إرتَدت ملابسها الجميلة ،وحقيبتها ، سارت في شوارع الحي ، غمازاتُ وجنَتيها تسبقان شَفَتيها للإبتسام ، تمنحني أملٌ ودفء، تركض نحوي ، فاتحة ذراعيها ، أُقبلها ، تَخجَل، شريط الذكريات يلف أمامي ، صورة وجهها البرىء ، كفيها الصغيرين ، ربطة شعرها ، حقيبة كتبها ، حتى وجوه الطفولة في فصلها المدرسي ، وتندس دمعة الحزن في مجرى الدمع تخنقني ، ويختفي الشريط ، ينكشف الواقع أمامي ، هناك في قاعة الموتى ،قبر صغير ، وهداية.. مرتدية ثوبها الأبيض ، نائمةٌ بعمق طفولتها ، مرّ اليوم الثاني ، ومازالت تنام بعمق ، تشعر بحنان الأرض يغمرها ، دافىءٌ ورطب ، غَنيتُ لها، قرأتُ قصصاً لم تُكتب ، حاولتُ أن أوقظها ، ولكن..! براءة الطفولة في عمرها الواقف على العتبة الثامنة تمنعني، ويصيح هاجس الحقيقة ، ماتت هداية ..! ، تنسكب الدمعة حَرّى ، تتبعها أُخرى، ثم يفيض مدراراً فوق وجهي ، نامي ياصغيرتي ، أتُحبين الطُيور..؟! ها أنت طيرٌ أبيضٌ جميل ، طيري في سَمائي وحَلقي ، إصعدي ، مكانُك هُناك، بين الجنان ، ودَعيني أُناجي طيفُك وأُبكيك ..