بلقيس يا وجع القصيدة !!
الآن بلقيسُ العراقِ بَدَتْ فلسطينيةً
دمُها به حنّاءُ وجهِ القدسِ
كفّاها كحِضنٍ دافئٍ
أنفاسُها عطرُ البنفسجِ
والأريجُ مقدّسٌ كالقدسِ
ما أحلى الشّهادَةْ
الآن أعلامُ العراقِ تذوبُ في العلمِ الفلسطينيِّ
أعرفُ كيف ينصهرُ العروبيُّ المُحِبُّ
بنصفِهِ العربيِّ ، يا شامًا توحّدُ
بين بارودِ النضالِ وبين إصرارٍ على الإقدامِ
كـ الثوّارِ
تلك هي السّيادة
بلقيسُ بنتُكَ يا عراقُ وروحُها في القدسِ
نبضُ الشّامِ مرقدُها الهوى ، والقاتلُ المأجورُ
يلعنُه الركامُ ، تفجّرت أشلاؤها مثلَ الملائكةِ
الذين حنَوا على الأطفالِ ليلةَ مهدِ عيسى
يرحلون قبيلَ شربِ حليبِهم
هم يرضعونَ الموتَ يا بلقيسُ
إنّ الموتَ في حبِّ البلادِ
لهم عبادة
بلقيسُ ينتثرُ الرّمادُ
كعطرِ غاردينيا ، أيا زهرَ الصنوبرِ
زنبقَ الكرملْ ، ويا صوتَ المكبِّرِ
حيَّ سلوانَ الأبيَّ
الشيخَ جرّاحِ البهيَّ
وأنتِ يا بلقيسُ بغدادُ التي وُلِدت
ضياءً لا يموتُ
وتستنيرُ بكِ القلادة
كانت لذي الكوفيّةِ السمراءِ
بنتًا ، يرقصُ الرّشّاشُ إن خطَرت
رصاصُ العزِّ يندفعُ انتقامًا
من غزاةٍ أثخنوا في الرّوضِ والبستانِ
واحترفوا الإبادة
لكنّها كانت كبارودٍ تعبّأَ في البنادقِ
أتقنت دلعونةَ اللحنِ الفلسطينيِّ
واحترفت كفاحًا وامتطت ظهرَ الظلامِ
فأشرقت أنشودةُ الفجرِ ، انتشت
كلماتُها ، انبلجت من الألحانِ
يا بلقيسُ في الأقصى
أساريرُ السعادة
قتلوكِ يا بلقيسُ وانتشر الدخانُ
كأنَّ غزةَ حين مُتِّ تيتّمت
والقدسُ غلّفها جنونُ رحيلِكِ القاسي
هلاوسُ حزنِها مطرٌ تجودُ بهِ
جفونُ الحلمِ ، ينفطرُ الزمانُ
ويلبسُ التّاريخُ يا بلقيسُ في وجعٍ
حِدادَه
قتلوكِ لكنّ المبادرةَ الأبيةَ يعربيةُ
أنتِ زهرتُها ، وأوّلُ صرخةٍ تشدو
بحبِّ الأرضِ ، والطّابون ، يا نخلَ العراقِ
ويا حدائقَ بابلَ العنقاءِ
يبقى صوتُكِ المأثورُ فينا ثورةً
والثورةُ الكبرى ، تنادي ؛ لا قصيدةَ
تحسنُ الإنصافَ ، فالأشعارُ تافهةٌ
إزاءَ دمٍ تمازجَ في دمِ القدسِ
ارتقى غدرًا ، ويبقى صوتُ بلقيسَ
الرّوايةَ والحكايةَ، للنضالِ المستمرِّ
تظلُّ بلقيسٌ مِدادَه
بلقيسُ في سوقِ الدراويشِ اهتديتُ
رأيتُ نزهتَها الدءوبةَ فيهِ كانت تستمرُّ بلا انقطاعٍ
تطردُ الأشباحَ من بغدادَ
تسهرُ قربَ غزةَ ؛ تكسرُ القيدَ البغيضَ
تنيرُ سورَ القدسِ ، تغسلُ بابَ توما
ترتوي من نهرِ قسْيونَ الذي يجري
بها ، مجرى "نزارَ" من الوريدِ إلى الوريدِ
مقيمةٌ في الغوطةِ الحمراءِ، في البارودةِ السمراءِ ،
في عرفاتَ ، تزرعُ في المقاومِ بذرةَ الإصرارِ
منها يستمدُّ الفجرُ نورَ الفجرِ
وابنُ الملحِ منها يستمدُّ
على مدى الأيّامِ يا وطني
عنادَه.
-----------
محبكم دائمًا
مصطفى الغلبان :)