين زجاجة وأنبوبة بلاستيكيّة، وكأنّي بك تتقمصين حصاري بين شفافية الأمل، وصلابة الزّمن، ولكنّ الفرق بيننا أنّك تدرجين على عشب الأمل رغم رقودك هنا تتلفّتين مسوّرة باليقظة والحذر... سينعم أفراخك بالحريّة وسيهدلون في فضاء الفرح، فيما أنا مشرّد أنام على ذراع الإشفاق، وأصحو على ندى رحمة حروف ما خطّه الموسرون على أوراق الإذلال...
وبينا هو سابح في بحر مقارنته، تعثّرت رجله فوقع في حفرة الزّقاق، لكنّه جمع قواه وخرج نافضا الغبار عن ملابس التّشرّد، ثمّ مشى ناظرًا نحو الأفق البعيد...