خَفَــــقَ الحَنِيـــنُ فَرَدِّدِي خَفَقَاتِـــي
وَتَرَقْــــرَقِي يَا عَذْبَـــةَ النَّسَـــــمَاتِ
وَتَأَوَّبِـي طَيــفًا يُهَدْهِـــدُ خَاطِــرِي
وَيَزِيـــدُ حَــرَّ الشَّــوْقِ فِي زَفَرَاتِـي
وَيُعيــدُ مَا سَلَبَ الخَيَالُ مِنَ النُّهَى
ويُحِيـــدُ تِيـــهَ الدَّرْبِ عَنْ خُطُوَاتِـي
يَا مَنْ بِطُهْرِكِ قَدْ أَضَــأْتِ مَشَاعِرِي
قَبَسًــــا مِنَ المِصْـبَاحِ وَالمِشْـــكَاةِ
تَسْمُـو المَغَانِــي فِي صِفَاتِكِ لِلذِي
يَرْجُو التَّوَحُّــدَ فِي مَعَانِـــي الـــذَّاتِ
وَتَؤُودُ فَلْسَــفَةَ التَّأَمُّـــلِ عَبْــــرَةٌ
تَتْلُـــو عَلَيــكِ الصَّــمْتَ طَــوْقَ نَجَــاةِ
هَمَسَتْ تَلُمُّ الحَرْفَ بَعْثَرَهُ الجَوَى
رُوحٌ سَقَاهَــا البَيــنُ كَـــأْسَ مَمَـــاتِ
وَرَنَتْ إِلَيْــــكِ عُيُونُ مَنْ بَانَتْ بِـــهِ
عَنْ نَاظِرَيْكِ شَــــوَاسِعُ الفَلَــــوَاتِ
هِيَ فُرْقَــةُ الأَجْسَــــادِ لَكِنَّ الهَـــوَى
فِـي النَّفْسِ لِلأَخْــلاقِ وَالمَلَكَــــاتِ
ضَنَّ الزَّمَــانُ عَلَيَّ بِالقَمَـرِ الذِي
يَهَبُ السُّــــرُورَ وَيُذْهِبُ الحَســــرَاتِ
فَهَوَاكِ أَرْفَقُ بِالفُــؤَادِ مِنَ الدِّمَـــا
وَأَرَقُّ مِنْ رِيْقِــــي عَلَـى لَهَوَاتِــــــي
وَسَنَاكِ أَلْصَـقُ بِالخَيَــالِ مِنَ الرُّؤَى
فِي صَـحْوِ أَفْكَارِي وَفِي غَفَوَاتِــي
كَمْ حُجَّ قَبْــلَكِ نَحْوَ كَعْبَـــةِ مُهْجَتِــي
مِنْ غَيـــــرِ إِحْـــرَامٍ وَلا مِيقَـــاتِ
وَحَجَجْتِ بِالإِحْسَاسِ حِجَّةَ يُوسُــفٍ
لِلسِّجْنِ حَتَّى صِـــرْتِ فِي عَرَفَاتِي
يَا عَــــاذِلاً قَلْبِــي إِلَيْـــكَ عَنِ التِي
مَلَكَتْ بِوَحْيِ النُّـــورِ كُلَّ جِهَـــاتِــي
حَامَتْ فَرَاشَــتُهَا فَهِمْتُ عَلَى الرُّبَـــى
أُبْــدِي رَحِيــقَ القَلْبِ والبَتَـــلاتِ
إِنْ ضَجَّ عَنْهُ الشَّــوقُ أَنْكَرَ نَبْضَــهُ
وَإِذَا سَـــجَا فَالدَّمْــعُ فِي الحَدَقَـــاتِ
يَنْجُو بِمَا ادَّرَعَ الوَقَــــارَ نَهَــــارَهُ
وَهُوَ الأَنِينُ المَحْضُ فِي الظُلُمَـــاتِ
مَــا زِلْــتُ أَرْفَـــأُ بِالتَّــوَرُعِ خَيْمَــةً
تُؤوِي الفُـــؤَادَ كَنَاسِـــكٍ بِصَــــلاةِ
وَطَفِقْتُ أَدْفَعُنِــي عَنِ الوَلَــهِ الذِي
جَعَلَ الهِزَبْــرَ أَسِــيرَ طَـرْفِ مَهَـــاةِ
لَكِـــنَّ أَشْـــوَاقَ المُحِبِّ تَشُـــــدُّنِي
نَحْـــوَ التِي أَوْدَعْتُهَـــا خَلَجَـــــــاتِي
أَجْرِي بِمَاءِ الشِّــعْرِ دَهْشَــةَ حَالِــمٍ
لأَضُــمَّ دِجْلَــــةَ رُوحِهَــا لِفُرَاتِــــي
حَدَّقتُ أَنْظُـــرُ فِي مَعَــالِمِ سِحْـرِهَا
مُتَبَتِّـــلا فِـــي مُحْــكَـــمِ الآيَــــــاتِ
فَرَأَيْتُهَــا لِلعَيـــنِ بَهْجَــةَ فِتْنَـــةٍ
وَعَلَى جَبِيــنِ الكَـــونِ تَـــاجَ سِــــمَاتِ
وَرَأَيْتُ فِي الجَــوْزَاءِ يَرْفُــلُ ظِلُّهَــا
وَيَلُـمُّ خَلْفَ الشَّمْسِ ظِــلَّ شَتَـــاتِي
طَبَعَــتْ عَلَــى خَــدِّ البَنَفْســجِ قَبْلَــــةً
فَدَنَـــا لَهَـــا البُسْتَـــانُ بِالبَسَـمَاتِ
بِشَـذَا كَرَيَّا الصُّبْحِ عَبَّقَـهُ النَّــــدَى
وَجَوَى كَوَجْــــدِ اللَّيْـــلِ مِنْ أنَّـــاتِي
نَازَعْتُهَــــا قَلْبِــي بِنَفْسِ مُكَابِـــــرٍ
فَاسْـــتَحْكَمَتْ فِي أَرْفَـــقِ الكَلِمَـــاتِ
وَإِذَا نَهَيْتُ القَلْبَ غَضَّ مِنَ الأَسَى
وَأَجَالَ طَرْفَ الوَجْــدِ بِالعَبَــــــرَاتِ
أُخْفِي الضَّنَى حَتَّى إِذَا امْتَقَعَ النَّوَى
نَاجَيْتُهَـــا بِالشَّـــوْقِ فِــي خُلُوَاتِــي
أُصْــغِي لَهَا وَالطَّيْفُ يُؤْنِسُ وِحْدَتِي
فَأَعِيــشُ دَهْرِ الأُنْسِ كَاللَحَظَــاتِ
هِيَ فِــي الفُـــؤَادِ تَمَكَّنَتْ فَتَحَكَّمَتْ
صَــرْحًا لَــــهُ تَأْوِي سِـــنِينُ حَيَاتِي
صَرْحَ الوِفَـاءِ فَإِنْ تَصَدَّعَ أَوْ هَوَى
هَوَتِ الرُّؤَى وَأَطَـــاحَ بِالمُهْجَـــاتِ
لَــمْ تَلْقَهَـــا عَيْنِـــي وَلَكِــنَّ النُّهَــى
بِجَمَالِهَـــا غَطَّتْ عَلَى القَسَــــــمَاتِ
أَحْبِبْ بِهَــــا مِــنْ أقْحُـــوانِ تَــوَدُّدٍ
تَهَبُ النَّــدَى وَتَغُضُّ عَنْ عَثَرَاتِــي
وَهَبَتْ فَلا أَسَــــفٌ عَلَى مَــا أَذْهَبَتْ
وَدَنَتْ فَـلا جَزَعٌ لِمَــــا هُــــوَ آتِ
حَازَتْ عَلَى البَلَــجِ الأَجَــلِّ وَلَمْ تَــطَأْ
بِالحُــبِّ إِلا أَكْـــــرَمَ الغَايَـــــاتِ
مَــا زَالَ قَلْبِـــي لِلهَــــوَى مُتَطَلِّعًـــــا
كَتَطَلُّـــــعِ السَّـــارِينَ لِلنَّجْمَــــاتِ
المُقْلَــةُ افْتَرَشَــتْ بِسَـــاطَ أَثِيرِهَـــا
وَاللَهْفَــةُ انْتَظَرَتْ عَلَى الشُّــرُفَاتِ
أَمْ أَنْتَ يَا دَهْـــرَ التَّصَــرُّمِ عَاقِـــــدٌ
أَنْ تَفْجَـــعَ الحِرْمَــانَ بِالحُرُمَـــاتِ
لَــوْلا ضِـــيَاءُ الأُمْنِيَـــاتِ تَفَــــاؤُلًا
لَسَرَى كَفِيــفُ القَلْبِ فِـي الشُـبُهَاتِ
فَالنَّفْــسُ تَهْفُـــو وَالحَــوَادِثُ تَقْتفِـي
وَالسَّـــــعْدُ يَأْبَــــى مَـرَّةً وَيُوَاتِــــي
لَــوْ بَرَّنِي قَـدَرِي لَعَانَقْـــتُ المَــدَى
وَلَطِرْتُ لِلمَحْبُــــوبِ دُونَ أَنَــــــاةِ
وَخَطَبْتُـــهُ كَفَّ الزَّوَاجِ مُخَضَّبًـــــا
مُتَعَطِّــــرًا بِالــــوُدِّ وَالقُبُـــــــــلاتِ