أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: حكاية الولـد والبنت بقلم / مجدي جعفر

  1. #1
    قاص
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 598
    المواضيع : 65
    الردود : 598
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي حكاية الولـد والبنت بقلم / مجدي جعفر

    حكاية الولـد والبنت
    بقلم / مجدي جعفر

    لم يدُر بخلد الولد أبداً - أن البنت قد تضيق به يوماً - لأنه يختلف عن بقية الناس ، وأحبته ، هكذا قالت له منذ زمن بعيد ، وأضافت وهما في ناديهما الأثير المطل على النهر ، أنه ملأ قلبها حُباً وحياتها همساً وفرحاً وعطراً وأهداها الولد ورداً وفلاً 0
    في دفاتر الشعراء غاص الولد يبحث عن دُر الكلمات ، وفى كتب التاريخ سافر ، ولأن الولد شاعر 00 كان 00 بادي القلق ، بادي التوتر ، مهموماً ، قالت له البنت ذات مرة : أحببتك لأنك شاعر ومميز ، تحمل في قلبك الصغير هموم العالم، ولأن الولد كان كثير التجوال في جذور الأحداث ، باحثاً عن الحقيقة ، والبنت حلوة وشهية ،طرية وندية ، هامت وجداً بالولد، وسبحت في عذب كلماته 00 وحلقت بجناحيه في دنياه الوردية ، وتمنت لو تبقى في دنياه لا تغادرها إلا لآخرة تلقى فيها الله 00
    مشت البنت مع الولد ، ومعهما مشت الحكايات وانتشرت ، وبكلام الناس عبئت ، وطال الوقت ، والبنت ملت الانتظار ، والولد في هموم الوطن غارق ، وفى مشاكل العالم سابح ، وفى عينيّ البنت يجد المرفأ ، وعلى صدرها يرسو ويغفو قليلاً ، ومن شفتيها ذاق الشهد ؛ قال الولد وهو يفرك يدي البنت :
    = عقد المؤتمر الدولي للسلام ضروري .
    قالت البنت :
    - عقد القران أكثر ضرورة لقطع ألسنة الناس .
    = الدولة الفلسطينية ضرورة لإيواء الفلسطينيين بعد طول تشرد.
    - إيجاد الشقة ضرورة لتأوينا بعد عناء الانتظار الطويل .
    = الأكثر ضرورة أن يتوحد العرب .. كما توحدوا في أكتوبر .. ليصبحوا قوة مؤثرة .
    - من الضروري جداً أن تتوحد كل جهودنا للبحث عن حل لمشكلة الجهاز .
    = ثمرة الانتفاضة ينبغي ألا تضيع هباء ولابد أن تتوج بالدولة الفلسطينية .
    - ثمرة الحب ينبغي ألا تضيع هباء و لا بد أن يتوج بالزواج .
    = مشاكل الشرق الأوسط أساسها مشكلة فلسطين ، فلابد من تحرك عربي واع ومنظم ومدروس .
    - مشكلتنا أساسها ضيق اليد وعُسر الحال ولابد من إعادة النظر. .
    = نعم .. لابد من إعادة النظر في علاقتنا الدولية .
    - حسناً .. لقد تأكد لي أن علاقتنا أصبحت مستحيلة ..
    وكأنه كان في سكرات حلم وبدأ يفيق
    = ماذا تعنين ؟
    - أعنى أن كلاً منا في واد ، اتسعت الهوة بيننا ، وتباعدت المسافات .
    = أشعر بك بجواري .. وفى قلبي .
    - تماماً كما إسرائيل بجانب فلسطين ،
    وفلسطين في قلب العرب ..
    = ألبون شاسع بين التشبيهين .
    - بل إنه عين الصواب ..
    = يقيناً أحبك ..
    - كما يحب العرب فلسطين .
    = أنت أنشودتي في الصباح والمساء .
    - فلسطين في صدر نشرات الصباح والمساء ، أنشودة العرب ، وأولى القبلتين .
    = هل تَشُكِين في حبي ؟
    - شك بلغ ذروة اليقين .
    = إلي هذا الحد !!
    - نعم ..
    = وما الذى جعلك تشكين في حبي لدرجة اليقين ؟
    - سنوات العمر التي انقضت أحلاها دون أي بادرة أمل منك جاوزت العقد الثالث ، وتجاوزت كلام الناس ، وتعاليت على نصائح الأهل والخلان ، وتركت " عرساناً " يعتبرون فرصاً في هذا الزمن ..
    = أي زمن يا فتاتي ..
    قاطعته قائلة :
    - أرجوك كف عن الشعر ، لقد صرت أبغضه .. سلب قلبي ولبى ، سرق بصري وأذني وحواسي .. سرق سنوات عمري .. هل بنت القوافي بيتاً .. هل أعادت فلسطين ..؟ هل ..؟
    وهل..؟
    = هل جننت فتاتي .. ؟
    - حقاً جُننت يوم أن استسلمت لمعسول كلامك ، وغفوت في رأسك ملتذة بجنون أفكارك .
    = والحل !!
    نظرت إلى يدها اليمنى كما نظر ، واغرورقت عيناها كما اغرورقت عيناه .
    وقال بصوت مبحوح :
    = أليس هناك حل آخر .. ؟"
    استجمعت بعض قوتها ، وبهدوء دست في يده خاتم الخطوبة ، وهمت بالانصراف حاول أن يستوقفها ، ولكنها أخذت تعدو ، وتعدو ، وكأنها تريد أن تستدرك ما مضى ، حاول أن يعدو خلفها فاستوقفه الجرسون قائلاً : الحساب يا بيه !!
    ( كُتبت هذه القصة في ثمانينيات القرن الماضي ونشرت بجريدة الجمهورية المصرية )

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,113
    المواضيع : 317
    الردود : 21113
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    أحبت البنت الولد لأنه شاعر ومميز ـ وأحب الولد البنت ولكنه غرق في هموم الوطن، ومشاكل العالم
    طال الوقت وملت البنت الإنتظار تريد ان يتوج حبها بالزواج
    بينما غرق هو في مشكلة فلسطين أهم مشاكل الشرق الوسط ـ يتمنى تحرك عربي
    لإيجاد دولة فلسطينية تأوي الفلسطنين
    كل منهما سبح في واد فتباعدت بينهما المسافات..
    وعندما شعرت أن مشكلتهما أصبحت كمشكلة فلسطين لا حل لهاذهبت لتتركه مغرورقة العينين.
    قصة أجدت رسم أحداثها بلغة معبرة، مصورة للفكرة التي وفقت في إيصالها إلى المتلقي.
    دمت ودام حرفك متألقا.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    أهلا ومرحبا بك أيها الحبيب مجدي وأهلا بحرفك السردي البارع!
    قصة حبكت ببراعة حلقة الوصل بين القول والفعل وبين الواقع والخيال وبين الهم الشخصي والهم العام، وعكست حالة نقدية للحالة العربية السياسية بشكل ذكي ولكن شوش علي فهم المقصد النهائي بتلك الخاتمة التي جعلت صاحب الهم الخاص يبدو وكأنه المظلوم وصاحب الهم العام متهم.
    ومهما يكن من أمر فإني سعيد بالقراءة لك مرة أخرى.

    تقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي