كنتُ فيما عرَفتُ من سالفِ الهائمينَ في دنيا الشعر ؛ أنّ القصيدةَ تحكي للناس عنْ شاعٍر ملأَ الصمتَ همسًا ، وجابَ الدنيا نورا وفكرا، فالقصيدةُ كانتْ لي هي الدنيا التي خطبتُ ودَّها مُذْ أدركتُ أنّ الشعرَ ثورةٌ .
فأنا والثورةُ كنّا دوما في عناقٍ وتلاقٍ ، إلى أنْ طرقتْ البابَ قصيدةٌ ، فتنتني ، وألقتْ علي بتحيةِ العاشقينَ ، ولأني كنتُ غضًا طريًا، ولأني مَنْ صالَ وجالَ ، ولأنّ الليلَ باركَ كحلَ القصيد ، ولأنّ الفجرَ كان دوما يعاتبني ..
سألتُها : أنتِ وحدكِ التي ما فَتئْتِ تزرعينَ في الحنايا بستانًا للمرايا ، وأنا مرايا انتقامي ؛ نادتْ حنينًا ، يهتفُ بي أنكِ سهمي الذي سأرمي به .. فهل ستكونينَ لي جوادا ؟
أقبلتْ من عينَيْ وأنعمتْ بهما إطراقا وإشراقا ؛ فمسْني من الوجدِ ما مسّ الحائرينَ قبلي ..
فدنوتُ منها .. ألثمُ حكايا بعدُ لمْ تبدأ ..