.... قبل غروب الشمس ، كان إخوتي في الحقل يتابعون طائرات تحلق على علو منخفض ، ولم يدركوا أنها كانت تلاحق بيتنا..
سكن الليل ، وجثم بثقله على ضوء النهار ، ولما انسل الفجر من الظلام ، قامت أمي لتقترب من السماء .. قبل أن تفتح الصنبور، لفت نظرها علبة غريبة ، لمستها ، حركتها ، تراجعت إلى الوراء، ما هذا ..؟ تجمعت الجرأة في جسمها ، لفظت أنفاسها من الأعماق ، عادت لتتأملها من جديد .. وبسرعة علقتها في بيت الضيوف ..
فجأة ، دخل جنود الاحتلال ، خرجنا نتعثر في ملابسنا ، فتشوا كل أركان البيت .. ثم جلسوا يعدون القهوة على مهل ..
ابتعدنا وابتعدنا ، ونحن نتعقب دموعنا، توقفت أمي وابتسمت لما رأت دخاناً أسود يتصاعد مـن بيتنا ، يعلو ويعلو ، فيعاكس غيوماً عابرة ..