هاتِ السيوفَ وهات الدّرعَ والفرَسَا
إني سمعتُ دمشقاً تقرعُ الجرَسَا
بَنُو العُمومةِ لمْ تُغْمَدْ جَهَنَّمُهُمْ
يوماً،وكُلُّ حكيمٍ منهُمُ يَئِسَا
وانشقَّ صَخْرُهُمُ نصفينِ فاختَلَقَا
نهراً بَدا منه ماءَ الغدْرِ وانبَجَسَا
تبّا لها من سيوفٍ..بئْسَ ما صنعتْ
وبئس ساترِ لصٍّ يقطعُ النَّفَسَا
أضحتْ عروبتنا غيداءَ راقصةً
والغيدُ يرقصْنَ في الحانات خلفَ أَسَى
يا ظبيةَ العُرْبِ لمْ تُنجبْ عروبتنا
سوى مُشَمِّتِ مَزْكُومٍ إذا عَطَسَا
يا ظبية الشرق ها قد صرتِ أرملةً
وبتِّ ترْضَيْنَ من ميراثِكِ السُّدُسَا
لا تبكِ جرحكَ باسم الله يا بَرَدَى
إنا دعَوْنا لك الفرسان والحَرَسَا
هَبْ أُمّتي رَحِمًا يا ربُّ تُنْجِبُ أَسْـ
ــيَادًا، فأرحامُها قدْ مَلَّتِ البُؤَسَا
******
العينُ تبكي عروسَ الشّامِ مِن أسفٍ
والقلبُ خافِقُهُ في مُهجتي هَمَسَا
الرّوحُ تجري وتمشي في مناكِبها
خوفاً،وكلُّ امرِئٍ في قبره غُرِسَا
ولستَ ترمُقُ أحياءً تُطارِحُهُمْ
فالموتُ أفنى حياة القوم وافترَسَا
أصيحُ : هلْ في الدار من بشرٍ
لعلَّني آخِذٌ مِنْ نُورِهِمْ قَبَسَا ؟
فجاوبتْني وقالتْ قولَهَا دِمَنٌ :
جدائلُ النخلِ يا ابْنِي أصبحتْ يَبَسَا
ولستُ أنْطِقُ بالآهاتِ مِنْ حُرَقِي
فالجُنْدُ ألْقَوْا على أفواهنا العَسَسَا
ماتَتْ وما استنْفذتْ أعْمَارَها رُطَبِي
والجِذْعُ يندُبُ صُبْحًا حَظَّهُ وَمَسَا
وابْنِي الذي رافَقَ الموْتَى إلى جدثٍ
أمْسَى يُكَفِّنُهُ المَوْتَى بِمَا لَبِسَا
على جبهةِ الأرض لمْ أحصُدْ سوى جَلَدِي
وصاحبُ الفيل يُفْني كلَّ مَا دَرَسَا
ها قد أجبتُكَ عمَّا كنتَ تسألني
والصَّفْحَ إنْ لمْ تَجِدْ في حَفْلَتِي أُنُسَا
إنّي دمشقُ وحالي دونما كذِبٍ
حالُ المُحارِبِ يُدْمِي أيْنَمَا لُمِسَا
الدهر قد جاءَهُ الأعمى يُنَادِمُهُ
وما تَوَلَّى لأحوالي ومَا عَبَسَا