دَليلُ سَائِحِ
فِي وَطَنِي كُلُّ شَيْءِ مُخْتَلِف .
فِي وَطَنِي لِلْأَعْرَاسِ أَصُولُ , فَحِينَ تأْتِي سَائِحًا , ترى الشّوارع شَاغِرَة , كَسَمَاءٍ تُسَابَقُ طَائِرَة , ترى الزَّيْتونَ فَتسْتَظَلُّ بِظِلِّهِ , فتتفاجأ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ تُتَكَلَّمُ عَنْ قَصَصِ الشَّوْقِ , وَعَنْ أَخَوَاتِهَا الْلَاتِي أُقتلِعن , تراها تَبكي شَوقًا, وتنزِفُ زَيْتًا , وَالنَّاسُ يُشْرَبُونَ تِلْكَ الدِّماءَ .
فِي وَطَنِي كُلُّ شَيْءٍ مُخْتَلِف.
تَرى الْأَطْفَالَ مصطفّين عَلَى حائِطٍ , مُغِمَّيةًُ أَعَيْنُهمْ , وَالشَّيْطَانُ يَرْتَدِي بِزَّتَهُ الْعَسْكَرِيَّة , وَفِي يَدِيِه بُنْدُقِيَّة تُدَاعَبُ تَلابِيبَ رِقابِهُمْ , وَبَعْدَ اِنْتِهاءِ لُعْبَةُِ الْجُنْدِيِّ وَالطِّفْلِ , تتفاجأ بِأَنَّ ذَاكَ الْجُنْدِيَّ يَهْرُبُ مِنْ حِجارَةِ الطِّفْلِ.
فِي وَطَنِي
تَرى الشَّيْخَ الْكَبِيرِ يَتأَرْجَح عَلَى عُكَّازِهِ يُقَاوَمُ السُّقُوط, ترَاهُ شَامِخًا كَالْسِّنْدِيان وَهُوَ يَتَنَقَّلُ إِلَى أرْضِهِ بَيْنَ حَيْنُ وَحِِينْ , َتَرَاهُ يَبْتَسِمُ وَألفُ دَمعةِ مُتَحَجِّرةُ فِي عَيْنِيِهِ .
ترى الْأُمَ تُزَغْردُ لِزِفافِ ابنِها الشَّهِيدِ , وَفِي قَلْبِهَا ثَوْرَةُ الانتِقام , وَتَبْدأُ بِالإعْدَادِ للعُرِسِ الْجَدِيد , والوَدَاعِ الجَدِيد.
فِي وَطَنِي لَا تَسْتَمِعْ لِشَيْءِ
فقط ! .. شَاهِد بِعَيْنِيِك.!
شَاهِدْ صُراخ الْقُدْسِ , وَقَهْرِ الزَّيْتونِ , وَزَغاريد الأفراح , ودموع اللَّيْمُونِ , وَلَا تَنْسَى حِكَايَةَ السِّنْدِيان
وَلَا دَاعِي للانفعالِ يا سَيِّدِي السَّائِح , فَبَعْدَ انْتِهاءِ الدِّرَامَا الْحَقِيقِيَّةَ ؛ قُمْ وَصَفَّقْ وانصَرفْ , فَالصَّمْتُ هُوَ سَيِّدُ الْمَوْقِف .