يَا غَـادتِـي هَل يَفـي إِن جِئـتُ مُعتـذِرا
عِـنَ الــذِي بيننَا مِن عِـشـقـنَا انكسَـرَا
عِشـرُونَ عَـامًـا تَوارت فَي ضَلالتَنا
ولَم أَزل رَغـم َهَـذا البُعـدِ مُصطَبِـرا
أَشـكــُو الغِـيــابَ فـَلا يُجيبنِـي أَحــدٌ
وَمَن سِواكِ يُغيثُ القلـبَ إنْ عَثـَرَا
هَـاتِي يَمينـكِ ضًمِّي صَـدرَ منكسرٍ
قَد وَدّعَ الأهــلَ وَالأَحبـابَ منتظرَا
أنتِ التِـي عِنـدَهُ كَالكَـونِ أًجـمَعَـهُ
فَلملمِـي نَبـضَ قلبٍ أَدمنَ السَفـَـرَا
بَحـثًا عَليـكِ ولَـم يَتـرُكْ بِسَـاحَـتـهِ
سِـواكِ مِـن أَحــدٍ جِـنًا وَلا بَشــرَا
وَهــلَ يطيـبُ مَكَــانٌ لا أَرَاكِ بـهِ
لَو لَم أَجِد عِطركِ الفَوَّاحَ قَد نُشِرَا
إِنِّي حَـزِينٌ أَلوكُ الهَمَّ فِي شَفـَتِي
حَتَّى غَدَوتُ بِما لاقيتُ مُحتضِرَا
كَأنَّ كُـلَّ الذِي عَانيـتُ مِن زَمَنِي
نَارٌ تَصَبُّ جَواهَـا دَاخِـلِي شَرَرَا
فَمَا طَعِمتُ لِذيذَ العيش مِن زَمنٍ
إِلَّا وَخَــلّـَفَ قَلـبِي بَعـدَهُ كِـسَــرَا
آهٍ عَلى مَا مَضَى مَا عَادَ يَعرِفُنِي
ولَـجَّ فِي لَيـليَ المَشـؤومَ وَاندَثَـرا
أَنتِ التِـي هيَّجَت قَلبِي وَذَاكِــرَتِي
وخلَّفت من شقائي للورى عِبرَا
فَكَم تَهادَت دُموعَ العَينِ فِي هَدبِي
وَرُحتُ أَشكُو إِلَى أَيَّامِنَا الضَّرَرَا
وَمَا أَجَـابت بُكَـائِي بَل جَرينَ بِهَا
قَطرًا فَقطرًا فَسالَ الدَّمعَ وانهَمَرَا
كَانت لَـنَا فَي صِبَا الأَيَّام أَزمِنَـةٍ
ناَمَ الوُشَاةُ بِهَا وَأيقظُوا الضَجَـرَا
حَـتَّـى أَتَـانَـا النَّـوَى يَجـتَـرُّ عـلَقمـَهٌ
وَيسـتـبـيـحُ لَـدينَـا الـحُـزنَ وَالكَـدرَا
فاستوحشَ القلب ُبعدَ الأُنسِ واحتَرَقَت
تِلـكَ الليـاَلـي فَلـم نَسمـع لَهـَا خَـبـرَا
هـيَّـا تعَاَلِـي وَدَاوِي نَـزفَ أَورِدَتِـي
وَلا تُعيدِي مِنَ المَاضِي ليَ الصُّوَرَا
عَسَى الليَالِي التَي شَاءَتْ بِظلمَتِها
تَعَــودُ خَـائِـبَـةَ وتُطـلـِقِ القَـمَـرَا
فَلَيسَ لِي مِن نَدائِي غَيـرَ أَمنِيَتي
يَا هَل عَسَى .. رُبَّما .. يَا ليتَمَا .. وَتُرَى