مَن هـهُنا يا صمتُ , مَن هـهُنا ..
إلّا أنا وحديْ و وحديْ أنا
مَنْ .. غيرُ أشباحٍ إلى بعضها
تهفوْ , كما يهفوْ إلَيَّ العنا
...
قالتْ بصوتٍ غائمٍ مُمطرٍ
: يا شاعرَ الأطيافِ , إنّيْ هُنا
صوتٌ شهيٌّ , ناعِمٌ , دافِئٌ
يكادُ مِمّا فيهِ أنْ يُحضنا
لوْ دقَّ باب السمعِ مستأذِناً
لَهَمَّتِ العينانِ أنْ تأذنا
صوتٌ لهُ وجهٌ , لهُ نظرةٌ
مِن قبلِهِ لم ألْقَ صوتاً رنا
صوتٌ حريريٌّ , لهُ ملْمَسٌ
كأنّهُ الدُّخّانُ .. مَن دخَّنا ..
يُحَسُّ في الأعضاءِ تخديرةً
كمثلِ تخدير الكرى الأعيُنا
صوتٌ رذاذيٌّ , لهُ نبرةٌ
كأنَّ فيها للصبا موطِنا
منها يُسَقّي النايُ شريانَهُ
ويرضِعُ العصفورُ منها الغِنا
رخامةٌ تبدوْ حليبيَّةً
سخيَّةٌ ينداحُ منها الهنا
وذبذباتٌ في خيوطِ الدِّما
دبَّتْ دبيباً مُتْقناً مُتْقنا
...
.. وأقبلتْ , والغيمُ منديلُها
تأبَّطتْ شمساً , وفاحتْ سنا
كأنَّما خفْقُ الضحى خطْوُها
.. دنا ضُحاها مِن ظلاميْ دنا
كأنَّها مِن أحرُفٍ جنَّةٌ
دانٍ جناها , حيثُ شعري الجَنا
...
قصيدةً تمشيْ على مَهْلِها
وغُصْنَ شِعرٍ قاسِياً لَيِّنا ..