أحدث المشاركات

قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 18

الموضوع: ليلة (البيضا) الأخيرة

  1. #1
    الصورة الرمزية أحمد عيسى قاص وشاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : هـنــــاكــــ ....
    المشاركات : 1,961
    المواضيع : 177
    الردود : 1961
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي ليلة (البيضا) الأخيرة

    ليلة (البيضا) الأخيرة
    قال الشاعر الألماني شيلر : الأرواح العظيمة تعاني في صمت
    وأقول : الأقلام العظيمة تلتزم الصمت ، حين يكون الموقف أعظم
    فأي كلام يقال يا بيضاء ، حين تصبح الأجساد طريقاً للحفاظ على ابتسامتك ، وصرختك ، وأغنيتك .
    .
    .
    .
    حواجزٌ لا نهائية أمامه ، ارتفاعاتٌ وانخفاضات ، شمسٌ حارقةٌ في بداية مايو ، شمسٌ أبت أن تكون باردة على الأجساد ، أو لطيفة كما يجب لها أن تكون في مثل هذا الوقت من العام .
    لكنه كان يلبس قميصاً بأكمام ، يرتجف جسده كأنه في سيبيريا ، ويتقي أمطاراً وهمية ليس لها أي أثرٍ في المكان ، يسمع صوت الرعد وحده ، فيجفل ، ويرى البرق خاطفاً فيغمض عينيه ألماً ، يمضي في طريقه متسلقاً ، يبحث عن غايته ، رأى نفسه بروميثيوس يواجه غضب الآلهة ، سمع عن عقابه لأنه يحب أن يقرأ ، لطالما رأى في الأساطير اليونانية فرصة ليطير معهم ، ويرى جبروت أبطالهم ، قال لنفسه يوماً : حتى آلهتهم تموت ، وتمتم في أعماقه ما لم يسمعه غيره : فلمِ آلهتنا لا تموت ؟ وتذكر قاتله.
    قالت له أمه –ذات حياة – أما يكفينا ما حدث ؟
    فقال رغم طفولته : أما كفى بسطام جرح عنترة !
    لم ترد ، ولم تمنعه من الخروج ، ولم تمنع عنه فطور الصباح أو كأس الشاي ، ما كان أصلاً يملك غير حنجرته ، عرفه الحي كله بصوته ، قالوا له : ربما لو كان الظرف يختلف لأصبحت مطرباً .
    فقال : لو كان الظرف يختلف لما غنيت .
    كان يغني كل يوم ، وهم يهتفون وراءه ، ويبكون . حتى عندما جاء أحد المخبرين ، قال لوالده همساً :
    احفظ لسان ابنك قبل أن ..
    ولم يكمل .. لكن قاووش لم يفارق ذاكرة الوالد ، فرد بصوت كالمبحوح ، سأفعل .
    ولم يفعل ، ذاك أن طفولة أحمد كانت تخترق الحواجز كلها ، لتفرض على الكون رجولة لا تعترف بسن البلوغ ، ووقفة لا تعرف قوانين الانحناء ، وصلابة تكسر كل فيزياء الكون .
    جرب أهل الحي أن يصمتوا ، أن يتوقفوا عن الغناء لليلة ، كانت الليلة بالصدفة ليلة زفاف (منى) ، غنت لها صديقتها : "يا عروس ريتها مباركة الحنة "
    وسمعت صوت انفجارٍ فأكملت :" يلي سبيتي الحواري الساكنة الحنة " أو الجنة .. لم تدرِ أيهما أقرب ..
    صرخت نساء البلدة فيها : اصمتي يا أنتِ ، خلّي الليلة تمضي على خير
    قالت العروس : لن يسمعوا هتافنا ، ثم أنه موال عرسٍ لا أكثر .
    ردت الجدران : سيسمعون .
    وصمَّت الجدران أذنيها حين سمعت صراخ الحضور ، ثم تكسر كبرياؤها حين دوت القذائف في الأجساد الحية ، ثم انهارت خجلاً حين رأت عذرية منى تسقط أمام قاتليها ، قال الجدار للجدار :
    ليتهم قتلوها .
    فقال الجدار : بل ليتهم قتلوه قبل أن يراها هكذا .
    ولم يخيبوا ظنهما ، فقتلوهما ..
    ومن يومها ، لم يعد يُسمع صوت الغناء في القرية وما عاد أحمد يبتسم .
    بعد دقائق طويلة ظنها دهراً ، وصل أحمد إلى قمة التلة ، نظر حوله حتى رأى أمه .
    كانت هناك ، في نهاية تلٍ كبير صنع من الأجساد المسجاة ، عن يمينها جارته أم وائل ، وعن يسارها يد زوجها وشيء من بقاياه ، والسماء كانت تمطر رصاصاً ، والأرض تقطر دماً ، والبلدة تنضح صمتاً ، والأشياءُ ، والأشلاءُ ، والترابُ امتزجوا ، لتصبح الأرض أكبر ، والتربة أقسى ، والبيضا تحمل الألوان كلها إلا اسمها .
    لم يعانق والدته ، ولم يحتضن الجسد المسجى ، لأن الرأس وحدها كانت بارزة بين الأجساد ، جلس ورأسها بين ذراعيه ، ألقى نظرة طويلة إلى الأفق الأحمر ، وصدح بالغناء وحده ، كما لم يفعل من قبل أبدا ..


    ***

    أموتُ أقاومْ
    التعديل الأخير تم بواسطة كاملة بدارنه ; 10-05-2013 الساعة 10:06 PM

  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.15

    افتراضي

    تصوير بشع لجرم الحرب ومايخلفه من دمار في النفوس والديار والأرض بلغة سامقة وسرد متين
    سررت بأن أكون أول المعانقين للنص رغم أن القلم بئن أمام بشاعة التصوير
    شكرا لك أديبنا الفاضل
    ومرحبا بك في واحتك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية كريمة سعيد أديبة
    تاريخ التسجيل : Nov 2009
    المشاركات : 1,435
    المواضيع : 34
    الردود : 1435
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    " أي كلام يقال يا بيضاء، حين تصبح الأجساد طريقاً للحفاظ على ابتسامتك، وصرختك، وأغنيتك ..."
    وأي تعليق أو رد يليق بهذه القصة المدهشة في براعة أسلوبها وتصويرها وثقل واقعيتها وما ينجم عنه من ألم وجراح ...
    أدميت فلبي أيها المبدع السامق وخانني التعبير
    لذلك سأصمت كي لا أمتص الغضب على هذا الواقع المرير الذي يزيده الإحساس بالعجز مرارة ... ةهذا الشعور لدى القارئ دليل على مهارة الكاتب وامتلاكه زمام القص والإبداع
    دمت بهذا الحس النبيل ونصر الله الإسلام وفرج كرب إخواننا وأخواتنا أينما كانوا .....
    تقديري
    {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}

  4. #4
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2011
    الدولة : سورية
    العمر : 60
    المشاركات : 6,280
    المواضيع : 88
    الردود : 6280
    المعدل اليومي : 1.40

    افتراضي

    أوافق الأخت الأديبة كريمة : لارد يليق وقد يكون الصمت أبلغ وأقدر على إيصال وجعي وإعجابي بقصتك المدهشة لغة وسردا ومشاعرا
    رائعة أخي المبدع الجميل .. وحسبنا الله ونعم الوكيل
    محبتي وكثير تقديري

  5. #5
    الصورة الرمزية نافذ الجعبري شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2013
    الدولة : أكناف بيت المقدس
    المشاركات : 946
    المواضيع : 43
    الردود : 946
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    أشكر لك هديتك الغالية الموجعة ايها الحبيب
    عايشت صورها صورة صورة
    شلت أيدي البغاة وباءوا باللعنة في الدارين
    كل الود والتقدير
    أخوكم: أبو معاذ

  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.11

    افتراضي

    لم يعانق والدته ، ولم يحتضن الجسد المسجى ، لأن الرأس وحدها كانت بارزة بين الأجساد ، جلس ورأسها بين ذراعيه ، ألقى نظرة طويلة إلى الأفق الأحمر ، وصدح بالغناء وحده ، كما لم يفعل من قبل أبدا ..
    بحق الله ..
    أي تصويرٍ نبهر أقرأه هنا , ارى الاشخاص يتحركون في هذا المشهد أمامي , رى ضحكة العروس , فرحة الزفاف , ثم بشاعة القتل الجماعي والتدمير من قلوب لاتعرف الإيمان فهي اقسى من الحجر
    غصة خنقتني من هذه النهاية المؤلمة ودمعة تحجرت في المقل , ولسوف أصدح بإصرار بالغناء معه رغم الألم فالأمل لايندمل هذا مافسرته لي النهاية
    تقديري لقلمك الكبير

  7. #7
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.86

    افتراضي

    تجعلنا نعيش الحدث وننسى أنّنا نقرأ كلمات
    وصف مدهش وسرد رائع رغم الأسى واللّوعة
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

  8. #8
    الصورة الرمزية أحمد عيسى قاص وشاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : هـنــــاكــــ ....
    المشاركات : 1,961
    المواضيع : 177
    الردود : 1961
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمال المصري مشاهدة المشاركة
    تصوير بشع لجرم الحرب ومايخلفه من دمار في النفوس والديار والأرض بلغة سامقة وسرد متين
    سررت بأن أكون أول المعانقين للنص رغم أن القلم بئن أمام بشاعة التصوير
    شكرا لك أديبنا الفاضل
    ومرحبا بك في واحتك
    تحاياي
    الزميلة القديرة : آمال المصري

    أعتقد أن التصوير ليس بشعاً _^^_ / ربما قصدتِ أنه كان دقيقاً ، لكن البشاعة في الفعل نفسه والجريمة نفسها
    سعدت بك وبمرورك السباق لهذا النص ، الذي آلمني وأنا أكتبه ، كما آلمتني الصورة الحقيقية لتل الجثث في البيضا ، تلك الصورة التي استلهمت منها أحداث القصة

    تقبلي تحيتي وباقات الورد

  9. #9
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Feb 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.72

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كريمة سعيد مشاهدة المشاركة
    " أي كلام يقال يا بيضاء، حين تصبح الأجساد طريقاً للحفاظ على ابتسامتك، وصرختك، وأغنيتك ..."
    وأي تعليق أو رد يليق بهذه القصة المدهشة في براعة أسلوبها وتصويرها وثقل واقعيتها وما ينجم عنه من ألم وجراح ...
    أدميت فلبي أيها المبدع السامق وخانني التعبير
    لذلك سأصمت كي لا أمتص الغضب على هذا الواقع المرير الذي يزيده الإحساس بالعجز مرارة ... ةهذا الشعور لدى القارئ دليل على مهارة الكاتب وامتلاكه زمام القص والإبداع
    دمت بهذا الحس النبيل ونصر الله الإسلام وفرج كرب إخواننا وأخواتنا أينما كانوا .....
    تقديري
    عذرا اخي .. احمد
    عذرا اختي .. كريمة

    جينما لا اجد ما اقول
    وحينما تعجز المفردات عن انقاذي
    اقتبس ما هزني من ردود واعيده
    مودتي لك ايها الفنان في رسم المشهد
    مودتي

  10. #10
    الصورة الرمزية نور اسماعيل قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    الدولة : سوريا
    المشاركات : 113
    المواضيع : 8
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    أدميت قلوبنا ... وأعيننا ..
    وصفت الجريمة وصفا دقيقا كأنك هناك وصفت بشاعة الجريمة بكل دقة بكل جمال
    مبدعٌ أنت حقاً ..
    تحاياي ..

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ليلة صابر الأخيرة - قصة قصيرة
    بواسطة عماد هلالى في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 23-01-2017, 04:52 AM
  2. ليلة من ألف ليلة و ليلة
    بواسطة المختار محمد الدرعي في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-09-2015, 09:46 PM
  3. ليلة هند الأخيرة
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 26-09-2014, 06:47 PM
  4. مجزرة البيضا
    بواسطة نافذ الجعبري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 40
    آخر مشاركة: 07-09-2013, 09:51 PM
  5. ليلة من ألف ليلة
    بواسطة نهى فريد في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 07-06-2004, 08:46 AM